فتح "الناتو" مكتب اتصال في الأردن.. ماذا في الكواليس؟

اتجه حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى فتح مكتب اتصال له على الأراضي الأردنية كخطوة أولى من نوعها في الشرق الأوسط، والتي أثارت كثيراً من التساؤلات حول دوافعها وأهدافها.

ويأتي توجه الناتو هذا في وقت تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أصعب فتراتها لا سيما مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي يقترب من دخول العام الثاني، وما ارتبط بذلك من مواجهات عسكرية في المنطقة لا سيما مع إيران ووكلائها من المليشيات سواء في العراق أو سوريا أو اليمن وكذلك حزب الله اللبناني.

وقد تساءل كثيرون حول الغرض من فتح هذا المكتب، فيما صدر بيان من وزارة الخارجية الأردنية يقول إن المكتب سيسهم في "تعزيز علاقات التعاون المشترك" مع الحلف، لافتاً إلى أن الحلفاء اعتمدوا في قمة الناتو لعام 2024 في واشنطن خطة عمل لتعزيز نهج التعاون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمواكبة تطورات المشهد الأمني والإقليمي والعالمي.

محددات رئيسية

لا يتوفر وصف.

يقول المحلل السياسي الأردني الدكتور خالد شنيكات، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن افتتاح مكتب اتصال لحلف الناتو في الأردن يمكن تفسيره أولاً في ضوء طبيعة العلاقة بين الحلف وعمان التي بدأت منذ ما يقارب 30 عاماً، وقد كانت في تطور دائم ومستمر، وهناك كثير من مجالات التدريب والتعاون بينهما وخاصة المناورات العسكرية، وأبرزها مناورات الأسد المتأهب.

وأضاف أن الأردن منذ تفكك الاتحاد السوفيتي وهو ضمن كثير من دول العالم التي انخرطت مع حلف الناتو في مجال التدريب والتعاون في القضايا اللوجستية والتسليح، لافتاً إلى أنه في الوقت ذاته فإن الأردن لديه علاقات جيدة مع الولايات المتحدة التي تتزعم حلف الناتو وهي علاقات تاريخية وقوية ومن أهم عناوينها برامج المساعدات سواء الاقتصادية أو العسكرية والأخيرة هي الأبرز.

وأشار في سياق العلاقات بين عمان وواشنطن إلى أن هناك اتفاقية تعاون دفاعي واتفاقيات أمنية تسمح للولايات المتحدة بتواجد في المنطقة، كما أشار إلى أن الموقع الجغرافي للأردن يلعب دوراً رئيسياً في أسباب افتتاح المكتب بها إذ تقع المملكة إلى جانب دول أساسية في هذا الإقليم وبشكل خاص إسرائيل وهي هنا أهم دولة إلى جانب سوريا والعراق والسعودية ومصر.

وقال شنيكات إنه في إطار هذا، فإن حلف الناتو يرى أن الأردن لديه موقع استراتيجي يمكن الاستفادة منه، وبالتالي كانت هذه عوامل رئيسية لاختبار المملكة لتستضيف مكتب اتصال للحلف في المنطقة، إلى جانب ذلك فإن العدوان على غزة عجل الاتجاه نحو افتتاح مكتب الاتصال التابع لحلف الناتو في الأردن، خاصة أنه كانت هناك مواجهة مباشرة مصغرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من الجهة الثانية والمليشيات المتحالفة معها، وقد تمثل ذلك في ضربات إسرائيلية لكبار ضباط الحرس الثوري الإيراني ورد طهران على تلك الضربات.

وقال في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF) إن حلف الناتو يريد من ذلك أن يبقي على تحكمه وسيطرته على الاستقرار الإقليمي، خاصة أن سفن الحلف ودوله تمر في البحر الأحمر والخليج العربي والبحر المتوسط، وبالتالي يريد الحلف ضبط أي محاولات لتغيير الوضع الراهن، مشيرًا إلى أن فتح مكتب اتصال الحلف يؤكد أن الحديث الأمريكي عن الخروج من الشرق الأوسط ليس واقعاً عملياً، بل على العكس فالحلف الذي تقوده أمريكا ينخرط في علاقات كثيرة مع دول المنطقة.

لكن تقارير عدة أشارت إلى أن طرح إنشاء مكتب لحلف الناتو في الأردن يعود إلى يوليو/ تموز العام الماضي، أي قبل أشهر من اندلاع الحرب في قطاع غزة، وربما التطورات تعجل بهذه الخطوة التي يعتبرها الحلف مهمة، خاصة في ظل التواجد الروسي بالشرق الأوسط، وتأكيد الحلف كذلك انخراطه في التعاون مع دول المنطقة.

تحول استراتيجي؟

لا يتوفر وصف.

يتفق حازم الغبرا المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية مع تصريحات شنيكات بأن اختيار الأردن لاستضافة مكتب اتصال حلف الناتو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يرتبط بأن المملكة الأردنية دولة أساسية في الشرق الأوسط وقريبة جداً من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى في الحلف الأطلسي.

لكن الغبرا أضاف، في تصريحاته هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الأردن يواجه تهديدات من إيران، وهناك فائدة في تنسيق أكبر في منطقة تنتشر فيها قوات للناتو، وبالتالي التنسيق أمر رئيسي، وما تم افتتاحه مكتب اتصال ليس أكثر من ذلك لكنه ضروري للتنسيق في المواقف إعلامياً وعسكرياً.

وأعرب المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية عن اعتقاده بأن فتح المكتب لا يعبر عن تغيراً استراتيجياً في المنطقة، فهو أمر تقني وكانت هناك حاجة لأشخاص على الأرض وعلى اتصال مباشر وحوار مع الأردن، خاصة أنه في منطقة الشرق الأوسط نجد أن العلاقات المباشرة والتعامل الشخصي أفضل كثيراً من التعامل عبر وسائل التواصل الرقمية، ومن هناك تكتسب تلك الخطوة أهمية.

وقال الغبرا إنه لا يرى دلالات أكثر من ذلك في المرحلة الحالية، لكن ربما في المستقبل تكون هناك أمور أخرى، داعياً إلى عدم نسيان أن الأردن منذ عام 1996 وهي توصف بأنها دولة حليفة للناتو من غير الأعضاء، وبالتالي نحن نتحدث عن علاقة عميقة ومهمة بين الطرفين.

ولدى الحلف كثير من أوجه التعاون مع دول المنطقة، لكن فيما يتعلق بوجود عسكري باسم الحلف، كان هناك تقرير خبراء صدر في مايو/أيار الماضي ذكر أن كافة دول شرق الأوسط ترفض أي تدخل عسكري مباشر من الحلف، لكنه أشار إلى أن الأخير يمكنه تعزيز شركاته في المنطقة من خلال تحسين الأمن البحري والمساعدة في الحد من الأسلحة ودعم جهود مواجهة تغير المناخ والأزمات الأخرى.