بعد مرور عام على انفجار مرفأ لبنان.. دعوات لكشف المتورطين وإيقاف المنظومة الفاسدة

تؤكد دكتورة جانين علوان رئيسة منتدى النساء في لبنان أن البلاد تعيش أزمة كبرى منذ انفجار المرفأ وأنه لابد من ضرورة كشف المتورطين وإيقاف المنظومة الفاسدة التي أوصلت البلاد إلى تلك الكارثة.

رغم مرور عام على انفجار مرفأ لبنان، في أكبر انفجار غير نووي عرفته الأرض لا يزال لبنان يعاني من تبعات هذا الانفجار الذي لا تزال ملامحه باقية في المرفأ وعلى واجهات المباني البيروتية التي لا تزال متأثرة بهذا الانفجار الذي خلف كوارث كبرى على لبنان على كافة المستويات خاصة الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية.
ومع خروج التظاهرات المطالبة بالكشف عن الحقائق في ملف التفجير الذي راح ضحيته ما يزيد على مئتي ضحية، إضافة إلى ستة آلاف جريح، بسبب مادة نترات الأمونيوم التي انفجرت على هذا النحو فيما لا يزال أحد يعلم من مسؤول عن بقاء هذا الكم من المادة المتفجرة وتخزينه في المرفأ.

وفي السياق تقول د. جانين علوان، رئيسة منتدى النساء في لبنان، في تصريحات خاصة لوكالة فرات، بعد تجديد التعازي لكل أهالي الضحايا والشهداء الذين سقطوا في ٤ آب/ أغسطس ٢٠٢٠: "سيبقى هذا اليوم الحزين للبنان ولكل المنطقة. إن واقع الانفجار الذي حدث ساهم في تعقيدات المشهد المالي والاقتصادي في لبنان، مما شكل عبء إضافي على الواقع الاجتماعي اللبناني وتحديدا لسكان منطقة بيروت حيث تم تدمير آلاف المباني الكثيفة السكنية والمكاتب والمؤسسات السياحية من مطاعم وفنادق مما تسبب في المزيد من الأضرار للنظام الاقتصادي اللبناني وجعل لبنان للأسف أرضًا منكوبة".
وأضافت "إضافة إلى ذلك يمكن اعتبار أن رد الفعل الدولي لم يكن بحجم الكارثة التي أصابت لبنان.. في البداية كان هناك اندفاع لإعادة دعم وإنعاش البلد لكن ما حدث هو أن المعضلات السياسية والاشتباك الإقليمي والدولي خفف هذا الاندفاع ورأينا أن المجتمع الدولي ساهم مع المجتمع الدولي في لبنان في الإعمار كما ساهم في فضح المنظومة التي كانت تتحكم وتعبث بالاستقرار الاقتصادي الاجتماعي للشعب اللبناني وبالتالي ظهر مزيد من الشرخ بين الواقع الذي نعيشه اليوم، والواقع الذي كان أحد أسباب هذه الفوضى".

وأوضحت: لذلك ما يمكن توقعه بعد سنة على حدوث الانفجار في بيروت وعدم الكشف عن حقيقية ما جرى وتحمل المسؤوليات.. الحقيقة هي عدم كشف المعطيات وهذا ليس محليا فقط وإنما على المستوى الدولي لأن المجتمع الدولي لم نر منه أي مبادرة لمساعدة الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية لملاحقة المرتكبين وبالتالي إيقاف هذه المنظومة الفاسدة التي ربما هي وراء هذا الانفجار نتيجة إهمال أو تواطؤ أو حتى كما يقال وجود مواد تستخدم لصناعة أسلحة انفجرت أو فُجرت في المرفأ.

وأكدت جانين أن الواقع اليوم سيء ومأساوي ومعقد سياسيا وربما يتجه نحو أمور أمنية تنعكس على استقرار الأمن الاجتماعي وعلى واقع استقرار لبنان في محيطه إضافة إلى تعقيدات إقليمية يمكن أن تؤثر في مرحلة مقبلة على لبنان.

وقالت: كل ما نتمناه أن يكون هناك إرادة من المجتمع الدولي ليس فقط على مستوى الإعلان أو تنظيم مؤتمرات وإنما على مستوى ملاحقة الإدارة ووقف المنظومة التي تتحكم بالبلد وتستثمر في هذا الانهيار وتشكل العبء والخطر على المستوى الشخصي المطلوب هو المزيد من تضافر الجهود والتأكيد على أن دور المرأة هو أساسي في تعزيز الأمن الاجتماعي، كما أننا نطالب بمحاسبة المتورطين أو حتى كشف الأمر إذا كان هناك عملا عدوانيا في لبنان".

 أما الناشطة الحقوقية والمدنية سوسن شومان، فتقول: إن ٤ آب لم يكن انفجار ل "نترات الأمونيوم"، كان انفجار لما تبقى من ثقة في ركام هذه الحكومة وتمزق ما ترك لنا سياسيو هذا البلد في جسد الشرعية.. سنة مرت على تفجير بيروت خُلِّدت الذكرى ولم تخلّد العدالة بعد".
وأضافت شومان "عامٌ من الدموع لم يشفع لذوي الضحايا بإحقاق الحق وإصدار القرار الاتهامي في حق من تسبب بانفجار المرفأ".
وتطرقت شومان لإجراءات التقاضي التي تمت بعد الحدث قائلة: "بعد تنحية القاضي فادي صوان وذلك إثر ادعائه على أربعة وزراء كمدعى عليهم في قضية تفجير المرفأ، سُلِم ملف التحقيق إلى القاضي بيطار ولكن من الواضح أن بيطار غير قادر على الإيفاء بوعده لذوي الضحايا بإصدار قراره الاتهامي في خريف ٢٠٢١ كحد أقصى.. لأن بيطار وقع هو الآخر في وحول السياسة اللبنانية حيث استدعى إلى التحقيق أمنيين وسياسيين وقضاة وقادة عسكريين من دون أن يستند إلى الإجراءات التي نص عليها القانون كما وأنه طالب برفع حصانات نواب ووزراء في حين هذا الإجراء لا يدخل ضمن صلاحياته وهو أمر يعود للمجلس النيابي".

وتابعت: "قد يكون عمل القاضي بيطار قد حلق بعيدا لبلوغ سقف العدالة لكن في بلد مثل لبنان تحكمه لعنة الطائفية فإن أي خروج عما هو منصوص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية فهو بشكل أو بآخر معبر مريح للتوظيف السياسي لهذه القضية الإنسانية التي وحتى الآن لم يستطع أهل الضحايا الانتقام من مرتكبي هذا القتل الجماعي سوى اتهامات هنا وهناك واستدعاءات لا تثمن ولا تغن من جوع في ظل صرخات عطشى لإظهار الحق".
 
وفي السياق أكدت منظمات دولية وأممية أنه وبعد مرور عام على الانفجار المدمر لميناء بيروت، يستمر عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية في لبنان في الارتفاع، بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة وانخفاض قيمة العملة المحلية، وسط وباء  كوفيد 19المستمر. وأعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر دعم الصليب الأحمر اللبناني مواصلة الأنشطة المنقذة للحياة، التي تصل إلى ملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد، لافتًا إلى أنه وبالنسبة لكثير من الناس الذين فقدوا وظائفهم والقدرة على شراء المواد الغذائية الأساسية والسلع المنزلية، أصبح من الصعب للغاية شراء الأدوية والحصول على الرعاية الصحية.

وقال جورج كتانة، الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني:"إن الأزمة الاقتصادية الحادة التي يواجهها بلدنا، حطمت حياة عدد كبير من الناس في لبنان. لا يمكن للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة الانتظار حتى تنتهي الأزمة الاقتصادية. إنهم بحاجة إلى أدوية يومية للبقاء على قيد الحياة. إنهم بحاجة إلى مساعدتنا الآن".

ودعا كتانة المانحين إلى مساعدتهم في الحصول على التمويل اللازم لتأمين استدامة خدماتنا العامة الحيوية وتمويل استجابتنا للأزمة الاقتصادية.

 وأفاد بيان أممي أنه ومنذ الانفجار الذي وقع في آب/أغسطس من العام الماضي، قدم الاتحاد الدولي دعما كبيرا إلى الصليب الأحمر اللبناني لتمكين الجمعية الوطنية من تلبية الاحتياجات الإنسانية للمتضررين. وعلى وجه التحديد، صرف الاتحاد الدولي  75000 فرنك سويسري من صندوق الإغاثة  الطارئة في حالات الكوارث في الأيام الأولى التي أعقبت الانفجار. وفي وقت لاحق، أطلق الاتحاد الدولي نداء عالميا طارئا لجمع مبلغ 20 مليون فرنك سويسري بهدف مساعدة أكثر من 150000 شخص. وبالإضافة إلى ذلك، نشر الاتحاد الدولي موظفين متخصصين لدعم واستكمال جهود الجمعية الوطنية في قطاعات متعددة؛ وقدم الدعم المالي لضمان استمرارية العمليات اليومية للصليب الأحمر اللبناني في تقديم الخدمات الحيوية لكل من يحتاجها.
 
وقال كريستيان كورتيز، ممثل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في لبنان في بيان: "يعمل الاتحاد الدولي والصليب الأحمر اللبناني معا على توسيع خطة الاستجابة المشتركة التي تشمل تقديم المساعدة الصحية والرعاية الصحية الطارئة والأولية، ودعم المرضى المصابين بفيروس كوفيد19، وزيادة خدمات نقل الدم من 42,000 وحدة  دم إلى 60,000 سنويا لتلبية الاحتياجات الأساسية للناس في لبنان".

ووفق البيان فحتى الآن، جمع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر 9.2 مليون فرنك سويسري من خلال مناشدة عالمية. وقد قدم الصليب الاحمر اللبنانى مساعدات نقدية مباشرة الى اكثر من 10800 أسرة، منها سبع دفعات قيمتها 300 دولار أمريكي لكل أسرة، بمبلغ إجمالي قدره 22.8 مليون دولار أمريكي. كما يسعى إلى إيجاد سبل لتخفيف المعاناة الناجمة عن الأزمة الاقتصادية الحادة. ووفقا للبنك الدولي، حتى يونيو/حزيران 2021، يعيش أكثر من 45٪ من السكان اللبنانيين تحت خط الفقر.