كرد فيليون يؤكدون بأنه بالوحدة الوطنية الكردية سيتمكنون من نيل حقوقهم

طالب عدد من الكرد الفيلين في جنوب كردستان، بتحقيق الوحدة الوطنية الكردية وأكدوا على أنه بتحقيق الوحدة سيستطيعون نيل حقوقهم الوطنية.

ينحدر الكرد الفيليون من شرق كردستان ويعيشون في مدن لريستان، كرمنشاه وإيلام، وكذلك يعيش البعض منهم في العراق شرق نهر دجلة ومدينة بغداد، إضافة إلى محافظة ديالى، ويعرفون بالشيعة الفيلين، ويقال بأنهم ينتمون الى عدد من العشائر الكردية في مدينة إيلام والتي استقرت في بيشكو (خلف الجبل) في سلسلة جبال زاغروس، حيث يتفق معظم المؤرخين على أن اصول الفيلين هي من منطقة إيلام أو من الكرد في المملكة الكردية القديمة "غوتي"، وعاشو في مناطق وأحياء جنوب العراق، في مدينة مندلي، زرباطية، بدرة، جصان، خانقين، كركوك، بغداد، كوت، العمارة، البصرة، ويؤكد العديد من المستشرقين مثل الروسي فلاديمير مينورسكي، جون مالكون والمستشار الكردي د. إسماعيل قومندار، هذه الروايات ويقولون، إن اللهجة الفيلية نشأت في القرن السادس عشر، ويستخدمها الآن الكرد الذين يعيشون في مناطق حيث أصبحت جزءاً من الدولة العراقية في الخريطة السياسية لاتفاقيات لوزان.

الكارثة التي تعرض لها الكرد الفيلية

كانت قضية الكرد الفيلين، مثل قضية العرب الشيعة، منقسمة دائماً بسبب الحروب والتوترات السياسية بين الدولة التركية العثمانية و الدولة الإيرانية الصفوية التي مهدت الطريق لتقسيم السكان بين مناطق نفوذ إيران والعثمانيين، ويعتبر معظم العرب الشيعة في العراق جزءاً من الشيعيين في ايران، حيث كان يوجد بينهم كرد فيلين، كما أنه ومنذ تأسيس الحكومة الاتحادية العراقية يواجهون تمييزاً من قبل أفراد وطبقات أخرى في المجتمع العراقي.

ونص قانون الهوية العراقية لعام 1924 على تقسيم الشعب العراقي على أسس قومية  وعرقية إلى ثلاثة أجزاء، لأن الكرد الفيليين كانوا شيعة، فقد تم تعريف أصولهم على أنهم من الأصول الإيرانية، وبالتالي تعرضوا دائماً للهجمات من قبل الحكومة العراقية، وبعد وصول النظام البعثي إلى السلطة والاستيلاء عليها، ومنذ عام 1968 واجه الكرد الفيلين موجة من العنف، النفي، والإمحاء، ومنذ بداية استيلاء النظام البعثي على السلطة في أوائل السبعينيات، تم نفي حوالي 40 ألف كردي فيلي إلى إيران بحجة أنهم من أصل إيراني، وفي استمرارية لتلك السياسة ضد الكرد الفيلين، فقد حرم الفيليون عام 1980 بموجب المرسوم رقم 666 من حقوق المواطنة، واستولت السلطات على ممتلكاتهم ومنازلهم آنذاك، كما ارتكبت العديد من الهجمات الوحشية والعنيفة ضد الكرد الفيلين منها اغتصاب النساء الفيلييات وقتل الرجال والأطفال، وهذه الوحشية لم يشهد التاريخ مثلها ، وفي خضم ذلك القمع والعنف، خرج الرئيس العراقي السابق صدام حسين بقرار جديد ، حيث اصدر أمر بإطلاق سراح الرجال العراقين المتزوجين من نساء عراقيات من أصول الفيلية،  مقابل 400 دينار إذا كان عسكرياً وإذا كان مدنياً سيتم إطلاق سراحه مقابل 2500 دينار عراقي، وبحسب الاحصائيات الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، فقد أصبح 4000 من الكرد الفيلين ضحايا للقتل والنفي من قبل النظام العراقي السابق، وبعد سقوط النظام العراقي السابق، تم إلغاء قانون الهوية العراقية الذي صدر بموجب المرسوم 666 لعام 1980، في عام 2006، وفي تلك المرحلة، استطاع بعض الكرد الفيلين من نيل حقوقهم، وبالرغم من ذلك فأن جزءاً كبيراً من الكرد الفيلين لم ينالوا حقوقهم وهويتهم حتى الآن، وما زال أولئك الفيلين الذين تم ترحيلهم قسراً إلى إيران غير معترف بهم من قبل الحكومة العراقية كمواطنين لها.

والجدير بالذكر، أن الكرد الفيلين لعبوا دوراً مهماً ورئيسياَ في ثورات حرية الشعب الكردي، وخاصةً كان لهم دوراً فعالاً في ثورة جنوب كردستان، ولهذا السبب فأن النظام البعثي قام باضطهادهم، وأول امرأة تم إعدامها تدعى ليلى قاسم وهي أيضاً من الكرد الفيلين.

يوم شهداء الكرد الفيليين

وتم تحديد الرابع من نيسان يوماً لإحياء ذكرى الشهداء الفيلين، وتقام المراسم تخليداً لذكراهم في هذا اليوم، وفي ذات السياق تحدث بعض المسؤولين من الكرد الفيلين في كركوك لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن معاناة وأوضاع الكرد الفيلين في العراق وجنوب كردستان، وخاصةً الفيلين في مدينة كركوك.

الكرد الفيلين كـجميع الكرد يعانون من المشاكل

وتحدث في البداية، المسؤول عن الكرد الفيلين في مدينة كركوك، حاجي داود أسعد فيض الله عن الخلافات بين الكرد الفيلين والمعتقدات المختلفة الأخرى بين المجتمع الكردي، وقال: " الكرد الفيلين لا يختلفون عن غيرهم من المجتمع الكردي في كردستان، فقط أن الفيلين مختلفون عنهم من ناحية المذهب، حيث أن الفيلين ينتمون إلى مذهب الإمام جعفر الصادق ويتم اعتبارهم على أنهم من الشيعة، لكن الكرد الفيلين لا يختلفون عن بقية الكرد في كردستان بلهجتهم وسلوكهم، ومشاكلهم، كما أن مشكلاتنا ومصالحنا مشتركة وموحدة كالشعب الكردي في جميع أنحاء كردستان ".

الفيليين أصبحوا العمود الفقري للاقتصاد العراقي

وتحدث أسعد عن المناطق والنواحي التي يعيش فيها الكرد الفيلين، وقال: أن " الفيلين يتواجدون في كل من مدينة مندلي، زرباطية، بدرة، جصان، خانقين، كركوك، بغداد، كوت، العمارة، البصرة، وقبل سبعينيات القرن الماضي، كان الكرد الفيلين المتواجدين في العراق كالعمود الفقري للاقتصاد العراقي، حيث كانوا ينتجون الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء ويوفرونها لكل العراق، حتى أنهم وفروا جميع الاحتياجات الغذائية للجيش وقدموها للحكومة العراقية بالدين".

سعوا لاجبارهم على نسيان هويتهم من خلال نفيهم وترحيلهم

وسلط حاجي داود أسعد الفيلي، الضوء على الهدف من مرحلة نفي الكرد الفيلين، وأضاف قائلاً: "قررت حكومة بغداد في السبعينيات، بعد ثورة أيلول، طرد الكرد الفيليين من بغداد، وبدأت مرحلة النفي ضد الفيلين، حيث تم ترحيل بعضهم إلى جنوب وغرب العراق ونفي جزءاً أخر إلى إيران، والنظام العراقي استخدم نظاماً لمحو الهوية الكردية للفيلين، والتي كانت تضم عدة عائلات كردية في منطقة تقطنها أغلبية عربية، حتى يتمكن الكرد الفيليون من نسيان هويتهم".

سحبوا من الفيليين الجنسية العراقية

كما تحدث أسعد عن استمرارية مرحلة نفي الكرد الفيلين ومحو هويتهم من قبل النظام العراقي، وتابع قائلاً: " وبعد احتدام الحرب العراقية الإيرانية عام 1982، ارتكب النظام البعثي في العراق مرة أخرى مجزرة بحق التجار الفيلين بحجة أصولهم الكردية الفيلية الإيرانية، واستولى على منازل وممتلكات الفيلين وسحبت جنسيات جميع الفيليين وأقدم على ترحيل زوجاتهم وأطفالهم إلى حدود إيران حيث فقد جزء كبير منهم حياتهم في الطريق بسبب الألغام وظروف الطرق الصعبة، ووصلوا إلى إيران بألم كبير ومأساة ".

تنفذ قرارات النظام البعثي ضد الفيلين حتى هذه اللحظة

ولفت المسؤول عن الكرد الفيلين في كركوك، حاجي داود أسعد فيض الله، الانتباه إلى حقوق الكرد الفيلين وأوضاعهم بعد سقوط النظام البعثي عام 2003، وقال: "للأسف،وبعد سقوط النظام البعثي في العراق، كان لنا أمل بأن يتحسن وضع الكرد الفيلين وأن يتمكنوا من الحصول على هويتهم، لكن وللأسف حتى هذه اللحظة يتم تنفيذ قرارات النظام البعثي ضد الفيلين، وحتى يومنا هذا لم يحصل جزءاً كبير من الكرد الفيلين على هويتهم،والكرد الفيلين المنفيين إلى إيران لا يمكنهم العودة إلى العراق لعدم وجود دليل على أنهم عراقيون، هذا لأن النظام السابق سحب منهم كل الوثائق وهوياتهم الشخصية".

ودعا أسعد الحكومة لمحاولة استعادة حقوق الكرد الفيلين، وقال: " للأسف، أستطيع أن أقول إنه لم يتم فعل شيء لأجل حقوق الكرد الفيلين منذ عام 2003".

العلويين يتعرضون أيضاً كالكرد الفيلين للقمع من قبل السلطات التركية بسبب ومذهبهم

وأعرب أسعد عن أرائه بشأن اضطهاد وقمع الكرد من قبل الدولة العراقية والدول الأخرى المحتلة في كردستان، كالسلطات التركية، قائلاً: " عندما نريد أن تساعدنا الحكومة في العراق يقولون لنا بأننا أبناء الشعب الكردي، وبنفس الطريقة، لقد رأيت أيضاً بأم عيني كيف يتم اضطهاد الكرد العلويين في تركيا بسبب أمتهم ومذهبهم، وعلى الرغم من أننا حصلنا على بعض الحرية بعد سقوط النظام البعثي في العراق، إلا أننا ما زلنا محرومين من حقوقنا".

الحقوق مضمونة من خلال تشكيل الوحدة الوطنية الكردية  

وشدد أسعد على ضرورة وأهمية وحدة وتضامن الشعب الكردي، وتابع قائلاً: " عدد سكان الشعب الكردي كبير جداً في أجزاء كردستان الأربعة، فإذا حقق الشعب الكردي في هذه الأجزاء، الوحدة الوطنية الكردية، يمكنه أن ينال جميع حقوقه وحقوق الأجيال القادمة بالتضامن والوحدة".

وجودنا بفضل دماء وتضحيات الشهداء

ووجه المسؤول عن الكرد الفيلين في كركوك، حاجي داود أسعد فيض الله، في ختام حديثه، رسالة إلى عوائل شهداء كردستان، مفادها: " الكرد يستشهدون على أيدي الأعداء في جميع أنحاء كردستان الأربعة، وفي البداية انحني بهامتي أمام جميع الشهداء الكرد وكردستان، وأقبّل أيدي أمهات الشهداء، ونقدم احترامنا لآباء وأمهات الشهداء ونقول لهم أن وجودنا هو بفضل فدائية وتضحيات أولئك الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم حتى نعيش بحرية".

دفن 20 ألفاً من أبناء الكرد الفيليين وهم أحياءً

وبدورها سلطت المسؤولة عن منظمة المرأة الكردية الفيلية في مدينة كركوك، سعدية فاروق موسى، الضوء على يوم شهداء الكرد الفيلين، وقالت: أن " الرابع من نيسان هو يوم الشهداء الكرد الفلين، وفي ذلك اليوم، دفن النظام البعثي السابق أكثر من 20 ألف شاب كردي فيلي أحياءً خلال مرحلة مجازر الأنفال، و كانت الأمهات ينتظرن أبنائهن، ولكن بعد سقوط النظام البعثي في العراق كشفت جرائم البعثيين، وأتضح أن 20 ألف كردي فيلي قد دفنوا أحياءً".

كلتا الحكومتين أبعدتنا بحجة الأمة والمذهب

وتحدثت سعدية فاروق عن نيلهم حقوقهم بعد سقوط النظام البعثي في العراق، وقالت: "للأسف، منذ سقوط النظام البعثي في عام 2003، لم يتم الاعتراف بالكرد الفيلين ومنحهم الهوية ولا يزالون يعاملونهم كأجانب في العراق، وعندما نذهب إلى المدن العراقية، يُطلب منا بطاقة إقامة، حيث يتم إنتهاك حقوقنا من قبل كل من الحكومة العراقية وإقليم كردستان، من جانب يتم استبعادنا دائماً في المناطق الخاضعة لسيطرة العراق بحجة أننا الكرد، ومن جانب أخر، تخبرنا حكومة إقليم كردستان أننا فيلين وشيعيين ولسنا كرد؛ وبهذه الطريقة، نحن ككرد لم نحصل على حقوقنا ".

نحتاج إلى التضامن والوحدة لكي ننال حقوقنا المشروعة كامة ومذهب

ولفتت سعدية الانتباه إلى التمييز المذهبي والعرقي ضد الكرد الفيلين، وقالت: " مهما كان مذهبنا، فنحن كرد، ولعب الكرد الفيلين دوراً في تشكيل جميع الأحزاب الكردية في جنوب كردستان، لكن للأسف، ككرد، حرمنا من حقوقنا، هناك عداء كبير لنا بسبب معتقداتنا ومذاهبنا ، سواء أكانت من إيران أو تركيا أو العراق أو سوريا،  كلهم أعداء للشعب الكردي، وبدون تمييز، كما أنه هناك العديد من البلدان التي لديها عدد قليل من السكان ولكن لديها دول، لأنها متضامنة وموحدة، لهذا السبب نحتاج إلى الوحدة والتضامن من أجل تحقيق حقوقنا ".

يجب أن لا تتعلق القضية بالأحزاب

ونوهت سعدية فاروق موسى، أنه يجب أن تتضامن كافة الأحزاب والأطراف الكردية لأجل أن ينال الشعب الكردي حقوقه ويمنع الإبادات الجماعية بحق أبناء الكرد مجدداً، وأضافت قائلةً: " من أجل الحصول على حقوقنا المشروعة كبقية الأمم، ولكي نمنع ارتكاب المجازر والإبادات الجماعية ضد أمتنا، يجب أن نكون جميعنا متحدين ومتضامنين، ولا يجب أن نكون حزبيين، بل على العكس يجب على الجميع أن يكون كردياً، لأننا سنتمكن من نيل حقوقنا ونضمنها بوحدتنا الوطنية الكردية".

إستبعاد الكرد الفيلين من حق الحصول على المواطنة

ووجهت سعدية فاروق رسالة بمناسبة يوم شهداء الكرد الفيلين، وقالت: " أن جميع شهداء الفيلين هم شهداء كردستان،  ونأمل ألا يكون هناك تمييز بين الكرد على أساس انقسام، المذاهب والمعتقدات، لأن الكرد موجودون في أجزاء كردستان الأربعة ، وأنني أطالب بمنح الكرد الفيلين هويتهم، الذين حرمهم النظام البعثي السابق من جنسيتهم الأساسية وحرموا من أبسط حقوقهم في المواطنة.

حتى هذه اللحظة لا يستطيع الفيليون التحدث عن حقهم في المواطنة

وتحدثت سعدية فاروق موسى في نهاية حديثها، عن دور الكرد الفيلين في المجتمع، وقالت: " لعب الكرد الفيلين دوراً فعالاً في كافة الأحداث والتطورات في المجتمع العراقي ومجتمع كردستان (جنوب كردستان)، وبسبب الخوف والضغوطات من الأنظمة العراقية، قامت بعض النساء الكرديات الفيليات بتغيير لغتهن بسبب الهجرة القسرية بين العرب والتركمان، حيث اختلف وضع الكرد الفيلين في النواحي الجنوبية والغربية من مدينة كركوك، وحتى يومنا هذا لا يستطيعون التحدث بحرية عن هويتهم، وحاولنا جاهدين تعريف الكرد الفيلين على هويتهم ولغتهم الأصلية".