صفقات مليارية.. هل يدفع شمال سوريا ثمن تقارب أردوغان والخليج؟

لم يعد خافياً حجم التقارب بين أردوغان ودول الخليج العربي خلال الفترة الماضية بعد أكثر من عقد من التوتر الذي وصل في بعض الأوقات إلى حد التلاسن الدبلوماسي والشتائم، وقد ترجم ذلك التقارب، كأحد مؤشرات التغير في المنطقة التي أعقبت الحرب الروسية-الأوكرانية.

يفرض التقارب الخليجي – التركي عديداً من علامات الاستفهام حول بعض الملفات المشتركة، خصوصاً الموقف الخليجي من تدخلات أردوغان لا سيما في سوريا، أو بعبارة أخرى أن يكون ذلك التقارب أحد نتائجه غض الطرف عن أي عمل عسكري يشنه نظام أردوغان داخل الأراضي السورية وتحديداً ضد المكون الكردي ليس في سوريا فحسب بل ربما شمال العراق كذلك.

تأثير دول الخليج

في هذا السياق، يقول علي العاصي نائب رئيس حزب سوريا المستقبل، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، إن أردوغان عندما قرر من قبل أن يحتل عفرين ورأس العين/ سري كانيه ويشرد أهالي هذه المناطق ويغير ديمغرافية المنطقة ومدنها، لم تتدخل دول الخليج لتوقف مثل هذه الممارسات ولم يكن لها أي تأثير على الوضع في شمال وشرق سوريا.

ويرى السياسي السوري أنه في الوقت الحالي لو أردوغان يخطط للقيام بعمل آخر، فعلينا التأكد أن الخليجيين لن يكون لهم عليه تأثير لا سلباً ولا إيجاباً، إلا في حالة فقط وهي أن يكون هناك ضغوط عبر روسيا وإلى جانب الضغط الروسي يكون هناك ضغط خليجي مساعد، لكن أن يضغط الخليج على أردوغان بعدم القيام بمثل هذه الأمور لن يحدث.

وأضاف "العاصي" أن المسيرات التركية كل يوم تنفذ العمليات في شمال شرق سوريا وتصل إلى شنكال ويجتاح العراق، وللأسف لا يوجد أي موقف أو تدخل عربي لا من قريب ولا من بعيد، مؤكداً أنهم يبدون كما لو كانوا غير معنيين بما يجري في شمال سوريا وشمال العراق، معتبراً أنهم لو ضغطوا في السابق بشكل قوي لحل المشكلة السورية لكانت كل مشاكل سوريا انتهت وكان تم وقف التدخلات التركية، لكن للأسف ليس لديهم تأثير.

وقال إن دول الخليج ليس لديها تأثير حتى على بشار الأسد، بل العكس خلال الفترة الأخيرة يتقاربون معه وعوضوه عن جامعة الدول العربية ودعوه لقمة المناخ دون أن يقدم أي تنازل باتجاه حل الأزمة، وقد وضح ذلك خلال حديثه مؤخراً مع قناة سكاي نيوز عربية وهو يحكي بنفس المنطق الذي كان يتحدث به منذ عام 2011.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، يؤكد علي العاصي أن مصالح دول الخليج الخاصة مع تركيا لها أولوية على أي أمر آخر، ونحن رأينا حجم الاتفاقيات التي أبرمت بين تركيا والخليج خلال الفترة الماضية وحجم الاستثمارات التي تم الإعلان عنها فاقت كل التوقعات بل مذهلة، وبالتالي هم مهتمون بمصالحهم الشخصية قبل سوريا أو شمال سوريا.

المصلحة تحكم

وقد أبرم "أردوغان" اتفاقات تجاوزت نحو 50 مليار دولار أمريكي وذلك خلال جولته إلى الخليج قبل أسابيع، بل إنه كشف كذلك عن إبرام أكبر صفقة تصدير في مجالي الدفاع والطيران مع دول الخليج، وتحدث عن إبرام مزيد من المشروعات والاتفاقات مع دول الخليج في الفترة المقبلة.

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول الكاتب الصحفي المصري عبد الهادي ربيع، لوكالة فرات للأنباء، إن كل طرف دولي أو إقليمي يتعامل مع الأزمة السورية ومع كل ما يخص الوضع في سوريا من باب مصلحته فقط دون أي اعتبارات لمصلحة السوريين بمختلف المكونات السورية.

وأضاف ربيع أنه انطلاقاً من تلك المصالح نجد أن دول الخليج العربي خلال الفترة الماضية أقامت علاقات مع نظام بشار الأسد، وكذلك غالبية الدول العربية والخليج جزء من الدول العربية، وبالتالي فإن الأمر هنا مرتبط بالمصلحة سواء كان الأمر متعلق بالتعامل مع بشار الأسد أو مع أردوغان.

ويصف بعض المراقبين تطور العلاقات بين أردوغان والخليج إيجابياً خلال الفترة الماضية بأنه نوع من أنواع زواج المصلحة، فالرئيس التركي في احتياج لأموال الخليج من أجل إنقاذ اقتصاده المتعثر، بينما الأولى تريد أن تكون تحالفات جديدة في إطار التحولات العالمية التي تحدث، حيث تعتقد دول الخليج أنه يمكنها عبر تلك التحالفات تحقيق قدر من الاستقلالية عن الإدارة الأمريكية.