إصدارات الأدب الكردي في معرض القاهرة الدولي للكتاب... سلاح مواجهة تزييف الحقائق

جسدت الثقافة والأدب محوراً مهماً من محاور ثورات التصحيح الثقافية من خلال إعادة كتابة التاريخ ونشر الأعمال الأدبية والثقافية التي تبرز دور القوى الاستعمارية المهيمنة في استغلال الشعوب ونهب ثرواتها وتشويه صورتها وتزييف حقائقها.

تعرضت كثير من الأمم والشعوب إلى تزييف متعمد للتاريخ في مختلف البقاع، بداية من الهنود الحمر في أمريكا وانتهاءً بالشعوب العربية والكردية التي واجهت هيمنة استعمارية على مدار العقود الطويلة الماضية.

ويمثل معرض الكتاب أحد أهم الفعاليات الثقافية الجامعة في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، بين أروقته يُمكن للرواد مطالعة مختلف الثقافات والقوميات العربية، ما يمثل رافداً مهماً من روافد الحقيقة التي تمكن المواطن العربي من الاطلاع على كل الثقافات لبيان الغث منها والثمين، فضلاً عن خلق وعي مجتمعي جديد مُلم بالقضايا الحساسة في المنطقة وعلى رأسها القضية الكردية التي تعرضت لحالة تشويه وتزييف ممنهجة من قبل القوى الاستعمارية، ومن ثم كان للكتاب الكردي المترجم أهمية قصوى في إعادة تعريف المواطن العربي بحقيقة القضية من خلال فروع الكتابة المختلفة سواء كانت سياسية أو نقدية أو روائية أو أدبية.

مقاومة ثقافية

لا يتوفر وصف.

صلاح مسلم، رئيس مجلة الشرق الأوسط الديمقراطي، قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF): "إنّ معارض الكتب في مصر أو إقليم شمال وشرق سوريا، أو غيرها من الدول تسهم في كشف الصورة المشوهة للكرد في الأوساط العربية التي حاول الأتراك نشرها على مدار العقود الماضية، وفي مصر كانت دائماً الصورة الكردية انعكاساً للصداقة والتعايش وهناك مواقف مصرية مشرفة نفتخر بها بدءاً من صلاح الدين الأيوبي ومروراً  بالرئيس جمال عبد الناصر حتى الرئيس السيسي، فالانفتاح المصري على القضية الكردية كسر الصورة النمطية التي صدّرت مفاهيم كاذبة أبرزها أن الكرد يشبهون الإسرائيليين وكانت دائماً قضيتهم تتشابك مع حزب البعث العربي".

من خلال الكتب التي تتناول القضية الكردية تعرفت الشعوب العربية على حقيقة القضية وجذورها بعد فضح مخططات الاحتلال التركي الهادفة لتصفية القضية، ومن ثم تحولت الشعوب العربية إلى شعوب شريكة للكرد في قضيتهم تساندها وتدعمها ودائماً ما تطالب بحقوقهم المهضومة، فضلاً عن كتب ومؤلفات القائد عبد الله أوجلان الفكرية الفلسفية التي تدعو إلى تعميم الديموقراطية في الشرق الأوسط وتحقيق السلام والتخلص من الهيمنة الإمبريالية.

توعية مجتمعية

وأضاف مسلم أن مجلة الشرق الأوسط الديمقراطي تعمل دائماً على ترسيخ ثقافة الحداثة الديمقراطية ضد الهيمنة، وفقاً لفكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان، ومن ثم فإن الفعاليات الثقافية المختلفة تمثل عاملاً حاسماً في توعية المجتمعين العربي والكردي بمخططات الهيمنة الساعية إلى طمس هوية الشعوب والحضارات إلى جانب أنها تمثل وسيلة مهمة للتعرف على الآخر وتقريب وجهات النظر وتوضيح الحقائق وفضح خطط تشويه التاريخ وتزييفه، وخاصةً ما يجري ضد الشعوب الكردية في مختلف المناطق، وأبرزها إقليم شمال وشرق سوريا الذي يشهد تعاوناً وتكاملاً بين الكرد والعرب ومختلف المكونات في حماية مصالحهم ضد النظم الاستعمارية، وذلك بفضل الفعاليات الثقافية المختلفة التي تهتم بتوضيح القضية الكردية من خلال الكتب المترجمة للعربية بما يسهم في توطيد أواصر التعاون من خلال تلك الفعاليات وتحقيق الهدف منها بالحض على التعايش والتعاون في سبيل بناء الديمقراطية ومواجهة هيمنة الليبرالية.

مقاربات فكرية

إنّ نشر الأدب الكردي المترجم للعربية، يسهم في ترسيخ الثقافة المقارنة بين الأدب الكردي والأدب العربي وهناك شعراء وأدباء اعتادوا على الكتابة باللغتين العربية والكردية، وكثير منهم تقاطعت أعمالهم مع كُتّاب ورواد الأدب الصوفي، كما أن الدولة الإسلامية -قبل اتفاقية سايكس بيكو- شهدت تعايشاً وتبادلاً للثقافات العربية الكردية ومن ثم فإن إعادة إحياء هذا التراث من خلال نشر الأعمال الكردية المترجمة يخلق تقارباً بين الأدب العربي والكردي، كما أن الأدب الكردي الحديث يسهم في نشر مختلف جوانب القضية الكردية على الصعيد العربي ويوضح الحقائق حولها عبر فضح ذهنية الاستغلال من قبل البعث العربي ومنهجه الإقصائي التمييزي العنصري وخاصة في العراق وسوريا.

لا يتوفر وصف.

سيد عبدالفتاح الكاتب الصحفي ومدير دار نفرتيتي للنشر، أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF) بالقول: "إنّ معرض القاهرة الدولي للكتاب يعد كرنفالاً ثقافياً مهمته اطلاع الشعوب العربية على مختلف الثقافات من خلال الكتب والأعمال الأدبية ومن ثم يمثل الكتاب منفذاً حقيقاً للتعرف على الاخر خاصة من خلال الكتب المترجمة التي تتناول ثقافات الشعوب المختلفة، ودائماً ما يلقى المعرض اهتماماً بالمشاركة من قبل دور النشر في مختلف أرجاء الوطن العربي، ما يتيح للقارئ المصري والعربي العديد من المعارف، فضلاً عن أن المعرض يمثل ركيزة أساسية لتوضيح الحقائق من خلال الفعاليات الهادفة لتنمية الوعي وخلق مواطن قادر على الإلمام بالتحولات السياسية والتاريخية في منطقة الشرق الأوسط". 

وأضاف عبدالفتاح: " إن معارض الكتاب عموماً تمثل فرصة كبيرة لتعارف الثقافات المختلفة، ويعد معرض القاهرة من أكبر المعارض في المنطقة وثاني أكبر معارض العالم، وبالتالي له دور مهم جداً على الصعيدين الثقافي والسياسي فبالإضافة لعرض الكتب، هناك أنشطة ثقافية ليس لها صبغة سياسية يشهدها المعرض في كل دورة ويحضرها المئات من القراء والنخب الثقافية، ونحن في دار نفرتيتي المصرية المتخصصة في ترجمة الكتب الكردية للعربية وترجمة الكتب العربية للكردية، نستهدف خلق تواصل بين الشعب الكردي والشعب العربي، فالكرد يقرأون دائما الكتب العربية، إلا أن القارئ العربي غير مطلع على الإنتاج الفكري الكردي ومن ثم تتلخص مهمتنا في تعريف القارئ بالثقافة الكردية عبر الأعمال الفكرية والثقافية والتاريخية، إلى جانب تنظيم فعاليات دورية لمناقشة تلك الإصدارات دون أن يقتصر الأمر على مجرد العرض، وإنما تعريف القارئ المصري بحقائق القضية الكردية من زاوية تاريخها وراهنها ومستقبلها".