وسائل التواصل الاجتماعي القادم الجديد إلى قفص الرقابة وقمع حرية الرأي في تركيا

كشفت تقارير رسمية وإعلامية وأخرى أعدتها المعارضة التركية أن نظام الرئيس التركي أردوغان يواصل سياسة قمع حرية الصحافة والإعلام لتعزيز استبداد نظامه الرئاسي وقمع المعارضين.

وذكر تقرير لموقع "فويس أوف أميركا" إن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يسعى أخيرا من خلال مشروع قانون تقدم به حزبه بعد مطالب الرئيس بتقييد حرية مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تقييد حرية الصحفيين الذين باتوا لا يجدون سوى منصات مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن آراءهم بحرية.
واضاف الموقع "إذا استجاب المشرعون الأتراك لدعوات الرئيس رجب طيب أردوغان هذا الشهر لمزيد من السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يفقد الصحفيون أحد المنصات الأخيرة التي تسمح لهم بالإبلاغ بحرية عن الاحداث".
ويقول الصحفيون المحليون وخبراء الحقوق الرقمية إن المقترحات تثير القلق في بلد لديه مساحة محدودة للصحافة المستقلة وحيث تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا رئيسيًا في إعداد التقارير حول الأخبار ومشاركتها.
دعا أردوغان إلى المزيد من الضوابط على وسائل التواصل الاجتماعي في 1 يوليو ، بعد يوم من نشر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تعليقات مهينة عندما أعلنت ابنته وصهره وزير المالية برآت البيرق ولادة طفلهما. واحتجزت الشرطة أفراداً يُزعم أنهم وراء 11 رواية من أصل 19 رواية انتقدت العائلة.
وذكرت أحزاب المعارضة أنها قلقة من أن الإجراءات ستحد أكثر من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي ونشر الأخبار بصورة مستقلة، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.
وتقول منظمة مراسلون بلا حدود إن تركيا تجري "مطاردة" ضد منتقدي الحكومة والصحفيين المستقلين. وصنفت المنظمة المعنية بالرقابة الإعلامية التي تتخذ من باريس مقراً لها تركيا في المرتبة 154 من بين 180 دولة.
وأدانت جماعات حقوقية أخرى، بما في ذلك المعهد الدولي للصحافة والمركز الأوروبي للصحافة وحرية الإعلام، القانون التركي المقترح باعتباره محاولة "لزيادة تقييد الحريات".
وقبل أيام حذر تقرير لموقع "نورديك مونيتور" الاستقصائي السويدي من أن النظام التركي يواصل خنق حرية التعبير وتكميم الأفواه داخل البلاد، وحملاته لقمع حرية الصحافة تجاوزت حدود البلاد بالتجسس على صحفيين بالخارج وملاحقتهم بقضايا ملفقة.
وقال إنه في محاولة جديدة لإسكات منتقدي الحكومة في الخارج، طلبت محكمة تركية تسليم صحفي تركي يعيش في المنفى بالسويد بزعم إهانته ضابطي المحكمة في 2018.
وفي ذات السياق، كشفت نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، غمزة أكوش إيلغزدي، عن تراجع أعداد الصحف في تركيا بنسبة كبيرة بسبب سياسات الضغط والرقابة المشددة والتضييق على الصحافيين التي ينتهجها "حزب العدالة والتنمية" الحاكم وزعيمه رجب طيب أردوغان.
وفي تقرير لها عن حالة الإعلام التركي خلال السنوات الماضية، أكدت إيلغزدي أن عدد الصحف المحلية والوطنية بلغ عام 2013 ثلاثة آلاف ومئة صحيفة، وانخفض هذا العدد بنسبة 25% العام الماضي ووصل عدد الصحف إلى 2337 صحيفة، حسبما ذكر تقرير لقناة العربية.
وبحسب الأرقام التي عرضها التقرير، فإن معدل إغلاق الصحف بين عامي 2013 و2019 وصل إلى إغلاق صحيفتين أسبوعياً، ما بين صحف محلية (توزع ضمن الولايات فقط) وصحف وطنية (توزع في عموم تركيا).
وأشار التقرير إلى أن "سياسات الضغط التي تمارسها الحكومة التي قلصت الحقوق النقابية، حاولت تحييد المؤسسات الإعلامية المعارضة عبر المجلس الأعلى للراديو والتلفزيون في تركيا وهيئة إعلانات الصحافة".
وأشار التقرير أيضاً إلى "طرق القمع المتعددة للمؤسسات الديمقراطية في البلاد بهدف إسكات الفكر الحر وحرية التعبير ازدادت عام 2017، فأصبح النهج السائد هو إعلام الرجل الواحد والصوت الواحد".
وأكد التقرير إغلاق 137 صحيفة خلال فترة النظام الرئاسي في تركيا وتحديداً بين عامي 2017 و2019.
وفق التقرير، فإن انحياز وسائل الإعلام الحكومية إلى جانب الحزب الحاكم، والضغط على الصحف المعارضة، والتغيير الجذري في هيكلية ملكية وسائل الإعلام لجهة شراء دوائر مقربة من الحكومة لكبرى المؤسسات الإعلامية، أدت إلى انخفاض عدد الصحف المقروءة في البلاد.
وكشف التقرير عن تراجع عدد العاملين في مجال الصحافة أيضاً، إذ كان عدد العاملين في هذا القطاع عام 2013، 51 ألفاً و843 شخصا، وانخفض العدد بنسبة 30% خلال 7 سنوات. وبناء عليه، فإن كل أسبوع يشهد فقدان 43 عاملاً في قطاع الصحافة والإعلام لوظائفهم، حيث وصل عدد العاملين في هذا المجال عام 2019 إلى 36 ألفاً و263 شخصا.
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية (وهي مؤسسة حكومية) فإن قطاع الإعلام فقد 31% من العاملين فيه، وأصبح 15580 موظفاً في هذا القطاع عاطلين عن العمل بين الأعوام 2013 و2019.
كما كشف تقرير رسمي أن أعداد الصحف والمجلات في تركيا تراجع خلال عام 2019 بنحو 8%، بالإضافة إلى حدوث تراجع كبير في مبيعاتها وصل إلى 50% خلال السنوات العشر الأخيرة، في ظل ضغوط تمارسها الحكومة.
وفي سياق متصل، قالت النائبة البرلمانية عن حزب الشعب الجمهوري أمينة كوليزار أمجان أن الحكومة تضغط على الصحف المعارضة بسلاح حجب الإعلانات الحكومية عنها.
واشارت البرلمانية المعارضة إلى أن السلطات فرضت عقوبة على 39 صحيفة وطنية ومحلية لمدة 316 يومًا بدعوى انتهاكها للأخلاقيات والمبادئ الصحافية خلال الفترة ما بين 10 يناير والأول حزيران 2020 بقطع الإعلانات عنها، في حين أنها كانت فرضت تلك العقوبة على 6 صحف و9 أيام فقط في الأشهر التسعة الأولى من عام 2019.
وطالبت النائبة أمجان فؤاد أوكتاي رئاسة البرلمان بالرد على مجموعة من الأسئلة، من بينها “كم عدد الصحف التي واجهت عقوبة قطع الإعلانات ومدتها”، و”وما هي المبررات القانونية والحالات التي اقتضت فرض تلك العقوبات.
كما تساءلت النائبة المعارضة حول إذا كانت عقوبات قطع الإعلانات عن الصحف تحولت إلى سيف مسلّط على الصحف ووسائل الإعلام المعارضة من أجل تكميم أفواهها، مؤكدة أن السلطة السياسية الحاكمة تسعى إلى إخضاع جميع وسائل الإعلام لنفسها من خلال سياسة الجزرة أو العصا.