تحدثت عضوة اللجنة القيادية في حزب العمال الكردستاني رنكين بوطان لوكالة فرات للأنباء حول نضال وأهمية عضو المجلس العسكري في قوات الدفاع الشعبي فاضل بوطان الذي استشهد في 15 حزيران 2022 لأهالي بوطان.
كيف تعرّفتم على عضو اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني وعضو المجلس العسكري في قوات الدفاع الشعبي فاضل بوطان...؟ ماهي الخصائص التي كان يتميز بها...؟
بدايةً استذكر رفيقنا القيّم ومعلمنا في الحرب والحياة الرفيق فاضل بوطان بكل تقدير واحترام، وفي شخصه، استذكر جميع شهداء كردستان والثورة الإنسانية بكل احترام، كما استذكر القادة الأعزاء والرفاق مثل روجين كَودا وجيجك كجي وبدران كَندك رمو ورشيد سردار وبلنك كجي والقادة أمثالهم الذين انضموا إلى النضال من منطقة بوطان بكل تقدير وامتنان، ونجدد عهدنا لهم بأن نتبنى حقيقة القائد من أجل كردستان حرة والإنسانية.
بالطبع حينما نتحدث عن الرفيق فاضل بوطان وخصائصه، يجب أن نتحدث عن نضال حزب العمال الكردستاني وبوطان ووطنيتها، عام 1991 في بوطان وعندما شارك في الممارسة العملية في منطقة جودي، سمعت باسم الرفيق فاضل، في عام 1988 تعرفت على قرية الرفيق فاضل، عندما يعمل المرء في جودي، يعقد علاقات مع المنطقة سواءً أراد ذلك ام لا، أولى القرى التي زرناها، كانت قرية الرفيق فاضل، قرية "غته" الواقعة في سفوح جبال جودي، كانت أكبر من العديد من قرى المنطقة، هذه القرية التي كانت تتمتع بوطنية كبيرة منحت العديد من أبنائها كمقاتلين في نضال الحرية، عندما مررنا بتلك القرية، سألت الرفاق، هذه قرية من...؟ قالوا بأنها قرية الرفيق فاضل، العديد من الرفاق انضموا لصفوف النضال من هنا، الآن هناك العديد من القادة من هنا ضمن صفوف الحركة، قلت لهم، أريد أن اتعرف على الرفاق الذين ينتمون إلى هذه القرية، عندها لم أرى الرفيق فاضل بعد، كان الرفيق فاضل قد لفت نظري، عندما رأيته لأول مرة، رأيته كمعلم للحياة، كان أول قائد لي، العديد من الرفيقات حاربوا تحت قيادته وأصبحن قياديات، تعلمت الحرب والحياة تحت قيادة الرفيق فاضل، كما تعلمنا الكثير من الأشياء، كنا دوماً كطلاب الرفيق فاضل.
ماذا كان يعني بالنسبة لحركة الحرية الممتدة لـ 34 عاماً ولقوات الكريلا؟
لقد أمضينا وقتاً طويلاً مع بعضنا البعض وعلمنا معاً، وشارك في إدارتنا مرات عديدة، كان قائد وحدة وأصبح قائد منطقة، وبعدها أصبح عضواً في اللجنة العسكرية ومجلس الحزب، كان مقاتلاً وقائداً مجتهداً للحركة ودائماً ما قام بتأدية واجباته، كان ناجحاً في ممارساته العملية، في النضال الذي دام 34 عاماً، كان له أثر في كل جزء من كردستان، بفضل عمله واجتهاده ونزاهته وقوته القيادية وتكتيكاته وأساليبه في الحرب، أنشأ خطاً للقتال والتضحية من خلال أسلوب حركة الكريلا والفعاليات التي قام بها ضد العدو، من شرق كردستان إلى قنديل ومن بهدينان إلى بوطان، أينما ذهبنا، سنجد بالتأكيد أثراً للرفيق فاضل، كان دائم المشاركة والفاعلية، كان قويا في النضال، ودائماً ما قام بتحريك من حوله، وحتى لو كان يعاني من مشاكل كثيرة، فإنه كان يتعايش معها، لم يكن أحد خاملا معه، كان يقوم بضم الأشخاص من حوله إلى العمل والاجتهاد، كان يبعث بالروح المعنوية العالية، وجمع سمات حزب العمال الكردستاني في شخصيته، كانت شخصية الرفيق فاضل القيادية تستحق هذا التعريف، كان بطلاً لكردستان وحزب العمال الكردستاني، كان متواضعا جداً، لم يكن متكبراً على أي شخص، لقد كان مثالاً لسمة التواضع الخاصة بحزب العمال الكردستاني، عندما كان الرفاق يتحدثون عن أحد القادة المتواضعين، كانوا يتذكرون الرفيق فاضل على الفور، كان يظهر احترامه من خلال حبه، عندما كان المرء يراه ويتعرف عليه، كان يريد أن يكون رفيقاً له ويعمل معه، كان رفيقاً وقائداً في الأيام الصعبة، في الأوقات الصعبة، أراد الناس التواجد مع الرفيق فاضل، لأنه لم يكن يسمح لمن حوله أن يضطربوا، بغض النظر عن مقدار حديث الناس عنه، فهذا لا يكفي، كان رفيقاً مثالياً.
قاد أكثر العمليات صعوبة وخطورة
كان دائماً القائد في أكثر العمليات صعوبة وخطورة في نضالناً، كان حاضراً في حرب بوطان، في حرب منطقة بهدينان، وفي قنديل أيضاً، كان حاضراً في كافة العمليات، وترك أثره في كل مكان، كان القائد لحملة 1 حزيران، كان القائد الريادي في بوطان بأكملها، حيث تم اتخاذ أولى الخطوات في حملة 1 حزيران، هذه الحملة التي خلقت الدوافع والتحفيزات في شمال كردستان بأكمله، كان الرفيق فاضل هو الذي قادها، لقد ابتكر العديد من التكتيكات لتحقيق النصر في حملة 1 حزيران.
أظهر الرفيق فاضل موقفاً أبوجياً واضحاً جداً في مواجهة هجمات دولة الاحتلال التركية على حركتنا والتصفية الداخلية، دائماً ما اتخذ موقفاً في مواجهة نهج التصفية، كان يوجه انتقادات صحيحة وكان موقفه الحزبي في المقدمة دائماً، ويمكن اعتبار موقف الرفيق فاضل ضد التصفية الداخلية موقفاً رائداً، في الحقيقة، لقد كان مثابراً، كان دائماً مثابراً في النضال والخط الصحيح، وشكل شخصية نضالية في موقفه القتالي، وبهذه الروح، طّور الكثير من الرفاق، وانا واحدة منهم، الرفيق فاضل له دور كبير في تطوري، لقد قدم الرفيق فاضل جهداً عظيماً من أجلنا، استشهد العديد من الرفاق وما زال الكثير منهم على قيد الحياة، تعلمنا القيادة من الرفيق فاضل، واستفادت حركتنا النسائية أيضاً من قيادة الرفيق فاضل، تعلمت الكثير تحت قيادته، وتطورت بفضل إنجازات الرفيق فاضل، نحن ممتنون للرفيق فاضل من نواح كثيرة، قدم الكثير من التضحيات والجهود لثورة حرية المرأة، ولهذا، ننحي بكل احترام وامتنان أمام ذكراه.
"عملية زاب"
اتخذ الرفيق فاضل مكانه في مركز القيادة المركزية في العملية التي نسميها بـ "عملية زاب"، بين عامي 2007-2009، شاركنا في القيادة معاً، تنبأ بأن الدولة التركية ستنفذ هجمات احتلالية، حيث كانت النقاشات تدور حول مهاجمة منطقتي زاب وبهدينان في مناطق الدفاع المشروع التي تعتبر مناطقاً مهمة لحركتنا، ونفذ العدو العديد من الهجمات في هذه المناطق، وتم تحقيق العديد من الإنجازات فيها، لم ينجحوا بتحقيق أي انتصار، وأراد العدو أن يهاجم مرة أخرى وأن يبدأ بعملية احتلالية، وعندها بدأ الرفيق فاضل بالتجهيزات بعد عدة نقاشات، هو من قاد هذا الأمر.
في شباط 2008 قام الرفيق فاضل بالاستعدادات الأساسية للمقاومة في عملية في زاب التي شنتها دولة الاحتلال التركية التي تسعى لاحتلال أراضينا، حيث وضع الرفيق فاضل جميع الرفاق في حالة الحركة للاستعدادات لهذه العملية، لقد أعد المكان الذي سيتم فيه انشاء المواقع، بناء المواقع الدفاعية، مواقع دوشكا، مواقع الهجوم والتكتيكات اللازمة، والمكان الذي سنحاصر فيه العدو، حيث قال الرفيق فاضل: مهما كانت تكلفة العملية، فلنقم باستعداداتنا ونهزم العدو بهذه الطريقة، قام بمثل هذه الاستعدادات لزعزعة أسس الجيش التركي الفاشي، ومع بدء العملية وشن العدو هجماته، وقع العدو في فخ الذي نصبه الكريلا في الخطوة الأولى، كان العدو يهدف إلى التقدم من الجبل الأسود إلى جمجو، ومع ذلك، فقد وقع في فخ الذي نصبه قوات الكريلا في كل خطوة، إذ أصبحت الخسائر التي عانوا منها في اليوم التاسع من العملية كابوساً بالنسبة لهم، حيث هزت هذه خسائر كيان الجيش التركي، مما ندم العدو على قيامه بهذه العملية.
أحبط الرفيق فاضل هجمات العدو وهزم العملية بتكتيكاته وذكائه العسكري وإبداعه، كان الرفيق فاضل الركيزة الأساسية لهذا الانتصار، اسمحوا لي أن أقدم مثالا على ذلك، كانت الأرض مغطاة بالثلوج، ولم يعد العديد من رفاقنا قادرين السير على أقدامهم بسبب الثلوج، رغم ذلك، عندما أراد الرفيق فاضل إرسالهم إلى الطبيب، لم يرغب هؤلاء الرفاق في الذهاب وقالوا إنهم سيبقون تحت قيادة الرفيق فاضل حتى هزيمة العدو، وخلق الرفيق فاضل هذه الروح الفدائية لدى جميع الرفاق.
خرج العديد من القادة أمثال بردان كوندي كرمو، رشيد سردار، جيجك كيجي وروجين كاودا من قلب المقاومة بوطان، ما يعني الشهيد اضل بالنسبة لـ بوطان؟
إن منطقة بوطان هي منطقة جغرافية قديمة جداً حيث تربط الأجزاء الأربعة من كردستان، وكما هو الحال في جميع نضالاتنا ضمن حزب العمال الكردستاني، فإن بوطان أيضاً أصبحت في جميع مراحل القرن الماضي في جميع هجمات الاحتلال ضد كردستان ساحة وطنية، التي بإمكانها الدفاع عن نفسها وخلق المقاومة والروح الفدائية، وإن بوطان هي مكان تضم في طياتها جغرافية كردستان القديمة وتحافظ عليها، وهي مكان يتطور فيه شعباً وطنياً متعلقاً بأرضه، حيث إن منطقة بوطان هي مكان قديم تتمتع بكل السمات القديمة لثورة العصر الحجري الحديث، وهي مكان حافظت على الروح الوطنية، ولعبت دوراً عظيماً في بداية ثورتنا، حيث خرج من هذه الديار الكثير من الشجعان والأبطال، وأطلقت الطلقة الأولى على ذهنية العدو بقيادة القائد عكيد في أروها (دها).
ومن ثم أصبحت منطقة بوطان بقيادة حزب العمال الكردستاني القائد أوجلان ساحة الثورة الكردستانية واحتضنتها، وأصبحت ديار الرفيق عكيد وشكلت تأثيراً كبيراً على شبيبة كردستان وعلى منطقة بوطان على وجه الخصوص، وبعد تنفيذ عملية 15 آب، خرج المئات من الرفاق الأبطال، وكان الرفيق فاضل أحد هؤلاء الأشخاص الذين شاركوا في نضال كردستان على خطى القائد العظيم عكيد، وكان رفيقاً قد انضم إلى النضال في سن مبكرة.
لقد شارك في الحرب ضد داعش، ماذا تودين قوله حول هذا الموضوع؟
وبعد العام 2012، بدأ الصراع في الشرق الأوسط وخاصةً في العراق وسوريا، وانطلقت حركة داعش بالصعود، وفُرض تنظيم داعش، الذي تم إنشاؤه من قبل العديد من القوى الرأسمالية الدولية، على الشرق الأوسط، ولم تقدر الدول والجيوش من الوقوف في وجه هذه القوة السوداء، واستنفرت الشبيبة والمرأة بطريقة نشطة في كردستان وغرب كردستان على وجه الخصوص ضد هذه القوة السواء الفاشية، وانضموا إلى المقاومة وحاربوا، فالوحيدون الذين لم يفروا وقاوموا ضد داعش هم الشبيبة الكردية، ودفعت حركتنا بمشاركة الكثير من مقاتلي وقادة حزب العمال الكردستاني في هذه المرحلة من حيث الاحتياجات ونقاط الدعم، وتوجه الكثير من رفاق الدرب إلى شنكال وروج آفا لمحاربة داعش، وكان رفيق الدرب فاضل أحد هؤلاء الذين شاركوا في الحرب ضد داعش، وتولى رفيق الدرب فاضل القيادة لهؤلاء المقاتلين الذين كانوا يحاربون ضد داعش في غرب كردستان، وتم تنفيذ نضال شديد خلال فترة قصيرة، وخوض نضال قودي ضد تنظيم داعش، حيث جرى تطهير المنطقة من داعش رويداً فرويداً.
وعلمنا ببالغ الحزن والأسى أن رفيق الدرب فاضل قد تعرض لإصابة نتيجة وقوع حادث واستشهد فيما بعد، وهو بالنسبة لنا بمثابة خسارة كبيرة، وكان رفيق الدرب فاضل قد قال بأنه لا يريد أن يستشهد بسبب عدم التقيد بالانضباط أو نتيجة هجمات طائرات الدولة التركية أوالحادث أو بسبب تقصيرات المعيشية، وبعد أن توجه رفيق الدرب فاضل إلى الخارج بغاية المعالجة، أُتيحت ليّ الفرصة للتواصل معه مرتين، وعلى الرغم من أنه قد تعرض لإصابة بليغة، إلا أنه فكره كان منصباً حول الوطن والحرب، وكان يستفسر عن أحوال كل رفيق درب يتذكره، وكان يقول "لم أتمكن من حماية نفسي، لكن أيها الرفاق أحموا أنفسكم، واتخذوا استعدادات جيدة في هذه الأماكن حتى لا يتمكن العدو من الدخول إليها"، فعلى الرغم من جراحها وآلامه، إلا أنه كان يقول لنا هذه الأمور، وقلتُ له: "تعافى بسرعة يا رفيق فاضل، ونحن نترقب طريقك حتى نقوم بهذا العمل سويةً"، ومن ثم انقطع الاتصال، لكن منا نتابع وضعه دائماً، وبعد أن تلقينا خبر استشهاده، تأثرنا كثيراً، كما تأثر الكثير من رفاق الدرب.
في النهاية، كيف يمكن للمرء السير على خطى فاضل بوطان، وكيف ينبغي عليه التمسك بنضاله؟
لقد ترك بصمةً وأثراً، بحيث يمكن للمرء السير دائماً على خطاه، وكما يستحق رفيق الدرب فاضل والكثير من رفاق دربه، سنواصل نضالهم ونحقق النجاح، ومن واجبنا أن نحقق أحلامهم المتبقية في منتصف الطريق، وسوف نهزم العدو الوحشي الذي يريد إبادة الشعب الكردي، وسنناضل في كل لحظة من لحظات الحياة من أجل هذا الأمر، وأنحنى إجلالاً واحتراماً في شخص رفيق الدرب فاضل أمام ذكرى المئات من رفاق الدرب، أمثال جيجك كجي، روجين كاودا، رشيد سردار، الرفيق حسين و آذاد سيسار، ونجدد العهد بأن نكون جديرين بهم بشكل لائق .