مشاريع جديدة لمحاصرة وإقصاء جنوب كردستان
إن مخططات الدولة التركية للقضاء على الشعب الكردي لا تنتهي أبداً، والآن وكما هو عبر التاريخ، تريد من خلال الحزب الديمقراطي الكردستاني القيام بذلك الأمر.
إن مخططات الدولة التركية للقضاء على الشعب الكردي لا تنتهي أبداً، والآن وكما هو عبر التاريخ، تريد من خلال الحزب الديمقراطي الكردستاني القيام بذلك الأمر.
لم تعرف مشاريع ومخططات الدولة التركية أبداً أي نهاية لا داخلياً ولا خارجياً، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بموضوع الشعب الكردي والإبادة، فقد لجأت إلى جميع الأنواع والأساليب غير الإنسانية، حيث قامت باستغلالهم ودفعهم ضد بعضهم البعض من أجل الوصول لهدفه المنشود، والآن وكما هو على مدى التاريخ، تريد القيام بذلك الامر من خلال الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهنا الأمر المثير للانتباه هو أن هدف الحزب الديمقراطي الكردستاني وسطوة البارزاني أيضاً في خطر، وتلتزم الصمت وتغض الطرف والسمع حيال ذلك الأمر!
لنأتي إلى المشروع الأول الذي ظل على جدول الأعمال لفترة طويلة ويستمر العمل فيه بأشكال مختلفة دون انقطاع، وهو بناء البوابة الحدودية في أوفاكوي، إن البوابة الحدودية لـ أوفاكوي تقع على حدود شرناخ وتبعد 10 كم غربي بوابة الخابور-إبراهيم الخليل، كما أن هذه البوابة البديلة سوف تمر من تلعفر والموصل وصولاً حتى بغداد والبصرة، وتتواجد مقابل روجآفا، منطقة بيشخابور وهي أيضاً تقع ضمن حدود إقليم كردستان بحوالي 50 كم، حيث تُعتبر هذه المنطقة منطقة المثلث الحدودي، التي تجمع ما بين جنوبي وشمالي وغربي كردستاني، لهذا السبب فهي منطقة استراتيجية، وإن المشروع الذي يضم طرق برية وحديدية، تبدأ من مدينة شرناخ في شمال كردستان، وتمر عبر محافظة دهوك في جنوب كردستان وغربي شنكال وتصل إلى تلعفر وخورماتو والموصل، ومن هناك تصل حتى بعداد. وإن هذا المشروع بقدر ما هو، فهو أيضاً استراتيجي بالنسبة للدولة التركية مع دخوله حيز التنفيذ، وفي نفس الوقت، هو ايضاً يُعتبر بوابة كبيرة لتضييق الخناق بالنسبة لجنوب كردستان.
وإن هذا المشروع هو استراتيجية طويلة المدى للدخول حيز التنفيذ بين حكومتي العراق وتركيا، وإذا ما تم دخول هذا المشروع حيذ التنفيذ بشكل كامل، فلن يبق لبوابة إبراهيم الخليل الحدودية أي دور، وسيتم تقليص جميع الحركة التجارة التركية عند بوابة إبراهيم الخليل (الخابور) الحدودية إلى مستوى معين، أو حتى سوف يتم قطعها تماماً، وهذا سيفتح الطريق أيضاً أمام وصول تلك الضرائب والحركة التجارية من هناك، والتي يحصل عليها إقليم كردستان بشكل مباشر إلى الحكومة العراقية، حيث ستتم الحركة التجارية في العراق ومن هناك تنتقل إلى جنوب كردستان، وبهذه الطريقة تتقرب تركيا بشكل أكبر من بغداد ويتعزز تأثير العراق على جنوب كردستان، وعدم بقاء دور وتأثير جنوب كردستان كما في السابق في المنطقة، وسيتم محاصرتها اقتصادياً وسياسياً وقد تواجه مزيداً من الهجمات من قِبل تركيا وضغوطاً سياسية من العراق، وهذا أمرٌ جلي وواضح للغاية.
وإحدى المشاريع الأخرى للدولة التركية التي لا تقل خطورة عن مشروع أوفاكيول، هو مشروع مطاري كركوك والموصل، حيث كان مطار كركوك الدولي مطاراً عسكرياً، وقد طالب مجلس محافظة كركوك عام 2011 بأن يصبح مطاراً مدنياً، وفي العام 2013 اُتخذ القرار بتحويله إلى مطار مدني. وبعد أحداث 16 تشرين الثاني في العام 2017، بدأ العمل بتجديد المطار، وبعد أربع سنوات من أعمال التجديد والصيانة، اُفتتح المطار هذا العام في 16 تشرين الثاني، من خلال مراسم رسمية، وبحسب الأنباء الواردة، يتم إدارة قسم كبير من هذا المطار من قِبل تركيا، وقد تقرر في الآونة الأخيرة جدولة تسيير 4 رحلات جوية من كركوك إلى إسطنبول خلال الأسبوع، وفي نفس الوقت ستسير رحلة واحدة اسبوعياً من إسطنبول إلى كركوك، وهذا ما يعني أن الرحلات الجوية التي تتجه إلى مطاري هولير والسليمانية الدوليين، سوف تتجه بشكل مباشر إلى مطار كركوك.
من ناحية أخرى ، نرى أنه في نفس الوقت هذا المشروع الحالي ، توجه في 10 آب الماضي من هذا العام، رئيس الوزراء العراقي السابق ، مصطفى كاظمي ، إلى الموصل ووضع حجر الأساس لتجديد مطار الموصل خلال مراسم رسمية، وكانت حكومة الكاظمي قد أوكلت مشروع تجديد مطار الموصل لشركات تركية تحت مسمى شركات الشمس والإنشاءات 77، وتفيد الأنباء بأن الشركتين التركيتين قد حصلت على 62 مليار دينار عراقي مقابل مشروع تجديد مطار، وكان مطار الموصل قد بُني من قِبل القوات الجوية البريطانية، حيث كانت في البداية مطاراً عسكرياً، وبعدها بسنتين، تحول إلى مطار للرحلات الجوية المدنية وتبعد 5 كيلومترات عن مركز مدينة الموصل، وفي العام 2014 تضرر 50% من صالة المطار نتيجة هجمات عصابات داعش، كما تضرر أيضاً 90% من مباني تقديم الخدمات في المطار.
إن هذا الأمر بحد ذاته يشكل خطراً على المنطقة وخطوة أخرى نحو تحسين علاقات تركيا مع العراق، ومع هذا الأمر، إذا ما اكتمل هذا المشروع وتم وضعه حيز التنفيذ بالكامل، فسوف تُقطع الحركة الجوية عن هولير والسليمانية، وبهذه الطريقة ، تُحصر جميع الحركة التجارية عن طريق الجو، ويقع إقليم كردستان تحت خطر كبير.
وستذهب العائدات التجارية للمطارات بشكل مباشر إلى العراق، وستتمكن تركيا بهذا الصدد، قادرة على تحسين العلاقات مع العراق، وأيضاً من ناحية أخرى، ستكون قادرة التضييق بشكل أكبر على جنوب كردستان من حيث الاقتصاد وأيضاً الحياة، وقد تقوم بعدة رحلات جوية من مطاري هولير والسليمانية خلال الأسبوع الواحد، وإذا دخل هذا المشروع حيذ التنفيذ في السنوات المقبلة، فهناك خطر من أنها ستعمل بالكامل عبر مطاري كركوك والموصل، وهذا الأمر ليس بعيداً عن الحقيقة، حيث ستتحسن الأنشطة التجارية وايضاً العلاقات مع الخط التركماني والسني بشكل أكبر، وفي ذات الوقت، ستلعب دوراً آخر في موضوع الاستخبارات وعدم استقرار المنطقة، فكما هو واضح أن تركيا تعتبر كركوك والموصل كـ جزءاً منها، حيث تسعى تركيا على الدوام إظهار وتعزيز وجودها هناك من خلال عملياتها الإعمارية ومشاريعها في العراق، وبهذه الطريقة سيصبح مطاري كركوك والموصل مركز الطيران الجوي بين تركيا والعراق.
وإن إنشاء الطرق البديلة إلى جانب الاقتصاد سيؤدي بالنتيجة إلى زيادة سيطرة الحكومة المركزية في العراق وتعزيز موقع العراق ضد حكومة جنوب كردستان.
كما أن تركيا ستمارس ضغوطاً كبيرة، وفي مقدمتهم على إقليم جنوب كردستان، وشنكال ، مخمور وعلى المنطقة بشكل عام، لأن أحد أكبر المعوقات التي تقف أمام تنفيذ المشاريع الحالية في المنطقة، في مقدمتها، شنكال وحركة الحرية الكردية.
وهنا، الذي يتوجب عليه أن يكون السباق في وضع حد لهذا المشروع ويكون لديه موقف، هو الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن للأسف، نرى بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليس لديه موقف أو فعل إزاء هذا الأمر. وعلى مبدأ ومنطق ليكن صغيراً ومن نصيبي فقط، يريد أن تبقى مناطق هولير ودهوك وزاخو في الحضيض، فإذا ما دخل هذا المشروع حيذ التنفيذ بالكامل، فلن يتبقى شيء من هذا القبيل، وستكون تحت السيطرة الكاملة ولن تكون قادرة كما في السابق القيام بالأعمال الاقتصادية والإدارية، والاستمرار في سيادتها على المنطقة.
وعندما يلقي المرء نظرةً في إطار واسع، سيرى أن الخطر الأكبر يتهدد جنوب كردستان، كما أن ذلك سيجر الخطر على جميع الإنجازات التي تمت حتى الآن، انطلاقاً من روجآفا إلى شمال كردستان وحتى شرق كردستان، لهذا السبب، يجب أن يُفهم الأمر من هذا المنحى، فحينما توضح حركة الحرية بأن هناك خطر محدق، على الجميع أن يعي مدى خطورة هذا التهديد، وأن يُتخذ موقف واضح وفق ذلك الأمر، فهدف الدولة التركية هو استهداف جميع الكرد.