أبحث عن ذاتي في نضاله
كنتُ أتلقى معلومات تخص أخي ورفيق دربي جمعة، كانت تقول بأنه "كان ثائراً، متحمساً، مبتسماً، شجاعاً، متفائلاً وقائداً، وكان يحب الشاي على النار، وحلقات الرقص"، أبحث عن نفسي في صورته ونضاله.
كنتُ أتلقى معلومات تخص أخي ورفيق دربي جمعة، كانت تقول بأنه "كان ثائراً، متحمساً، مبتسماً، شجاعاً، متفائلاً وقائداً، وكان يحب الشاي على النار، وحلقات الرقص"، أبحث عن نفسي في صورته ونضاله.
أحياناً لا تُسعف الكلمات لوصف الجمال، وتتلعثم الكلمات معنا، نريد أن نكون أكثر جمالاً وأن نجعل العالم أكثر جمالاً، نحن نناضل، وأحياناً نسقط وأحياناً ننهض من جديد، لكننا نناضل باستمرار، ولا نريد أن يسقط أولئك الذين يحبونهم ويتألمون لأجلهم، لذلك فإننا نناضل أكثر وبإصرار أكبر، فنحن نبني المستقبل بالأمل، بالحب وبالعمل. إذاً، لأجل من هذا الكم من الألم؟
في كل مرة نُولد من جديد لا نريد أن نؤذي المستقبل، نمد أيدينا إلى المستقبل من أجل إخوتنا وأخواتنا وأبنائنا ومن أجل الإنسانية، ثم نتلقى معلومات مفادها أن الأصغر بيننا يصبح مقاتلاً من أجل الحقيقة، وأسمع كلمات تقول "اتخذتُ من أختي مثالاً، لهذا السبب جئت إلى ها هنا"، لقد أتى ليقول "قضيتكِ هي قضيتي".
أفكر في كلامك، كنت صغيراً، عندما كنت في البيت كنت لا تزال في العاشرة من عمرك، لساني لا يطاوعني أن يقول كم كبرت بسرعة، لأنه لم يعد طفلاً، لقد كان قائداً، وبطلاً يقاتل في الخطوط الأمامية، لقد كان أخي ورفيق دربي جمعة كفر.
كان القلب يريد النظر إلى عينيك الجميلتين ويقول: " أهلاً بك، يا رفيق قضيتي"، أو أن يقول "يا بذرة قضيتي الجميلة"، وأغرق في الأحلام حيث نغني أغنية الحرية معاً، أو نشرب الشاي على النار ونحلم بالمقاومة.
ودون أن أعرف ما إذا كنت سأكون محظوظاً بما فيه الكفاية لمقابلته أم لا، لكن كنت أتلقى أخباراً عنه، كانوا يقولون: " لقد كان ثائراً، متحمساً، مبتسماً، شجاعاً، متفائلاً وقائداً"، ومن ثم أغرق في الأحلام، لقد كان يحب الشاي على النار، وحلقات الرقص، وصلتُ إلى المجلة التي علمت منها بخبر استشهاده، أبحث عن ذاتي في صورته ونضاله، وأقف على قدمي وأخذ على عاتقي مقاومته وكفاحه، وأعيد بناء الحياة بالحب والعمل الجاد.
لقد كانت حسرةً في قلبي أن أراه يوماً ما، لكن هذا لم يحدث، لأنه انضم إلى صفوف الحرية من أجلي، فأحياناً لا تُسعف الكلمات لوصف إنساناً انطلق من أجلك ولم تعد قادراً على رؤيته، فعندها ينتابك إحساس مغاير، لأن الحب والشوق والرفقة هي مشاعر خاصة جداً، أردتُ أن أكون رفيق دربه حتى النهاية على طريق الحرية، لكن هذا لم يحدث، وأصبح خاكورك في قلبي كجرح ينزف دائماً.
أنحني احتراماً وامتناناً لذكرى كل شهدائنا الأبطال في شخص الشهيد جمعة كفر .
* وُلد جمعة كفر (رضوان آتيلا) في منطقة جولمرك، واستشهد في 3 أيلول عام 2014، في خاركوك بسبب مشاكل صحية.