لم تخلوا الحرب الأخيرة في السودان من جرائم حرب، وخاصة في دارفور حيث ارتكبت قوات الدعم السريع جرائم تطهير عرقي بحق قبيلة المساليت، واكتشفت مقابر جماعية بمدينة الجنينة وقامت محكمة بفتح تحقيق في تلك الجرائم، ولذلك قامت وكالة فرات بإجراء حوار مع الحافظ دلدوم ممثل قبيلة المساليت في مصر، وعضو اللجنة القانونية لأحداث كريدنج، حول الجرائم المرتكبة ضد القبيلة وأسبابها، وإلى نص الحوار:
هل بالفعل قبيلة المساليت هي آخر المنضمين لدولة السودان الحديث؟
بالفعل، وفقًا لاتفاقية جيلان الموقعة عام 1910 بين الفرنسيين وسلطان المساليت، بعد المقاومة التي ابدتها القبيلة ضد القوات الفرنسية ونجحوا في هزيمتهم في معركة دروتي، وأوقفوا تطلعات الفرنسيين في التوسع شرقاً، وفي تلك الاتفاقية خيرت فرنسا سلطان القبيلة ما بين الانضمام إلى تشاد أو السودان فانضمت معظم أراضي المسالبت إلى السودان طوعياً عدا منطقة هباشي -أدري والتي تنازلت عنها القبيلة لتشاد.
كيف ترى عمليات التطهير العرقي التي حدثت في مدينة الجنينة؟
لم تكن جريمة قوات الدعم السريع هي الأولى في حق أبناء المساليت، فمنذ إنشاء الميليشيات القبلية في عصر الصادق المهدي وتلك الميليشيات تقوم بعمليات نهب ممنهج وحرق للقرى في ولاية غرب دارفور، وبعد أن قام عمر البشير بإنشاء قوات الجنجويد لمواجهة الحركات المسلحة الدارفورية، ومن بعدها قوات الدعم السريع والانتهاكات لم تتوقف بحق أبناء القبيلة، وتعاملت الحكومات المتعاقبة في الخرطوم على اغتيال الشخصيات البارزة لقبيلة المساليت، والتي استهدفت أي ناشط سياسي أو حتى مجتمعي يظهر وسط القبيلة، غير عمليات الإبادة الثقافية الممنهجة للغة المساليت.
ما قصة القبائل العربية في الجنينة؟
كانوا في البداية رعاة رحل من قبائل المسيرية والرزيقات وبني هلبا بأعداد قليلة، ولكن مع ظهور الجنجويد ومن بعدهم الدعم السريع كثرت أعدادهم وبدأوا يستقرون في المدينة، وهم كانوا أكبر المساعدين لقوات الدعم السريع في هجماتهم على المدينة وكثيرًا من أبنائهم انضموا لقواتهم وكانوا أدلاء لهم داخل أحياء المدينة.
ما هي أبرز الجرائم التي حدثت قبل الهجوم الأخير؟
حدثت مذابح سابقة مثل كردينج 1 وكريدنج 2 والجنينة على يد قوات الدعم السريع والقبائل المتحالفة معها والدولة لم تحرك ساكناً، على سبيل المثال في ديسمبر عام 2019 هاجمت قوات الدعم السريع على معسكر كريدنج وقتلت 43 شخص في أقل من ساعة.
كيف بدأت الأحداث الأخيرة وجريمة التطهير العرقي لقبيلة المساليت؟
بدأت باشتباكات بين قوات الدعم السريع والحامية العسكرية في الجنينة التابعة للجيش السوداني والتي تحصنت بمقارها بعد ذلك ولم تحاول التدخل لإنقاذ المدنيين، وبعد تلك الاشتباكات حاولت قوات الدعم السريع اقتحام الجنينة، وتلقوا دعم من القبائل العربية الموجودة في المدينة، وخاضت قبيلة المساليت 52 يوم من النضال ضد قوات الدعم السريع وتصدت لأكثر من 32 هجوم، واستعانت فيهم بعدد كبير من القوات المدربة بأحدث الأسلحة، أمام شباب غير مدربين، مما اضطر المهاجمين لاستقدام تعزيزات لاقتحام المدينة.
ما هي أشكال الانتهاكات التي قامت بها قوات الدعم السريع بعد اقتحامها الجنينة؟
قامت قوات الدعم السريع بعد الاقتحام بعمليات تطهير عرقي واستهداف لأبناء قبيلة المساليت ونهب للمنازل ولمخيمات الإيواء ثم حرقها بمن فيها، وقاموا بالهجوم على المستشفيات والمراكز التعليمية وحرقها، ونهب كل ما تجده أيديهم في المدينة، وكل شخص يجدوه من قبيلة المساليت له دور بارز يتم إعدامه فوراً.
كيف ترى اختيار الوالي خميس أبكر ونضاله حتى مقتله؟
لم يكن للوالي خميس أبكر قوة على أرض الواقع كحركة مسلحة قبل اتفاقية جوبا للسلام لأنه كان ترك العمل المسلح، ولجأ لإحدى دول الجوار، ولكنه وقع على الاتفاق باعتباره ممثلاً عن قبيلة المساليت من الحركات المسلحة، وبعد الاتفاقية قام بحشد وتجنيد مقاتلين وسلحهم بأسلحة خفيفة، وكون التحالف السوداني وهو عبارة عن اتحاد من 12 حركة مسلحة، وبعد الهجوم الأخير انخرطت قواته في الدفاع عن القبيلة ضد المهاجمين، وجاءت عملية اغتياله عقب تصريحاته على قناة الحدث التي أدانت الدعم السريع وتورطه في الهجوم على الجنينة.
كيف ترى عملية النزوح لتشاد؟
75% من أبناء قبيلة المساليت نزحوا إلى تشاد، وكانت عملية صعبة لأن قوات الدعم السريع نشرت نقاط تفتيش على الطرق المؤدية للحدود، مما أضطر النشطاء للنزوح ليلاً وعبر طرق التفافية.
هل كان هناك دور لتشاد في حماية قبيلة المساليت من جريمة التطهير العرقي؟
الجيش التشادي كان يحمي الفارين من دارفور على الحدود السودانية التشادية ونشر جزء من قواته على الحدود، بل وحدثت اشتباكات بين الجيش التشادي وقوات من الدعم السريع حاولت تعقب الفارين من أبناء قبيلة المساليت.
ما هو الوضع الحالي للاجئين من المساليت في تشاد؟
لا يزال الواقع الإنساني مأساوي في مخيمات اللاجئين بدولة تشاد، واستجابة المنظمات الدولية لكارثة التهجير القسري لقبيلة المساليت ليست على القدر المطلوب، خاصة أنه يوجد نقص في دورات مياه في الكثير من مخيمات النازحين، غير التكدس الكبير ببعض المخيمات.