تواصل إسرائيل منذ العام 2011 غاراتها الجوية التي تستهدف مناطق بعينها على الأراضي السورية بدعوى وجود نشاط معادي يضم عناصر إيرانية وأخرى من حزب الله، إلى جانب استهداف المنشآت العسكرية أو العاملة في مجال التصنيع العسكري، وسبق وأن استهدفت إحدى الغارات في سبتمبر الماضي، منطقة البحوث العلمية بمصياف التي ضمت علماء وخبراء إيرانيين يعملون على تطوير أسلحة، وأفادت مصادر عسكرية حينها أن الدفاعات الجوية السورية وُضعت في حالة تأهب دائم للتصدي لتلك الهجمات.
أسباب استمرار الغارات الإسرائيلية
منذ انطلاق الثورة على الأراضي السورية قبل 13 عاما تتواجد الميليشيات الإيرانية وعناصر حزب الله لدعم النظام السوري، فضلا عن الوجود العسكري الروسي الذي تحول إلى وجود دائم عبر إنشاء قاعدة عسكرية روسية على البحر المتوسط، ويمثل الوجود الإيراني الميليشياوي مصدر قلق لإسرائيل بدعوى أن حماية أمنها القومي تمتد إلى خارج حدودها، ومن آنٍ لآخر تُغير الطائرات الحربية الإسرائيلية والمسيرات على مواقع بعينها، وسبق وأن شن الطيران الإسرائيلي عملية عسكرية استهدفت قادة وعناصر من الحرس الثوري الإيراني بمقر القنصلية الإيرانية في دمشق ونجحت في اغتيالهم وهو ما تسبب في حالة من القلق على الصعيد الإقليمي إثر تهديد طهران برد قاسي يستهدف عمق تل أبيب.
وبالرغم من استمرار القصف الإسرائيلي لمناطق سورية إلا أن ردود أفعال النظام السوري لا ترتقي إلى مستوى الحدث فما بين عمليات الاستهداف لمواقع عسكرية وأخرى لتصنيع السلاح إلى جانب عمليات الاغتيال لم يرد النظام السوري على تلك الهجمات وهو ما يراه قصي عبيدو المحلل السياسي بأنه ناجم عن الظروف الحالية التي يعيشها النظام السوري، مؤكدا في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن العقوبات الاقتصادية والأوضاع على الأرض تحول دون خوض النظام لحرب ضد إسرائيل دفاعا عن الأراضي السورية، لافتا إلى أن الاختراقات التي حدثت في صفوف حزب الله قد تكون من بين أسباب استمرار القصف الإسرائيلي الذي يكشف عبر أذرعه المعلوماتية أماكن وجود تلك العناصر ويقرر استهدافها.
فيما يرى محمود جابر الباحث في الشأن الدولي أن النظام السوري لم يعد متحكما في زمام الأمور ولم يعد هو صاحب القرارات المصيرية المتعلقة بردود الفعل على الهجمات الإسرائيلية، لافتا في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إلى أن سوريا ودفاعاتها الجوية موجودة على الأراضي السورية لحماية النظام وبالتالي لا يجرؤ الأخير على اتخاذ أي قرار يتعلق بالهجمات الإسرائيلية وإنما بات القرار في يد روسيا وإيران.
تداعيات الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية
دائما ما تستهدف الغارات الإسرائيلية عناصر حزب الله والميليشات الإيرانية على الأراضي السورية، ومن ثم فإن تداعيات تلك الهجمات تقتصر على الرد الإيراني وعناصر حزب الله دون أي دور فاعل للنظام السوري الذي لم يعد له سيطرة على الجيش، وسط ظهور لاعب قوي هو شقيقه ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة التي تنسق عملياتها العسكرية وتحركاتها على الأرض مع عناصر حزب الله وقيادات الحرس الثوري، والدليل على ذلك محاولة اغتياله قبل أسابيع التي نفذتها المسيرات الإسرائيلية.
وبناء على ما سبق تقتصر تداعيات القصف الإسرائيلي على ردود الأفعال الإيرانية تجاه عمليات إسرائيل العسكرية على الأراضي السورية التي ترتبط ارتباطا غير مباشرا بحرب غزة والحرب على لبنان، ومن ثم فإن الردود الإيرانية على تلك الهجمات لم تصل إلى حد صدور قرار بخوض حربٍ شاملة وإنما ضربات محدودة بالتنسيق مع القوى العظمى، ومن الممكن أن تتسبب تلك الضربات في خلاف بين الروس والإيرانيين حيث تتحفظ موسكو على الوجود الإيراني العسكري في سوريا، فيما تصر طهران على استمرار وجودها بدعوى حماية النظام فضلا عن تنفيذ مخططات تغيير الديموجرافية في المناطق المستهدفة بالعاصمة السورية وغيرها من المدن.