يتعرض المفكر والمناضل الكردي عبد الله أوجلان لانتهاكات حقوقية ممنهجة مستمرة منذ اعتقاله أي على مدار 25 عاماً من خلال عزله عن العالم تماماً في سجن إيمرالي، لكن الثلاثة سنوات الأخيرة تفاقمت تلك الانتهاكات مع منعه التام من لقاء محاميه وأفراد أسرته، بل تم قطع كافة وسائل الاتصال به ولا تتوافر أية معلومات بعد عنه أو بشأن حالته الصحية، على نحو غير مسبوق من الانتهاكات في تاريخ الشعوب.
استراتيجية القائد عبد الله أوجلان
يقول هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية وأحد المنضمين إلى الحملة، لوكالة فرات للأنباء (ANF) إن الحملة الدولية من أجل الحرية للقائد عبدالله أوجلان دشنت في الذكرى الخامسة والعشرين لاعتقال هذا القائد الذى نفذت بصيرته حدود الوقت عندما وضع استراتيجية إقليمية للحلول السلمية لقضايا المنطقة العربية في مواجهة التواجد الغربي والإسرائيلي وهو ما يؤجج الصراع في المنطقة، كما أن هذا التواجد سواء من الدول الغربية أو إسرائيل بجانب تركيا قد ساهموا جميعاً في طمس الهوية الكردية والعمل على ملاحقة الكرد في بقاع الأرض سواء بالسلاح أو بالتضييق السياسي ومنع ممارسة حرية التعبير لهم.
ويؤكد الجمل أن القائد عبد الله أوجلان فكرة كتب لها أن تستمر رغم كل ما يعانيه من حالة السجن الطويل في جزيرة إمرالي التركية وانسداد فرص الخروج إلى النور، مؤكداً أنه للأسف هناك مؤامرة دولية ضده وخاصة من الإمبريالية الرأسمالية التي وجدت فيه العدو الذي يجب أن تخشاه وتعمل على تكميم أفكاره بالحجب تارة أو بالسجن تارة أو بالعزلة عن العالم الآخر تارة ثالثة.
واستدرك الباحث المصري قائلاً: "لكنها لأتعلم أن الفكرة المستنيرة التي بثها القائد عبد الله أوجلان كان لها الصدى المستمر في ضمائر الشعوب المختلفة والتي تسعى دائماً للاحتفاء به في عديد من المحافل الدولية والإقليمية لما له من ثقل في نفوس الأحرار لدى شعوب العالم المختلفة والتي تتخندق معه شعوب المنطقة وعلاقته مع الشعوب العربية وقضاياها العادلة، علاوة على عدم خضوعه للخارج وحفاظه على استقلاليته الفكرية".
ضغوطات وتحديات كبيرة
وقال الجمل إنه وعلى الرغم من كل الضغوطات والتحديات التي يتعرض لها يعمل أوجلان على إخراج الشعب الكردي من وضعه الصعب ليكون فاعلاً مؤثراً في نضال ومسيرة التعايش المشترك والتعاون والأخوة مع شعوب المنطقة وتقوية الجبهة الداخلية أمام التدخلات الخارجية والتي تعددت أوجهها الراديكالية في مواجهة الفكر المستنير للقائد أوجلان والذى يرى النور من خلال أتباعه من الكرد وأتباعه من أصحاب المناداة بالحرية في ربوع الأرض فهم دائماً من يلتقطون هذا الخيط الرفيع من أجل نسج خيوط النور في العالم المظلم المناهض للحرية.
ويؤكد الجمل في سياق تصريحاته أن هذا الزخم الدولي الثابت خلف القائد أوجلان يرسل رسالة دقيقة المعاني مفادها أن هذه الحالة القمعية لن تستمر ولن تفت في عضد أصحاب الضمائر الإنسانية، وما بعثه القائد أوجلان للمرأة هو نبراس ينير الطريق أمامهن للنهوض بما تمتلكه من قدرات ثقافية وفكرية وإبداعية تستطيع ان تغير الواقع وتخامر كل التحديات.
ولفت إلى أن ما حدث في مقاومة المرأة لتنظيم داعش في كوباني وقامشلو وغيرها من المدن الكردية هو نموذج تنحني أمامه الإنسانية، فالمرأة الكردية أصبحت البارودة التي يخاف منها الأتراك والتي تقف لهم بالمرصاد بجانب القادة في حزب العمال الكردستاني والتي صارت الوقود الذي لن تنفذ شراراته المستعرة في مواجهة هذه المجازر الوحشية التي يمارسها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأتباعه ضد الكرد.
ويدين المشاركون في الحملة الدولية لحرية أوجلان حالة العزلة والتجريد اللاقانونية و اللاإنسانية التي فرضتها عليه السلطات التركية، كما يؤكدون رفضهم ما يتعرض له الشعب الكردي من حرب شاملة ظالمة تنال من جغرافيته وبنيته التحتية وسط حالة من الصمت الدولي غير المبرر وغير المقبول، كما يؤكدون كذلك أنهم سيعملون على فضح كافة تلك الممارسات اللاأخلاقية.
أوجلان ومعاناة الشعب الكردي
بدوره، يقول الباحث والأكاديمي المصري الدكتور علي ثابت صبري، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه رغم أن الشعب الكردي أحد الشعوب التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ، لكنه أيضاً عانى ولا يزال يعانى نتيجة الممارسات الإمبريالية الاستعمارية، والتي رسخت أسس تمزيق شعوب المنطقة، وعندما رزق الله الشعب الكردي الزعيم والأب الروحي للكرد السيد عبدالله أوجلان، والذى يعد نموذجاً حياً للتضحية والعطاء من أجل أمته، والذى يبغى إقرار التعايش السلمى بين شعوب المنطقة كما كانت قبل دخول الاستعمار يتم إبعاده بهذا الشكل.
وأكد السياسي المصري أن إبعاد القائد عبد الله أوجلان ووضعه في الإقامة الجبرية يمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، بل أكثر من هذا، فإن وضعه يشكل انتهاكاً بحق شعب عانى ولا يزال يعاني، لذا فالحملة الدولية للتضامن مع أوجلان تعد تجسيداً واضحاً لإدراك أبناء شعوب المنطقة بأن ما جرى بحقه جريمة نكراء.
يؤكد صبري كذلك أن الحملة تشكل كذلك انتصاراً للإنسانية، فينادى المنضمون لها بالحرية للسيد أوجلان لأن الظروف التي تمر بها المنطقة تحتاج جهود الشرفاء للخروج من المأزق المعقد التي تقع فيه شعوب المنطقة، لذا، ستظل الحملة تنادى بالحرية للسيد أوجلان ورفع الظلم عنه، وعودته للديار لتطبيق فلسفته في التعايش السلمي، وترسيخ تطبيق الديمقراطية النموذجية التي تحافظ على الكل وتحترم ثقافة الجزء.
وقد انضمت أكثر من 74 مدينة حول العالم إلى الحملة الدولية من أجل الحرية للقائد أوجلان للمطالبة بحريته الجسدية وذلك عبر إصدار بيانات تندد بالعقوبات الانضباطية التي تفرضها السلطات التركية على المفكر عبد الله أوجلان وكذلك المعتقلين الآخرين معه في سجن إمرالي، كما انضم إلى الحملة أكثر من 30 مفكر عربي بجمهورية مصر العربية.