ولد إسماعيل ديركي عام 1960 في قرية تل خنزير الواقعة في ريف ديركا حمكو، ونشأ في كنف عائلة وطنية، والتحق بالمدرسة الابتدائية في قريته والمدرسة الإعدادية والثانوية في مدينة ديريك، وكان أحد التلاميذ الناجحين والمثابرين منذ فترة دراسته في المدرسة الابتدائية حتى المدرسة الثانوية.
راود الرفيق إسماعيل ديركي أفكار شيوعية، أثناء دراسته في المدرسة الثانوية، ومن ثم طوّر علاقاته مع حزب اليسار، لكنه رفض المشاركة في نشاط الحزب بسبب الخصوصيات البرجوازية للحزب.
وبدأ الدراسة في إحدى جامعات العاصمة السورية دمشق في عام 1979، ودرس في مجال الهندسة المدنية، وفي عام 1980 أسس مجموعة أيديولوجية من طلاب الجامعة تحت قيادته، كان هدفهم بناء كردستان شيوعية، وكانوا يدافعون عن الكفاح المسلح، ولهذا الغرض قاموا بأعمال أيديولوجية ونظرية، وفي الوقت نفسه، قام بالعمل التنظيمي في جامعات دمشق وحلب وكذلك في المدارس الثانوية في كردستان.
ظهرت مجموعة قوية في نهاية الثمانينيات، مؤلفة من أنجح طلاب المدارس الثانوية والجامعات في روج آفا كردستان، قيل عنهم أنهم شباب المستقبل للمجتمع، درسوا في علم الطب، الهندسة، التربية والتعليم، الفنون، والأدب، وكانوا أكثر الطلاب الناجحين والمثابرين.
تعرف إسماعيل ديركي في عام 1981 على كوادر حزب العمال الكردستاني، وبعدها بدأ بالعمل الحزبي معهم، وفي ذلك الوقت كان يقوم بترجمة النصوص التي أرسلها الرفيق مظلوم دوغان من السجن، إلى اللغة العربية.
مراد قره يلان يصف نضاله
بعد 12 أيلول، جاءت جميع منظمات شمال كردستان إلى روج آفا وسوريا، كان الريادي إسماعيل ديركي يحلل ويبحث في نهج وسياسة هذه المنظمات والأحزاب، ومن بين هذه الأحزاب ووفقاً لأبحاثه، وجد نهج حزب العمال الكردستاني (PKK) قريباً من نهج مجموعته.
وكان عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، مراد قره يلان، أحد الشهود في ذلك الوقت، وتحدث قره يلان عن ذلك الوقت:
"تقرّب طلاب جامعات دمشق وحلب وأيضاً طلاب المدارس الثانوية في كردستان من حزبنا، قاد الرفيق إسماعيل ديركي الطلاب في دمشق، والرفيق محمد قصي الطلاب في كوباني، هؤلاء الطلاب فيما بعد أنضم بعض منهم إلى حزبنا والبعض الآخر شاركوا في العمل بين الشعب.
كانت هناك مجموعة إيديولوجية لهؤلاء الرفاق في ذلك الوقت، كانوا يقولون، ‘نحن أيضاً سنؤسس حزب العمال الكردستاني في روج آفا، نحن مختلفون، حزب العمال الكردستاني مختلف، لكن لنكن حلفاء`، كما أننا أجرينا مناقشات طويلة، وفي النهاية أقتنع هؤلاء الرفاق أنه بدلاً من تأسيس منظمة منفصلة قرروا الانضمام إلى صفوف حزب العمال الكردستاني، وفي ذلك الوقت، باستثناء عدد قليل من الطلاب، قرر الرفيق إسماعيل ديركي وجميع رفاقه الآخرين الانضمام إلى صفوف حزب العمال الكردستاني".
كان من أوائل الأشخاص من روج آفا تم انتخابه كعضو في اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني
سمح قرار المجموعة الأكثر إيديولوجية في روج آفا، لحزب العمال الكردستاني بتنظيم نفسه بأريحية بين الشعب في روج آفا، واصل الرفيق إسماعيل ديركي تعليمه الجامعي في ذلك الوقت، وتوجه إلى معسكر حلوة في لبنان وتلقى تدريبه العسكري هناك، وفي الوقت نفسه كان مساعداً للعمل الدبلوماسي للحزب.
وفي اليوم الذي تخرج فيه الرفيق إسماعيل ديركي وحصل على شهادته الجامعية، أنضم بشكل كامل إلى أنشطة حزب العمال الكردستاني، وأصبح أحد أعضاء المؤتمر الثالث لحزب العمال الكردستاني في عام 1986، وفي ربيع عام 1987 توجه إلى منطقة بوطان كمفوض سياسي، وحاول حينها منع الأضرار والاستفزازات التي تعرض لها الشعب على يد كور جمال وشيخموس، وبذل جهداً كبيراً لحث الشعب على الانضمام للحزب مرة أخرى، وأطلق عمليات عسكرية في عام 1988 ضد المحتلين.
انتُخب إسماعيل ديركي كعضو في اللجنة المركزية في حزب العمال الكردستاني عام 1989، وكان هو من أوائل الكوادر من روج آفا تم انتخابه كعضو في اللجنة المركزية للحزب، ودخل لاحقاً إلى وان كمسؤول المنطقة، وازدادت قوات الكريلا هناك بقيادته، كما أنه أحبط تكتيكات دولة الاحتلال التركي في المنطقة.
شهادته وتأثيره
استشهد عضو اللجنة المركزية في حزب العمال الكردستاني، إسماعيل ديركي، في معارك قوية ضد جيش الاحتلال التركي بتاريخ 26 حزيران 1990، في ناحية آلباك الواقعة في منطقة وان.
هذا القائد الثوري، الذي انضم إلى حزب العمال الكردستاني بمشاركة مئات الطلاب الإيديولوجيين والنظريين، كان لاستشهاده أيضاً تأثيراً كبيراً على جميع أنحاء روج آفا، كما كان لاستشهاد الرفيق مظلوم دوغان تأثير كبير في تصعيد وتيرة خط المقاومة والنضال، فإن استشهاد إسماعيل ديركي كان له نفس التأثير الثوري والوطني في روج آفا كردستان.
وانضم أبناء المجتمع، وعلى وجه الخصوص المثقفين، إلى صفوف قوات الكريلا بعد استشهاده، كان هناك الكثير من الانضمامات من قبل الشبيبة، لهذا السبب قال القائد عبد الله أوجلان فيما يتعلق باستشهاده: "إن قائد قافلة شهداء روج آفا كردستان هو الرفيق إسماعيل ديركي".
كانت هناك جامعتان كبيرتان في سوريا، جامعة دمشق وجامعة حلب...بعدما قرر الرفيق إسماعيل ديركي الانضمام إلى حزب العمال الكردستاني، ازداد عدد الطلاب الموالين لحزب العمال الكردستاني في هذه الجامعات أكثر فأكثر، وسار هؤلاء الطلاب على خطى الشهيد إسماعيل وانضموا إلى الحزب، وعلى مدار تاريخ حزب العمال الكردستاني، وصل المئات من أبناء روج آفا إلى مستوى قائد الوحدة، الكتيبة، المنطقة، والولاية وعضو اللجنة المركزية، كما استشهد المئات، الآلاف منهم في صفوف جيش التحرير الشعبي الكردستاني ( ARGK)، وفي الوقت نفسه، في صفوف قوات الدفاع الشعبي (HPG ) وحدات حماية الشعب (YPG) وحدات حماية المرأة (YPJ)…وأصبح الرفيق إسماعيل ديركي أحد رموز البطولة بالنسبة للجميع.
كما أنه شكل تأثيراً وطنياً على قريته أيضاً، إضافة إلى شقيقته شرفين هناك 25 شهيداً من أبناء قريته، لذلك تم تغيير اسم قرية تل خنزير من قبل الأهالي إلى قرية شيران.
لقد مرت عقود منذ التسعينيات، لكن لم يُنسى اسمه ونضاله، على العكس من ذلك، لا يزال له تأثير كبير على روج آفا، يمكننا القول أن صورته معلقة في كل بيت، واسمه يذكر في أغاني المقاومة، ويطلق اسمه على الأطفال والثوار الجدد.