تداعيات انتخاب محافظ كركوك الجديد.. هل نجح الاتحاد الوطني الكردستاني بإفشال مخططات أنقرة

نجح الاتحاد الوطني الكردستاني في الظفر بمقعد محافظ كركوك وإحباط المخططات التركية حول المحافظة النفطية الغنية رغم مقاطعة حلفاء أنقرة من الحزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية وبعض الأعضاء العرب.

شهد فندق الرشيد في العاصمة العراقية بغداد انعقاد اجتماع هام حضور ممثلي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، بدعم من المقعد المسيحي، ورعت حركة عصائب أهل الحق الاتفاق بين هذه الأطراف، حيث تم تعيين ريبوار طه محافظا ومحمد حافظ رئيسا لمجلس المحافظة، فيما تم تسمية إنجيل زيل من المكون المسيحي مقررة للمجلس، من دون مشاركة أعضاء كتلة الحزب الديمقراطي وعدد من النواب العرب.

ودعا محافظ كركوك ريبوار طه، الجبهة التركمانية والحزب الديمقراطي الكردستاني وبعض العرب لإنهاء مقاطعتهم لجلسات مجلس المحافظة، والانضمام للمجلس وكابينته الحكومية، وأعلن بافل طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، أن الاتحاد ينتهج سياسة الرئيس مام جلال في كركوك، ويعمل لمصلحة جميع المكونات قبل أن يعمل للكرد، مما يثير التساؤلات حول كواليس انتخاب المحافظ وإحباط المخططات التركية لعرقلة اختيار المحافظ.

وكان قد حصل تحالف كركوك قوتنا وإرادتنا الذي يمثل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على 157 ألفا و649 صوتاً وحصل على خمسة مقاعد، والتحالف العربي في كركوك على 102 ألفا و558 صوتا بثلاثة مقاعد، و جبهة تركمان العراق الموحد على 75 ألفا و169 صوتاً بمقعدين، وتحالف القيادة على 61 ألفا و612 صوتاً بمقعدين، والحزب الديمقراطي الكردستاني على 52 ألفا و278 صوتاً بمقعدين، وتحالف العروبة على 47 ألفا و919 صوتا بمقعد واحد.

اختيار محافظ كركوك

لا يتوفر وصف.

يقول سعدي بيرة عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني الكردستاني في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء(ANF)، إن محافظة كركوك هي محافظة هامة للحزب الوطني الكردستاني والرئيس العراقي الراحل جلال طالباني كان يزور كركوك بشكل أسبوعي.

وأضاف، أن المحاولة التركية لمنع تنصيب محافظ كركوك والمتعاونين مع هذه الأطراف هي مؤامرة على العراق وعلى كركوك، وذلك عبر استغلال قسم من الناطقين بالتركمانية في كركوك ولكن الأغلبية من الناطقين بالتركمانية لا يرضون أن يكونون خونة أو طابور خامس، والجماعات التركمانية المحسوبة على تركيا هم فئة قليلة.

يقول علي مهدي، مدير مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية والقيادي في الحزب الشيوعي العراقي في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن مدينة كركوك لها وضعية خاصة لأنها تعتبر عراق مصغر، حيث يوجد بداخلها عرب وكرد ومسيحيين وسنة وشيعة، مبيناً انه لم تجرى أي انتخابات في المدينة منذ عام ٢٠٠٥، وجاءت الانتخابات الأخيرة والتي انتهت بعدم وجود نسبة حاسمة لأي من الكتل الانتخابية لتشكيل مجلس المحافظة واختيار المحافظ.

وأضاف، أنه تشكلت لجنة لحسم القضية تحت رئاسة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ولكنها أخفقت في مهمتها، وذلك حتى اجتمعت الأكثرية في فندق الرشيد ببغداد وعقدت صفقة بين العرب والكرد والمسيحيين اتفقوا خلالها على تدوير المناصب الكبرى في المحافظة بين المكونات المختلفة، مشيراً إلى أن القرار الحاسم كان بيد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

فشل المؤامرة التركية

لم تتوقف المؤامرات التركية حول مدينة كركوك سواء قبل اختيار محافظ كركوك او بعدها، حيث توالت الاجتماعات التركية بالسياسيين في المحافظة، والتي كان آخرها اجتماع نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز مع رئيس الجبهة التركمانية العراقية حسن طوران في العاصمة أنقرة والذي حضره أيضًا النائب في مجلس النواب العراقي عن كركوك أرشد صالحي، وأكد دعمه لـ "تركمان العراق" وذلك بعدما تقدمت الجبهة التركمانية بطلب للمحكمة الاتحادية لبطلان جلسة اختيار محافظ كركوك.

ويرى "بيرة" أن الحزب الوطني الكردستاني يدرك المؤامرة ولذلك لديه سعة صدر من أجل الحفاظ على وحدة كركوك ووحدة أهالي كركوك، وهي ليست المرة الأولى التي يتجنب فيها التركمان المشاركة، لأنه بعد عام 1992 عندما تم تشكيل برلمان كردستان عرض على التركمان المشاركة في البرلمان رفضوا ذلك بسبب الضغوط التركية ولم يشاركون إلا بعد عام 2003، مشددا على أن التركمان لهم موقع في مجلس محافظة كركوك وفي إدارة المحافظة.

وأشار الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى أن العراق دولة ذات سيادة منقوصة بسبب التوغل التركي في الأراضي العراقية، ويجب على الحكومة المركزية مجابهة هذا التوغل، حيث يوجد على بعد 75 كم في بعشيقة مقر للجيش التركي و عشرات المقرات للجيش والدرك التركي بدعوى محاربة حزب العمال الكردستاني.  

لا يتوفر وصف.

بينما يرى "مهدي"، إلى أن المؤامرات التي كانت تديرها تركيا وحلفائها ضد قرار اختيار المحافظ فشلت وذلك لأن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني هو صاحب الأكثرية حيث يمتلك 4 مقاعد في مجلس المحافظة ومجالس المحافظات في العراق تنتخب بالأكثرية 50+1، وكان هناك قضية أمام المحكمة الاتحادية تطعن في الانتخابات وأكدت المحكمة أن الانتخابات سارت في الطريق الصحيح، مشيراً إلى أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني له شعبية كبيرة في كركوك، وحصل على مقعد المحافظ في آخر انتخابات أجريت عام 2005.

وقال مدير مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تركيا لديها موقف من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ولكنها غير قادرة على التأثير على المشهد السياسي في كركوك، وذلك لعدة أسباب أهمها ضعف تمثيل المكون التركماني في مجلس المحافظة والحزب الديمقراطي الكردستاني، ورغم ذلك فإن التركمان بعد اختيار المحافظ الجديد حصلوا على مناصب هامة داخل المحافظة مثل قائمقام المحافظة ومناصب داخل الشرطة

ادعاءات عدم الشرعية

ويدعي الحزب الديمقراطي الكردستاني أن جلسة مجلس المحافظة التي أفضت لاختيار رئيس الحكومة المحلية، ورئيس مجلس محافظة كركوك غير قانونية، مؤكدة أنه لم تتم دعوته لحضور الجلسة، وتقدمت "الجبهة التركمانية" بطلب إلى المحكمة الاتحادية العليا لإلغاء الجلسة ولذلك أعلنت ثلاث كتل على انفراد وهي كتل الحزب الديمقراطي الكردستاني والتحالف العربي والجبهة التركمانية عن مقاطعتها لمجلس المحافظة.

وحول تلك النقطة يقول الناطق باسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أن من يروج لهذا الادعاء تحت ضغوط تركية مشيراً إلى أن الاجتماع حتى لو عقد في مقر البارتي لن يحضر الحزب الديمقراطي، لأنهم مقررين سابقاً ألا يحضروا، ولكن أكثر من نصف الأعضاء حضروا وموقع المحافظ يكون من نصيب صاحب الكتلة الأكبر وهو الاتحاد الوطني الكردستاني له 6 مقاعد والباقي كل قوة لها مقعدين، ولكن العض بعد الفشل يعتمد على ماكينته الإعلامية والتي سيتم الرد عليها بالأعمال الإيجابية.

جدير بالذكر، أنه ولد ريبوار طه مصطفى أحمد المحافظ الجديد لكركوك عام 1982 في حي آزادي بمدينة كركوك، وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في المدينة، حتى حصل على بكالوريوس تربية في اللغة الانجليزية وبكالوريوس في الحقوق ودبلوم في الإدارة والقانون من معهد كركوك التقني، وبعد تحرير العراق حتى عام 2014 عمل في القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب.

 في عام 2014 أصبح ريبوار طه عضوا في مجلس النواب العراقي لأول مرة وكان عضوا في لجنة النزاهة، ولعب دوراً كبيراً في حماية أرواح وممتلكات الكرد في كركوك عقب الاستفتاء وأحداث 16 تشرين الأول ولم يغادر المدينة، في عام 2018 أصبح عضوا في مجلس النواب العراقي للمرة الثانية كزعيم لقائمة الاتحاد الوطني الكردستاني وكان نائبا لرئيس لجنة النفط والطاقة، كما كان نائباً لواضعي النظام الداخلي للبرلمان العراقي، وفي الدورتين الثالثة والرابعة للبرلمان العراقي، كان مدافعاً قوياً عن القضايا والحقوق المشروعة لشعب كردستان وكركوك، وانتخب عضواً في المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني في المؤتمرين الرابع والخامس.