وجد طريق الحرية لدى الكريلا

هلمت ديرسم الكريلا في قوات الدفاع الشعبي، الذي استشهد في الهجوم الجوي الذي شنته الدولة التركية في 12 تموز 2018 ، حيث خلف وراءه الآلاف من رفاقه لمواصلة نضاله حتى اللحظة الأخيرة.

ولد أحد فناني أبناء كردستان في مدينة سنيه ، حيث ترعرع فيها فنانون عظماء وموهوبون, أصبح الفن تاجًا لمدينة سنيه وأصبح فنانون مثل مستور اردلاني ، الذي ولد في مهد تلك المدينة ، من نجوم الفن الكردي, فمدينة سنيه هي عاصمة أمراء بابان إذ  لم تكن مكانًا ومهدًا للفن فحسب ، بل كانت منذ العصور القديمة مكانًا للثوار والمثقفين الكرد، وأصبحت عاصمة الحكم لأمراء أردلان, في  شرق كردستان ، يشار إلى مدينة سنيه باسم مدينة (سنيه الدماء) وهذا التعريف يظهر قسوة وقمع الظالمين ومقاومة وتصدي أهل تلك المدينة ضد تلك القسوة والقمع.

يبتسم بوجه للعالم ابتسامة الملائكة

فتح دياكو أحمدي عينيه على العالم عام 1996 في مدينة سنيه المخضبة  ورأى بعينيه مستقبله بتلك العينين تاركاً ابتسامة ملائكية على ثغره ابتسامة ارتسمت على وجه هذا  العالم الجديد , نشأ دياكو مع الثقافة الكردية الأردلانية  وهورام وكان لغنى تلك الثقافات أثر كبير على شخصيته ، لأنه كان في الأصل من أهالي هورام وكان هذا سبب توحده مع تلك الثقافة وأصبح جزءًا للثقافة الوطنية الهورمانية التي سرت في عروقه ودمه, درس لمدة 12 عامًا في مدارس دولة الاحتلال الإيراني، لكن لم يفسح المجال من خلال إدراكه وقوة الثقافة في عائلته لثقافة النظام الإيراني بأن تؤثر فيه شيئاً, بالإضافة إلى الدراسة ، ومن أجل مساعدة عائلته في تأمين قوتهم ، كان يعمل من أجل عائلته ويحمل مسؤولية رعايتها.

المكان الوحيد الذي تتوفر فيه الحرية هو الجبال الراسية والحرة

كان حلمه أن يصبح كريلا وكان هدفه أن يعيش حياة حرة, حان الوقت الآن لتحويل الابتسامة الأولى التي رسمت على شفتيه عندما كان طفلاً ورؤية مستقبله إلى ابتسامة دائمة, أمام عينيه ، ارتسمت ملامح وجه كريلا كملاك طاهر, كان هدفه الرئيسي هو الحقيقة, وجد الطريق إلى الحرية لدى الكريلا والنضال من أجل الحرية, قال الجميع إن الحرية مجرد وهم ولا حرية على أرض ذلك البلد, لكنه رأى هذه الحرية منذ الطفولة ، لذلك لم يأخذ مثل هذه الكلمات على محمل الجد, كان يعلم أن المكان الذي يمكن فيه ضمان الحرية هو فقط في جبال النصر والحرية, بحث لسنوات عن طريقة للوصول إلى حضن الحرية حيث يمكن أن يكون آمنًا, لم يتراجع أبدًا عن هدفه وحاول بشتى الوسائل لتحقيق الحرية التي رآها منذ الطفولة, وأخيراً في 2015 توجه صوب جبال كردستان الحرة.

كان هلمت على الدوام يصد الهجمات الاحتلالية على أرضه

خطوة دياكو نحو الحرية التي كانت دائما حلمه كانت بمثابة (خطوة) ضد نظام الاحتلال, وبسبب ذلك ، وفي طريقه إلى الحرية ، أصبح هلمت يتصدى  لكل أنواع هجمات الاحتلال على أرضه, وبسبب ذلك ، أطلق الرفيق دياكو على نفسه اسم هلمت ديرسم, الذي كان مثل كل رفاقه ، ما جذبه في انطباعه الأول هي الروح الرفاقية التي ورغم كل الصعوبات والعراقيل كانت لدى حزب العمال الكردستاني, إن النضال من أجل الحرية والديمقراطية في تلك الجبال الحرة ، وكذلك حياته الرفاقية، ذللت كل العراقيل والصعوبات, ودأبت على السير في الطريق الذي سلكوه, لقد أظهرت تلك الحياة الرفاقية وتغلبه على المشقات مدى الفرق بين الحياة في لدى النظام تلك التي موجودة في حزب العمال الكردستاني ,على تلك الجبال الحرة ، اندمج هلمت مع الطبيعة الغنّاء  لكردستان وأصبح رفيقا لتلك الطبيعة, ففي كل طريق يسير فيه ، كل شجرة يستريح تحت ظلها ، كل نبع يشرب منه الماء ويستخدم برودة الماء كضيف لجسده المتعب، كل كلمة "كن قويا" على لسان رفاقه, كله كانت الفضل لشغفه لتلك الحياة ,الوقوع في حب هذه الأرض ، إلى أن ضحى بحياته في النضال من أجل حرية هذه الأمة المتنوعة.

مع كل خطوة كان يخطوها كان يعلم أنه اقترب من حلمه

مع كل تدريب حصل عليه ، أصبح أكثر نقاءً من ذي قبل ويمضي كل يوم من حياته على نحو الفائدة, من خلال التآلف مع حياة الكريلا ، أصبحت الشخصية التي بناها النظام فيه أقل تلونًا وأقل تنوعًا واستبدلها بشخصية الثوري في داخله,  أصبحت الكريلا  كل شيء في قلبه وعلمته ليس فقط كيف يعيش ، ولكن أيضًا النضال من أجل الحياة,  لم يجد نفسه من خلال تطوير ذاته على فكر وفلسفة  القائد أوجلان أنه مكتف عن التطور، وعليه تعمّق على الدوام في أطروحات القائد اوجلان, في عام 2017 ، تلقى تدريباً في أكاديمية الشهيد محمد خيري دورموش الطبية ، وطور نفسه كطبيب كريلا مختص  حتى يتمكن من إنقاذ حياة رفاقه في الوقت المناسب, سار الرفيق هلمت في طريق صعبة وعرة للغاية من قنديل إلى شمال كردستان للكفاح من أجل الحرية, مع كل خطوة يخطوها في حياته الفدائية ، كان يعلم أن خطوة أخرى تقربه من حلمه ، وبهذا الوعي، حاول المضي قدمًا خطوة بخطوة بهذه الطريق ، ومثل اسمه ، قاوم كل ممارسات العدو و أعداء الكرد ,لقد اصبح هلمت أكثر قرباً من ذاته أكثر قرباً من تحقيق أحلامه.

بلغت روحه أحلامه

توجه هلمت صوب شمال كردستان بعد قراراه  في عام 2018,  أدرك هلمت أن مفتاح الثورة الكردستانية هو في شمال كردستان ومن أجل الحصول على هذا المفتاح وكسر قفل الاحتلال على أرضه وشعبه ، قاد الكفاح من أجل الحرية في شمال كردستان على مستوى عالٍ, ذهب إلى شمال كردستان برغبة كبيرة في الحصول على هذا المفتاح وتحقيق حلم طفولته ، وبهذا الحماس سار على الطريق إلى شمال كردستان حتى وصل إلى هدفه, في 12 تموز 2018 ، انضم هلمت إلى قافلة الشهداء نتيجة الهجوم الجوي للدولة التركية الفاشية في ولاية غرزان, ولكن حتى أنفاسه الأخيرة ، كان مدركاً أنه قريب من حلمه وأن لديه رفاق سيواصلون كفاحه ويوصلون روحه إلى حلمه, بهذه النفس المطمئنة أغمض عينيه عن العالم.