العراق: تزايد وتيرة العنف.. ومقتل العشرات من المتظاهرين

شهد العراق مساء الخميس يوماً دامياً لا سيما في محافظات الجنوب على وجه الخصوص، حيث قُتل أكثر من 40 متظاهراً خلال مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن العراقية، في يوم هو من الأكثر دموية في التظاهرات المستمرة منذ شهرين.

فتح القضاء تحقيقاً في أحداث محافظة ذي قار. وأوضح مجلس القضاء الأعلى، الجمعة أنه شكل هيئة للتحقيق في عمليات قتل المتظاهرين خلال اليومين الماضيين، بحسب ما أفاد التلفزيون العراقي.

ونقل عن القاضي عبدالستار بيرقدار، قوله إن مجلس القضاء الأعلى شكل هيئة تحقيق من ثلاثة نواب، ورئيس محكمة استئناف ذي قار، للتحقيق العاجل في عمليات قتل المتظاهرين خلال اليومين الماضية.

وخرجت الجمعة مسيرات تشييع وتأبين وتعزية في الناصرية والنجف.

وكان للناصرية (مركز محافظة ذي قار، جنوب العراق) الحصة الأكبر من القتلى، حيث أفادت مصادر حكومية وطبية بمقتل 32 متظاهراً، وإصابة أكثر من 215 .

ودفع هذا العنف الدامي، محافظ ذي قار عادل الدخيلي إلى الاستقالة من منصبه، احتجاجاً على أحداث الناصرية. وأوضح الدخيلي في بيان أن قتلى المدينة سقطوا على يد قوات من خارج المحافظة، مضيفاً "أنه لم يتم إشعار الحكومة المحلية بهذه القوات وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تجاهله"، بحسب تعبيره.

كما جدد المحافظ المستقيل المطالبة بتحقيق فوري وشامل لكشف تفاصيل أحداث الخميس التي وصفها بالمؤسفة.

ودفعت الأحداث الدامية، الحكومة إلى الإعلان عن تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث ذي قار والنجف.

إلى ذلك، شهدت النجف، مقتل عدد من المتظاهرين الخميس وإصابة العشرات، فيما أعلن حظر التجوال في المدينة.

وأفادت مصادر العربية بأن 15 متظاهراً قتلوا بينما جرح العشرات في اشتباكات مع قوات الأمن في مناطق متفرقة وسط مدينة النجف، استخدمت خلالها القوات الحكومية الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي بشكل مكثف لإبعادهم عن الساحات والشوارع الرئيسية وفض الاعتصامات.

إلى ذلك، أضافت المصادر أن مواجهات اندلعت بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد توافد المئات من أبناء المدينة لدعم المحتجين.

وفي حين تضاربت الأنباء حول حصيلة قتلى يوم الخميس، إلا أن معظم الوكالات أكدت أنه كان اليوم الأعنف والأكثر دموية في العراق منذ انطلاق الانتفاضة في الأول من أكتوبر.

وحولت إراقة الدماء التي شهدها جنوب العراق، يوم أمس إلى أحد أكثر الأيام عنفا منذ بدء الانتفاضة، بحسب ما أكدت وكالة رويترز.

إلى ذلك، دفعت الأوضاع في العراق، السلطات الإيرانية إلى إغلاق معبر مهران الحدودي، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء مهر شبه الرسمية نقلاً عن مسؤول محلي معني بإدارة الحدود. وأعلن الأخير أن إيران أغلقت معبر مهران مع العراق مساء الخميس لأسباب أمنية.

 

ونقلت الوكالة عن مجتبى سليماني مدير نقطة الحدود قوله "في ظل الأحداث الحالية والاضطراب في دولة العراق تم إغلاق معبر مهران اعتباراً من ليل الخميس". وأضاف أنه من غير الواضح متى سيعاد فتح الحدود.

يذكر أن القنصلية الإيرانية في النجف، وهي مدينة تضم مزارات شيعية مقدسة وهي أيضا مقر المرجعية الشيعية، تحولت ليل الأربعاء الخميس إلى أنقاض متفحمة.

واتهم المحتجون، وأغلبهم من الشيعة، السلطات العراقية بالعمل ضد شعبها للدفاع عن إيران. وقال محتج شهد إشعال النار في القنصلية إن قوات الأمن فتحت النار في محاولة لمنع المتظاهرين من إحراقها. وأضاف لرويترز رافضاً نشر اسمه "كل شرطة مكافحة الشغب في النجف وقوات الأمن بدأت إطلاق النار علينا وكأننا نحرق العراق كله".

في حين قال محتج آخر يدعى علي في النجف "إحراق القنصلية كان عملاً شجاعاً ورد فعل من الشعب العراقي.. لا نريد الإيرانيين". وأضاف "سيكون هناك رد انتقامي من إيران أنا واثق من ذلك، ما زالوا هنا وستواصل قوات الأمن إطلاق النار علينا".

يذكر أن التظاهرات في العراق، جوبهت حتى الآن بالعنف في عدة مناطق، من قبل القوات الأمنية، على الرغم من أن عدة تصريحات رسمية كانت أكدت أن إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ممنوع.

وأمس ذكر بيان للجيش العراقي أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استدعى المشرف على القطاعات الأمنية في محافظة ذي قار للحضور إلى بغداد "للتداول بشأن الأسباب التي أدت إلى الأحداث الأخيرة" في المحافظة. وأضاف أن السلطات شكلت "خلايا أزمة" في عدة محافظات في محاولة لاستعادة النظام.

كما جاء في البيان أنه "تم تشكيل خلايا أزمة برئاسة السادة المحافظين... تقرر تكليف بعض القيادات العسكرية ليكونوا أعضاء في خلايا الأزمة لتتولى القيادة والسيطرة على كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظات ولمساعدة السادة المحافظين في أداء مهامهم".

يشار إلى أن الاحتجاجات التي بدأت في بغداد في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر وامتدت إلى المدن الجنوبية تعد أصعب تحد يواجه الطبقة السياسية الحاكمة في العراق منذ العام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين.