مؤتمر أكاديمية الجنولوجيا: الحياة علم والعلم هو الحياة
عٌقد المؤتمر الثاني لأكاديمية الجنولوجيا بإقليم شمال وشرق سوريا تحت شعار " تتجدد حكمة المرأة بالجنولوجيا".
عٌقد المؤتمر الثاني لأكاديمية الجنولوجيا بإقليم شمال وشرق سوريا تحت شعار " تتجدد حكمة المرأة بالجنولوجيا".
بعد التحضير له منذ ثلاثة أشهر، من خلال نقاشات وجلسات مشتركة تركزت مجملها حول "المهام الفكرية في إنشاء منظومة الأكاديمية"، و"منهجية الجنولوجيا"، و"دور الجنولوجيا في بناء الثورة النسائية"، و"أساليب وأهداف التدريب على الجنولوجيا"، و"مستوى عالمية الجنولوجيا ومدى توسعه في الشرق الأوسط"، عُقد الكونفرانس الثاني للجنولوجيا، في إقليم شمال وشرق سوريا، تحت شعار "تتجدد حكمة المرأة بالجنولوجيا"، على مدار يومين، في قاعة سردم بمدينة الحسكة، بمشاركة أكثر من 250 مندوبة عن التنظيمات النسائية في الإقليم وسوريا والشرق الأوسط والعالم.
الكونفرانس الذي ناقش أهمية علم المرأة، بهدف الوصول إلى المعرفة وممارسة علم المرأة واقعاً، وعكس المنظور الجمالي التاريخي والاجتماعي للمرأة، خلافاً لمؤتمرات العلوم الوضعية الكلاسيكية، فقد عكس لون ولغة ومستقبل المرأة بلغة الفن والثقافة، مع التأكيد أن "الحياة علم والعلم هو الحياة".
بدأ الكونفرانس بالوقوف دقيقة صمت، ثم الترحيب بالحضور، ألقت بعده الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية ليلى قره مان كلمة، هنأت فيها المشاركات بانعقاد الكونفرانس، واستذكرت المناضلات في سبيل تحقيق حرية المرأة وانتزاع حقوقها، اللواتي ضحين بأرواحهن من أجل إظهار الحقائق الاجتماعية، بدءاَ من الشهيدة بسي أنوش إلى هيلين مراد، وهناء الصقر، وليلى آكري، وهند وسعدة، ويسرا وريحان وناكهان أكارسال.
وأضافت ليلى قره مان: "في هذه اللحظات التاريخية نحمل بين أيدينا وقلوبنا لحظة الخلق، والإبداع والاستمرار التي تتكلل بمعنى الحياة والجمال في مسيرتنا النسائية والتاريخية المفعمة بالحيوية والمعنويات والإنجازات العظيمة التي تحققت".
ونوّهت ليلى، إلى أنه على مر الزمان دُفع بالمجتمعات والحياة البشرية حتى يومنا الراهن نحو الانحطاط والعقم والانهيار الاجتماعي، كونها رزحت تحت نير أنظمة سلطوية مركزية قائمة على التعصب الجنسوي والديني والقومي لقرون طويلة، ما أدى إلى اضطهاد المرأة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وتسبب في حدوث اختلال في التوازن الاجتماعي والثقافي بين المرأة والرجل.
وقالت ليلى قره مان "عملت الحداثة الرأسمالية ومنظومتها الأيديولوجية على تطوير الآليات والأدوات بمنهجية، ونقلها إلى جميع خلايا المجتمع بعناية فائقة للتميز بين الذات والموضوع، واستبعاد المرأة وتنميط دورها وجسدها وتسييرها نحو الاغتراب وجعلها أحد متممات الرجل".
وبيّنت أن القمع والاضطهاد اتخذ موقفاً مضاداً للمرأة، وحكم عليها بأقصى درجات العبودية، بحيث أصبحت عرضة لجميع الممارسات والأساليب الترهيبية والتهميش.
وتابعت ليلى قره مان "إن علم المرأة يشكل جوهر علم الاجتماع، ويعدّ رؤية جديدة وأسلوباً جديداً في مناقشة القضايا الاجتماعية والبحث في كل المجالات الدينية والفلسفية والفنية، فالتنوير الحقيقي للطبيعة الاجتماعية غير ممكن إلا بتنوير طبيعة المرأة".
وأردفت ليلى قائلة: "دعت الحاجة لتطوير علم المرأة "جنولوجيا" كمنجز عظيم في خضم فوضى القرن الحادي والعشرين، وكحاجة حياتية وفكرية ملحة، ومخرجاً أساسياً لتصحيح وتنوير الحقيقة التاريخية لجميع الظواهر التي تعتّم الحقيقة الاجتماعية وتقلبها رأساً على عقب".
ثم قُدّمت عروض مسرحية ورقصات شعبية، حيث عُرضت مسرحية بعنوان "مسرح الظل" مجسداً ثورة المرأة، من إعداد وتقديم مشارِكات دوليات في معهد أندريا وولف، كما عُرضت الرقصة الوطنية لفرقة الفلكلور النسائية التابعة للجمعية الأرمنية.
وخلال المحور الأول من اليوم الأول للكونفرانس أكدت الإدارية في جامعة روج آفا، أفين أحمد، على سعيهن عبر الأكاديميات للقضاء على فكرة التمييز بين الجنسين، حيث قالت: "نسعى من خلال الدورات الأكاديمية لإزالة فكرة التمييز بين الجنسين، ونشر فكرة الحياة الودية الحرة؛ لأن الهدف من الأكاديميات هو بناء مجتمع حر قائم على النظام الكونفدرالي الديمقراطي".
كما أشارت إلى ضرورة تسيير النشاطات التي تركز على الإرادة والفكر الحر، وخلق الإمكانيات اليومية والتاريخية لتطوير عمل المرأة من خلال تنوع النشاطات والمعرفة.
وشددت على مسؤولية الإكثار من وسائل الحياة الحرة، من خلال تحديد الربط الديالكتيكي بين حقيقة المرأة المحصورة بين أربعة جدران، والمرأة الساعية نحو ثورة حرية المرأة.
وفي المحور الثاني، الذي تمحور حول "المفردات" شرحت المدرّسة في قسم الجنولوجيا نوفة علي، معنى مصطلح المنهجية، قائلة إن "معنى المنهجية بمفهومها العام يدل على الأساليب والطرق وكيفية ممارستها للوصول إلى الحلول، وأن كل مجتمع يتبع منهجية معينة وخاصة في تطبيق نظام الحياة المجتمعية".
وأوضحت "أن المنهجية تختلف في تطبيقها بين المجتمعات من خلال الحس والبصيرة أو المنطق المطبق من خلال التفكير العلمي".
وأشارت إلى "طرق المنهجية المتبعة والسائدة في المجتمعات على مر التاريخ والتفكير الديني السائد في تلك المراحل، ومنهجية العلم في أوروبا القائمة على التفكير العلمي".
أما المحور الثالث، فتحدثت فيه المدرّسة في جامعة الشرق نوروز عثمان، عن أهمية التدريب الذي يتم تقديمه في الأكاديمية وأكدت أن له مساهمة كبيرة في خلق ورفع مستوى الوعي وفق المعايير الأخلاقية والسياسية، وقالت "هناك الكثير من النساء اللواتي يعشن تحت نير الاضطهاد والتعذيب، ولأجل إنهاء ذلك، لا بد من السعي للوصول إلى استقلالية المرأة الاقتصادية عبر تطوير دورها من الناحية الاقتصادية، بهدف الاعتماد على نفسها".
مستشهدة باستفادة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا من ذلك "بعد ثورة شمال وشرق سوريا، أثبتت النساء في المنطقة نجاحهن من جميع النواحي وخاصة الاقتصادية، وأُسست جمعيات خاصة بالمرأة، دخلت في خدمة نساء المنطقة، وتمت الاستفادة منها في مساعدة عوائلهن".
وفي المحور الرابع، ركزت المدرّسة في جامعة روج آفا، على دور ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا، وكيفية ترجمتها وتعميمها، وما تتطلبه، مشددة "تتطلب المعرفة التامة بعلم المرأة "جنولوجيا"؛ لأنها تشكل أساس ثورة المرأة الحرة".
كما أكدت على أهمية فهم العلاقة بين الثورة والفكر، مشيرة إلى أنه يجب أن تكون الأيديولوجيا متوافقة مع حقيقة المجتمع. وإذا كانت بعيدة عن واقع المجتمع، فإنها ستواجه الرفض والسخط. وأكدت أن "الثورة دون المجتمع لا تجوز، فثورة دون ارتباط بتاريخ المجتمع وفكره لن تنجح. لذا، يتطلب أي طرح التواؤم مع ثقافة المجتمع، وبذلك يمكننا إنجاح الثورة وترسيخها بشكل أكبر".
وفي المحور الأخير، أشارت عضوة أكاديمية جنولوجيا، شرفين نودم، وعضوة أكاديمية جنولوجيا مركز الطبقة، جهينة العبو، وعضوة أكاديمية جنولوجيا مركز حلب جهينة مامو، إلى ما يعيق محاولات النساء للنهوض بواقعهن.
وأكدن أن المرأة على الرغم من السياسات والنظام الرأسمالي الذي يحاول الوقوف عائقاً كبيراً أمام جهودها، وبشكل خاص الإسلام السياسي، فقد أدركت أن تحريرها مرتبط بتحرير وطنها. لذلك أسست تنظيماتها في جميع المجالات وعلى مختلف الصعد".
وتطرقن خلال المحور أيضاً إلى ما أولاه القائد عبد الله أوجلان من أهمية كبيرة للمرأة في مجلداته.
ثم فُتح باب النقاش الذي تمحور حول البحث في آلية تفادي الأخطاء التي تحدث في جميع المجالات، وخاصة تلك التي تديرها المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، ولضرورة تعديلها وفق الأسس والمبادئ المعتمدة في كل مؤسسة.
وأكدت المشاركات على أهمية زيادة الدورات الأكاديمية للنساء بهدف القضاء على الذهنية الذكورية، ما يسهم في تمكين النساء ليصبحن رياديات أكاديميات ذوات رؤية عميقة وفق فكر الأمة الديمقراطية.
بعد ذلك، عُرض سنفزيون عن أعمال وأنشطة الجنولوجيا خلال الأعوام السابقة، مبرزاً النجاحات التي حققتها المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا والشرق الأوسط بشكل عام.
وتم الوصول في نهاية الكونفرانس إلى عدة مقترحات وتوصيات هي:
* زيادة الأكاديميات الخاصة بالجنولوجيا لتعزيز ثورة المرأة كاستجابة لكل الانتهاكات التي تتعرض لها.
* تعزيز دور المرأة من خلال تقوية العلاقات الاجتماعية في المجتمع لنشر فكر علم المرأة.
* زيادة مشاركة النساء في الجنولوجيا لضمان وصول المعرفة إلى جميع المكونات المجتمعية.
* توفير تدريب مستمر للنساء اللواتي يقمن بتقديم الدورات التدريبية في الجنولوجيا.
وانتهى الكونفرانس الثاني للجنولوجيا الذي أقيم في مدينة الحسكة بتقديم فرقة أرتساخ فقرات غنائية ومسرحية، ما أضاف لمسة ثقافية على فعالياته. وترديد شعار "Jin Jiyan Azadî".