أصدر التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي/ تحالف ندى بياناً بمناسبة ذكرى إبادة شنكال في 3 آب 2014، مستنكراً من خلاله الانتهاكات الجسيمة بحق النساء والتي ترقى إلى مستوى جرائم حرب موضحاً أن من شنكال إلى أفغانستان والسودان، إبادة النساء مستمرة منهجياً!.
وجاء في نص البيان:
"ها قد مرت عشر سنوات على هجوم داعش، الذي هو نتاج قوى الهيمنة العالمية، على جبل شنكال/سنجار بإقليم كردستان العراق، مستهدفاً الشعب الإيزيدي المسالم والعريق بثقافته وديانته، والضارب بجذوره في أغوار هذا الجبل القديم. وبهذا الهجوم السافر لداعش على شنكال، إنما استهدف القيم الإنسانية وإحدى الحضارات العريقة في المنطقة، وأراد إبادة الشعب الإيزيدي متجسداً في كسر إرادة النساء الإيزيديات وإبادتهن، أكان جسدياً من خلال قتلهن والتنكيل بهن، أو نفسياً وروحياً وثقافياً من خلال تهجيرهن واختطافهن وسبيهن وبيعهن في أسواق النخاسة وفرض الأسلمة عليهن وعلى أطفالهن، إلى جانب تجنيد أطفالهن كأشبال الخلافة بعد تمريرهم بفترة من غسيل الدماغ والصهر الكامل. وما تزال معاناة هذا الشعب قائمةً كجرح عالمي ينزف وكوصمة عار على جبين الإنسانية، نظراً لعدم اعتراف الكثير من الدول والمؤسسات الحكومية المعنية بأن ما حصل في شنكال هو إبادة جماعية، ولعدم اعتراف أي منها بأن ما حصل هو أيضاً إبادة ممنهجة ضد النساء الإيزيديات.
لقد استنبط الشعب الإيزيدي دروساً كبرى من كل الفرمانات التي مروا بها على مر تاريخهم عموماً، ومن هجمات داعش ومَن سانده أو سهَّل له أمرَه بالتراجع وفتح الطريق له خصوصاً. ونخص بالذكر النساء الإيزيديات، اللواتي شمّرن عن سواعدهن، فأسسن قوات الدفاع الذاتي للدفاع عن أنفسهن وموطنهن وثقافتهن وحضارتهن، وأسسن تنظيماتهن ومنظومتهن النسائية الخاصة بهن والمنضوية في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية لشنكال، ليساهمن جنباً إلى جنب مع الرجال الإيزيديين لسد الطريق أمام أي احتمالٍ لأية إبادة أخرى. هكذا انتقمت النساء الإيزيديات من كل هذه الفرمانات، ومن داعش، وما تزال مسيرة ثأرهن الواعي والمنظم مستمرة، إلى أن تتحرر كل الفتيات والنساء الإيزيديات المختطفات، وإلى حين معرفة مصير كل مَن لا يُعرَف عنهن شيئاً؛ وذلك إدراكاً منهن أن هذا هو السبيل الذي لا غنى عنه لضمان المكتسبات والإنجازات، ولضمان استتباب السلام والأمن في شنكال، بل وفي عموم العراق.
كما إننا مقبلون على الذكرى السنوية الثالثة المشؤومة لاستيلاء طالبان على كابل، والتي كانت بداية وصولهم إلى الحكم بعد اتفاقية الدوحة، وبدايةً لعهد مأساوي جديد على الشعب الأفغاني عموماً، وعلى النساء الأفغانيات خصوصاً، نتيجة السياسة الدينية المتشددة التي تسلكها حركة طالبان وتطبقها عليهن. ونتيجةً لذلك، تفاقمت معاناة الأفغانيات بحرمانهن من أبسط حقوقهن وحرياتهن مع تزايد الفتاوى الصادرة بحقهن، لدرجةِ حصرهن بين أربعة جدران في منازلهن. هذا عدا عن حالات الاغتيال والقتل والاختطاف والتشويه بحقهن وما إلى ذلك من انتهاكات سافرة. وفي المقابل، استنبطت النساء الأفغانيات دروساً كبرى من تجربة الثورة النسائية في روجافا وشمال شرق سوريا من جهة، ومن تجربة مقاومة النساء الإيزيديات في جبل شنكال من جهة ثانية، ليبدأن هن الأخريات بالدفاع عن أنفسهن ووطنهن ضد الظلم والقمع. وما تزال هذه المسيرة النضالية الصامدة مستمرة.
وبصورة عامة، يمكننا القول إن جميع النساء عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني الويلات جراء الحرب العالمية الثالثة وتداعياتها الكارثية بشتى أشكالها وفي مختلف المجالات، بدءاً من فلسطين واليمن وسوريا والعراق وكردستان وإيران، وصولاً إلى ليبيا وتونس والمغرب ومصر والصحراء الغربية. حيث تحول الاستغلال والعنف الجنسي بشتى أشكاله إلى أداة حرب ضد النساء في بلدان ومناطق النزاع، هذا عدا عن البطالة والنزوح والهجرة أو التهجير القسري، والحرمان من حقوق التعليم والرعاية الصحية، إضافة إلى استشراء الفقر المدقع والجوع والعطش، وكذلك التزويج القسري وتزويج القاصرات.
ونخصّ بالذكر هنا مأساة الشعب السوداني والنساء السودانيات، اللواتي يعانين الويلات جراء تحارب الأطراف الداخلية والتدخلات الخارجية. فحالات العنف الجنسي والاعتداء والاغتصاب الجماعي والاسترقاق باتت جزءاً لا يتجزأ من سياسة التنكيل والانتقام من النساء السودانيات اللواتي أشعلن شرارة الثورة الكنداكية. هذا عن الانعكاسات الأخرى المذكورة أعلاه عليهنّ جراء الحروب والاقتتالات.
كما لا بد من استنكار الهجمات السافرة على الشعب الفلسطيني والنساء الفلسطينيات، بالإضافة إلى استنكار أحكام الإعدام الصادرة بحق الناشطات الكرديات في إيران، وخصوصاً بحق الناشطتين شريفة محمدي وبخشان عزيزي. ونؤكد أن كل هذا يتم أمام مرأى ومسمع الدول والجهات والمؤسسات الدولية المعنية، دون أن تُحَرّك ساكناً، رغم أنها تتغنى بحقوق الإنسان والنساء؛ مما يعد أكبر دليل على مدى النفاق والازدواجية في مدى الالتزام بالمعايير الإنسانية المنصوص عليها في مختلف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ومدى تطبيقها أو محاسبة المسؤولين عن الإخلال بها.
وعليه؛ فإننا، وباسم التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي/تحالف ندى، إذ نستنكر الإبادة الممنهجة على كل نساء المنطقة، متجسدةً في الإبادة المطبقة بحق النساء الإيزيديات والأفغانيات والسودانيات والفلسطينيات، فإننا نعرب مجدداً عن تضامننا ودعمنا ومساندتنا لنضال ومقاومة النساء الإيزيديات والأفغانيات والسودانيات والفلسطينيات وجميع النساء الحرائر في المنطقة والعالم؛ وندعو الجهات والمؤسسات الدولية المعنية بفك الصمت وبدء التحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة بحق النساء؛ وندعوها لمحاسبة الحكومات والجهات المعنية عن كل الانتهاكات الحقوقية بحق النساء، والتي ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتصل حد الإبادة الممنهجة ضدهن؛ وندعوها للاعتراف بإبادة النساء الممنهجة المطبقة ضد النساء عموماً والإيزيديات خصوصاً؛ وندعوها للضغط على الجهات المعنية لوقف أحكام الإعدام الصادرة بحق الناشطات في إيران.
عاش النضال النسائي المشترك!
عاش الدفاع النسائي عن النفس!
المرأة، الحياة، الحرية!