موقع ستراتفور الاستخباراتي الأمريكي حذر، قبل يوم، من خطورة العمليات التركية سواء في شمال العراق أو شمال وشرق سوريا، خصوصاً من أنها قد تصل إلى مناطق أبعد من الشريط الحدودي سواء مع سوريا أو العراق، داعياً إلى ضرورة أن يكون هناك ردة فعل دولية تمنع أنقرة من التمادي في هذا المنحى.
ولفت التقرير إلى أن تركيا كثفت هجماتها على مدار الفترة الماضية في جنوب كردستان "شمال العراق"، لكن الهجمات كانت في حدود جغرافية معينة، إلا أن المخاوف تأتي من أن أنقرة ربما تمدد عملياتها إلى محافظات أخرى قريبة من مناطق تلك العمليات، وربما تمتد كذلك إلى سوريا مجدداً، مدللاً على ذلك بأن تركيا بدأت توغلات برية وديناميكية في عمق محافظة دهوك بجنوب كردستان منذ بداية يونيو/حزيران الماضي، كما كثفت عملياتها البرية في 10 يوليو/تموز.
وذكر التقرير أنه ابتداءً من يونيو/حزيران 2024، أفادت التقارير أن تركيا بدأت عمليات توغل عسكرية برية وجوية في عمق محافظة دهوك بجنوب كردستان "شمال العراق"، كما أشار إلى أن أنقرة منذ عام 2022 تعتمد في المقام الأول على الضربات الجوية في إقليم كردستان العراق ضد ما تزعم أنها أهداف إرهابية، ما يعني اختلافاً وتطوراً في طبيعة العمليات عن ذي قبل.
حاجة إلى تحرك أمريكي
في هذا السياق، يقول إيهاب عباس المحلل السياسي بواشنطن إن التحركات التركية هذه قوبلت بإدانات كثيرة من قبل، ولكن الوقت قد حان لأن يكون هناك تحرك رسمي من قبل الكونغرس الأمريكي لإدانة العمليات التركية وأن يكون هناك قرار رسمي بالإدانة لما يجري بحق الكرد.
ويرى "عباس" أن التطورات المتعاقبة تشير إلى أن الرئيس التركي أردوغان لديه مطامع كبيرة، وهذه المطامع لن تتوقف إلا إذا تمت مواجهته بالقوة من خلال قرارات سياسية ودبلوماسية حاسمة، وربما عسكرية إذا تطلب الأمر، داعياً إلى ضرورة أن يكون هناك تحقيقات من قبل اللجان المختصة في الكونجرس بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها أنقرة.
ودعا المحلل السياسي إلى ضرورة أن يكون هناك تحرك كبير من قبل الأطراف الكردية المؤثرة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وتقديم ما يلزم من وثائق بشأن الانتهاكات التي يقوم بها النظام التركي عبر تلك التدخلات وإقناع المشرعين بضرورة أن يكون هناك مشروع قرار يلزم أنقرة بوقف تلك العمليات وإمكانية اتخاذ إجراءات عقابية.
تنسيق مع حكومة بغداد
وعلى الرغم من أن حكومة بغداد المركزية خرجت أخيراً عن صمتها وأدانت العمليات التركية، إلا أن هذا الموقف بحسب بعض المراقبين يأتي من باب ذر الرماد في العيون، إذ أن هناك قناعة بأن أنقرة ما كانت لتقوم بتلك العمليات الهجومية إلا بتنسيق مع حكومة محمد شياع السوداني وكذلك حكومة هولير "أربيل".
ويقول الدكتور غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات السياسية، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء، متحدثاً عن موقف الحكومة العراقية إن بغداد لا يمكنها مواجهة أنقرة، لأنها بحاجة إلى الأتراك فيما يتعلق بالمياه والطاقة وطريق التنمية الاستراتيجي والتكنولوجيا والزراعة، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من الاتفاقيات التي أبرمت بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى العراق في فبراير/شباط الماضي بمختلف المجالات.
وقال "فيصل" إنه بالطبع هناك تنسيق بين الحكومة العراقية وبعض القوى السياسية وأنقرة فيما يتعلق بتلك العمليات، إلا أن حكومة بغداد في الوقت ذاته محرجة لأن هذا التدخل من الناحية الشكلية يمثل انتهاكاً لسيادة العراق، ومن الناحية الموضوعية والواقعية فهي لا تشكل انتهاكاً في ظل موافقة الحكومة العراقية على شن أنقرة تلك العمليات، وبالتالي هو انتشار تركي في إطار موافقة من السلطات في بغداد.
ولفت إلى أن أردوغان زار هولير بعد زيارة بغداد وكان جوهر زيارته شن هذه العمليات العسكرية، مشيراً إلى أنه عندما يأتي أردوغان ويأتي وزير الخارجية التركي ووزير الدفاع وعدد من المسؤولين وخبراء من مختلف التخصصات وتبرم اتفاقيات، وعقب تلك الزيارات أعلن وزير الدفاع مباشرة وبوضوح أن تركيا ستقوم بعمليات عسكرية وزار المواقع التركية في الأراضي العراقية، بالتالي فإن كل هذا يتم بعلم من حكومة بغداد.