بعد التغيير الأوروبي ومع قيادته الجديدة.. كيف سيتفاعل الناتو مع الانتهاكات التركية

أصاب تسونامي التغيير أوروبا بعد وصول العديد من التيارات الجديدة إلى السلطة سواء المحسوبة على اليمين المتطرف أو اليسار وصولاً لتغيير قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

شهدت أوروبا العديد من التغييرات في الحكومات خلال الفترة الماضية بعد الانتخابات التي عقدت في أكثر من دولة، مع تغير قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) نفسها وتولي مارك روته رئيس الوزراء الهولندي المُنصَب عقب ترك منصبه والفوز الذي حققه اليمين المتطرف في امستردام، مما يثير التساؤلات حول تأثير تلك التركيبة الجديدة على حلف الناتو وقراراته ومواقفه من قضايا الشرق الأوسط، لا سيما القضية الكردية والانتهاكات التركية في المنطقة.

لا يتوفر وصف.

وفي هذا الصدد، كشفت زينب مراد، الرئيسة المشتركة للمؤتمر الوطني الكردستاني، أن السياسة الخارجية الأوروبية مرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بحلف الناتو بدءاً من الناحية العسكرية وحتى السياسية أيضاً، لأن أوروبا اليوم مسلوبة الإرادة خاصة بعد الحرب في أوكرانيا، وباتت تعاني من أزمات كبيرة وعميقة وتخضع بشكل كامل للأوامر الأمريكية في حلف الناتو.

وأكدت زينب مراد في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أن حلف شمال الأطلسي ينحاز لتركيا على الرغم من الممارسات التعسفية وحملات الغزو وحرق القرى وتهجير المواطنين العزل في إقليم كردستان العراق وشمال شرق سوريا، ويلتزم الصمت، وليس ذلك فقط، بل هو منحاز الى الممارسات التي ترتكبها الدولة التركية، ونرى أن حلف الناتو والغرب بشكل عام بحاجة إلى تركيا في هذه المرحلة، وهذا ما يدفعه إلى غض النظر عن تصرفاتها المنفردة، وحتى مع علاقاتها مع روسيا التي تخدم المصالح الغربية أيضاً.

وأضافت الرئيسة المشتركة للمؤتمر الوطني الكردستاني أنه في الوقت الذي انحسر فيه النقوش الأمريكي في الشرق الأوسط فهي مضطرة إلى الاستعانة بتركيا كقوة في الناتو سواء في الشرق الأوسط أو في المنطقة القريبة من آسيا والقريبة جغرافياً من إيران وروسيا وحتى الصين، ولذلك يدعم الناتو الوجود التركي في سوريا والعراق وتعد كل المقرات التركية سواء في كردستان وخارجها، قواعداً عسكرية للناتو.

وبينت زينب مراد أنه لدى الولايات المتحدة الأمريكية رغبة في تقوية الوجود التركي في العراق وسوريا وذلك لحماية المصالح والوجود الأمريكي، ولهذا لا يعير حلف الناتو اهتماماً لمسائل حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، بل يفكر في تحقيق مكاسبه وتنفيذ خططه الخاصة مع تأزم الوضع في أوكرانيا.

كما تطرقت الرئيسة المشتركة للمؤتمر الوطني الكردستاني إلى الوضع الأوروبي، مبينة أنه في الوقت الذي تعيش فيه معظم الدول الأوروبية تخبطاً سياسياً، نرى في هذه الفترة الأخيرة، خاصة أن معظم الدول الأوروبية تشهد انتخابات جديدة، أن المزاج الانتخابي لدى المجتمعات الأوروبية بات يشهد تغييراً جذرياً وذلك بسبب تراكمات ناتجة عن الإخفاق الاقتصادي الذي تمخض عن الأزمة التي يعيشها نظام العودة الاقتصادية والتي تولدت عنها رويداً رويداً، أزمات اجتماعية معقدة تشهدها الآن الكثير من الدول الأوروبية، ولعلنا نرى أن شكل هذه الأزمات له انعكاسات على سياسات هذه الدول وعلى الأصوات الانتخابية، ونرى أن أقصى اليمين المتطرف يظهر ويحقق فوزاً أو تقدما كبيراً، وفي الجانب الآخر نرى أن هناك تذبذباً في هذه السياسات التي تشهدها الدول.

وأشارت زينب مراد إلى أن نتائج الانتخابات الفرنسية الأخيرة هي خير دليل على هذا التخبط، وقالت: "أما بالنسبة لمواقف الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية بشكل عام تجاه الشرق الأوسط بعد كل هذه التغييرات التي تشهدها وكذلك تأثير هذه المواقف على القضية الكردية، يمكن أن نحدد مسارين لهذه المواقف مع الإشارة إلى انحلال المسار الثالث، والمسار الأول يتمثل في مسألة الهجرة التي باتت تمثل قلقاً كبيراً لمعظم الدول الأوروبية، خاصة أن اليمين المتطرف هو أكثر من يؤكد على تغيير سياسات الهجرة".

لا يتوفر وصف.

بينما كشف إيفان أوس، مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أنه منذ شباط/ فبراير 2024، أصبح مارك روته المرشح الرئيسي لمنصب الأمين العام لحلف الناتو، وقبل ذلك ظهرت علامات مختلفة، على سبيل المثال، تأييد رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون.

وأكد مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أنه بحلول نيسان/ أبريل 2024، تمت الموافقة عليه من قبل ممثلي 28 دولة من أصل 32 دولة، وفي 20 حزيران/ يونيو 2024، وافقت جميع دول الناتو البالغ عددها 32 دولة على ترشيح روته لمنصب الأمين العام للحلف.

وأردف: "من المتوقع أن يتولى منصبه في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وأعرب روته عن ثقته في أن حلف شمال الأطلسي يجب أن يستمر في احتواء روسيا، من خلال تعزيز حماية الجناح الشرقي والإنفاق الدفاعي السنوي من قبل كل دولة عضوة في الناتو بما لا يقل عن 2 بالمائة، من الناتج المحلي الإجمالي".

وذكر إيفان أوس أن مارك روته كان رئيساً لوزراء هولندا لفترة طويلة جداً من عام 2010 إلى عام 2024، وخلال هذا الوقت أصبح يمتلك وزناً ثقيلاً حقيقياً في السياسة العالمية، وبالتالي، كان مناسباً لمنصب الشخص الذي سيعتمد عليه التحديث الإضافي لحلف شمال الأطلسي إلى حد كبير، وسوف يتعلق هذا بكل من المواجهة الحالية مع روسيا، ليس فقط في مجال حرب أوكرانيا ضد روسيا ولكن أيضاً في مجالات أخرى، وخلق رؤية للمزيد من التطوير لحلف الناتو.

وقال مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية: "من الواضح بالفعل أنه في المستقبل القريب، قد تصبح البلدان التي لا تنتمي إلى حوض الأطلسي أعضاء محتملين في حلف الناتو، وهي اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا".

وأشار "أوس" إلى أنه ليس من المؤكد أيضاً أن الناتو قد يصل إلى الجزء الجنوبي من المحيط الأطلسي، وبالتحديد إلى الأرجنتين، وقال: "من السابق لأوانه الحديث عن مثل هذه التغييرات، لكن مارك روته هو الذي سيتعين عليه تمهيد الطريق لمثل هذه التحولات في الناتو".