آدار عفرين ورفيقاتها

اسمي آدار، أنا من عفرين، أهنئ العيد على جميع الرفاق على الجبال، سنرى بعضنا البعض عما قريب، أرغب كثيراً أن يتم الحديث لي عن الجبال... لدي أمنية أخرى: أتمنى كثيراً أن أذهب إلى جبل أكري... النصر حليفنا.

وُلدت في مدينة الجنان بكردستان في عفرين، أطلقوا عليها اسم "ديانا"، منذ البداية، نقشت على شخصيتها حب الوطن وبطولة نساء عفرين، على خطى شهيدة كوباني أرين ميركان.

عندما كانت طفلةً صغيرةً شهدت تحرير عفرين، على الرغم من أنها لم تفهم ما كان يجري من أحداث، انتاب قلبها الصغير بفرحة لا تُوصف، وتطورت شخصيتها في سعادة بهذا الشكل وفي جو مفعم بالحرية.

بعد ست سنوات، انقلب كل شيء فجأة رأساً على عقب، المدينة التي وُلدت ونشأت فيها احتلها العدو الفاشي المستبد بعد حربٍ ضروس، واضطرت مع مئات الآلاف من سكان عفرين إلى مغادرة المدينة الشبيهة بالجنة والنزوح من  أرضها، هذه المرة كانت بعمر يكفي لتفهم ما كان يحدث من حولها.

ولأن عفرين تعرضت للاحتلال واضطرت لمغادرة عفرين، فقد عانت كثيراً هذه المرة، كان قلبها مليئاً بألم وغضب شديدين، وكلما وصل عقلها إلى درجة التحقيق في الأحداث، نمت كراهيتها وغضبها، وتحول ألمها واستيائها إلى تفهم وازداد مستوى فهمها للأحداث.

لم تستطع الحياة بدون نضال، عندما كانت فتاة يافعة، التحقت بنشاطات الشبيبة الثورية، كان هدفها أن تكون فدائية لثورة حرية كردستان، وسرعان ما زينت شخصيتها بهذه الفكرة والشعور.

على الرغم من صغر سنها، عندما انضمت إلى ثورة الحرية، أطلقت على نفسها اسم "آدار"، هذه المرة هي من اختارت اسمها، كانت مثل شهر آذار مليئة بالحماس ، كانت مثل شهر آذار جديدة ومعطاءة، امتلأ قلبها وعقلها ببطولات آذار، مثل بطولات مظلوم وعكيد وبريفان وروناهي.

مارست آدار ضمن ثورة الحرية نضالها في الإطار العملي وتلقت التدريب أيضاً، وحاولت جنباً إلى جنب مع رفيقات دربها، تعلم فلسفة وأيديولوجية الحرية للقائد أوجلان، ومن أجل أن تصبح فدائية مناضلة في ثورة كردستان وثورة حرية المرأة، شاركت بكل الطرق وقدمت الكثير من العمل.

قلبها الذي شهد فرحة النصر وألم الانسحاب في الصغر، كان منفتحاً وشجاعاً، وثقفت نفسها من الناحية الفكرية والعملية بسرعة وطورتها نحو الأمام، كانت قوية وذكية جداً، مفعمة بالحماس والهيجان، في الحقيقة كانت جميع رفيقاتها في المدرسة على هذا النحو.

سرعان ما تدربت آدار ورفيقاتها كمناضلات في الشبيبة الثورية، تعلمن خط الحرية للقائد أوجلان من العديد من الجوانب، وأمنّ به، وارتبطن على مستوى الوفاء بالقائد أوجلان وكريلا الحرية وجبال كردستان، لقد انتظرن تلك اللحظة بفارغ الصبر لإكمال تعليمهن وبدء هذا النضال المقدس، كانت مشاعرهن عالية، كان تفكيرهن حاداً وإيمانهن كاملاً، فالثورة والتدريب جعلهن يكبرن بسرعة.

يُقال: "الماء يتوقف ولكن العدو لا يتوقف"، لم يتوقف عدو آدار ورفيقاتها، ففاشية حزب العدالة والتنمية-حزب الحركة القومية، عدو الكرد، والتي احتلت عفرين وشردت مئات الآلاف من عفرين، لم ترغب في بقاء الكرد أحياء في روجآفا، لهذا السبب بعد احتلال عفرين وسري كانيه، كانت تقصف باستمرار القرى والبلدات المتواجدة على الحدود، ولتحتل الأجراء المتبقية من روج آفا، كانت تضع خططاً جديدة للهجوم، كانت تهاجم كل من تراه من أطفال وشيوخ ومدنيين وعسكريين وترتكب المجازر بحق الكرد بطريقة غير إنسانية وتقتلهم.

في يوم حار من شهر آب\أغسطس، كان هجوم المجزرة الجماعية هذه المرة قد وقع بالفعل على آدار ورفيقاتها، في ساحة المدرسة حيث كن يتلقين التعليم، بينما كن يلعبن بكرة الطائرة، تعرضن للهجوم من قِبل الطائرات الهجومية المسيّرة لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية المستبد والفاشي، استشهدت آدار وثلاثة من رفيقاتها، وأصيب العديد من رفيقاتها أيضاً.

تسبب الحادث في غضب واستياء شديدين في كل من شمال وشرق سوريا وفي جميع أنحاء كردستان، وانهالت بيانات إدانة المجزرة والتمسك بالشهداء من كل مكان. وبهذه الطريقة حاولوا التخلص من خطيئة التمسك بالشابات اللاتي كن يتلقين التعليم، وقال البعض بحقهن "قُتلت فتيات صغار"، بينما قال البعض الآخر "قُتلت شابات يافعات".

بغض النظر عما تعنيه هذه التصريحات، فتلك الفتيات بطلات ثورة حرية روجآفا، إنهن شخصيات مدركات ومؤمنات بالنضال من أجل الحرية، إنهن شبيبة القائد أوجلان، قلوبهن تنبض في إيمرالي وزاب وآفاشين. أحلامهن، كانت دائماً في الجبال وبين الكريلا، كن دائما يفكرن ويعملن لتصبحن مناضلات ناجحات للقائد أوجلان، لقد توحدن مع كردستان الحرة والحياة الحرة، وكن يظهرن ذلك بوضوح في كلماتهن ومواقفهن في جميع الأوقات.

في نوروز 2022 أرسلت كل منهن رسالة تهنئة للكريلا في الجبال، وجاء في رسالة آدار عفرين تلك:

”اسمي آدار، أنا من عفرين، أهنئ العيد على جميع الرفاق في الجبال، سنلتقي بعضنا البعض عما قريب، عندما نلتقي سوف نتعرف جيداً على بعضنا البعض، وعندما نصل إليكم سنغني ونرقص معاً، أرغب كثيراً في رؤية رفاق الجبال، الرفاق الذين انضموا للقتال، والذين هم في خضم المعركة، أريد أن أكون عوناً لهم، وأذهب معهم إلى المعركة، أتمنى كثيراً أن يتم الحديث لي عن الجبال، فعندما ينتهي هذا العمل ستذهب كل واحدة منا في طريق وعمل، أما أنا فأريد أن ألتقي بكم، ولدي طلبٌ آخر: أرغب كثيراً أن أذهب إلى جبل أكري، أهنئ عيد القائد أوجلان، ورفاق الجبال والقيادة. النصر حليفنا."   

ماذا يمكن أن يُقال ويُكتب بعد هذه الكلمات؟ كم هي صريحة وواثقة وراغبة.

النصر، لزهرات كردستان الحرة، النصر! لقد انتصرتن على صغر سنكن، وحققتن نجاحاً كبيراً، أنتن دائماً في جبال كردستان، بين الكريلا الأبطال المتربعين في حصن الحرية، ستكن دائماً في قلوب وعقول الكريلا وفي الكفاح من أجل الحرية في الجبال. مثلكن، الجبال أيضاً والكريلا الذين يقاتلون على الجبال سينتصرون أيضاً بطريقة عظيمة، في وقت قريب جداً.

أرقدن بسلام، يا رفيقات الدرب المخلصات والمحبوبات للقائد أوجلان! رفاق دربكن ينتقمون لكنّ في كل يوم، وسينتقمون حتى تحقيق النصر!

المصدر: Yenî Ozgur Polîtîka