تتزامن الاحتفالات بشهر المرأة والربيع، مارس/ آذار، باحتفال نسوي مصري ذو طابع خاص، وهو يوم المرأة المصرية الذي تم اختيار يوم السادس عشر من الشهر ليكون يومًا للمرأة المصرية، التي أطلقت ثورتها في مثل هذا اليوم قبل قرن من الزمان، معلنة إطلاق شرارات التحرر التي غيرت وجه الدولة المصرية وتعاملها مع المرأة كنصف المجتمع، ومشارك في نهضته، بعد عقود من الجلوس خلف مشربيات الحزن بانتظار من يكسر أغلال أعادت المرأة إلى الجزء المغلق من المنزل والذي وُضعت عليه آلاف أشكال الظلال لتبقى في الخلفية حتى أطلقت المرأة الشرارة، سواء عبر سياسة الأميرة نازلي فاضل حفيدة محمد علي وصالونها الذي ضم صفوة المجتمع المصري الذين سيشكلون شكله فيما بعد، فيخرج منهم مناصر المرأة قاسم أمين، ويُطلق سعد زغلول مفاهيم جديدة تتلاقى مع أفكار النساء اللاتي خرجن من خدورهن في أول حراك ثوري شعبي بأبعاد مختلفة، وهي ثورة 1919 والتي كما كانت ثورة على الاحتلال كانت ثورة للمرأة المصرية التي بدأت من هناك النضال في مواجهة الاستعمار الانجليزي، والحقيقة أن المرأة المصرية وحدها كان مطلبها ومسعاها نوعين من الاستقلال؛ استقلال من الاحتلال وهو الملمح الوطني الجامع لشقي المجتمع، الرجل والمرأة على السواء، والآخر يخص المرأة التي خرجت في مظاهرات الوطنية المصرية لأول مرة وهي تحمل نفس شعار الوطنية المصرية وقتها "يحيا الهلال مع الصليب"، ولتتخضب الأرض وقتها بدماء أول شهيدة في العصر الحديث من أجل مصر، وهي السيدة "حميدة خليل"، التي يُقال إن استشهادها كان المحرك والمفجر الفعلي لثورة 1919، التي كانت امتدادا لتظاهرات المصريين الذين خرجوا دعما لسعد زغلول في منفاه.
وبعد أربع سنوات من سقوط حميدة خليل ورفيقاتها، في 1923 دعت هدى شعراوي لتأسيس أول اتحاد نسائي في مصر، وكان على رأس مطالبه رفع مستوى المرأة لتحقيق المساواة السياسية والاجتماعية للرجل من ناحية القوانين وضرورة حصول المصريات على حق التعليم العام الثانوي والجامعي.
وفي عام 1928، دخلت أول مجموعة من الفتيات إلى جامعة القاهرة، ثم في 16 مارس من عام 1956، حصلت المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشيح وهو أحد المطالب التي ناضلت المرأة المصرية من أجلها وهي التي تحققت بفعل دستور 1956.
وتواصلت المساعي والنجاحات وصولًا إلى العام 2022 والذي تحقق فيه للمرأة المصرية صور مختلفة من النجاحات الوطنية، باعتلاء المرأة منصة القضاء الإداري، لتكون بذلك كل منصات السلطة القضائية متاحة للنساء دون أي تقييد، ولتخترق المرأة المصرية بذلك كافة مجالات الحياة، وكافة سلطات الدولة الثلاث، تنفيذية كانت أو تشريعية أو قضائية.
وفي يوم المرأة المصرية كتبت رئيسة المجلس القومي للمرأة "مايا مرسي" على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "نحن حفيدات سيدات عظيمات ممن سطرن تاريخ المرأة المصرية الحديث نستطيع القول اليوم بكل ثقة أننا نسير في الطريق الصحيح نحو استكمال ما بدأوه والوصول إلى ما سعين إلى تحقيقه وأن ثمار نضالهن نجنيها الآن".
وأضافت مرسي: "نعيش عصراً ذهبياً فاليوم نكتب تاريخاً جديداً للمرأة المصرية يهب الأجيال القادمة من الفتيات الأمل ويمنحهم الفرصة، ويرسم طريقاً جديداً نحو المستقبل".
وبينما تبقى لمحة قاضيات المحكمة الإدارية العليا الحدث الأبرز للمرأة المصرية هذا العام، تقول القاضية هند أحمد علي، في أول أيام العمل في منصبهن الجديد، الذي يأتي في تلك الفترة: "فعلا خطوة يعني رائعة وكنا في انتظارها سنوات عديدة، معظم القاضيات اللاتي تم تعيينهن تعملن في هيئات قضائية مختلفة عن مجلس الدولة، الذي كان التحدي الوحيد الباقي".
وأضافت "كان لدينا الأمل بأن يتم إتاحة الفرصة لنا وأن ننضم إلى مجلس الدولة، وقد تحقق الحلم وجلسنا على منصة القضاء بمجلس الدولة، وبفضل الله تعالى، ثم بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، جاء الإعلان عن قبول القاضيات بمجلس الدولة بالتزامن فعلا مع يوم المرأة العالمي العام الماضي، وتقدمنا للوظيفة وفقا للشروط المعلنة، وتم اختيارنا، وتشاء الظروف أن نبدأ مهام عملنا واعتلاء المنصة في نفس الوقت تزامنا مع احتفالات اليوم العالمي للمرأة".
وأكدت أن المرأة المصرية أثبتت أنها قادرة على تحقيق ذاتها في كافة الساحات التي اتجهت إليها وأثبتت فيها قوة وقدرة على تعزيز الحضور، فأصبحت بمصر الآن الوزيرة، والبرلمانية والقاضية فهناك قاضيات تعتلين منصة القضاء المدني منذ مايزيد على سبع سنوات، وكلها زيادة فرص لإثبات المرأة قدراتها، والتأكيد على أن المرأة المصرية قادرة على تحقيق ذاتها في أي مجال.
وحول ما تبقى للمرأة المصرية من حقوق لتناضل من أجلها قالت: الكثير لازال أمام المرأة المصرية مشوار طويل وهذا لا يُنكر أن هناك انجازات عديدة تحققت".
وبدورها قالت القاضية رضوى أحمد حلمي: إن أهم ما يميز احتفالات يوم المرأة هذا العام وبامتياز هو انتهاء التمييز بين الرجل والمرأة في تولي المناصب القضائية، وهذا بعد التعيين في مجلس الدولة".
وأكدت أن المرأة المصرية تعيش الآن عصرها الذهبي والمشاهد كبيرة وكثيرة في تلك المرحلة التاريخية في عمر المرأة المصرية والتي لا زال لديها الكثير من الحقوق التي ستصل إليها بالتأكيد لافتة إلى أن المرأة المصرية كانت تسعى لنيل منصب قضائي في مجلس الدولة لما يزيد على نصف قرن وفي النهاية تحقق.
وبدورها تؤكد السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن المرأة المصرية تحتفل في هذه الآونة بإنجازات غير مسبوقة، لافتة إلى أن المرأة تناضل وتكافح من أجل الوطن منذ ثورة 1919 وحتى اليو، لافتة إلى أن القيادة السياسية تُدرك دور المرأة وأنها عماد الأسرة التي هي أصل المجتمع، وبالتالي فإن هذا الدعم يشكل رافعة ودافع مهم في مسيرة المراة، التي تحقق مزيدا من الإنجازات فتحت الأبواب لاستكشاف قدراتها.
سيدة مصر الأولى السيدة انتصار السيسي ولدى حضورها احتفالية "أيقونة المرأة المصرية"، عبرت عن سعادتها بحضورها وسط نخبة مميزة من نماذج مشرفة وملهمة لنساء مصر العظيمات، تؤكد أن المرأة هي الركيزة الأساسية لأمتنا، وأن تطور أي مجتمع ورقيه، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بدرجة وعي نسائه وثقافتهن، وهو ما تحقق بالفعل، فقد أصبحت حقوق المرأة واقعًا حقيقيًا بفضل جهود الدولة المصرية، وجهد نساء مصر وفتياتها في العلم والعمل وعبقريتهن في حمل الأمانة المقدسة في رعاية الأسرة وتربية الأبناء.