التعمق في أسلوب الشهيد الدكتور سيروان هو ضمانة لتحقيق النصر- 1

تسببت دول الاحتلال بحدوث كوارث وارتكبت الإبادة الجماعية في كردستان، انطلاقاً من مجزرة ديرسم وزيلان وصولاً إلى القصف الكيماوي في حلبجة والأنفال، فعندما يُقال إن "ما يقرب من مليون كردي قُتلوا في القرن العشرين"، فإن هذا الأمر يشير إلى هذه الحقيقة.

·       نظرة على تاريخ القرن الماضي

يستمر نضال حرية كردستان بقيادة القائد أوجلان بدون انقطاع منذ نصف قرن مضى، حيث استشهد نتيجة هذا النضال حوالي 50 ألف شهيد، واعتقل عشرات الآلاف، وهُجر الملايين، وأُبيدت آلاف القرى، فالقضية الكردية في كردستان، المرتبطة باحتلال من قبل أربعة دول قومية، هي في الأساس مشكلة الشرق الأوسط والعالم، حيث تم تقسيم كردستان من قِبل القوى العالمية مثل فرنسا وبريطانيا، واستمر بعدهما النظام العالمي الجديد بقيادة أمريكا وأوروبا في نفس المرحلة، لذلك فإن قول إن كردستان هي مستعمرة دولية تأتي من هذه الحقيقة.

ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، بات تقسيم كردستان هدفاً للإمبريالية العالمية، ونتيجة لذلك لم تُترك فرصة للشعب الكردي للتعبير عن نفسه، وبعد مؤتمر القاهرة في عام 1921، ثم في مؤتمر لوزان في 24 تموز 1923 ، دقوا المسمار الأخير بنعش أمة كانت على مر تاريخ البشرية موجودة على هذه الأرض والمياه، ولها الدور الأكبر في الحفاظ على الحياة المشتركة وتعزيزها والغنى الثقافي واستمرار الحياة السلمية والكريمة.

وأصبح النضال من أجل الحياة والحصول على الحقوق الوطنية والديمقراطية واجباً لا يمكن التخلي عنه، ضد اضطهاد الدول القومية المهيمنة على كردستان، المكونة من الأتراك والعرب والفرس، وكان يتوجب القول ضد سياسة المحو، والإبادة والصهر، "الكرد موجودون ولن تقدروا على إبادتهم بسهولة."  

ورغم كل المحاولات القائمة على تقسيم الشعب الكردي وإبادته من خلال القرارات الإقليمية والدولية، إلا أن الشعب الكردي لم يقبل هذه الحقيقة المفروضة عليه، ولهذا السبب كانت دائما تندلع الاحتجاجات والمعارك، وفي المقابل تم دفع الكثير من التضحيات العظيمة، ولكن كون أن النضال الذي بُذل حتى الآن كان محلياً، وحيادياً وبعيداً عن السياسة، وبعيداً أيضاً من المقاربات والعلاقات الثقافية والإيديولوجية، لم يدم هذا النضال إلا لفترة وجيزة، ولم يسمح هذا الأمر للنضال الكردي بأن يصبح عالمياً وأن يتحقق وحدة الصف الكردي، وجلب هذا الأمر أيضاً في طبيعته، فشلاً ذريعاً بشكل مأساوي.   

وفي القرن العشرين،تم تقسيم الشعب الكردي وكردستان وأُخمدت ثورات عديدة، مثل ثورة الشيخ سعيد وسيد رضا وبيشوا قاضي، وقاسملو وشرف كندي، وكما تم أيضاً إعدام قادة هذه الثورات، وأكثر ما ارتكبتها دول الاحتلال بشكل متزايد هي الكوارث والإبادة الجماعية في كردستان، انطلاقاً من مجزرة ديرسم وزيلان وصولاً إلى القصف الكيماوي في حلبجة والأنفال، فعندما يُقال إن "ما يقرب من مليون كردي قُتلوا في القرن العشرين"، فإن هذا الأمر يشير إلى هذه الحقيقة.

ونتيجة جميع هذه المجازر والكوارث التي تعرض لها الشعب الكردي، بات أفراد الشعب الكردي ينكرون وجودهم القومي، وأصبحوا أتراكاً في تركيا وفرساً في إيران وعرباً في العراق وسوريا، وإلى جانب ذلك أيضاً، تم السعي بهدف إزالة الهوية، واللغة، والثقافة العادات وطقوس الكرد من الوجود، وإن لم يكن لدى الكرد هذه الثقافة الغنية واللغة الخاصة بهم والتقاليد العميقة، لكان وضعهم أسوء من الشعوب الأخرى مثل الأرمن والآشوريين والسريان.

·       بعد الهزيمة والإبادة، نهضةٌ قوية

لقد جاء ظهور القائد أوجلان وحركة حزب العمال الكردستاني في وقت كانت فيه الكردية الكلاسيكية في كردستان في جو من اليأس والانهيار في جنوب وشرق كردستان، لهذا السبب، لم يكن بالإمكان القيام بأي شيء باسم الكرد وكردستان، ويضرب القائد أوجلان مثالاً على ذلك، ويقول، "عندما كنتُ أتحدثُ مع بعض الأشخاص حول القضية الكردية وكردستان، كانوا يقولون، نحن مثل شجرة يابسة، ولن ينمو أي شيء منا"، ويقول القائد أوجلان في دوام حديثه، "إن القيام بالنضال في كردستان يشبه زرع وردة على صخرة صماء"، وإن ما كان يدعو للسعادة هو أنه في أوائل ومنتصف السبعينيات، كان هنالك تأثيراً للطلاب الأوروبيين، وأيضاً تطور مقاومة الشعب الفلسطيني والحركات اليسارية والاشتراكية، وفي تركيا أيضاً، كانت شخصيات على وجه الخصوص، مثل دانيز غازميش و إبراهيم كايباكايا وماهر جايان، على وجه الخصوص، سبباً في العثور على مفتاح البداية المليء بالمحتوى والثقة.

وفي نوروز عام 1973، بدأ النضال بقيادة الشباب والطلاب، حيث ظهر جيل في كردستان لم يكن أحد يتصور بأن هذا الجيل سيكون له كل هذا التأثير الكبير، لقد كانوا أبناء العمال الذين تعرضوا للهجوم في بداية نضالهم من قِبل الأمة المهيمنة والمحتلة من جهة، ومن قِبل أعيان الكرد والشيوخ والآغاوات والإقطاعيين العملاء من جهة أخرى، وقد كانوا هؤلاء الخونة والعملاء مثل الدودة التي كانت تنخر في جسد الشعب، لذلك، فإن الوقوف في وجه الاغوات والقبيلة والإقطاعيين، وبعبارة أخرى، إذا جاز التعبير، فهو الوقوف في وجه الخدم، والعملاء والمتعاونين الكرد، الذين أصبحوا اليد الطولى للاحتلال في كردستان، لهذا السبب سمى الثوار أنفسهم باسم جديد، حيث سموا أنفسهم باسم الشبيبة الطلابية والشبيبة الكردية، لقد كان هؤلاء الشباب أشخاصاً بسطاء، وعمال وقرويين، وكان من بينهم الرجال والنساء الذين يقودون حركة ثورية حديثة الولادة، وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع الحركة الآبوجية إلى فتح أبواب منازلهم وقلوبهم وعقولهم لجميع الأشخاص الصادقين والبسطاء والوطنيين في جميع أنحاء شمال كردستان.    

وفي العام 1978 تم تأسيس حزب العمال الكردستاني، وبعد عامين من تأسيسيه، أي في العام 1980، وقع انقلاب عسكري في تركيا، جلب معه إلى سُدة الحكم نظاماً عسكرياً وقومياً وشوفينياً يدعمه حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، لكن شوفنينة الانقلابيين لم تقدر على إخماد الأفكار الآبوجية لا وراء قضبان السجون ولا في الخارج، لهذا السبب، هُزم نظام انقلاب 12 أيلول ضد الإرادة الفولاذية للثوار الآبوجيين في سجن آمد، بشخص مظلوم دوغان، وكمال بير، وخيري دورموش، وسكينة جانسيز ورفاق دربهم،

وكما أن لوصول القائد أوجلان إلى الشرق الأوسط والانضمام إلى الحركات الثورية اللبنانية والفلسطينية أفسح المجال أيضاً لإعداد أنفسهم والعودة إلى الوطن في أسرع وقت ممكن...

يُتبع.....