ماذا كسب وخسر الحزب الديمقراطي الكردستاني من النفط!

ارتدت جميع العبارات الرنانة مثل "الاستقلال" و "الانفصال عن العراق" للحزب الديمقراطي الكردستاني وخاصة قادة بارزاني، التي أطلقوها عليهم، وتشاوروا وتوجهوا في نهاية المطاف إلى بغداد.

أصاب كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني وقادته البارزانيين من أعلى المستويات انطلاقاً من مسعود البارزاني حتى مسرور ونيجرفان بارازني حالة من الذعر الشديد وحتى أن الكثير منهم كانوا في طريقهم للفرار من كردستان عبر الطائرات الرسمية، بعد هجمات مرتزقة داعش على سوريا واحتلال قسم كبير أيضاً من العراق.     

لقد سد النضال بقيادة حزب العمال الكردستاني في روجآفا بالدرجة الأولى وفي الكثير من الأماكن في العراق وجنوب كردستان مثل شنكال وكركوك ومخمور، الطريق على تنظيم داعش ومنع داعش وهزمه من خلال تقديم تضحيات كبيرة، وهذا الأمر منح قوة دفع كبيرة للحزب الديمقراطي الكردستاني وأهالي جنوب كردستان.      

وشهد الحزب الديمقراطي الكردستاني على هذا الأمر، على الرغم من أنه لم يُظهر الكثير من المواقف، إلا أنه لم يرق له أبداً انتصار حزب العمال الكردستاني، وأراد مع الفراغ الحاصل في العراق، أن يكون مستقلاً وأن يتخذ خطوات صحية وقوية، وكما كان هو الحال في السابق، سرعان ما دخل في تصرفات لا تصب في خدمة المجتمع، وفي هذا السياق، وقّع في العام 2014 ، اتفاقية نفطية تمتد على مدى 50 عاماً مع تركيا، دون الرجوع إلى شركائه في الحكومة وسحب جميع الإيرادات إلى حسابه الخاص، وعلى الرغم من مطالبة شركاء الحكومة لعشرات المرات كشف مواد هذه الاتفاقية، إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يعر أي اهتمام لهذا الأمر.

كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يبيع النفط الذي كان يتم تصديره إلى ميناء جيهان في تركيا، بـسعر أقل 10 دولارات من سعر النفط الذي يُصدر إلى العالم، وهذا يساوي سنوياً حوالي 2.5 مليار دولار، أي أن هذه الاتفاقية القائمة منذ ما يقرب من 10 سنوات، قد تسببت في تكبد  30 مليار دولار من الخسائر، وفي مقابل ذلك، وقفت الحكومة ضد ذلك، واشتكى من ذلك، ووصف هذا الأمر بأنه غير "شرعي"، وذكر المسؤولون العراقيون بأن هذه الاتفاقية تعني انتهاك اتفاقية النفط لعام 1973، وبعد هذه المحاولة والجهد، تم قطع ميزانية المالية لأقليم كردستان والذي كان بنسبة 17 % من الميزانية المالية العامة، وتم إرسال حوالي 9% من الميزانية في العام الماضي بناءً على التوافق.

فكل ما أدى تفاقم الأمر، كان في العام 2017، بعد إصرار البارزانيين على إجراء استفتاء الاستقلال، ففي مرحلة لم يُهزم فيها تنظيم داعش بالكامل بعد، والصراعات القائمة في العراق واتفاقيات المعاهدات الدولية في المنطقة في خضم العمليات العسكرية، كانت هذه الخطوة، حتى لو كانت صحيحة، خطأً كبيراً وفقاً للزمان والمكان على حد سواء، وتسبب في فقدان السيطرة على 51 % من أراضي جنوب كردستان.

وأدانت محكمة التحكيم الدولية تركيا وإقليم جنوب كردستان في 25 آذار، بشأن قضية النفط التي رفعها العراق وقررت أن إقليم كردستان لا يمكنه بيع النفط لتركيا بدون العراق، وقضت المحكمة بإلزام تركيا دفع تعويضات بمقدار 1.5 مليار دولار، وناحية أخرى، أوضحت تركيا أنها ترفض هذا القرار، وأنه يتوجب على حكومة إقليم كردستان دفع التعويضات للعراق، وبناءً عليه، توقفت الكثير من معامل تصدير واستخراج النفط عن العمل.   

 

وانطلاقاً من هذا الأمر، توالت وفود الحزب الديمقراطي الكردستاني الواحدة تلو الأخرى وأصبحوا من المسافرين إلى بغداد، ونتيجة للاتفاقيات المبرمة، لم يعد بإمكان الإقليم بيع النفط إلى تركيا بدون العراق وأن عمليات بيع النفط لتركيا ستتم حصراً عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو) المخولة بموجب القوانين العراقية السارية بابرام عقود تصدير النفط الخام وكذلك عقود تصدير واستيراد المشتقات النفطية.

وكنتيجة لذلك، إذا أردنا أن نختزلها وننهيها، سوف نشاهد بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني قام بعمل أكبر من حجمه في المرحلة السابقة، وأنه تم تحصيل خسارة هذه تلك المرحلة من الشعب، حيث أصبح الشعب في حالة من الفقر في جنوب كردستان، وعاطلين عن العمل، فالدخل الذي كان يدر من البترول، أنهار مثل القنابل على أهالي الأقليم.       

ارتدت جميع العبارات الرنانة مثل "الاستقلال" و "الانفصال عن العراق" للحزب الديمقراطي الكردستاني وخاصة قادة بارزاني، التي أطلقوها عليهم، وتشاوروا وتوجهوا في نهاية المطاف إلى بغداد، والآن أيضاً ما هو سائد هذه المقولة؛ "نريد العمل مع بغداد على أساس المساواة الإقليمية وتمتين العلاقات".

 

لم يترك الأجداد مثلاً إلا وقالوه عنه؛ "لا تتفوه بكلمات أكبر منك"، "تناول لقمة كبيرة، لكن لا تتفوه بكلمات أكبر منك" وقالوا أيضاً "تصرف وفق جيبك" أي بمعنى أن الإنسان إذا كان منتبهاً ومطلعاً بعض الشيء، فسوف يرى ما هو مهم بالنسبة له والمجتمع، لكننا نرى أن حزب الديمقراطي الكردستاني-PDK فعل كل هذا من أجل أن يعزز من قوته في السلطة، ومن ناحية أخرى، حال دون تطور حركة الحرية الكردية،  لكن في النهاية، أياً كان مكان الخطأ، فالصواب هو العودة عنه.

وبحسب بيانات وزارة النفط العراقية، ، تم بيع مليار و 208 ملايين و 531 الف و 119 برميل نفط عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو) في عام 2022، وهذا الأمر بالمقابل، يتم بيع  3 ملايين و 311 ألف 416 برميل نفط يومياً، وبحسب هذه البيانات، فإن كل برميل بيع بسعر 95.53 دولار أمريكي، وهذا يساوي ما مجموعه الإجمالي 115 ملياراً و 466 مليوناً و 245 دولاراً.  

وبحسب مؤسسة روبين للشفافية، التي أصدرت أيضاً تقريراً عن العملية النفطية، وبحسبها فقد كشفت عن دخل إقليم كردستان من الشركات النفطية، وبحسب التقرير، فقد بلغت عائدات إقليم كردستان من 10 آبار نفطية التي تم الحصول عليها عبر 11 شركة في عام 2022،  3 مليارات و 115 مليون و 800 ألف دولار.

ووصل كمية النفط التي أرسلها إقليم كردستان إلى ميناء جيهان في الفترة الممتدة من 1 آذار إلى 25 آذار،  10 ملايين و 795 ألفاً و 47 برميلاً ، أي ما يعادل 449 ألفاً و 668 برميلاً يومياً.