تقع سورية على الجناح الغربي للهلال الخصيب في موقع هام بين الشرق والغرب، وبهذا، شهدت أرض سورية الحالية بعضاً من أقدم وأهم الحضارات على وجه المعمورة.
ودلت الاكتشافات الأثرية الهائلة التي يعود بعضها إلى ما يزيد عن ثمانية آلاف عام قبل الميلاد، ولا تكاد تخلو منطقة من مناطق سورية من المواقع الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة والتي يزيد عددها على 4500 موقع أثري هام.
وبحسب رئيس قسم الآثار في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت مارك غريشماير تكتسب الآثار السورية أهمية استثنائية من حيث أنها شاهدة على التطور البشر، قائلاً "الأمر الرائع في سوريا هو أنها تشهد على نشوء القرى الأولى في التاريخ".
وشهدت سوريا الغنية بالمواقع الأثرية القديمة نهباً وتدميراً منهجياً لإرثها الحضاري خلال الحرب التي كانت سبيلاً لدى البعض لنهب الآثار، سواءً على يد الإرهاب أو على يد السكان المحليين أنفسهم، وذلك بدافع الكسب دون معرفة قيمتها وأهميتها الأثرية.
ورغم أن سرقة الآثار كانت موجودة منذ سنوات، إلا إن وتيرتها ارتفعت جراء الاضطرابات التي منعت الحماية اللازمة في بعض المواقع الأثرية.
وبعد تحرير مناطق شمال وشرق سوريا من تنظيم داعش الإرهابي على يد قوات سوريا الديمقراطية ، قامت هيئة الثقافة والآثار بوضع خطة لحماية وترميم المواقع الأثرية التي تعرضت لنهب وتدمير على يد "داعش".
ويعمل مكتب حماية التراث في هيئة الثقافة لشمال وشرق سوريا بالقيام بتدخلات الاسعافية في المواقع الأثرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من التراث الحضاري القديم.
وحثت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة الدول الأعضاء والهيئات الدولية إلى حماية التراث الثقافي الغني في سوريا، وضمان عدم تعرضه للسرقة والتهريب من البلاد، قائلة في بيان "إن الإضرار بتراث بلد هو إضرار بروح الشعب وهويته".
ولمعرفة تفاصيل أوسع عن عمل هيئة الثقافة والآثار في شمال وشرق سوريا، تحدث الرئيس المشترك لهيئة الثقافة في الإدارة الذاتية، مرهف فهد، عن الأعمال التي يقومون بها لحماية الآثار والحفاظ على ما تبقى من آثرها نتيجة الحروب والعوامل الطبيعية.
واستهل مرهف فهد، حديثه كالآتي: "أعمال الهيئة لإعادة ترميم المواقع الأثرية وحمايتها مستمرة، وهناك مشاريع توعوية لحماية الآثار في مناطق شمال وشرق سوريا".
خطة لحماية الآثار وتوثقيها
وأضاف: "هيئة الثقافة وضعت خطة متكاملة لإعادة ترميم المواقع الأثرية التي لحق بها الضرر إبان سيطرة مرتزقة داعش على المنطقة، بالإضافة إلى الأضرار التي نجمت عن الزلزال.
قمنا بتوثيق القطع والمواقع الأثرية في كافة المواقع الأثرية في مناطق شمال وشرق وسوريا، وعملنا على ترميم قلعة نجم التي تأثرت نتيجة الزلزال، وسور الرقة الأثري، وتأهيل جسم قلعة جعبر من تأهيل الأرضيات ضمن القلعة وترميم المدرج".
ترميمٌ وتأهيل وفقاً للمعايير الدولية
وأردف: "تمتلك هيئة الثقافة مجموعة من الخبراء الأثريين ولهم دور كبير في عملية الترميم للمواقع الأثرية وهؤلاء الخبراء يعملون وفق أعلى المعايير المعمول بها على مستوى الأمم المتحدة والوكالات الدولية للأثار.
هيئة الثقافة والآثار تعمل على تطوير عمل الأثريين في شمال وشرق سوريا من خلال الندوات والدورات التدريبية المستمرة وفق الإمكانيات المتاحة".