"حكم الأهل والعشيرة".. هكذا يستنسخ الجولاني تجربة "إخوان مصر"

ما أشبه الليلة بالبارحة، فالمؤشرات عديدة تقول إن تجربة الحكم لإخوان مصر تتكرر في سوريا؛ فكل شيء في سلطة الجولاني بدمشق لا يعبر إلا عن لون واحد.

مع سقوط النظام المصري عام 2011، وصلت جماعة الإخوان لاحقاً إلى الحكم، لا تختلف كثيراً في تصريحاتها عن هيئة تحرير الشام والجولاني، فالاثنان برعا في استخدام العبارات الجذابة والرنانة عن الحرية والديمقراطية والوطنية، لكن الواقع أثبت أنها مجرد عبارات يتم ترديدها لمجرد الاستهلاك الإعلامي أو "الضحك" على بعض القطاعات الشعبية لكسب الوقت.

الواقع أثبت أن هؤلاء لا يعرفون إلا منطق "الأهل والعشيرة" في الحكم؛ الكلمة التي كان يستخدمها رئيس مصر الإخواني محمد مرسي حين كان يقول "أهلي وعشيرتي"، ترجمت بهيمنة إخوانية على كافة مؤسسات الحكم، وإقصاء تام لكل من لا ينتمي للجماعة أو يسير في فلكها، وهكذا يعيد الجولاني نفس السيناريو؛ حيث غلبة اللون الواحد لهيئة تحرير الشام على كل شيء.

الجولاني لا يثق إلا في أتباعه

الجولاني نفسه اعتبر أن الاقتصار في المناصب بالسلطة الجديدة على رجاله من هيئة تحرير الشام ضرورة لإنجاز المهام، على حد زعمه، التصريح الذي عبر بشكل واضح عن نواياه، ثم جاءت المماطلات بشأن إجراء الحوار الوطني، وحتى التسريبات تؤكد أيضاً غلبة "اللون الجولاني" على الهيئة التحضيرية له.

لا يتوفر وصف.

يقول ماهر فرغلي الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الجولاني لا ولن يثق إلا في أولئك الذين عملوا معه في إدلب فقط، وحتى لو كان هناك حديث عن إجراء حوار وطني، فلا يتوقع أن يحمل ذلك جديداً، وسيستمر الوضع على ما هو عليه بسيطرة وهيمنة هيئة تحرير الشام.

ويضيف خبير الحركات الإسلامية أن هذه هي عقلية تيارات الإسلام السياسي عندنا تصل إلى السلطة، بل إنهم يعيدون تكرار نفس تجربة البعث في سوريا، إذ أنه بمجرد الوصول إلى السلطة يكون التفكير في الهيمنة، وكل هؤلاء يعبرون عما يمكن تسميته بـ "التنظيمات المغلقة" التي تقدم أهل الثقة على أهل الخبرة والكفاءة.

ويقول فرغلي إن الجولاني يخشى إن أشرك أي أطراف أخرى في السلطة أن يطيحوا به، بينما ثقته أكبر في أتباعه ومن عملوا معه في السابق لسنوات طوال، وحملوا معه السلاح، معرباً عن اعتقاده أن تفشل هيئة تحرير الشام في التحول من جماعة إلى دولة، كما فشلت من قبل جماعة الإخوان المصرية في التحول من جماعة إلى دولة، مشدداً على أن "الدولة تختلف عن الجماعة" خاصة أنها تكون منوطة باحتواء كافة المكونات.

مصير واحد؟

في مصر لم يمض إلا عام واحد على وصول الرئيس الإخواني محمد مرسي إلى السلطة، حتى ثار الشعب ضد الجماعة عام 2013؛ رفضاً لنهج الإقصاء والإبعاد، وهيمنة "العشيرة الإخوانية" على البلاد، فضلاً عن الفشل التام في إدارة الدولة، وتبخر كافة العبارات والوعود الوردية التي كان يطلقها التنظيم مثل مشروع "النهضة".

وهنا يتوقع مراقبون أن يلقى الجولاني وسلطته في دمشق مع الوقت نفس المصير، على نحو يؤكد عليه إسلام الكتاتني الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إذا استمرت هيئة الشام في نفس سياساتها الحالية، فهم ليسوا أصحاب خبرات في الحكم، وركزوا على أهل الثقة، وهو نفس ما فعله الإخوان في مصر حينما أطلقوا شعارات نظرية لمجرد خداع الناس.

لا يتوفر وصف.

وأضاف الكتاتني، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أننا نرى الآن كذلك عمليات قتل وسرقة بحق بعض مكونات الشعب السوري، إلى جانب إعطاء المناصب للون واحد فقط، مع إقصاء الكفاءات وترك الإدارة لأهل الثقة فقط، وكأنهم يقومون بالأخطاء التي كانوا ينتقدونها عندما كانوا خارج السلطة، متسائلاً: "أيعقل أن دولة مثل سوريا الكبيرة المعروفة بالتنوع والثراء أن يكون هذا هو شكل الحكم فيها؟".

وأعرب عن توقعه أن يكون لهذا التوجه تبعات صعبة، مثل تلك التي طالت جماعة الإخوان في مصر، فممارسات هيئة الشام ستؤدي إلى حالة من الغضب لدى الشعب السوري مع الوقت، وقد نرى انقلابات على حكم الهيئة نتيجة المعاملة السيئة مع مكونات مثل الكرد والدروز، مشدداً على أن هذا سيحدث رغم حالة التلميع الكبيرة التي ينالها حكم الجولاني من بعض الفضائيات الإقليمية المؤثرة.