بين حربٍ نفسيّةٍ وضياع.. كيف تولّت المرأة الكرديّة حزمةَ مناصب؟
أكدت الناشطة الإعلامية سعادت خليل أنّ المرأة الكردية قطعت السلاسل الحديديّة ووضعت حروف الذَّهب على قوالب التّعسفيّة والاستطالة.
أكدت الناشطة الإعلامية سعادت خليل أنّ المرأة الكردية قطعت السلاسل الحديديّة ووضعت حروف الذَّهب على قوالب التّعسفيّة والاستطالة.
في ظلِّ الصـّراعاتِ الذّهنيّةِ الذّكوريّةِ على أوساطِ الرقعةِ الجغرافيّةِ المؤلمة، ولا سيما في الشّرقِ الأوسطِ قاطبةً، كانت النّساء يواجهن العقليّة الذّكوريّة السّلطويّة الّتي اِستطاعت تهميش العديد من النّساءِ من مختلفِ مكوّنات المنطقة، ولكن بفعل التغيّيرات السّلوكيّة والذّهنيّة والتحرّريّة الموضوعةِ على صفحاتِ الكتبِ المقدّسةِ فكريّاً، برزت شخصيّاتٌ نسائيّةٌ ليضفن لمساتهنّ المأخوذة من عظماء القادة الوطنيّين، وخيرُ مثالٍ على عظماء القادة الّذين حوّلوا صندوق العقل المبلور ببقايا العقليّة الذكوريّة الدوغمائيّة إلى ساحة القرار والحقوق الصّارمة، هو القائد والمفكّر عبد الله أوجلان الّذي برع بحلّ قضايا جمّة في كلّ بقاع الأرض.
على شفا براقةِ مقاومةِ المرأة الكرديّة الجبّارة وزيادة شدّةَ تباين قوّتها أمامَ السّلطاتِ المستبدةِ والمهيمنةِ لحقوقِهنَّ الشّرعيّةِ، فنحن بالتأكيدِ لا نحتاجُ إلى الثّامنِ من آذار لإبرازِ ملامحَ القوّةِ لديهن، والمرحلة العدائيّة الّتي عاشتها النّساء بأكملهنّ لا تمرّ مرور السّلام كما يُعتقد، إنّما على النّساء كافةً أن يطالبن بحقوقهنّ المتقاسمة إقليميّاً ودوليّاً، ولا تزال حقوق المرأة في مجتمعاتنا تحتاج إلى الكثير من الجهود، وبهذا الصّدد حاورت وكالة فرات للأنباء (ANF) سعادت خليل، الإداريّة في منظّمة بيام للتّنمية والمترجمة في الشؤون العلميّة المركزيّة والنّاشطة الإعلاميّة والّتي تؤكد بدورها أنّ المرأة الكردية قطعت السلاسل الحديديّة ووضعت حروف الذَّهب على قوالب التّعسفيّة والاستطالة.
بفكرٍ ديمقراطيّ أصيل وابتسامة لا تفارق محياها، اشتهرت سعادت خليل، الإداريّة في منظّمة بيام للتّنمية بمدينة عامودا والمترجمة في الشؤون العلميّة المركزيّة والنّاشطة الإعلاميّة بكفاحها ودفاعها عن حقوق المرأة الكرديّة والعربيّة في شمالِ شرق سوريا. وتتميّز بأيقونة العمل المدنيّ في طرح قضايا تهم النّساء والأيتام وأصحاب الاحتياجات الخاصّة، وذلك بغرض كشف حجم معاناة هذه الفئة وحجم احتياجاتهنَّ، خاصةً في مجال التّعليم والعمل.
بدأت سعادت مشوارها الأوّل كمترجمة في الشؤون العلميّة المركزيّة، حيث ساهمت في تطوير علاقة الفرد بالتعليم والتعلّم، وعملت على تنسيق التّوعية الاجتماعيّة والشّخصيّة وولجت إلى زوايا تهم المرأة كحقوقها في التّعليم والتّدريس والمساواة، واِستطاعت أن تكشف عن ستار الموت الخانق واللعين الّذي كان يقتل المرأة ويفني أعمالها العلميّة بذريعة الشّرف، ألا إنَّ الصّبر كان بحوزة سعادت لتكمل انطلاقتها الأولى في عالم التّرجمة والعلوم الإنسانيّة، ثم اِلتحقت بمعهد إدارة الأعمال لتدير منظّمة تهتم بقضايا الأيتام وأصحاب الاحتياجات الخاصة بعد تخرّجها من أوّل مشروعٍ لها بمدينة عامودا، وعملت على حلّ مئات المشاكل البينيّة والفرديّة في غضون سنوات قليلة فقط.
"المرأة لم تكن على بساط الوداع ... حاربت لتصون شرفها"
أبدت سعادت خليل من خلال اللقاء الّتي أجرته وكالة فرات للأنباء (ANF) عن إعجابها الشّديد بالمرأة الكرديّة وبقائها في قائمة الحذاقة الفكريّة بأنّها بداية الحريّة وقوّة جبّارة في الكفاح السّياسيّ والاجتماعيّ، وقالت: "على المرأة أن تنظر إلى مفهوم علم المرأة كسهمٍ في جذع الشّجرة لا تستطيع أن تتعامل معه إلّا بعد أن يحرره من الجذع، وهنا الجذع يمثّل الذهنيّة الذّكوريّة، فالمرأة القويّة لا تعرف المستحيل إن كانت عربيّة أم كرديّة، والفكرة تكمن بديمومة عملها وصلابة تفكيرها، دائماً ما نشاهد المرأة الكرديّة تحارب الظلم فقط لأجل البقاء والسلام لا لأجل خلق قيادات تلكئ الأعمال الإداريّة ".
"مشروع الأمّة الديمقراطيّة هو العمود الفقري للمجتمع"
وأشارت سعادت خليل، بصفتها متابعة لأعمال ومشروعات الإدارة الذاتية، إلى أن "الإدارة الذّاتيّة قدّمت رسالة لكل الشعوب مضمونها «التحررية والديمقراطيّة» فكيف لنا أن نستهزئ بإدارة عملت على تفكيك ومحو العنصرية والتمييز من بين المجتمع، ليس هذا فقط، بل قلّصت من محورية التكتلات الحزبيّة والدبلوماسيّة دون خسارة قد تطال أفكار المجتمع المدني، ربّما نشاهد ونتابع مشروعات جمّة في الوسط المدني من حكومات ديكتاتوريّة لاديمقراطيّة، ألا إنّ قابليّة التأثير بتقديم محتوى المشروع قد لا تطابق الفعالية القصوى للحركة الإنسانية داخل مجتمع شح فيه التماسك الوطنيّ والقومي من قبل جماعات هشّة، ولكن بفضل مشروع الأمة الديمقراطيّة عادت ابتسامة الشعوب وتوّجوا بالحريّة".
"المرأة تضع ريشها على لوحة الرجل"
وأوضحت سعادت خليل أنّ ما نراه اليوم هو عبارة عن مزيج من الفكر الصّائب ضمن مجتمع كان قد فقد الأمل بازدهار واقع الذهنية الحديثة فيه، وقالت: "فعلى سبيل المثال؛ سابقاً كنّا نشاهدُ الأوساط الفنية والعسكرية والسياسية والتعليميّة خالية من يد المرأة الجبارة، أمّا اليوم قد تغيّر الأمر تماماً وأصبحت المرأة تضفي بصمتها على كلّ عمل يستحق النضال من الرئاسة المشتركة والأعمال التنفيذية والتشريعية والقضائيّة وحتّى أبدعت في المجال المهنيّ العمليّ مثل الدراسات التّخصصيّة كالهندسة والطّب والصّحافة".
وكشفت سعادت خليل، أن فكر الأمّة الديمقراطيّة يتحدّث عن وجود الديمقراطيّة بين الناس عامةً، سواء كانوا كرد أو عرب، وبيّنت أنّ هذا الفكر لا يتقولب ضمن مضمار وسياق واحد أو يرتبط بشعب واحد وأمة واحدة، بل له علاقات عديدة مع كافة الشِعوب، ويهتم بالقضيّة الكرديّة كونها قضيّة إنسانية وأخلاقيّة.
وفي نهاية حديثها، أكدت سعادت خليل، الإداريّة في منظمة بيام، أنّه لا فرق بين عربيِّ وكرديّ حيث ترعرعوا ودرسوا وتعلّموا معاً، وقالت: "على الأخوة جميعاً أن يدركوا معنى "أخوة الشعوب"، ولا يستطيع أيّ كائنٍ أن يزعزع الاستقرار المدنيّ وهدم العلاقات والمفاهيم العصريّة بحق الشعوب".