قره سو: مصافحة بهجلي هي من مقتضيات الحرب الخاصة - تم التحديث

قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) مصطفى قره سو: إن مصافحة دولت بهجلي هي من مقتضيات الحرب الخاصة، ومحاولة تزييف ذلك يعني سوء فهم لسياسة الإبادة الجماعية وحقيقة الدولة التركية.

القسم الثاني من المقابلة التي أُجريت مع عضو اللجنة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) مصطفى قره سو، هي على النحو التالي:  

كحركة، لطالما كنتم تجرون دائماً هذا التقييم؛ "تكثف الدولة الفاشية التركية من قمعها واضطهادها للشعب الكردي، نظراً لعدم قدرتها على تحقيق نتائج في ساحات القتال، ونتيجة لذلك يتدهور مجتمع تركيا أكثر فأكثر"، فيما أن ارتكاب المجازر وعمليات الاغتصاب ضد النساء والأطفال يتزايد يوماً بعد يوم، في حين أن السرقة والفساد والفقر في ذروتها، وقد استنفدت حدود تحمل الناس لبعضهم البعض، وتعزو المعارضة التركية هذا الوضع إلى الاقتصاد، ما مدى واقعية هذا النهج وبالتالي هل يمكن أن يكون حلاً؟   

تشن الدولة التركية حرباً للقضاء على النضال التحرري للشعب الكردي، وتواصل شن هذه الحرب بأقذر الطرق، كحرب خاصة، ففي بداية التسعينيات من القرن الماضي، تقرر شن حرب خاصة لاستخدام جميع أنواع الأساليب القذرة لقمع النضال التحرري للشعب الكردي، حيث تم إحراق آلاف القرى، وارتكاب جرائم قتل سياسية، 17 ألف منها مجهولة، وتعرض عشرات الآلاف من الأشخاص للتعذيب وسُجن الآلاف من الأشخاص، وكان رموز هذه الحقبة من الحرب القذرة هم كل من تانسو جيلار ودوغان غوريش ومحمد آغار، ففي ذلك الوقت، كانت العداوة ضد الكرد وحزب العمال الكردستاني وأوجلان في ذروتها، وفي تلك السنوات، برز مفهوم يُسمى ”المنفعة، فمن كان يعادي أوجلان وحزب العمال الكردستاني والكرد، كان يحصل على منافع اقتصادية ومكانة سياسية واجتماعية في المجتمع، ولقد تم استثارة النزعة العدائية والشوفينية والقومية ضد الكرد إلى درجة أن المجتمع أصبح غير قادر على التفكير بشكل طبيعي، ولم تترك هذه الشوفينية والعداء تجاه الكرد أي قيم أخلاقية أو وجدانية في مجتمع تركيا، كما أن أهل الثقافة والفن، من صانعي العواطف مثل الخير والجمال والأخلاق والضمير والعدالة، قد تلوثوا إلى حد كبير، ولا زلنا نتذكر كيف تعرض أحمد كايا للاعتداءات والذي كان معروفاً ومشهوراً في مجتمع تركيا عندما أعلن أن شريط الكاسيت الخاص به سيضم أغاني كردية، حيث كان هذا الوضع لأهل الثقافة والفن الذي كانوا مشغولين به يسلط الضوء على مستوى الانحلال والفساد خلال فترة التسعينيات، فقد كان القائد عبدالله أوجلان قد قال خلال فترة التسعينيات إن الدولة وكذلك المجتمع في تركيا أيضاً قد اضمحلا.

ولقد تم دائماً تنفيذ جزء كبير من الحرب ضد حركة التحرر الكردية من طرف الحرب الخاصة، وقد اعتُبرت الحرب العسكرية بشكل أساسي وسيلة للوصول إلى هذه الحرب الخاصة، ومما لا شك فيه أن الحرب العسكرية والحرب الخاصة يجري شنّهما جنباً إلى جنب منذ عام 2015، وتعد أصعب حرب خاصة في تاريخ تركيا بعد اتفاقية دولما بهجة التي تجاهلها أردوغان في آذار 2015، ومع تطبيق نظام التعذيب والإبادة المشدد الذي فُرض في 5 نيسان 2015، دخلت الحرب الخاصة الأشد في تاريخ تركيا حيز التنفيذ، وعقب انتخابات 7 حزيران 2015، وتحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، شُنت هذه الحرب الخاصة متجاوزة كل الحدود، وفي حين استُخدم حزب الكونترا خلال فترة التسعينيات، فقد لجأوا إلى استخدم تنظيم داعش منذ عام 2014، ووصل العداء ضد الكرد إلى أضعاف مضاعفة بكثير من الممارسات التي كانت تُنفذ خلال فترة التسعينيات، فالحرب التي شُنت في التسعينيات بأساليب أكثر صرامة وبأساليب قليلة، تزايدت الأساليب القذرة أضعاف مضاعفة بعد عام 2015، فقد انقطعت أنفاس الكرد في كل مكان تقريباً، ومع تصاعد وتيرة الحرب، كان يتم اعتقال العشرات من السياسيين كل يوم، وتعرض البرلمانيون والرؤساء المشتركين للبلديات ومسؤولو الأحزاب السياسية في المدن والنواحي على مستوى لم يسبق له مثيل في أي مكان في العالم، ومع إطلاق سليمان صويلو مقولة إن "حزب العمال الكردستاني هو حزب نسائي" شُن الإرهاب على النساء السياسيات وعضوات المنظمات النسائية، واعتُقل الآلاف وسُجنت النساء بمعدل لم يسبق له مثيل في أي بلد من بلدان في العالم، كما شنّوا الحرب القذرة على الشبيبة، وللحيلولة دون ممارسة الشبيبة والمرأة الكردية للسياسة، تم الترويج للمخدرات والدعارة كوسيلة من وسائل الحرب الخاصة، ومرة أخرى، تم استخدام الرياضة، وخاصة كرة القدم، لهذا الغرض أيضاً، حتى أن البطولة المستمرة للفريق المفضل لدى الشبيبة الكردية في الدوري الممتاز استُخدمت كوسيلة حرب خاصة في هذا الاتجاه، كما تم توجيه الفن والثقافة في تركيا بطريقة تثير المشاعر العسكرية والشوفينية والقومية، كما بُذلت محاولات لخلق وعي يتجاهل الهويات والمعتقدات المختلفة.

ويعيش الكرد مع جميع الشعوب الأخرى في تركيا منذ آلاف السنين، ومع ذلك، يُنظر إلى الكرد الذين عاشوا معهم منذ آلاف السنين على أنهم أعداء لأنهم يتبنون هويتهم ولغتهم وثقافتهم ويحافظون عليها، أما الكرد، الذين يعيشون معهم في المدن الكبرى في تركيا، فيُنظر إليهم كأعداء، وقد تعرض الكرد للاعتداءات بسبب تحدثهم باللغة الكردية وغنائهم للأغاني الكردية، حيث لم تتم معاقبة الجرائم المرتكبة ضد الكرد بشكل طبيعي، فقد تصاعدت الهجمة الشوفينية والنزعة القومية ضد الكرد، فهل يمكن أن يتبقى هناك أخلاق وضمير في مجتمع ينظر إلى جيرانه ومن عاش معهم منذ آلاف السنين بهذه الطريقة؟  

إن العداء الكردي واستخدام جميع أنواع الأساليب القذرة ضد حركة التحرر الكردية جعل المجتمع بأسره جزءاً من الحرب القذرة، وقد اعتبر الكثير من الأشخاص، حتى بين المدنيين، أنفسهم مناضلين في هذه الحرب، كما خلقت السلطة الحاكمة لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية مثل هذا المصطلح للواجب في المجتمع، حيث أوصلوا العداء ضد الشعب الكردي والنضال التحرري إلى مستوىً حيث يتم تهميش حتى أولئك الذين لا يتعاملون مع الكرد بنفس الطريقة التي يتعامل بها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، فقد تم توصيفهم بالخونة ومؤيدي حزب العمال الكردستاني، حيث هاجموا وعلى رأسهم طيب أردوغان ودولت بهجلي، أولئك الذين لا ينتمون إليهم، في كل خطاباتهم، وأطلقوا الإهانات لهم، مما خلق استقطاباً في المجتمع لم يسبق له مثيل في العالم، حتى أن قاعدة حزب العدالة والتنمية انزعجت من هذا الاستقطاب، وهذا أحد الأسباب الرئيسية لتراجع أصوات حزب العدالة والتنمية التدريجي وخسارته في الانتخابات المحلية الأخيرة.

ولقد أودت النزعة القومية والشوفينية بالمجتمع إلى الانحلال، حيث أن لسان حال القومية والشوفينية وأسلوبها وطريقتها هي العنف، والذهنية الذكورية، ففي بلد فيه هذا القدر المتزايد من الاستقطاب، ينظر الجميع إلى الآخرين بعين الريبة ويستخدمون العنف، فإذا كان هناك الكثير من العنف في المجتمع، واغتصاب النساء واغتصاب الأطفال والعنف ضد الأطفال، فإن سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، خاصة في السنوات العشر الأخيرة، هي السبب في خلق ذلك. 

وهذا الأمر موجود بالفعل في جينات حزب الحركة القومية؛ فقد أصبح حزب العدالة والتنمية حزباً متشدداً تماماً مثل حزب الحركة القومية، فقد خلقت لغته وأسلوبه وسياساته مجتمعاً يرى الآخرين كأعداء ويميل إلى الانسياق وراء العنف، وبما أن حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لا يتقبلان أي قوى سياسية أو سياسيين، فقد تم تشكيل المجتمع على هذا النحو.

فإذا كان العنف والارتزاق والاغتصاب ضد المرأة قد ازداد في المجتمع التركي، فإن السبب في ذلك لا يكمن في المشاكل الاقتصادية، ربما 10 في المائة على الأكثر من هذه الاعتداءات سببها المشاكل الاقتصادية، حيث أن سياسات السلطة الحاكمة وإدارة الدولة والذهنية السياسية السائدة هي التي تخلق هذه المشاكل، فحيثما يتم إثارة الشوفينية والقومية على هذا المستوى، يزداد الميل نحو العنف، كما كان للعديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية في السنوات الأخيرة دور فعال في عسكرة المجتمع، وإذا كان الحل السياسي الديمقراطي للقضية الكردية ضروري لحل جميع المشاكل في تركيا، فإنه من الضروري حل القضية الكردية من أجل تصحيح هذا المزاج الاجتماعي في تركيا ومنع الانحلال والفساد والعنف، كما أن الحرب الخاصة القذرة ضد الكرد تنخر في المجتمع، والحرب التي تُشن ضد الكرد هي حرب ظالمة ومنافية للقيم الإنسانية لدرجة أنه لا يمكن شن هذه الحرب بالقوانين والشرائع العادية، لهذا السبب، فهم لا يتصرفون في الحرب القذرة ضد الكرد، بما يتماشى مع دستورهم أو قوانينهم، حتى أن دستورهم وقوانينهم المشبعة بالروح الفاشية لا تسمح لهم بشكل كامل بشن هذه الحرب القذرة، ولهذا السبب، يقدمون على ارتكاب كل أنواع الممارسات اللاإنسانية، وهذا يعد عاملاً مهماً في انحلال المجتمع، فالذين لا يرون أن مصدر المشاكل في تركيا هو الحرب الخاصة القذرة التي تُشن على الكرد، إما أنهم يغضون الطرف عن هذه الحرب أو أنهم يصبحون شركاء غير مباشرين فيها، وينبغي للديمقراطيين والسياسيين الحقيقيين في تركيا أن يروا هذه الحقيقة؛ لا بد لهم من خوض النضال في هذا الاتجاه. 

برز حزب الشعب الجمهوري كأول حزب في الانتخابات المحلية وخلق توقعات في المجتمع، ولكن ما هو الدور الذي لعبته السياسات التي اتبعها في سياسة تركيا؟

إن السبب في ظهور حزب الشعب الجمهوري كأول حزب في الانتخابات المحلية، هو رد فعل الشعب ضد السياسات التي اتبعتها السلطة الحاكمة لحزبي العدالة والتنمية والحركة القومية على مدى السنوات العشر، ولم تكن السياسات التي اتبعها حزب الشعب الجمهوري هي التي أدت إلى بروز هذه النتيجة، بل الاستياءات التي خلقها تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في المجتمع، كما كان للسياسات المعادية للكرد التي دأبت السلطة الحاكمة لحزبي العدالة والتنمية والحركة القومية على اتباعها بعد عام 2015 دور فعال في ظهور هذه النتيجة.

ويتركز تواجد الكرد بعد كردستان في مناطق مرمرة وجوكوروفا وبحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط بشكل متزايد، وهذه المناطق هي في الوقت نفسه المناطق التي تحدد الاتجاه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي لتركيا، وقد أصبح الكرد حالياً قوة اجتماعية تؤثر على التطورات السياسية في هذه المناطق، حيث أن وضع الكرد في هذه المناطق في مستوى مهم يؤهلهم للقيام بدور في التحول الديمقراطي في تركيا وحل القضية الكردية، وبالأساس، أصبح حزب الشعب الجمهوري هو الحزب الأول من خلال حصوله على الأصوات المتزايدة في هذه الأماكن، في هذه الصدد، توقعت القوى الديمقراطية، بما في ذلك الكرد، أن يرى حزب الشعب الجمهوري هذا الواقع ويبدي موقفاً يتماشى مع ترسيخ الديمقراطية، فأي قوة سياسية لا تخلق سياسات تؤدي إلى إيجاد حل للقضية الكردية لا يمكن أن تكون ديمقراطية، ولا يمكنها أن تدعي أنها ديمقراطية!

وقد ركز حزب الشعب الجمهوري على المشاكل الاقتصادية من أجل تجاوز المشاكل الاجتماعية والسياسية الأساسية في تركيا، ومما لا شك فيه أن هناك مشكلة اقتصادية خطيرة في تركيا، فباستثناء طبقة معينة من الأغنياء والطبقة الوسطى، هناك فقر جاد بكل معنى الكلمة في تركيا، ويُفهم أن حزب الشعب الجمهوري مهتم بهذه المشكلة، ولكن سياسات الحرب هي التي تخلق بالأساس هذه المشكلة الاقتصادية، فالعداء تجاه الكرد يحول السلطات الحاكمة إلى حكومات حرب، وقد قال طيب أردوغان، هل تعرفون ثمن الرصاصة الواحدة؟ حيث أن قسم كبير من القنابل التي تنهمر على الجبال يتم شراؤها من الخارج، وبصرف النظر عن ذلك، هناك نفقات حرب ضخمة، ويغذون عشرات الآلاف من المرتزقة، ويقومون بتحويل موارد ضخمة للحرب الخاصة، ويرشون العديد من الأطراف والأفراد والدول الخارجية، باختصار، الحرب ضد الكرد تفضي إلى حدوث المشكلة الاقتصادية.

ولا يرى حزب الشعب الجمهوري السبب الأساسي للمشاكل الاقتصادية، حيث ينبع جزء مهم من ردة فعل الاجتماعية تجاه حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية من المشاكل الاجتماعية الناجمة عن الظلم والاستقطاب والتحزب، ويتوقع المجتمع أن يتخذ حزب الشعب الجمهوري خطوات نحو التحول الديمقراطي، ومن ناحية أخرى، لم يتخذ حزب الشعب الجمهوري أي خطوات في هذا الصدد باستثناء بعض الخطابات الرنانة، ولم يطور سياسة فيما يخص القضية الكردية، على سبيل المثال، كان بإمكانه أن يطلب إنشاء لجنة في البرلمان لحل القضية الكردية وأن يتم تقييم هذه القضية في البرلمان، فهل يمكن لبرلمان لا يقوم بدور في قضية هامة كهذه أن يدعي حل قضايا تركيا؟   

من ناحية أخرى، وبدلاً من خوضه النضال ضد سياسات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية التي ضاق المجتمع بها ذرعاً، فإنه ينفذ سياسة تطبيع سياساتهم التي استمرت على مدى 20 عاماً، فمن خلال ما يُسمى بسياسة التطبيع، سمح حزب الشعب الجمهوري للسلطة الحاكمة لحزبي العدالة والتنمية والحركة القومية بالتقاط أنفاسه، وقد أوصل أردوغان، الذي يجعل من شعوب تركيا تتقيأ دماً منذ 9 سنوات، ويؤلب المجتمع ضد بعضه البعض ويطبع الظلم، القضاء إلى حالة بحيث يستأثر السياسات التي ينتهجها، وتأسيس نظام استبدادي بكل معنى الكلمة، ولم يتم تطبيع النمط السياسي لسياسة تركيا ولا إضفاء الطابع الديمقراطي عليها؛ بل تم تطبيع سياسات أردوغان وسلطة حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية الممتدة على مدى 9 سنوات، فبدلاً من محاسبة الممارسات التي اُرتكبت على مدار 9 سنوات، تم تخفيف هذه الممارسات وجعلها مقبولة، وقد فعل الأسلوب الجديد لحزب الشعب الجمهوري ما أراده أردوغان بالضبط، وبدوره، تجاوز أردوغان صدمة هزيمته في الانتخابات، وبدأ بأخذ زمام المبادرة مرة أخرى.

ومما لا شك فيه أنه من المفهوم أن حزب الشعب الجمهوري يريد استمالة قاعدة حزب العدالة والتنمية وكسبها، وإذا كان يريد أن يبقى الحزب الأول في تركيا، فإن يُتوقع منه أن ينتهج مثل هذه السياسة، أما إذا كان حزب الشعب الجمهوري لا يريد أن يبقى في قوالبه القديمة، فإنه يُفهم من ذلك أنه يستقطب قاعدة حزب العدالة والتنمية، ولكن لا يمكنه تحقيق ذلك من خلال المواقف التي تطبع سياسات أردوغان وممارساته، ويمكنه بلوغ هدفه بالسياسات والخطابات الصحيحة، حيث لم يكسب حزب الشعب الجمهوري قاعدة حزب العدالة والتنمية بالتطبيع، بل على العكس، فقد ساعد أردوغان على الاحتفاظ بهذه القاعدة.

باختصار، فشل حزب الشعب الجمهوري في الاستجابة لتوقعات المجتمع، ولا يمكن أن تترسخ الديمقراطية إلا من خلال خوض النضال ضد السياسات والممارسات غير الديمقراطية، وإلا، فإن التحول الديمقراطي لا يأتي من خلال القول ”طلبتُ من أردوغان أن يفعل هذا وفعل ذاك“، ولم يُظهر حزب الشعب الجمهوري، بتوجهاته الأيديولوجية والسياسية، موقفاً وتصميماً بحيث يؤهله للعب دور في ترسيخ التحول الديمقراطي في تركيا. 

بالطبع، إن وضع الأطراف الديمقراطية واليسارية في تركيا وكردستان التي نسميها المعارضة الحقيقة، مهم للغاية، وفي الوقت الذي تزيد فيه فاشية حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية من القمع والاضطهاد على وجه السرعة، هل يستطيع الديمقراطيون واليساريون الاشتراكيون والمضطهدون ككل رفع النضال ضدها بنفس الوتيرة؟

من الواضح أن تنظيم ونضال كل من القوى الديمقراطية الكردية والقوى السياسية الديمقراطية في تركيا والأطراف اليسارية سيكون حاسماً بالنسبة لإرساء الديمقراطية في تركيا، وإن مستوى التحول الديمقراطي في تركيا على أساس حل القضية الكردية ستحدده القوى الديمقراطية الحازمة، وخاصة القوى الديمقراطية اليسارية، كما أن وصف ومستوى خطابات وخطوات القوى السياسية داخل النظام نحو التحول الديمقراطي سوف يتطور تبعاً للقوة المنظمة ونضال القوى الديمقراطية الحازمة، ومن الخطأ توقع خطوات مهمة بشأن ترسيخ الديمقراطية من حزب الشعب الجمهوري أو أي قوة سياسية أخرى داخل النظام من شأنها أن توفر حلاً للقضية الكردية، ففي تركيا، هناك حدود محددة وفهم أيديولوجي وسياسي مرسوم منذ 100 عام.

وعلى الرغم من وجود ميل وجهد لتجاوز هذه الحدود في بعض القضايا وفقاً للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية في تركيا، إلا أنه لا يوجد حتى الآن حزب سياسي أو قوة سياسية يمكنها تجاوز هذه الحواجز الأيديولوجية-السياسية وإضفاء الطابع الديمقراطي على تركيا بالمعنى الحقيقي، وبالطبع، فقد خطت بعض القوى اليسارية، ولا سيما الاشتراكية، خطوات مهمة في تجاوز هذه الحدود الأيديولوجية والسياسية، ولكن القوى اليسارية، التي تقلصت قواها مع 12 أيلول، لا تزال تخوض نضال استعادة عافيتها وقوتها.

ومما لا شك فيه أن حركة التحرر الكردية والقوى السياسية الديمقراطية الكردية لعبت دوراً مهماً في بقاء وصمود القوى اليسارية والديمقراطية، ولكن، لا تزال القوى الديمقراطية الحازمة في تركيا غير قادرة على إحداث التأثير المطلوب نظراً لأنها لم تتوصل بعد إلى برنامج مشترك حول التحول الديمقراطي والنضال المشترك على هذا الأساس، في حين أن اليساريين الديمقراطيين في تركيا لديهم تراكمات وتقاليد نضالية قوية، وإذا ما تمكنوا من تشكيل منصة النضال المشترك، فبإمكانهم تحديد التطورات السياسية في تركيا، وإن القوة السياسية الديمقراطية للشعب الكردي في مستوى يسمح لها بلعب دور مهم في ضمان ظهور قوة نضالية كهذه، حيث تعمل حركة التحرر الكردية منذ بداية ظهورها على مسرح التاريخ من أجل نضال مشترك مع القوى الديمقراطية الحقيقية في تركيا، وتؤمن الحركة أن هذه هي الطريقة التي ستتحول بها تركيا إلى ديمقراطية.

دعونا نؤكد مرة أخرى أن القوى الديمقراطية في تركيا لا يمكنها أن تلعب دورها دون النضال المشترك مع القوى الديمقراطية للشعب الكردي وبنفس الطريقة فإن القوى الديمقراطية الكردية لا تستطيع تحقيق التحول الديمقراطي على أساس حل القضية الكردية إلا ضمن التحالف والنضال المشترك مع القوى الديمقراطية في تركيا في الظرف الحالي والنضال المشترك يجب أن تحشد وتحرك القوى السياسية الأخرى في تركيا في اتجاه التحول الديمقراطي.

وهذا التحالف والتعاون ينبغي أن يكون في الأساس تعاوناً نضالياً وبطبيعة الحال لأن الانتخابات هي جزء من النضال من أجل التحول الديمقراطي فمن المهم المشاركة في الانتخابات ولكن هناك جهوداً على الجبهة التركية والجبهة الكردية تحاول أن تقضي على هذه التحالفات وهذه مفاهيم خاطئة وتقاربات خاطئة.

 بعضها مواقف عاطفية مغايرة ولا تريد القوى المناهضة للديمقراطية أن تتعاون القوى الديمقراطية الكردية والقوى الديمقراطية التركية والأطراف التي لا تريد حلاً للقضية الكردية، وتحاول كل من دولة الاحتلال التركية والقوى الحاكمة والمؤسسات الأمنية"أجهزة المخابرات" خلق مثل هذه التفاهمات لأنهم يعلمون أن النضال المشترك سيعزز نضال الكرد ويحبط سياسات الإبادة الجماعية، ولهذا السبب يريدون ان يبقى الشعب الكردي لوحده ونظراً لظهور بعض النواقص والأخطاء فسوف تضعف القوة السياسية للكرد أمام ظهور سياسات التحالف و باختصار سيضر نضال الشعب الكردي بذلك.

قام دولت بهجلي أحد شركاء الفاشية لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، بمد يده إلى برلماني حزب المساواة وديمقراطية الشعوب في افتتاح البرلمان وبناءً على هذا الوضع، من المرغوب فيه خلق تفاهم لدى الرأي العام التركي بأن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب سيتفق مع التحالف الفاشي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية كيف تقيمون هذا الوضع؟

زعيم حزب الحركة القومية الذي هوعدو للكرد وليس له سياسة أو هدف سوى إبادة الكرد وكردستان ضمن مشروع نشر القومية التركية، لماذا مد يده لبرلماني حزب المساواة وديمقراطية الشعوب؟ ومن المعروف ما قاله دولت بهجلي عن السياسة الديمقراطية الكردية، بما في ذلك حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، الخط السياسي لحزب الحركة القومية هي تصريحاته التي صرح بها  حتى الآن، ثم لماذا مد يده؟ وأعلن دولت بهجلي أسباب المصافحة ومن الواضح أن هذا العذر ليس صحيحا.

وقبل افتتاح البرلمان زار طيب أردوغان منزل بهجلي واتفقوا على ممارسة السياسة الجديدة ضد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب والأصح هو اتخاذ القرار بشأن اللعبة الجديدة في هذا الاجتماع وعلى الأرجح أن أردوغان خطط لهذه اللعبة وعرضها على دولت بهجلي للقبول بها  ولأن أردوغان يعرف بهجلي وحزب الحركة القومية جيدًا فقد قدم عرضًا كان يعلم بأنَّ بهجلي سوف يقبله و يمكننا القول أن هذه الخطة سوف يقبلها خط حزب الحركة القومية بكل سرور وكما قيَّمت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني ـ KCK، بسي هوزات هذه الاحداث بأنَّها لعبة جديدة بسبب طبيعة وسياسات وممارسات حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وسياسات الإبادة الجماعية التي لا يزالون يصرون عليها.

ومباشرة بعد هذا التصافح صدرت تعليقات في بعض الأوساط مفادها أن التحالف الجمهوري بدأ عملية حل جديدة مع حزب المساواة وديمقراطية الشعوب وعلينا أن نذكر على الفور أنه بين الأعوام 2007-2015 لم تكن هناك عملية حل جديدة بالمعنى الحقيقي كان لدى القائد آبو سياسات وجهود لإشراك حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في عملية الحل وفي هذا الصدد، اعتبرنا هذه الفترة بمثابة عملية إدخال حكومة حزب العدالة والتنمية والدولة في عملية الحل و جميع المحادثات والرسائل ووثائق الحل التي قدمها القائد آبو وأخيراً اتفاقية" دولمة بهجة" التي تم عرضها في 28 شباط 2015 في دولمة بهجة مع أعضاء الحكومة في جميع قنوات البث التلفزيوني المباشر، كانت لهذا الغرض.

 تم عرض هذه الاتفاقية إلينا قبل نشرها على قنوات البث وكقيادة اقترحنا إضافة نقطتين محددتين آخرتين لها وعندما تم تقديم هذه الاقتراحات، قال القائد آبو أن الأشياء الواردة في الاتفاقية كافية ورغم أن البعض لا يعلم، إلا أن كلامهم الذي يقول إن القائد آبو انتقد هذه الاتفاقية ولم يرى إلا القليل منها، ليس صحيحاً.

  أراد القائد آبو عن طريق هذه الاتفاقية إشراك حكومة حزب العدالة والتنمية والدولة في عملية الحل ولكن لأن أردوغان ومسؤولي الدولة الذين كانوا على اتصال به لم يكونوا على فهم للحل، فإنهم لم يقبلوا هذا الاتفاق وبالفعل أقرت لجنة الأمن القومي خطة "الركوع " في تشرين الأول عام 2014م وليس صحيحاً ما يردده البعض بإنَّ حزب العمال الكردستاني قد وضع نهاية لهذه العملية.

وكان القائد آبو وحركتنا أيضًا يؤيدون الحل المعقول ولذلك استخدم القائد آبو وحركتنا لغة وأسلوب حذر للغاية ولقد تصرف بأسلوب يشجع الحكومة والرأي العام والدولة على وضع حل للعملية.

بلا شك أن حركتنا والسياسة الديمقراطية الكردية والقوى الديمقراطية الصحيحة في تركيا تؤيد دائمًا إيجاد حل سياسي ديمقراطي معقول للقضية الكردية، تواصل مع أي قوة سياسية تريد الحل وهذه في المقام الأول خطوة مهمة نحو التحول الديمقراطي في تركيا وعندما نأخذ في الاعتبار واقع تركيا ومائة عام من السياسات، فإن أولئك الذين يتمتعون بعقلية ديمقراطية هم وحدهم القادرون على اتخاذ هذه الخطوة وفي تركيا لا ينبغي اتخاذ خطوات لحل القضية الكردية ولا ينبغي أن يتم ذلك بعقلية ديمقراطية وفي واقع التركي فأنَّ مثل هذا الوضع ليس موضوعاً للنقاش .

وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002 ببعض الكلمات الديمقراطية ولأن الأطراف الإسلامية تعرضت لبعض الضغوط في الماضي، فقد كان هناك من لديهم ميل ديمقراطي داخل حزب العدالة والتنمية ولكن تجدر الإشارة إلى أن العملية التي أوصلت حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بدأت بالانقلاب العسكري في 12 أيلول ومن أجل القضاء التام على مطالب الشعب الكردي بالحرية وبالتالي تجريدهم ومحاصرتهم، تقرر إدخال الإسلام السياسي إلى الدولة ،أي أنه لكي يكونوا إلى جانب سياسة الدولة في استكمال الإبادة الجماعية للكرد، فقد تم إدخالهم إلى النظام وعند تقييم حزب العدالة والتنمية والإسلام السياسي لا ينبغي عليهم أن ينسوا هذه السياسة.

وفي عملية توطيد حزب العدالة والتنمية والإسلام السياسي في الدولة، كانت هناك ليبرالية ومقاومة من بعض الأحزاب ولهذا السبب وجدت حكومة حزب العدالة والتنمية أنه من الضروري أن تخاطب توق الشعوب إلى الديمقراطية من أجل التغلب على مثل هذه العقبات ووجه رسائل مرنة للكرد ومرة أخرى لأنه كان لديه مشكلة كاملة مع وجوده في الدولة ولأن الحرب العنيفة مع حركة الحرية الكردية أضعفته كسلطة، طلب من حركتنا إنهاء الحرب مع وسطاء مختلفين وعلى الرغم من أن القائد آبو لم يرى أن هذا هو الوقت المناسب، إلا أنه قبل هذا الوضع من أجل إدخال الحكومة والدولة في عملية الحل.

لقد بذل القائد آبو جهدا كبيرا في هذا الشأن ولكن لأن أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية لم يثقا به، فقد كانت القوى الديمقراطية الكردية بما في ذلك تعزيز جميع القوى الديمقراطية في تركيا، هي الأساس في هذه العملية وقدم القائد آبو الطروحات التي تجمع القوى الديمقراطية للكرد والقوى الديمقراطية في تركيا في تحالف ونضال مشترك وقد حدثت تطورات هامة بخصوص هذا الشأن.

تم تأكيد شكوك القائد آبو ولم يقبل أردوغان باتفاق "دولمة بهجة" الذي ستكون خطوة مهمة في عملية التسوية وكان رفض هذه الاتفاقية يعني إعلان الحرب على حركة الحرية الكردية وجميع القوى الديمقراطية وبالفعل في صيف عام 2012، تم إعداد خطة الركوع وكما تم رفض موافقة دولمة بهجة في إطار هذه الخطة على الركوع ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن تدور الحرب القذرة في كردستان وتشن الهجمات ضد قوى الديمقراطية.

والآن من يعتقد أن حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية التي تشن حرب إبادة جماعية قذرة منذ 9 سنوات، ستدفع عملية الحل إلى الأمام؟ هل تخلى حزب الحركة القومية تماماً عن أهدافه وسياساته؟ من يستطيع أن يقول إن حزب الحركة القومية قد تخلى عن هدفه المتمثل في قتل الكرد؟ هل هناك أي بيانات أو إشارة لذلك؟

هل هناك شيء أفضل وأجدر بالنسبة لتركيا من حل القضية الكردية؟ وبالطبع نحن الحركة الديمقراطية الكردية نقول دائمًا إننا مع الحل الديمقراطي وإذا لم يقولوا هذا فسوف يكونون في صراع مع أنفسهم ولذلك فإن النقاش مع بعض قنوات المعارضة وكأن عملية الحل أمر خطير، لا يمكن تفسيره بأي منطق ومن دون مناقشة ما قبلها وما بعدها، ولهذا فإن الحديث عن عملية التسوية وكأنها غير مقبولة يجب أن يفهم سواء من قبل الشعب الكردي أو من قبل القوى الديمقراطية على أنه عداء للكرد.

الحديث عن القنوات التي تقول إننا معارضة قد تكون في هذا الاتجاه؛ يجب حل القضية الكردية، وهذا ضروري لإرساء الديمقراطية في تركيا و لكن عقلية حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لا يمكن أن تحل هذه القضية وإذا كانوا يريدون حل القضية الكردية والسلام مع الكرد، فيجب عليهم توضيح الخطوات التي سيتخذونها  لأجل حل القضية الكردية وإذا كانوا يريدون إزالة قناع لعبة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، فعليهم أن يقولوا هذا.

يمكن للكرد أن يقولوا إن هذه لعبة والسياسات الحالية موجودة وإذا لم يتم تغيير هذه السياسات لن نكون جزءًا من هذه اللعبة ولأنهم يستطيعون القول إن حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، من أجل إبقاء الشعب الكردي بعيدًا عن النضال تنفذ سياستها في إبادة الشعب الكردي لإرباك الشعب الكردي وإضعاف نضال الشعب الكردي من أجل الحرية.

لقد بدأوا اللعبة من خلال أقوالهم بالعداء ضد حزب العمال الكردستاني وعليهم أن يقولوا ذلك حتى لا يروا خطوات واضحة وتغيرات سياسية، ففي إمرالي ينتهك القانون وتمارس سياسة الإبادة والتعذيب حيال القائد آبو، وتحولت السجون إلى أماكن للموت وهنالك الآلاف من المعتقلين السياسيين وتتم الاعتقالات كل يوم وهناك ضغوط على الثقافة الكردية وإذا لم يتغير هذا الوضع فلا يمكنهم طرح مبادرة صادقة لحل القضية الكردية.

يمكن للكرد إثارة مثل هذا الموقف ولكن إذا كان المعارضون يتجادلون حول سلبية عملية الحل، فهذا ليس فهماً ديمقراطياً وسيكون موقفا غير ديمقراطي وأساساً سيوافقون على سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية حتى الآن.

في الواقع من المهم اتخاذ موقف في هذه العملية وسوف يكشف عن الجانب الذي ستكون عليه سياسات حزب الشعب الجمهوري ويمكن لحزب الشعب الجمهوري أن يأخذ زمام المبادرة بالقول: "إذا كان هناك حل للقضية الكردية فسوف ندعمه وهذا يعني أخذ زمام المبادرة في القضية الكردية، وهذا من شأنه أن يضع حزب الشعب الجمهوري على الخط الديمقراطي الصحيح وبهذه الطريقة، لن يتمكنوا أبدًا من اتهام حزب الشعب الجمهوري بالقول: "أنت إلى جانب الانفصاليين، وإلى جانبه" ويمكن لحزب الشعب الجمهوري خلافاً لنهج بعض الأشخاص الذين عبروا عن ذلك في قنوات المعارضة، أن يأخذ زمام المبادرة في حل القضية الكردية وبهذه الطريقة فإن سياسة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية التي تنتهجها والمتمثلة في التهرب من الكرد  وإلقاء اللوم على المعارضة سوف تبوء بالفشل وإن أكبر عقبة أمام تحول حزب الشعب الجمهوري إلى حزب ديمقراطي اجتماعي حقيقي هو حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية والنهج الإجرامي لبعض الأحزاب التي تمنع حزب الشعب الجمهوري من خلق سياسة بشأن القضية الكردية و يمكن لحزب الشعب الجمهوري أن يتغلب على هذا الوضع ويصبح حزبًا ديمقراطيًا اشتراكيًا من خلال استغلال فرصة الرسائل التي يرسلها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية إلى حزب المساواة وديمقراطية الشعوب ،وإذا ظهر بعض الأشخاص في قنوات المعارضة وجعلوا النفاش حول حل القضية الكردية نقاشاً سلبياً من جديد، فإن حزب الشعب الجمهوري سيفقد ظهوره خلال الانتخابات المحلية؛ وبالتالي سيدخل في لعبة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية.

 أحد الأسباب المهمة وراء استخدام حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية للقضية الكردية كأداة هو عدم وجود برنامج وموقف ديمقراطي أو اجتماعي مناسب في تركيا وكما هو معروف فإن القوى اليسارية وأولئك الذين يسمون أنفسهم بالديمقراطيين الاشتراكيين في جميع أنحاء العالم، يظهرون توجهات وتقاربات إيجابية في مثل هذه القضايا.

تُدير دولة الاحتلال التركي عمومًا حربًا خاصة ضد الكرد وإن التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية هو المستوى العالي للحرب القذرة والخاصة التي يتم شنها ضد الكرد ولا ينبغي أن ننسى أن حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية هي حكومة حرب خاصة ولا يُتوقع أي شيء إيجابي من حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بالنسبة للكرد و لا يمكن مقارنة حزب الحركة القومية بالأحزاب القومية والفاشية في البلدان الأخرى، هناك أهداف وبرامج مختلفة للأحزاب الفاشية في بلدان أخرى و لدى حزب الحركة القومية هدف واحد فقط؛ وهو قمع الكرد وإمحائهم وإذا لم يتخذ المرء إجراءات في هذا السياق، فإن الأقوال والتصريحات  والخطوات المتعلقة بحزب الحركة القومية ستكون خطأً أو خِداعاً كبيراً.

لقد نصب التحالف الفاشي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية كمينًا لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب والساحة السياسية الديمقراطية و سوف يدعون حزب المساواة وديمقراطية الشعوب DEM، وستفرض الأشياء التي لايقبلها حزب المساواة وديمقراطية الشعوب  DEMوحتى عندما لم يقبل حزب المساواة وديمقراطية الشعوب والقوى الديمقراطية مطالبهم مدوا يدهم للديمقراطيين كما قلنا وفتحوا المجال وأعطوا الفرصة وأعطوا فرصة سياسية، لكنهم لم يردوا على هجماتهم أكثر و هذا ما تبدو عليه اللعبة وعندما سأله أحد الصحفيين عن الخطوات التي ينبغي اتخاذها في هذه العملية، قال أردوغان: "أنت أجب على هذا" وعندما أجاب الصحافي أن "هذه العملية ستستمر دون اتخاذ أي خطوات"و أكد أردوغان على جواب الصحفي قائلاً "لقد أعطى الجواب الصحيح" وهذا ما يتفكرون فيه أساساً.

وبطبيعة الحال يجب على القوى الديمقراطية الكردية أن تقول إننا مستعدون للحل ولكن قبل كل شيء يجب إنهاء سياسة الإبادة والتعذيب الممارس في إمرالي وتسهيل تلك الطرق وكوننا أحزاب تركيا فأننا نأمل أن تصبح تركيا دولة ديمقراطية مع حل شامل للقضية الكردية وبالطبع إلى أن لا يتم اتخاذ الخطوات المحددة يجب عليهم مواصلة موقفهم والنضال ضد حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية و هذه هي الطريقة التي ينبغي أن تُكشف بها لعبة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية.

وهنا فأن تحديد الخاصية سيكشف عن ماهية حزب الحركة القومية، حيث قام دولت بهجلي بإهانة حزب الشعب الجمهوري وأوزغور أوزيل بكل الطرق الملتوية في اليوم الفائت وقال لأوزغور أوزيل في افتتاح المجلس إن ما قلناه يتوافق مع احتياجات السياسة فلا تسيئوا فهمنا،هذه هي حقيقة السياسة التركية و هذه هي السمة الأساسية للحرب الخاصة وذلك لخداع الناس و ما يقولونه بوضوح هو خداع الناس ولكن في جوهرها، فإنهم يتبعون سياسة مختلفة.

 ليس من المفهوم حقاً كيف يقال وأعتقد أن فمه جاف، كشف دولت بهجلي عن هوية السياسي التركي، اتباع سياسة تخدع الشعب ومجرد هذا البيان يكفي لإنهاء الحياة السياسية للسياسي وفي هذا الصدد، فإن تحية دولت بهجلي تأتي أيضًا وفقًا لحاجة الحرب الخاصة وبهذه الطريقة، فإن محاولة أخذ شيء من كلام دولت بهجلي وإساءاته هو عدم فهم لواقع دولة الاحتلال التركية وعدم فهم سياسة الإبادة الجماعية للكرد وهي السياسة الأساسية لدولة الاحتلال التركية وما زالت مستمرة.

 

بعد إسرائيل، انغمست تركيا الفاشية في عهد أردوغان في غمار الحرب أكثر من غيرها، وسعت جاهده لنشر الحرب بشكل أكثر وتقول بدموع كاذبة إنها حزينة على فلسطين وتستغل هذه الحرب في إطار مصالحها الخاصة، ويقول أردوغان الفاشي الآن: ”عيون إسرائيل على أرض وطننا“، ما الذي يرمي إليه أردوغان بهذه المقولة؟ 

 

تقول تركيا إنه في حال اتسعت رقعة الحرب، فستكون هناك حاجة ماسة إلى تركيا وسينهار الاتفاق الإبراهيمي وسيمر قسم كبير من طريق الطاقة عبر جغرافيتي، وقد تصرفت بهذا الموقف، وتقول إذا اندلعت حرب كبيرة بين إسرائيل وإيران، ستضعف إيران، وستحتاج إسرائيل إلى تركيا، والسبب الرئيسي لمعارضة لإسرائيل ليس صداقتها لفلسطين أو عداوتها لإسرائيل؛ بل تحاول جاهدة في أن تولي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أهمية لتركيا في المنطقة، وهذا هو السبب، فهي ستكون حليفة للولايات المتحدة الأمريكية وفي الوقت نفسه معادية لإسرائيل! لا يمكن أن يتحقق أمر من هذا القبيل، فهي تعتقد أنها مهمشة للغاية وتريد أن تُؤخذ بعين الاعتبار، وينبغي فهم سياسات تركيا وخطاباتها بشأن إسرائيل على هذا النحو.

إنهم يعلمون أن إسرائيل لن تهاجم تركيا، وهي تحاول تحقيق هدفين من أهدافها من خلال أجندة من هذا النوع، وتريد أن تفرض على الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، التي لها نفوذ على الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، إيلاء الأهمية لها، وهي ترى بالفعل أن فقدانها لمكانتها الجيوسياسية مشكلة وجود وعدم وجود، لأنها تخشى أنه إذا خسرت موقعها الجيوسياسي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ستتعاملان مع تركيا بشكل آخر أيضاً، ولهذا السبب، فإنها تعادي إسرائيل دائماً وتتحدث باستمرار عن بعض الأمور التي لا تتوانى عن قولها للولايات المتحدة الأمريكية، وتحاول من خلال هذه الأمور أن تغيير الموقف السلبي لهذه القوى تجاهها، حتى أنها تحاول أن يتم إيلاء الأهمية لها في المجال السياسي، والآن تقول إنها إذا فعلتُ ذلك، فسوف أحصل على نتيجة مرجوة، ولكن الوضع تغير كثيراً، وهناك جدل حول مدى النتائج التي ستحققها هذه السياسة.

أما الثاني، بينما تستمر الحرب في المنطقة، تحاول خلق عدو خارجي واصطفاف المعارضة والمجتمع بأكمله خلفها، وربما تكون المعارضة قد فهمت ذلك، ولكن يبدو أن ذلك سيكون له تأثير على المجتمع، ففي الحقيقة، جميع السياسيين ومؤسسات الدولة يعلمون أن إسرائيل لن تهاجم تركيا، وحتى أن وزيرا الخارجية والدفاع، يعرفان ذلك أيضاً، وعلى أي حال، فإن الكلام الذي ورد في التوراة ويتحدث عن أرض الميعاد، اتخذوه كمبرر لمزاعمهم، ومن ناحية أخرى أيضاً، يقولون إنه إذا ما وسعت إسرائيل رقعة الحرب بشكل أكبر، فإن الكثير من اللاجئين سيتدفقون إلى تركيا، وبهذه الطريقة يخلقون حالة من الخوف لدى المجتمع والقوى السياسية، وهذه التوراة كانت موجودة قبل 50 سنة وحتى قبل 75 سنة، وحتى الآن، كانت تركيا أفضل صديق لإسرائيل في الشرق الأوسط، حيث كانت تُعتبر بمثابة إسرائيل الثانية، والآن بكلمة واحدة واردة في التوراة يقولون إن تركيا في مرمى إسرائيل، ويحاولون تفسيرها على النحو التالي، وبالتالي، فهم يحاولون أيضاً استغلال المشاعر الدينية للمجتمع، فلا يوجد أي تهديد من إسرائيل، ولكن من الواضح أن سياسات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية تشكل تهديداً وخطراً كبيراً على تركيا، ونتيجة لسياسات التحالف هذه، باتت تركيا بلداً محفوفاً بالمشاكل من الداخل والخارج على حد سواء، كما تسبب العداء تجاه الشعب الكردي إلى إضعاف تركيا داخلياً وخارجياً.

ويقولون إن روج آفا وشمال شرق سوريا تقع تحت دائرة السيطرة الإسرائيلية وأن إسرائيل تجري حسابات حول تركيا استناداً على ذلك الأمر، فكل سياساتهم وعلاقاتهم وخطاباتهم مبنية على العداء تجاه الشعب الكردي، وكل من لا يدعم العداء تجاه الكرد بالمستوى الذي يريدونه يتهمونه بتقسيم تركيا وتقطيع أوصالها.

وحتى عندما يقولون إن عيون إسرائيل على أرضنا، فإنهم يظهرون الكرد أيضاً كهدف، وبهذه الطريقة تكثف من وتيرة الدعم لهجماتها على روج آفا، وبالتالي، إذا قامت بسحق روج آفا، لن يكون لإسرائيل عيون على أرض تركيا! ويقولون إن عيون إسرائيل على أرضنا، ولمنع ذلك، يجب علينا احتلال روج آفا وشمال شرق سوريا وتنفيذ الإبادة الجماعية بحق الكرد، ومن المفهوم جيداً أنهم يطرحون هذه القضية على جدول الأعمال لهذا السبب.

يتبع....