حالة من السَّأم بين المرتزقة السوريين.. تركيا ترسل المزيد منهم  إلى ليبيا

بدأت تركيا في إرسال مجموعات جديدة من الميليشيات السورية المأجورة إلى ليبيا، وحثت أجهزة الإستخبارات التركية قادة الميليشيات السورية الموالية لها على تشكيل قوائم لتوفير المزيد من المقاتلين بهدف إرسالهم إلى هناك للقتال.

وقال الكاتب راؤول ريدوندو، في مقال له بصحيفة "أوكي دياريو" الإسبانية إن حالة من الضجر ثارت بين المرتزقة السوريين بسبب عدم قدرة تركيا على دفع مرتباتهم، ما أدى إلى انتفاض تلك الميليشيات ضد القادة الأتراك.

وفي التفاصيل، أفاد الكاتب أن أنقرة شرعت بعملية إرسال مجموعات جديدة من الميليشيات السورية المستأجرة من منطقة في شمال سوريا على الحدود التركية، وذلك لإرسالهم إلى الحرب الأهلية الليبية.

وحذر المرصد السوري لحقوق الإنسان، من ذلك موضحاً أن أجهزة الاستخبارات التركية حثت قادة الميليشيات السورية الموالية لها على تشكيل قوائم لمئات من المقاتلين بهدف إرسالهم إلى ليبيا للقتال في المستقبل القريب.

وأصدرت الفصائل المختلفة الموالية لتركيا قوائم بالقوات المقرر إرسالها للقتال في ليبيا والتي وصل عددها إلى 2200 رجل، بقيادة قوات أحرار الشرقية، وهي جماعة متمردة مسلحة سورية تأسست عام 2016 من قبل عناصر من محافظة دير الزور وغيرها من المحافظات الشرقية السورية، مثل الحسكة، وجاء ذلك في ظل معارضة قوية لخطوة حشد وإرسال مقاتلين من سوريا إلى ليبيا من وحدات حماية الشعب الكردية وحكومة بشار الأسد ذاتها، الذين يعدون أعداء لدودين لتركيا برئاسة رجب طيب أردوغان.

والواقع أن العديد من مقاتلي أحرار الشرقية ينحدرون من جماعة جبهة النُصرة الإرهابية المرتبطة بنشاط تنظيم القاعدة في سوريا، وهم مجموعة من المسلحين الذين يلاحقهم نظام الأسد.

ويقول الكاتب إن مصير هؤلاء الذين بلغ عددهم 2200 من المرتزقة هو القتال في الحرب الأهلية الليبية لخدمة التحالف الذي شكلته حكومة الوفاق الوطني، التي يقودها رئيس الوزراء فايز السراج، وتدعمها الدولة التركية التي يقودها أردوغان، في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

ووفقًا لما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن المخابرات التركية ضغطت على مختلف الفصائل لكي تشكل تكتلات من الميليشيات السورية الموالية لأنقرة لتوفير المزيد من المقاتلين لهذه الدفعة الجديدة من القوات، على الرغم من عزوف الفصائل بسبب وقف الدولة التركية دعمها المالي للأخيرة، ومنها فيلق الرحمن، والمكون من عناصر من الغوطة وحمص، في غرب سوريا.

وأشار المرصد السوري إلى أن أجهزة المخابرات التركية ضغطت على أعضاء فيلق الرحمن من أجل توفير عدد أكبر من المقاتلين، بعد التوقف التركي عن توزيع الأجور لمدة شهرين تقريبًا وخفض المخصصات التي كانت تَمُد الميليشيات بالطعام والذخيرة.

وهكذا تواصل تركيا عملية نقل المرتزقة والمتطرفين لمحاربة الجيش الوطني الليبي التابع لحفتر، وفي غضون ذلك، كثفت هذه الميليشيات التي يدعمها مستشارون أتراك الهجمات ضد المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الليبي، وكذلك قصفت ممتلكاتهم واستهدفت المستشفيات وشاحنات الوقود والإمدادات الطبية، وقد ارتفع عدد وفيات المرتزقة السوريين في ليبيا بالفعل إلى 190 قتيلاً، وضاعفت تركيا عدد رجال الميليشيات لتعويض خسائرهم في مواجهة الجيش الوطني الليبي.

إن السخط واضح وبائن -في خضم هذه البانوراما- في أوساط مجموعة المرتزقة السوريين الذين حشدتهم تركيا بهدف إرسالهم إلى ليبيا، وبحسب ما ذكرته صحيفة ذا أراب ويكلي The Arab Weekly، فإن رعب الحرب وفشل أنقرة في الامتثال للاتفاق كان سببًا في خلق سيناريو انتفضت فيه الميليشيات السورية الموالية لتركيا في الأراضي الليبية ضد الضباط الأتراك أنفسهم وقادة القوات الموالية لحكومة الوفاق التابعة للسراج، علاوة على محاولة الهجرة إلى أوروبا بطريقة غير شرعية عبر البحر الأبيض المتوسط.

وأفادت وسائل الإعلام المحلية عن حالة السَّأم بين المرتزقة السوريين والأجانب الذين أرسلتهم السلطة التنفيذية لأردوغان إلى ليبيا تجاه الضباط الأتراك من جهة، وكبار المسؤولين من ميليشيات حكومة الوفاق الوطني، التي تحظى بدعم من قبل منظمة الأمم المتحدة، ومقرها في طرابلس، من جهة أخرى، كل هذا بعد أن فشلت تركيا في الوفاء بوعودها وخفض رواتبها المخصصة لهم.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ذاته الأحد الماضي أن تركيا خفضت أجور رجال الميليشيات السورية الذين تطوعوا للقتال في الصراع الليبي، مما أثار احتجاجًا واسعًا بينهم.

وبذلك يحدث تصعيد آخر من "السلطان" أردوغان في إطار رغبته في التوسع في مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ففي حالة الصراع العسكري الليبي، تحالف الرئيس التركي مع حكومة الوفاق الوطنية التابعة لفايز السراج لمواجهة منافسه، الجيش الليبي التابع لحفتر في إطار الحرب الأهلية التي أصبحت في الآونة الأخيرة نبضًا للقوى الأجنبية التي تدخلت في الصراع.