إن حزب العمال الكردستاني هو حركة إنسانية، ولم يحصر نفسه ضمن إطار قومي ضيق، أو ضمن قوالب طبقية وعقائدية، إن حزب العمال الكردستاني هو بداية وجه النضال الإنساني الذي تم التغطية عليه، فحقيقته هي الإنسانية، وهو حقيقة المجتمع الأخلاقي والسياسي، لهذا السبب، فإن فهم حزب العمال الكردستاني، يتجاوز الفهم المادي والمعنوي للكون بأسره والإنسانية، باختصار، إن فهم حزب العمال الكردستاني، هو فهم المرء لحقيقته، لذلك، فإن فهم حزب العمال الكردستاني وتعريفه بالمعايير العلمية فقط، ليس بالأمر الممكن، فمثلما يمكن لإنسان مثقل بالمشاعر والأفكار أن يكون قادراً على الفهم حتى في أعماقه الأخيرة، يجب على المرء أيضاً أن يركز على حزب العمال الكردستاني هكذا، ومما لا شك فيه، إن حزب العمال الكردستاني يصبح تجمعاً لكل الأحياء.
إنها عاشقة لوطنها
إن البطولة التي اعتمدت على المقاومة والنضال على مر التاريخ، تصبح اليوم إرادة، وتنمو وتكبر في قلوب وأرواح آلاف الشبان والشابات، والكريلا فيان أيضاً، هي إحدى البطولات التي أخذت نصيبها بكرامة من هذا التاريخ، وعاشت وأحييت بشغف كبير في جبال كردستان في خضم معركة الحرية جميع الصفاء الذي منحتها هذه الكرامة.
ووُلدت الكريلا فيان سما آيدن، باسمها الحقيقي هيفيدار بلكيج، في العام 1988 بمدينة نصيبين، ونشأت في كنف عائلة وطنية، وتتعرف الكريلا سما آيدن، في سن مبكرة على حركة الحرية، ومع ذهابها إلى المدرسة، وكشابة يافعة، ترى حقيقة النظام وواقع المرأة عن كثب، وهذا الأمر أجج على وجه الخصوص من ردة فعلها الغاضبة ضد نظام الاحتلال، وتصبح عمليات قتل النساء على وجه الخصوص أحد الأرضيات الأساسية، حيث توجهت إلى صفوف الحرية للانتقام من أجلهن.
"تتوضح حقيقة حزب العمال الكردستاني مع حقيقة القائد أوجلان"
وتقول الكريلا فيان سما آيدن بهذه العبارات في قسم من مذكراتها، لوصف حقيقة حزب العمال الكردستاني والفهم الصحيح للقائد أوجلان ؛ "لكي يتكمن المرء من فهم حزب العمال الكردستاني ومناضلي ومناضلات حزب العمال الكردستاني، يجب على المرء في البداية أن يفهم الشروط الأولية وتشكيل شخصية الكادر، ويجب عليه فهم العالم والمنطقة وبالأخص تركيا، وماذا كان يحدث في كردستان في السبعينيات، وماذا كان يحدث قبل السبعينيات بشكل صحيح، وتحليلها بشكل صحيح،
ولقد كانت حقيقة حزب العمال الكردستاني، في تطور تاريخ الشعب الكردي، هي الفترة التي انتقلت من الظلام إلى النور، فالكرد توجهوا من لحظات الموت إلى الوجود، كما أن حزب العمال الكردستاني هو في الوقت ذاته، حركة القائد، ولهذا السبب، فإن فهم حزب العمال الكردستاني بطريقة صحيحة، متعلق بفهم موقف القائد وحياته، وبالإضافة إلى تصرفات القائد الأخلاقية والوجدانية وخاصة علاقاته القائمة على الروح الرفاقية التي هي بمثابة موضوع بحث قيم، وفي مواجهة الأحداث المتوقعة، تكون أساليب النقد وإيجاد الحلول فعالة للغاية، حيث إن الشخصية المنظمة هي سمة من السمات الأساسية للقائد أوجلان في جميع لحظات الحياة، وما يحقق النجاح أيضاً هو هذه الحقيقة، فحقيقة حزب العمال الكردستاني تتوضح مع حقيقة القائد أوجلان، وتكسب الروح، كما أن حزب العمال الكردستاني أعاد في ذات الوقت، إحياء التاريخ المجمد للشعب الكردي بطريقة سريعة وهو الكاتب لتاريخه، ومما لا شك فيه، أن الفهم الصحيح لحقيقة حزب العمال الكردستاني يتطلب تفوق العلم التاريخي، ويجب على المرء امتلاك معلومات ملموسة حول التاريخ".
"كسبت الوجود مع نضال المرأة"
وتواصل الكريلا سما آيدن في سياق هذه المذكرات اليومية، تقييم جوهر الروح النضالية والحياة الحقيقية من خلال هذه التقييمات؛ "لاحظوا أن كل مناضل\ة لحزب العمال الكردستاني، مستعد للتضحية بكل شيء في سبيل حياة حرة ووطن حر، حيث تتطلب جوهر الحياة هذه الحقيقة أيضاً، فقد تم جعل كل مناضل مدركاً ومتفهماً من خلال حقيقة الجوهر ومسؤولية الحياة، ولهذا السبب، يقومون كل يوم بكتابة الملاحم البطولية بأرواحهم من أجل تفوق الكرامة، وعندما أنظر من حولي، فإن الحقيقة التي بنيت بالنسبة لي هي مثل قوس قزح، فهذه الجبال تضم أناساً من أماكن كثيرة، ومن أمم كثيرة، كما أن المرأة تصبح في حياتنا الإنسجام مع تلك الألوان لقوس قزح، وإن ما يجعل قوس قزح جميلاً هو تنوع ألونه وانسجامه، فالمرأة في كردستان تعرفت على وجودها من خلال حقيقة حزب العمال الكردستاني، لقد تحركن في حقيقة هذه الحياة، وطحنَّ الواقع الحالي في دوامة الحرب، وأعدنا خلق أنفسهن مرة أخرى من خلال حقيقة النضال، وجاء اليوم الذي أصبح فيه حزب العمال الكردستاني حزب المرأة الحرة، مثل بذرة تريد الخروج من تحت الأرض، وترى وجه الشمس، وتتبرعم، وتصبح نبتة وتنمو أغصانها ببركة فصول السنة، وتصبح جزءً من جمال الحياة، ولقد أصبح حزب العمال الكردستاني من أجل تلك البذرة قوة شق الأرض، وأصبح غيمة، وسقاها بالماء قطرة بقطرة، ومن ثم، أصبح طقس كل الفصول وقام بإعلائها، ومنحها الجمال في هيئتها وروحها، فالمرأة أيضاً، كانت تلك البذرة عند انطلاق حزب العمال الكردستاني، وكسبت الوجود مع حزب العمال الكردستاني، والآن تعمل من خلال وجودها على منح حقيقة حزب العمال الكردستاني قوةً أكثر".
"مع اندلاع معركة الحياة ، كسبتُ وجودي"
وتتحدث الكريلا سما آيدن عن تجاربها في المعركة في نهاية هذا القسم، وتقول "وأنا أيضاً، كنتُ أشعر بأنني بذرة، لكنني الآن، أمر عبر فصول هذه الحياة، فالحرب والمعاناة والمصاعب هي جميعاً جزءً لا يتجزأ من هذه الحياة، لكن عندما تخرج من هذه المعارك حياً ، تتوجه نحو الحياة بحيوية، وتصبح تلك المرحلة وتلك المعاناة أيضاً جزءً من قوتك، لقد مررت بمعارك كثيرة، وكانت هناك دائماً حقيقة أنني كنت ناجحة في هذه المعارك، والآن، أنا على حافة فصل جديد، وأشعر بأنني أرى ملامح وجهي رويداً فرويداً في ألوان قوس قزح، وأشعر بأن شوق الشمس تسطع على جسدي، وتزيل معها كل الجليد، وعندما يشعر الإنسان في أعماق روحه بالانسياب، فإن ذلك الوقت يصبح أكثر جمالاً، ومهما مر الإنسان بالعواصف، يجب عليه عدم السمع بالإنفصال عن جذوره، وهو ما يعطي الحياة للجذور في أعماق الأرض، والذي يقوم برعايتي هو الإيمان العميق في قلبي، ويصبح هذا الإيمان جذوراً للحياة، وأنا حينها أشعر بأنني أصبح لوناً من ألوان قوس قزح، وبعد هطول كل الأمطار، ومع بزوغ لحظة شروق الشمس، نهب الحياة لوناً ورونقاً".
"المشاعر المفعمة بالحرية"
وفي قسم آخر من مذكرات، تتحدث الكريلا سما آيدن هكذا عن مشاعرها وأفكارها حول الحرية، وتقول؛ "أحيانا، ينتاب المرء رغبة في الكتابة، لكن لا يقدر على التعبير، وقد تتراكم الأفكار المليئة بالعواطف في رأس الإنسان، لكن ليس بإمكان المرء كتابة كلها على الصفحة، وهذا هو الشعور الذي ينتاب الإنسان كما لو أنه يجعل الإنسان يذوب من الداخل، وينتشر في جميع أنحاء كيانك ويفرض إحساسه، لكن المرء لا يكتفي منه، ويقول الإنسان أي شعوراً هذا يجعل من الإنسان بدون إذن في مواجهته، وفي أغلب الأحيان، يصبح شعوراً مفعماً بالحماس والإيمان ويصبح عشقاً، وعلى الرغم من ذلك، لا يستطيع المرء ممارسة الضغط على هذه المحبة، وحتى بالعبارات لايقدر المرء وصفها وتعريفها، وحتى أنه لا يستطيع قولها بالكلمات، كما أن القلم بالأساس غير كافٍ، فهل يا تُرى، في أي وقت كانت أفكار المرء حرة؟ في أي وقت، أراد ذلك الظلم والقمع الزائد المفروض على وطني، قتل تلك الأفكار؟ ومتى قُتلت المحبة في وطني؟ ومتى حُرمت بلاد الحب من الحب؟ لقد كان ذلك الوقت الذي قُتل فيه الحب، هو عندما دُفن الكرد في قبر من الإسمنت البارد، لأن الحياة كانت ممكنة من خلال الحب، فقد كان حب الكرد، حياة نقية وعادلة وجميلة، وكانت حياة تلد في طبيعتها، وكانت حياة حيث كل أفرادها كانوا أصدقاء، وعشاق ورفاق درب".
مع نمو قلبها، رُسمت هناك إرادة وأصبحت موطن التاريخ، وتقول الكريلا سما آيدن في سياق تقييماتها ما يلي: "هل تظنون أنني أحببتُ كثيراً هذه المشاعر؟ فلو أحببتها، فلماذا لا أقدر على لفظها؟ ليس لها أسم، في حين ما هو الشيء الحالي؟ لم يكن من الضروري على الإنسان تسمية كل شيء، لكن كان من الضروري أن يشعر الإنسان ويعيش بكل ما يقوم برعاية الإنسان ويجعل الإنسان جميلاً، فإن من يقوم برعايتي ومنحي الروح، أولئك الأشخاص الذين يمكنهم اختيار الحياة بالنسبة لي، وأولئك الأشخاص الذين يمكنهم التضحية بأنفسهم من أجل حماية هذه الحياة، فهل يا ترىُ، كما شخص من هؤلاء موجودين؟ وكما شخص قادر على القيام بهذا الواجب؟ فعند النظر من حولي، هناك آية معمولة من القلوب وتقوم بإحيائنا، وهناك شبكة تغزل بيننا، وهناك عقل يجمعنا مع بعض، وأرى بأن الذي يقوم بتحمل هذا العبء، ليس شخصاً بمفرده، بل هو مجموعة رفاق في أنفاق الحرب التي نحن فيها، وهو قوة خارج كهفنا، وهو حقيقة على حدود وطني، وهو فلسفة في أفاق الحياة البعيدة، فمن يحمل عبء محبتنا، هو الشخص الذي علّمنا الحب، وهو الشخص الذي يعيش بحبنا، وإن ما هو بانتظارنا الآن في وطننا، هو كتابة روايتها، وبمقاومة تلك المجموعات من الأبطال تكبر مثل شتلة، الرواية، هي رواية الحب الكردي، وربما لا أعرّفها وأصفها حق قدرها، فهي رواية حب الإنسانية".
"من غير الممكن التنفس دون الحياة الحرة"
ومن ناحية أخرى، كما تتطرق الكريلا سما آيدن في هذا القسم بالحديث عن ارتباطها مع القائد أوجلان، وتقول: "كلما ألتقط قلمي وأقول بإنني سأكتب، أنا متأكدة من أنكم تفكرون الآن، ماذا سأكتب؟ سأكتبها، سأكتب عن أولئك الذين يجعلون هذا الحب حقيقياً، وعن أولئك يعيشون أمام حبٍ، وسأكتب عن أولئك الذين كان أصبحوا شهود لعيناي وقلبي، وسأكتب عن أولئك الذين لا ينتهي وصفهم، ولا تفي الكلمات للتعبير عنهم، سأكتب عن العشرات والمئات من الأشخاص الذين كانوا رفاقاً وضحوا بحياتهم من أجل حب وكان الحب الأول من نصيبهم، واختاروا هذا بالإيمان والإرادة والأرتباط، ويقولون بأن طريق الحب محفوف بالنار، ففي بلد يتعرض للقمع، هذا الأمر صحيح، لكن العاشق لا يبتعد عن النار أبداً، ففي وطننا كردستان يكون ثمن كل شيء حياة الإنسان، ولا يوجد طريق آخر غير ذلك، كما أننا نقدم التضحيات كل يوم لاجتياز الطرق المحفوفة بالنيران، ولكننا نعلم أيضاً أن الحياة مستحيلة دون تحقيق الحب الحقيقي، والتنفس غير ممكن دون الحياة الحرة، ولهذا السبب، قال العاشق الكبير جيكرخون؛ نهب القلب بوردة ونهب القلب بوردة".
"ورخليه مكان الشرف"
في نهاية هذه المقالة تتحدث الكريلا سما آيدن عن ذكرياته في توجهها إلى ورخليه وتستذكر رفاقها هناك على النحو التالي: "بالأمس ذهبت أنا ورفيقتي بيريتان والرفيق أردال والرفيق فرمان إلى ورخليه، لقد مكثت هناك من قبل وبالنسبة لي، كانت ورخليه مكانًا مختلفًا تمامًا، بالطبع لا تزال مكان مختلف تماماً في قلب كل رفيق، كان للرفاق هنا سعادة ودفء مختلفين، كانوا في خضم حرب خطيرة وكانوا يستعدون لأوضاع جديدة في كل لحظة، كلما نظرت إلى هؤلاء الرفاق، كلما تذكرتُ المزيد من الرفاق الشهداء، الرفاق عادل، باهوز رها، جلال والعديد من الرفاق الآخرين، لقد مروا جميعًا عبر هذه الأنفاق، لقد لفظوا أنفاسهم الأخيرة في هذا المكان، لقد مروا عبر منحدرات هذه الجبال، باب قلبي انفتح بحي آفاشين، ولا تزال آفاشين أرض الحرب العنيفة، وأرض أبطال هذا الزمن، جعلت الأمواج الشديدة لنهرها جمال مدخل قلوب الناس بجمالها وجعلت الروح تزدهر، لا نستطيع أن نقول أشياء كثيرة عن آفاشين، فالكلمات تأتي وفي بعض الأحيان تتعلق في عقل الانسان، لأن الذي يرفع جبال آفاشين ومن يجعل آفاشين يسيل، هو شاهدها، يصبح شاهداً على تاريخ متوجه نحو البعيد ويسيل، في كل موجة، هناك وجه ابن شجاع لهذا الوطن، في كل حافة من حوافها، توجد ابتسامة لرفيقنا الذي يعطي روح للحياة، في كل ذروة منها، هناك وقفة لروحه العالية، هذا المكان كبّر العديد من الأبطال في حضنه، وأصبح ملجأً، نحن كريلا هذا العصر، نحن في خضم نضال مرير من أجل حماية شرف هذا الملجأ وحماية وجود الشعب الكردي وحماية الإنسانية، نحن سعداء أن نولد في حب أبدي، وسعداء أن نعيش مع مجتمع العشاق".