وأكدت مصادر دبلوماسية، لوكالة فرات للأنباء، أن دول الاتصال مع سوريا لديهم قدر كبير من الانزعاج والاستياء خلال الفترة الماضية، كون النظام السوري لم يستجب بالشكل المرجو لأي من البنود التي تتضمنها المقاربة العربية لحل الأزمة السورية والتي تنضوي على تطبيع للعلاقات مع نظام بشار الأسد في إطار مبدأ خطوة مقابل خطوة والتي طرحت قبل 3 أشهر.
لا جديد في موقف النظام
وأوضحت المصادر، التي كانت قريبة من كواليس الاجتماع، أن النظام السوري على سبيل المثال في مسألة مكافحة تجارة الكبتاجون لم يقم بأي جهد يذكر لوقف هذه التجارة التي أضرت بكثير من الدول العربية وعلى رأسهم الأردن التي قدمت منذ البداية صياغة المبادرة العربية للنظام السوري.
ولفت المصدر إلى أن البنود الأخرى المتعلقة بعودة اللاجئين لم يحدث فيها أي تقدم، وكذلك لم نرى أي خطوة ولو بسيطة باتجاه مسألة فتح حوار سياسي جاد مع فصائل المعارضة المعتدلة، وهو الحوار الذي من شأنه أن يفسح المجال نحو حل سياسي يمهد الطريق لعودة الاستقرار لهذا البلد العربي الذي يعاني منذ 2011.
وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات أكد المصدر الدبلوماسي على أن عدم مضي حكومة بشار الأسد قدماً في تنفيذ بنود المقاربة العربية لا يعني حتى الآن فشلها، وإنما الأمر يتطلب مزيداً من المشاورات واللقاءات، ولهذا سيكون هناك لقاء آخر للجنة الاتصال العربي مع الأزمة السورية لاحقاً في العاصمة العراقية بغداد.
وكان بشار الأسد قد خرج في لقاء تليفزيوني مع قناة سكاي نيوز الإماراتية قبل أيام وأدلى بمجموعة من التصريحات التي أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يبالي بالمبادرة العربية، إذ قال بخصوص تجارة الكبتاجون إن الدول التي تسبب في الفوضى في سوريا على حد زعمه هي التي تتحمل المسؤولية إزاء هذا الوضع.
أيضاً تحدث بشار الأسد عن موقف حكومته من عودة اللاجئين السوريين، خصوصاً وأنهم يواجهون مزيداً من التضييقات خلال الأشهر الماضية، لا سيما في تركيا، إلا أن بشار تحدث بوضوح بأن الأمر مرهون بالظروف الاقتصادية، وهو ما يعني أنه لا يريد كذلك المضي قدماً في ملف تهيئة الأجواء لعودة اللاجئين السوريين.
لا فائدة من تلك التحركات
في هذا السياق، يقول حازم العبيدي المستشار السياسي لمركز الرافدين الدولي للعدالة بجنيف، في تصريح لوكالة فرات للأنباء، إن رأيه منذ البداية أن هذه المبادرة مع نظام إجرامي مثل نظام بشار الأسد هي مضيعة للوقت، ولن تقدم أي شيء يذكر على صعيد حل الأزمة السورية.
وأضاف "العبيدي" أنه للأسف الدول العربية هرولت في مسألة تطبيع العلاقات وإعادة النظام إلى مقعده بجامعة الدول العربية، وهذا الأمر جعله يشعر بأنه منتصر وأن العرب هم من يريدون التقارب مع النظام، وبالتالي أصبح بشار الأسد يشعر أنه في حالة تمكنه من أن يملي هو شروطه وأن ينفذ ما شاء من المبادرة وقتما شاء.
وقال إن الشعب السوري لم ولن يقبل مثل هذه المبادرة العربية، لأنها للأسف طعنة في ظهورهم، فبعد كل هذه السنوات من القتل والدمار والتخريب والتشريد وارتكاب النظام كل تلك الجرائم، كيف يمكن التقارب معه بهذه السهولة، وكأن الدول العربية تعطه مكافأة على ما اقترف من جرائم بدلاً من محاسبته ومسائلته.
بيان ختامي يكشف واقع المناقشات
وقد كان واضحاً من صيغة البيان الختامي أنه لم يحرز تقدم بعد، إذ تضمن بعض عبارات الترحيب بالمشاورات والتأكيد على أهميتها، إلى جانب الدعوة لاجتماع اللجنة الدستورية المعنية بصياغة دستور جديد في سلطنة عمان، وهي الاجتماعات التي كانت متعثرة من قبل في ظل خلافات كبيرة بشأن مسألة صياغة الدستور الجديد وموقع بشار الأسد منه.
كما تضمن البيان تنويهاً إلى أن اجتماعات لجنة الاتصال العربي بشأن الأزمة السورية ستتواصل على أن يكون هناك اجتماع آخر في بغداد، لكن البيان خلا تماماً من أي خطوة جادة اتخذت بشأن بنود المبادرة الذي من بين ما تضمنته تقليص النفوذ الإيراني في الأراضي السورية ما يعني إخراج الميليشيات التابعة لطهران، لكن هذا لم يحدث بعد.