منذ قرنين وهم يقصفون الكرد بالأسلحة الكيماوية
لقد أصبح القرنين العشرون والحادي والعشرون قرنين من النفي والاستغلال والإبادة الجماعية بالنسبة للشعب الكردي على جغرافيته.
لقد أصبح القرنين العشرون والحادي والعشرون قرنين من النفي والاستغلال والإبادة الجماعية بالنسبة للشعب الكردي على جغرافيته.
أثبتت القوى المتسلطة والمهيمنة، خاصةً في القرن العشرين، وجودها على أساس تدمير المجتمعات، وتستمر في وجودها لمئات السنين باسم الديمقراطية والحرية، من خلال تدمير البشرية، وهذه القوى بدورها شكّلت مؤسسات باسم الحرية والديمقراطية وسلّمت هذه الأسلحة المحظورة إلى دول الاحتلال كـ تركيا وإيران والعراق وسوريا.
لقد سعت الدولة التركية في شمال كردستان جاهدةً في هذا القرن إلى إبادة الكرد عن بكرة أبيهم، فبحسب معلومات غير رسمية، قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، في مجزرة وادي زيلان في تموز 1930، كما اُرتكبت مجازر ضد العلويين بين 19-26 كانون الثاني عام 1978، وكذلك أُعدم شيخ سعيد أحد قادة الكرد في 29 حزيران عام 1925، وكما تم إعدام سيد رضا أيضاً في 15 تشرين الثاني عام 1937، وفي جنوب كردستان، قُتل آلاف الأشخاص بالأسلحة الكيماوية في حلبجة في 16 آذار 1988 على يد نظام صدام حسين البعثي، وفي 28 حزيران 1987، شن نظام البعث العراقي قصفاً بالقنابل الكيماوية على منطقة ساردش في شرق كردستان، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة أكثر من 8000 شخص، كذلك، في جنوب كردستان، في عام 1983، قُتل حوالي 8000 شخص من عشيرة البارزانين في كل من خانقين ودهوك ومنطقة برزان على يد نظام البعث.
وفي عام 1920 ، وأثناء انتفاضة الشيخ محمود البرزنجي في السليمانية، استخدم البريطانيون الغاز الكيماوي عبر الطائرات الحربية وقُتل ما بين 5 إلى 10 آلاف شخص كردي حينها.
وتلجأ دولة الاحتلال التركي أيضاً منذ العام 1986، إلى استخدام الأسلحة والغازات الكيماوية المحظورة ضد مقاتلي كريلا حركة حرية كردستان، وبحسب البيانات التي تم نشرها، اُستخدمت الأسلحة المحظورة والكيماوية، بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية، 2850 مرة حتى الآن، في مناطق الكريلا، واُستشهد المئات من مقاتلي الكريلا والمدنيين في هذه الهجمات. وكانت القيادة العامة للقوات البرية التركية التابعة لهيئة الأركان، قد قالت "إذا اقتضت الضرورة، استخدموا الغاز المسيل للدموع والقنابل المسببة للتقيؤ"، وأمرت الجنود بـ "إطلاق الغازات السامة" في الأنفاق، وهذا الأمر بحد ذاته هو اعتراف صريح باستخدام الغاز الكيماوي.
ومنذ هذا التاريخ وحتى الآن، وعلى مدى مسيرة السنوات الطويلة للنضال، استخدمت الدولة التركية الأسلحة والمواد الكيماوية المحظورة ضد الكريلا، واستغلت تركيا بشكل كبير في هذا القرن وخاصةً في العامين 2021-2022 الفرصة للتقدم أكثر في مناطق المقاومة في زاب وآفاشين وماتينا، مع تغاضي ودعم القوى الدولية واستفحال الأزمات العالمية. وبحسب بيانات قوات الدفاع الشعبي-HPG، فقد تم التأكيد حتى الآن من استخدام 5 أنواع من الغازات السامة والغازات الخانقة (غرين كروس) والغاز الحارق (الكبريت موستانت) وغاز الإغماء والغاز المسيل للدموع، بالإضافة إلى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية والحرارية المحظورة.
وخلال هجمات الاحتلال عام 2018 على عفرين ومرة أخرى على سري كانيه وكري سبي أيضاً، قصفت الدولة التركية المدنيين والمقاتلين بالأسلحة المحظورة، ولا تزال مشاهد صراخ الطفل محمد واستغاثته حية أمام مرأى الجميع.
وقد أسست هذه القوى التي أنتجت الأسلحة والغازات الكيماوية، بالإضافة إلى ذلك أيضاً، مؤسسات لإجراء التحقيق في حال استخدامها، ومن بين هذه المؤسسات، تم إنشاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) والمنظمات الدولية واتفاقية لاهاي بين 1899-1907 ، والتي تحقق في جرائم الحرب التي تنتهك الاتفاقية الدولية، لكننا اليوم نجد بأن هذه القوى والأطراف تلتزم الصمت بشأن استخدام الأسلحة المحظورة حفاظاً على مصالحها القذرة، وهذه إحدى جوانب هذه القوى المتسلطة لشركاء الاحتلال.
إن الدول الموقعة على اتفاقية لاهاي هي نفسها من أوردت تلك الأسلحة لقوى الاحتلال مثل تركيا والعراق وإيران وسوريا، وهي غير ملزمة بالتقييد بالاتفاقية وتستخدمها ضد الكرد.
ومن ناحية أخرى، فيما يخص الشأن الداخلي، بذلت بعض الأطراف الكردية، خاصةً في القرن العشرين، جهوداً حثيثة جراء ارتكاب جرائم الحرب وأيضاً استخدام الأسلحة المحظورة والكيماوية بحق الكرد في أوقات مختلفة، لإيصال هذه الجرائم إلى الساحة الدولية، ورفعت من سقف مطالبها على كل الأصعدة. والآن هم لا يلتزمون الصمت فيما يخص استخدام الأسلحة الكيماوية فحسب، بل إنهم متعاونون في استخدامها وحتى أنهم لا يسمحون بإجراء التحقيق في المناطق التي تستخدم فيها هذه الأسلحة المحظورة.
هل هذه المؤسسات التي من المفترض أنها أُسست من أجل الاستقصاء وإجراء التحقيق في استخدام هذه الأسلحة أصبحت سياسية لدرجة تجعلها صامتة، وشركاء؟ أم أنه عندما يتعلق الموضوع بالكرد، فجميع الأعراف والقوانين الاجتماعية الدولية تتخلى عن الكرد، ألم تؤسس هذه المؤسسة ضد استخدام هذه الأسلحة ويُصرف عليها سنوياً الملايين من الدولارات، لكي تلتزم الصمت فقط؟ فإن غض الطرف والسمع على استخدامها، تعني أنها متعاونة وشريكة في الأمر، فإن لم تتحرك ولم تقدم على فعل شيء حتى الآن، فقد أصبحت حينها مجرد تاجر تتاجر بدماء أطفال الكرد.
لقد ظهر كل شيء للعلن في المشاهد الأخيرة المصورة التي تم عرضها على محطات التلفزة ووكالات الأنباء، وقد شاهد الجميع أي نوع من الأسلحة التي تم استخدامها، والتي تحدث عنها في وقت سابق قائد القيادة المركزية لقوات الدفاع الشعبي مراد قره يلان، وإن كل هذه الوثائق التي بحوزة المؤسسات والهيئات الرسمية تسمح باتخاذ إجراءات فورية، لكن على الرغم من كل هذا الكم من الوثائق والمشاهد المصورة، لا يزال التزام الصمت غير مفهوم.
وإذا ما اتجهت الأمور على هذا النحو، وانشغل العالم بأزماته، فإن هؤلاء المحتلين للكرد سيبيدون المزيد من الكرد بالأسلحة والمواد الكيماوية المحظورة، حتى أن الأمر لن يقتصر على استخدام تركيا لهذه الأسلحة فقط، بل إن دولاً أخرى سوف تستخدمها الآن ضد الكرد كما كانت تستخدمها في السابق.