الجامعة العربية ترفض الإحتلال التركي في سوريا وليبيا والعراق

أكدت الجامعة العربية على رفضها لوجود وممارسات الاحتلال التركي ومرتزقته في شمال شرق سوريا، وشددت على عدم شرعية تواجد القوات التركية في كل من العراق ليبيا وسوريا.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الاجتماع الوزاري الثاني للجنة العربية المعنية بمتابعة التدخلات التركية الذي عقد أمس، أكدنا "على رفضنا القاطع لاستمرار التدخلات التركية فى المنطقة، والتي تنطوي على وجود قوات عسكرية تركية على أراض دول عربية شقيقة، ولا شك أن هذه السياسات لم تؤد سوى لتعميق حدة الاستقطاب وإذكاء الخلافات."

وعقد الاجتماع على هامش أعمال الدورة 155 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري. وتضم اللجنة الوزارية كلا من مصر "رئيسا"، والإمارات والعراق والبحرين والسعودية والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وفيما يخص الوضع على الساحة الليبية، قال شكري إن بلاده "لم تدخر جهداً من أجل المساهمة في إقرار الأمن والسلام في ليبيا، والوقوف في وجه الأفكار الظلامية التي تدفع بها بعض الدول التي تسعى سوى لتحقيق أهدافها، حتى وإن كان ذلك على حساب أمن ومقدرات الغير، كما أن الحدود الممتدة التي تجمع مصر بليبيا، ووشائج الدم بين الشعوب تجعل من مصر أكثر حرصاً على أن تنعم ليبيا وأهلها بالأمن والأمان، ولذلك سعت مصر للتوصل لتسوية سياسية بناء على مخرجات برلين وقرارات الشرعية الدولية، ودعمت المفاوضات التي تضم كافة الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة، وصولاً لاتفاق الحوار الوطني الليبي الأخير بجنيف واختيار رئيس الوزراء ورئيس المجلس الرئاسي. وهو ما يشكل في مجمله خطوة على الطريق السليم، إلا أننا نؤكد على صعوبة تحقيق الاستقرار المرجو دون إنهاء كافة التدخلات الخارجية فى ليبيا، مع ضرورة استمرار احترام وقف إطلاق النار."

وفيما يتعلق بالأوضاع في سوريا والاحتلال التركي في شمال شرق سوريا، قال الوزير المصري خلال كلمته بالاجتماع "عشرة أعوام مرت، ولا زالت الأزمة السورية تدور في حلقة مفرغة، والشعب السوري وحده هو من يدفع الثمن بلا أي أفق يحمل على التفاؤل في المستقبل القريب، وأقول من موقعي هذا إن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية كدولة فاعلة ومستقرة لهو أمر حيوي من أجل صيانة الأمن القومي العربي، إلا أن ذلك يفترض أن تظهر سوريا بشكل عملي إرادة للتوجه نحو الحل السياسي المؤسس على قرارات مجلس الأمن، فاستيعاب المعارضة الوطنية من شأنه تخفيف حدة النزاع وتعبيد الطريق لكي تخرج سوريا من أتون تلك الحرب المستمرة إلى بر الأمان، إذ أن وجود سوريا موحدة آمنة قوية ومستقرة يجعل من المشرق العربي خط الحماية الأول للمصالح العربية، ومن ثم فإن الحل السياسي ينبغي أن يسير قدماً بقدم مع إخراج جميع القوات الأجنبية من جميع الأراضي السورية، وفي مقدمتها الاحتلال التركي، والعمل الدؤوب من أجل دحر التنظيمات الإرهابية التي امتد لهيبها ليحرق الأخضر واليابس، ليس في سوريا وحدها، ولكن في جميع أرجاء المنطقة."

إلى ذلك، شارك عبدالله بن فيصل بن جبر الدوسري مساعد وزير الخارجية البحريني في الاجتماع الوزاري الثاني للجنة العربية الوزارية المعنية بمتابعة التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتي ترأسها وزير خارجية مصر، على هامش اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية 155.

ومن جهته، جدد الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي تأكيد الرياض اهتمامها وحرصها على وحدة الأراضي العربية وسيادتها وسلامتها، ورفضها ما يهدد استقرار المنطقة، ودعمها الحلول السياسية للأزمات في المنطقة، وأهمية التوصل إلى اتفاق عادل في شأن سد النهضة بما يحقق مصالح جميع الأطراف. وشدد الوزير السعودي كذلك على خطورة التهديدات التي تواجهها منطقتنا العربية، وما يقوم به النظام الإيراني من تجاوزات للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، بتهديده أمن دولنا واستقرارها والتدخل في شؤونها الداخلية ودعم الميليشيات المسلحة التي تبث الفوضى والفرقة والخراب في كثير من الدول العربية.

وذكرت وكالة أنباء البحرين، يوم الأربعاء، أن اللجنة ناقشت استمرار التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية، حيث أدانت الوجود العسكري التركي على أراضي عدد من الدول العربية وكافة أشكال التدخلات التركية العدوانية في الشؤون الداخلية العربية، التي تهدف لهدم استقرارها والعبث بمقدراتها، بالتوازي مع توظيف المنصات الإعلامية التابعة لها والتحريض على استخدام العنف وحمل السلاح خصوصًا في سوريا وليبيا والعراق، بجانب استضافة العناصر التابعة للجماعات الإرهابية مثل تنظيم الإخوان وتوفير الملاذ الآمن لها، والانتهاكات التركية المتكررة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بفرض حظر السلاح على ليبيا.

واستنكرت اللجنة الانتهاكات المستمرة والتعدي السافر من الجانب التركي على سيادة بعض الدول العربية، سواء كان ذلك من خلال التدخل المباشر أو من خلال دعم الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة والمرتزقة والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، سواء عن طريق التمويل أو التدريب والتسليح، ما يستدعي تحركًا عربيًا ودوليًا لمواجهة ذلك النهج التركي الخبيث، والتصدي له على كافة الأصعدة باعتباره انتهاكًا جسيمَا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتهديدًا جسيمة للأمن القومي العربي.

ونددت اللجنة بالسعي التركي لتغيير التركيبة الديمغرافية في بعض المناطق العربية الخاضعة لاحتلالها على غرار شمال شرق سوريا، وأكدت على عدم شرعية تواجد القوات التركية في كل من جمهورية العراق ودولة ليبيا والجمهورية العربية السورية، وضرورة سحب جميع قواتها دون قيد أو شرط، وأكدت على ضرورة العمل على اتخاذ كافة التدابير اللازمة للتصدي لعمليات رعاية وتجنيد وتدريب ونقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب والمرتزقة لداخل البلاد العربية.

كما طالبت اللجنة النظام التركي بالكف الفوري عن انتهاك الحقوق المائية لكل من جمهورية العراق والجمهورية العربية السورية، عبر ما تقوم به من إقامة السدود على منابع نهري دجلة والفرات، والذي أثر سلبًا على الحصص المائية للدولتين العربيتين، فضلاً عما تتسبب فيه الممارسات التركية من أضرار بيئية واقتصادية جسيمة على كلا الدولتين.

وبدوره، قال الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط إن "الجرح النازف في سوريا لا زال مفتوحاً بعد عشر سنوات من الصراع.. ولا زال أبناء الشعب السوري، في الداخل والخارج، يدفعون الثمن من أمنهم ومعاشهم ومستقبل أبنائهم.. إن خفض التصعيد العسكري في بعض مناطق سوريا لا يعني سوى استقرار هش، تسنده توافقات مرحلية.. وما زال الوضع قابلاً للانفجار في شمال غرب وشمال شرق سوريا.. ولا زالت التدخلات الخارجية تُمثل تهديداً خطيراً لتكامل الإقليم السوري".

وتابع الأمين العام خلال كلمته بالاجتماع "يتوازى مع تأزم الموقف الميداني جمود في مسار الحل السياسي.. فهناك حاجة ماسة لخلق مسار فعّال وذي مصداقية للحل السياسي.. ولا ينبغي أبداً أن يكون العرب بعيدين عن هذا الحل.. فسوريا دولة عربية.. وليس بمقدورِ طرفٍ كان أن ينزع عنها عروبتها أو هويتها الأصيلة.. ومأساة سوريا تتحمل نصيباً من تبعاتها الخطيرة دولٌ عربية تستضيف ملايين اللاجئين وفي مقدمتهم لبنان والأردن..  إن بقاء الأزمة في وضع التجميد ليس خياراً.. وعلى الجميع، بمن في ذلك الحكومة السورية والمعارضة المدنية، تحمل مسئولياتهم نحو الوصول لحل سياسي ذي مصداقية.. يلبي تطلعات مواطني سوريا ويحفظ للبلد وحدته واستقلاله وسيادته وعروبته.. ونحن لابد أن نكون مستعدين إذا طلب منا أن نساعد في هذا الشأن."

الاجتماع العربي الذي يأتي في ظل أجواء المصالحة العربية بعد قمة العلا الخليجية، لم يشهد تحفظا قطريا على إدانة التدخلات التركية كما جرت العادة، ورد وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس الأربعاء، على سؤال حول العلاقات بين قطر وكل من تركيا وإيران وتدخلهما في شؤون الدول العربية.

 وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن، في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، في ختام أعمال الدورة 155 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري التي ترأستها دولة قطر، "هناك خلط بين العلاقات الثنائية للدول وبين العلاقات في إطار الجامعة العربية" وذلك حسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية.

وجدير بالذكر، أن مجلس سوريا الديمقراطية كان قد أرسل من خلال ممثلية المجلس في القاهرة، خطابا مفتوح الشهر الماضي، إلى مجلس جامعة الدول العربية، مطالبا الجامعة العربية إعادة التأكيد على مواقفها من الاحتلال التركي في ضوء تصعيد ممارسات النظام التركي ومرتزقته في شمال شرق سوريا، محذرا من خطورة انبعاث داعش وتمدد الاحتلال التركي في شمال سوريا عبر مزيد من التصعيد والفوضى.