الرسالة الأخيرة للشهيدين زانا وخبات: المقاومة حياة

استشهد كل من مقاتلي الكريلا خبات كوب و زانا روجدا في 7 أيلول 2022 بمنطقة أومريا التابعة لميردين خلال هجوم للدولة التركية، وكانت الرسالة الأخيرة لكلا مقاتلي الكريلا على النحو التالي: المقاومة حياة.

ترك كل من خبات و زانا؛ فدائيي كردستان بتضحياتهما في منطقة أومريا بميردين ، في إطار المرحلة الثورية لأبطال بوطان  دلجين-شرفان أركاندي، بصماتهما على التاريخ وأصبحا تعريف القيادة في السير على خطى زيلان وبيريتان.

وعندما كانا في طريقهما للاستشهاد ، أدليا برسالة على "جهاز التسجيل" وأعلنا مرة أخرى للرأي العام العالمي بأن الإرادة الآبوجية لن تُقهر أبداً.

 

وكانا قد قاما بتسجيل رسالتهما في خضم المعركة، لكن لم ترجف نبرة صوتيهما حتى ولو للحظة، بل إن تلك الإرادة الفولاذية، تجعل قلب كل من يستمع إليها يرتجف، وتصبح أيضاً ألماً في قلب العدو المحتل، وبدون إضافة المزيد عليها، لنستمع إلى هذا الصوت لكلا فدائيي ملحمة الحرية.

 

 "تبقى دولة الاحتلال التركي عاجزة في مواجهتهما"

يخوض بطلي كردستان في ليلة 4 أيلول معركة ضد العدو المحتل، ويوجهان ضربات قاسية للاحتلال بالأسلحة الفردية والقنابل المتفجرة من مكان قريب، ويعملان على إلحاق العدد الأكبر من قتلى العدو، وبناءً على ذلك، تبدأ دولة الاحتلال التركية في 5 أيلول، بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في ميردين بمنطقة عمريا، ويخوض كلا فدائيي كردستان في هذه العملية العسكرية واسعة النطاق معركة بلا هوادة على مدى يومين متواصلين بالتزامن مع فرض حصار خانق للاحتلال، ونتيجة لهذه المعركة، يتعرض كلا مقاتلي حرية كردستان، وكلا الفدائيي وقياديي قضية الحقيقة، للقصف 6 مرات بالطائرات الحربية ومرتين بطائرات الهليكوبتر الهجومية من قبل جيش الاحتلال، ولم تحقق هجمات دولة الاحتلال التركية أي نتائج في مواجهة الإرادة الفولاذية لكلا بطلي كردستان، فيما حاول جيش الاحتلال هذه المرة أيضاً على تدمير خنادق الأبطال عبر اللجوء إلى الجرافات.

ويتم تدمير الجرافات أيضاً من قِبل كل من خبات و زانا، وحارب كلا الفدائيين منذ العام 2013 حتى 2022 في كردستان انطلاقاً من معركة المدن إلى معركة الجبال ضد داعش وجيش الاحتلال للدولة التركية وضد جميع قوى الشر على تراب كردستان، وتعرضا للإصابة، ونفدا بإصابتهما من براثين الاحتلال لعشرات المرات، وقد كانا من مقاتلي كريلا العصر المحترفين، وأظهرا مرة أخرى، أن من يحقق النصر ليست التقنيات المتطورة، بل إن من يحقق النصر هي الحقيقة الآبوجية للإنسان.

"خبات و زانا هما اسمين للخط الآبوجي"

وإننا بدورنا، ننشر لكم رسالة كلا الفدائيين، التي قاما بتسجيلها في خضم المعركة، وإن كلا الفدائيين؛ كل من خبات كوب باسمه الآخر يونس كارداغي المنحدر من مدينة موش، والذي كان قد نشأ في كنف عائلة وطنية، فيما زانا روجدا أو رمضان كوجلو نشأ في بيئة وطنية، وبدأ في العام 2014 بالحياة الثورية في جميع أرجاء كردستان، وكان كلا مقاتلي الكريلا على الدوام رمزاً للروح الفدائية خلال سنواتهما الطويلة ضمن صفوف حزب العمال الكردستاني.

ويقوم خبات في لحظات المقاومة ، بفتح جهاز  التسجيل ويضغط على زر التسجيل لتقديم رسالته الأخيرة، وفي تلك اللحظات الأولى، يتبادر إلى السمع صوت خبات كوب، ويقول "سنطبق على أنفاس العدو هنا" ومن ثم يبدأ زانا بالإدلاء برسالته بمقولة "تحية وسلام أيها الرفاق" ويقول: "اشتبكنا في الليلة الماضية عند الساعة 9:20 مع العدو في قرية سري كانيه التابعة لمنطقة عمريا، وقد بدأ العدو منذ فترة بعمليات البحث في المنطقة، ونحن أيضاً بدرونا، نتمركز في نقاط المعركة، والآن حالياً، إننا منخرطون في المعركة مع العدو، ونخوض الحرب والمقاومة"، وفي تلك الأثناء يتعالى صوت خبات ويقول مثل كمال وخيري ومثل مظلوم؛ "المقاومة حياة"، وفي تلك الساعة، لم يكن هناك سوى فكرة واحدة يتبادر إلى ذهن الإنسان، آلا و هي عدم هزيمة الإرادة الآبوجية.

"سنحارب حتى آخر رصاصة لدينا"

ويقول زانا في دوام رسالته: "إننا الآن نتحلى بالمعنويات العالية والحماس، وإذا ما وصل صوتنا إلى الرفاق في يوماً من الأيام، فليعلم الرفاق بأننا منخرطين في المقاومة، ولن نتمكن من الخروج من هنا، وسنحارب حتى آخر رصاصة لدينا، وإننا نحب جميع الرفاق، ولدينا الثقة بحزبنا، وإن من رحلوا قبلنا، كانوا يتحلون بالثقة والإيمان، وإننا فخورين وسعداء بأن الذين تولى قيادتنا في السابق، كانوا يتحلون بالثقة والإيمان، واتخذنا على الدوام دربهم كأساس بالنسبة لنا، ومن الآن فصاعداً سنحل مكانهم، وسنحارب حتى رصاصتنا الأخيرة، والآن في هذه الأوقات فر العدو إلى الوراء، ويقومون بشن الهجوم علينا من خلال قصفنا من الجو، وإننا منخرطون في المعركة بأساليب متنوعة، ونرد على العدو بالرد اللازم".

"أطلقوا نداء الاستسلام، لكننا قمنا برمي القنابل عليهم"

ودون مقاطعة هذا الصوت التاريخي، الذي يشكل تأثيراً كبيراً على الإنسان، يواصل زانا حديثه على هذا النحو: "الآن الساعة 1:16، وقد هاجم العدو نقاطنا حوالي الساعة 12:50، سننتظرهم ونحارب حتى آخر طلقة لدينا، وقد قمنا بحرق غالبية مواد التنظيم والمعدات التي بحوزتنا، لكيلا تقع في أيدي العدو بعد استشهادنا، حيث قمنا بإعداد خطة وفقاً لذلك، وسنحارب العدو حتى العدو حتى آخر طلقة لدينا، وإذا ما سنحت لنا الفرصة، سنخرج من هنا، ولكن حتى لو لم تُسمح لنا الفرصة بذلك، فلن ندع العدو يستمتع باعتقالنا، والآن، يطلق العدو نداء الاستسلام أمام الباب، ولكن عندما أطلق العدو ذلك النداء، قمنا برميه بالقنابل كرد على ندائه وفر إلى الخلف، وإننا نهاجم العدو، وهو أيضاً يشن الهجوم علينا بالقصف والرصاص، وتدور معركة ضارية بيننا وبين العدو، وقرارنا هو القتال حتى النهاية، وسنرد حتماً على العدو على أساس المقاومة".   

"سينتصر حزب العمال الكردستاني"

ويقول زانا؛ "ربما نستشهد ها هنا، ولكننا مؤمنون حتى النهاية بأن الحزب سينتصر، ولن يُهزم أبداً، و إننا نقدم نقدنا الذاتي لجميع الرفاق، وللقائد ولأبناء شعبنا"، وينهي زانا كلماته وسط ترديد الشعار "يعيش القائد اوجلان، يعيش القائد أوجلان، يعيش القائد أوجلان".

حزبنا هو حزب قادر على احتواء الجميع ضمن صفوفه"

وبعد أن أوصل زانا رسالته ، بدأ خبات بالحديث، ويقول: "انتهت كلمات الرفيق زانا، وإننا نشغل مكاننا ضمن صفوف حزب العمال الكردستاني منذ فترة طويلة، ومنذ اليوم الذي انضممنا فيه وحتى الآن، انضممنا إلى هذا الحزب بسعادة ورغبة كبيرين، وفي كل يوم من انضممنا إليه، كانت تظهر تقصيراتنا وتظهر أخطائنا ونقاط ضعفنا، لكن حزبنا هو حزب بإمكانه احتواء أناساً ضمن صفوفه بأي شكل من الأشكال، وقد قصرنا في هذه الحياة، ولم نتمكن من الاستجابة للرفاق الشهداء، فلو لم نقصر، لما تمكن العدو من احتلال تراب كردستان بسهولة وإطلاق نداء الاستسلام لكريلا كردستان، وهذا الأمر بالنسبة لنا بمثابة ألم يعتصر قلوبنا".     

أدلى خبات برسالة أثناء لحظات المعركة

وكان خبات أيضاً مثل زانا يعبر عن تصميمه ويدلي برسالة، "نحن لا نقبل بهذا الأمر، وفي مواجهة هذا النداء، ليس هناك وقت للتنازل عن دربنا، بل سنقاوم وسنحارب حتى آخر دقيقة وحتى اللحظة الأخيرة، ولتكن الشهادة مثل زيلان ومثل مظلوم وكمال، فدربنا هو دربهم ولن نعود عن ذلك الدرب".   

وفي غضون تلك اللحظات، يقول خبات مثل قائد بدم بارد لـ زانا؛ "... زانا، لقد أتى العدو، أطلق عدة رصاصات، أتى، أتى ....أتى إلى باب الخزانة"، وفي اللحظات درات معركة ضارية، وكان زانا يرد بالرد اللازم على احتلال الدولة المحتلة، ويتابع خبات ويواصل تعليماته، ويقول خبات "يعني بالنسبة له (هنا يكسر زانا آلية سلاحه، ويقول للعدو باللغة التركية، ماذا هناك يا عديم الشرف؟)... بهذا الصدد (وهنا، يقوم خبات بتنسيق المعركة مرة أخرى، ويقول لـ زانا، من حذراً، ربما يقومون برمي القنابل)...احذر من عدم تلقي الرفاق أي مخاطر (مرة أخرى، يأتي صوت زانا، ويرد على العدو بصوته وصوته سلاحه...) 

"هذا طريق الشرف والكرامة"

وفي هذه اللحظات يتابع خبات رسالته بالقول: " مرة أخرى، أتمنى النصر لجميع الرفاق، وإننا نعاهدكم بالوعد الذي أقسمناه للشهداء، فهذا طريق الشرف وطريق الكرامة، ولا ينبغي لأحد أن يتراجع عن هذه الطريق، وإننا نعلم، أيها الرفاق، أنه في مثل هذه المرحلة، أن شهادةً من هذا القبيل، أو لنقل مثل هذه الخسائر، التي نعيشها معكم اليوم، ستكون قاسيةً جداً بالنسبة لكم، لكن يكفي أن تعلموا هذا الأمر، أنه مهما حدث، نحن نؤمن بكم، ونؤمن بمنظمتكم، وحتى لو استشهدنا، لكننا سنلتقي مرة أخرى على هذا الدرب، على ما أعتقد".    

"المرأة هي الحياة، والمرأة هي الحرية"

وينهي خبات رسالته بهذه العبارات التاريخية "مرة أخرى، أعبر عن كل مشاعري وأمنياتي إلى جميع الرفيقات وجميع رفاق الكريلا، وقد أجرينا العديد من المناقشات مع الرفيقات حول موضوع نضال التمييز الجنسي في خضم الحياة، فهذه هي حقيقة بحد ذاتها "المرأة هي الحياة، والمرأة هي الحرية"، ونحن على دراية ومعرفة بذلك، ونحن على إيمان بأن يكون الجميع على دراية بهذا الأمر، وعلى هذا الأساس ، أبعث بتحياتي إلى جميع الرفاق والرفيقات، وإلى القائد، وإلى رفاق ورفيقات إدارة حزبنا، وأقول إن راية حزب العمال الكردستاني لن ينزل أبداً في أي وقت من الأوقات، بل سيرفرف عالياً على الدوام، وسيكون مقاومة حزب العمال الكردستاني قائماً على أعلى المستويات، ونحن، كـ مناضلين في هذه المنظمة، سنقاوم دائماً ونحارب وسنعمل على إعلاء هذه الراية"، ومثل كل مناضل آبوجي، كانت الكلمة الأخير لـ خبات "يعيش القائد أوجلان، يعيش القائد أوجلان، الشهداء خالدون".