مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء: لا للاحتلالَين الإسرائيلي والتركي

أعدت مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء، من أجل الأمن والسلام، ملفاً موجزاً يسرد معلومات وحقائق تتعلق بالعدوانين التركي والإسرائيلي، مؤكدة أنهما أداتان إقليميتان مُسلَّطتان على رقاب شعوب الشرق الأوسط.

أصدرت مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء، من أجل الأمن والسلام تقريراً يسرد معلومات وحقائق متعلقة بكل من العدوانين التركي والإسرائيلي، اللذان يتشابهان في محدداتهما باعتبارهما أداتان إقليميتان مُسلَّطتان من قِبَل النظام العالمي وقوى الحداثة الرأسمالية المهيمنة على رقاب الشعوب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأكدت المبادرة أن هذا يأتي لتمرير مصالح قوى الرأسمالية النفعية المتمثلة في نهب وسلب ثروات المنطقة، السطحية منها والباطنية.

وفيما يلي نص الملف الذي أعدته المبادرة:

 لا للاحتلالَين الإسرائيلي والتركي

حان وقت الوحدة والاتحاد!

بناءً على الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة في فلسطين والعراق بصورة خاصة، وفي عموم البلدان بصورة عامة، ارتأينا نحن في "مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء، من أجل الأمن والسلام" إعداد ملف موجز يسرد بعض المعلومات المتعلقة بالعدوانَين الإسرائيلي والتركي. وعليه:

تمهيد:

لا عجب في ربط الاحتلالَين الإسرائيلي والتركي ببعضهما بعضاً. فكِلاهما أداتان إقليميتان مُسلَّطتان من قِبَل النظام العالمي وقوى الحداثة الرأسمالية المهيمنة على رقاب الشعوب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأجل تمرير مصالحها المنفعية المتمثلة في نهب وسلب ثروات المنطقة، السطحية منها والباطنية، والتي تقتضي وجود "الحارس الأمين" المتمثل في الدولة التركية، و"الصديق الصدوق" المتمثل في الكيان الصهيوني. وكِلاهما ينشران الفوضى في المنطقة، ويسلكان سياسة الترهيب والوعيد، وينفذان المجازر والإبادات الجماعية، بهدف تشتيت الشعوب، وتأليبها على بعضها بعضاً، وتأجيج نار الفتنة والفساد، بهدف تيسير السبيل للقوى العالمية كي تعبث بالمنطقة كيفما تشاء ومتى تشاء، وكي تحقق بالتالي المزيد من الربح الأعظم على حساب أمن واستقرار ورفاه شعوب المنطقة من خلال سياسة "فرِّقْ – تَسُد" القديمة الجديدة.

فالاحتلال الصهيوني يكتم على أنفاس الشعب الفلسطيني، لجعل القضية الفلسطينية والصراع العربي – الفلسطيني عالقاً إلى أمد غير مسمى، ولاستنزاف طاقات هذا الشعب وتَركِ نار الفوضى والصراع زكيةً على الدوام. بينما يعوث الاحتلال التركي الفاشي فساداً ودماراً وخراباً في غير بلد من بلدان المنطقة، ويركز بالدرجة الأولى على تصفية الحركة التحررية الكردستانية وعلى إبادة الوجود الكردي وطمس القضية الكردية أينما كان وبأي وسيلة كانت، متَّخذاً من العداء للشعب الكردي بصورة خاصة، ومن العداء للشعب الفلسطيني وكافة شعوب المنطقة بصورة عامة سياسة استراتيجية يتوقف وجودُه ونفوذه عليها حتماً. وبذلك تبقى القضيتان الاستراتيجيتان والمحوريتان في المنطقة، أي القضية الفلسطينية والقضية الكردية، بؤرةً لنشر الفوضى والحروب والدمار، ومرتكزاً لتأجيج الحروب الجنونية الطائشة، للوصول إلى الأطماع الإمبريالية العالمية من أسهل وأقصر الطرقات.

فلْنُلْقِ نظرةً على العلاقة الاستراتيجية التي تجمع هذَين الاحتلالين، لفهم ما يجري في المنطقة من أحداثٍ بصورة أفضل.

العلاقات التركية – الإسرائيلية:

عندما تأسست "دولة إسرائيل"، كانت تركيا أول أكبر بلد ذي أغلبية مسلمة يعترف بإسرائيل في العام 1949. ومنذ ذلك الحين، بدأ التعاون الوطيد بين البلدين يتكرس في المجالات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية والاستراتيجية.

وبعد نيل تركيا عضوية حلف الناتو، حاكَت السياسة الأمريكية في مقاربتها من إسرائيل، فجذّرَت علاقاتها مع الأخيرة بنحو أكبر، فبدأت الاتفاقيات الثنائية بينهما تتوالى بشأن العديد من القضايا والمشاكل المعنية بشعوب المنطقة بهدف محاربتها وردع تمرداتها وثوراتها.

ففي العام 1958، وقَّعا معاً اتفاقيةً ضد التطرف وضد نفوذ الاتحاد السوفييتي في المنطقة، وفي العام 1986 عيَّنَت تركيا سفيراً لها في تل أبيب، وتبادلا السفراء في العام 1991، ووقّعا اتفاقية التعاون العسكري في العام 1996، والتي تنص على تشكيل مراكز أبحاث استراتيجية مشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية الأمنية والعسكرية، وعمل مناورات عسكرية جوية وبرية وبحرية مشتركة، ووجود مستشارين عسكريين إسرائيليين داخل القوات المسلحة التركية، وقيام إسرائيل بتحديث الدبابات والطائرات التركية وبتدريب الطيارين الأتراك؛ وذلك مقابل شراء تركيا أسلحتَها من إسرائيل أساساً، ومنحِها مجالَها الجوي والبحري للمناورات التطبيقية، وفتح قواعدها العسكرية لها في قونيا وإنجرليك.

تتمتع الشراكة الإسرائيلية – التركية الاستراتيجية بعدة مزايا لكِلا الطرفَين، منها: تحسين الوضع الأمني وردع الخصوم المشتركة (إيران وسوريا والعراق)؛ دعم تقارب إسرائيل من حلف الناتو مقابل دعم اللوبي الإسرائيلي في الدول الأوروبية لتركيا لتعزيز مواقفها وتمكين إدراجها في الاتحاد الأوروبي؛ تعزيز التعاون الاقتصادي في المجالات التجارية والصناعية والغذائية وغيرها (اتفاقية التجارة الحرة التي بدأ تطبيقها في نيسان 1997 نموذجاً).

العدوان الإسرائيلي على فلسطين:

بعد تحوُّل الإمبراطورية العثمانية إلى "الرجل المريض" إبان الحرب العالمية الأولى، أنشأت قوى الهيمنة العالمية آنذاك (إنكلترا وفرنسا وروسيا وأمريكا)، نظاماً إقليمياً يضمن دوام نفوذها في المنطقة المشرقية. فكان تأسيس الدولة التركية القومية بحدودها الحالية كـ"حارس أمين"، ومن ثم دولة إيران بحدودها الحالية، وتشكيل 22 دولة عربية تسودها التجاذبات والتنافرات، بالتزامن مع تأسيس دولة إسرائيل كـ"قوة نواة" لتكريس عقم القضية الفلسطينية. ومن الجهة الثانية، كان تقسيم كردستان بين أربع دول رئيسية في المنطقة (سوريا وإيران وتركيا والعراق) ضماناً لطمس القضية الكردية أيضاً. وبذلك تم ضمان استمرارية هيمنة النظام العالمي على المنطقة، بناءً على خلق بؤر التوتر والصراع المستمر والنزاع الطويل المدى.

أي أن الكيان الإسرائيلي كان نتيجة طبيعية لنموذج "الدولة القومية" في المشرق، بعدما لعب اليهود دوراً تأسيسياً لهذا النموذج في بلاد الغرب. وإن القوى التي هيأت الأرضية لتشكيل كل هذه الدول العربية، هي نفسها التي أسست "دولة إسرائيل"، وهذه نقطة في غاية الأهمية. فمن حينها والقضية الفلسطينية تعاني من انسداد الحلول، نتيجة التدخلات الدولية المستمرة، وعدم ارتقاء دعم الأنظمة والمؤسسات والقوى الإقليمية لها إلى مستوى إيجاد حلول جذرية ومستدامة.

وفي آخر عدوان للجيش الإسرائيلي الصهيوني، في 7 أيار/مايو الجاري 2021، راح المئات من المدنيين ضحايا بين قتلى وجرحى، ونسبة النساء والأطفال منهم ليست بالقليلة، بالإضافة إلى تدمير الكثير من البيوت والبنى التحتية، أكان في حي الشيخ جراح في القدس، أم في قطاع غزة أو المدن الأخرى كاللد والضفة الغربية وعلى الشريط الحدودي مع لبنان وسوريا والأردن. كل ذلك، بهدف ترهيب الأهالي الفلسطينيين، وارغامهم على الهجرة، لتوطين الإسرائيليين في أماكنهم ومنازلهم بهدف تحقيق التغيير الديموغرافي.

الاحتلال التركي في العراق:

منذ العام 1991 أرسلت تركيا أجهزتها الاستخباراتية إلى إقليم كردستان العراق، ووصل عدد مقراتها العسكرية ومراكزها الاستخباراتية هناك إلى العشرات منذ العام 1997، وتتوزع أغلبها في مناطق محافظة بهدينان في الإقليم، بدءاً من دهوك وزاخو وحتى بامرنة وبعشيقة و باطوفة و شيلادزة و هولير/أربيل وآمدية/العمادية. بينما يغلب طابع "الشركات الخاصة" على تحركات الدولة التركية في محافظة سوران، في مناطق مثل السليمانية وحلبجة وكرميان. في حين تستغل وجود التركمان في بعض المناطق لتعزيز نفوذها، مثل كركوك. هذا بالإضافة إلى العديد من المخيمات الموزعة على طول الشريط الحدودي، والتي تستغلها تركيا في سياستها الاحتلالية والتوسعية. من المهم التنويه إلى أن هذه المقرات والمراكز هي بؤرة التخطيط للعديد من الهجمات التركية البرية، ولزرع الفتنة بين العرب والكرد في الإقليم، وقد تسببت بمقتل المئات من المدنيين، أغلبهم من النساء والأطفال.

ومؤخراً، في 23 نيسان 2021، اعترفت الإدارة الأمريكية بـ"مجازر الأرمن" التي ارتُكِبَت أيام السلطة العثمانية، واللافت أن الدولة التركية شنت هجوماً عسكرياً برياً وجوياً واسعاً على شمال العراق بعد يوم واحد على هذا الاعتراف، وهذا ليس بمحض صدفة. إذ يبدو أن الطرفين اتفقا على أن يكون هذا الهجوم التركي مقابل ذاك الاعتراف الأمريكي، لضمان الصمت الدولي إزاء الانتهاكات الحقوقية والأضرار والخسائر البشرية والمادية التي ستلحق بإقليم كردستان العراق، وإزاء انتهاك سيادة العراق، بل وإزاء استخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

الجدير بالذكر أن هذا الهجوم التركي على شمال العراق ليس الأول من نوعه. بل إنه الهجوم العسكري الثالث والثلاثون، الذي يشنه الجيش التركي في إقليم كردستان العراق بدءاً من نهايات ثمانينيات القرن العشرين المنصرم. وحسب الإحصائيات الرسمية، وصل عدد التمشيطات العسكرية التي قام بها الجيش التركي في شمال العراق إلى 24 في العام 1999. أما التمشيطات والهجمات التسعة الأخيرة، فحصلت بعد العام 2000 وحتى اليوم.

ولا بد هنا من التذكير بأن أغلب طائرات الاستكشاف والقصف المستعملة في هذه الهجمات التركية على شمال العراق، هي إسرائيلية أو أمريكية الصنع. وبينما كانت الحجة الوحيدة في كل هذه الهجمات الجوية والبرية هي "محاربة الإرهاب"، والمقصود بها محاربة مقاتلي وقياديي حزب العمال الكردستاني PKK في مناطق ميديا الدفاعية، إلا إن الحقيقة غير ذلك، سيما وأن عشرات المدنيين الكرد في إقليم كردستان العراق قضوا في تلك الهجمات، هذا عدا عن مئات الجرحى، بالإضافة إلى تدمير مئات المنازل في عشرات القرى الكردية، وتهجير سكانها، وحرق الأراضي الزراعية.

ولا ننسى أيضاً التدخل التركي في شؤون جبل سنجار/شنكال، وحثّها أربيل وبغداد على خرق الإدارة الذاتية لسنجار، بل وقصفها الجبل عدة مرات، في محاولة لإفشال مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في جبل سنجار/شنكال، وإرجاعها إلى الوراء، للتحكم بها وجعلها صلة وصل مع إقليم الجزيرة في شمال شرق سوريا.

أما الهدف الأساسي من كل هذه التحركات والتدخلات التركية في العراق، فهو ضم المدن الكردية، أي إقليم كردستان العراق، إلى الأراضي التركية وفق خريطة "الميثاق المللي"، وهذا ما صرّح به الرئيس التركي علناً ولغير ذات مرة.

الاحتلال التركي في سوريا:

منذ بدء الأحداث في سوريا، بدأت الدولة التركية بالتدخل في الشأن السوري، وتوالت التصريحات من أعلى المستويات على ضرورة سقوط قمة الهرم في النظام السوري. ولم تدّخر تركيا جهداً، بدءاً من تجنيد المرتزقة السوريين وربطهم بنفوذها، وصولاً إلى التحالف مع تنظيم داعش الأصولي الظلامي، ومده بالمال واللوجستيك والعتاد والذخيرة، في سبيل تحقيق مطامعها القديمة باقتطاع أجزاء من سوريا وضمها إلى حدودها وفق خريطة "الميثاق المللي".

بناءً عليه، بدأت الدولة التركية باحتلال الأراضي السورية عن طريق مختلف فصائل المرتزقة وبإشراف مباشر من ضباطها وأجهزتها الاستخباراتية، بدءاً من جرابلس واعزاز والباب وإدلب، وحتى احتلال أغلب المدن الكردية الحدودية في شمال شرق سوريا، مثل عفرين ورأس العين/سري كانية وتل أبيض/كري سبي وتل تمر. واليوم، لا يمر يوم واحد إلا ونشهد فيه الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين من نساء وأطفال وشباب وعجائز، بدءاً من حملات الاعتقال أو الاختطاف أو الإخفاء القسري أو الاغتصاب والاعتداء أو القتل والتنكيل. وفي الحين الذي نزح فيه أغلب سكان تلك المدن المحتلة ليقيموا في مخيمات تنقصها البنى التحتية والرعاية الصحية، فإنه يتم توطين عوائل المرتزقة من جنسيات مختلفة في تلك المدن بهدف تكريس التغيير الديموغرافي كأحد أخطر سياسات الحرب الحالية.

هذا عدا عن سياسة التتريك بفرض التعلم باللغة التركية ورفع العلم التركي والتعامل بالعملة التركية. إذ، وحسب الإحصائيات الرسمية، هناك المئات من النساء المغيَّبات، بالإضافة إلى عشرات الأطفال المقتولين وعشرات الجرحى نتيجة مخلفات الحرب، بالإضافة إلى مئات المعتقلين والمختطفين.

هذا ولم تسلم الآثار التاريخية من النهب والسلب والتدمير، مثلما لم يسلم الشجر من القطع والحرق. بل وتحوَّل "نهر الفرات" أيضاً إلى أداة حرب اقتصادية تستغلها تركيا لتركيع وتجيير الشعوب في سوريا والعراق على السواء، بالإضافة إلى حرق المحاصيل الزراعية سنوياً، واعتماد سياسة الحرب الخاصة لزرع الفتنة بين شعوب ومكونات المجتمع السوري وتأليبها على بعضها بعضاً.

العدوان التركي على الكرد في تركيا:

لم تتوقف حملات القمع والاضطهاد والاعتقال على الشعب الكردي في تركيا منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة وحتى اليوم، وارتُكِبَت العديد من المجازر بحقه بين الفترة والأخرى. ولو تطرقنا فقط إلى السنوات الأخيرة، فسنجد أن الآلاف من السياسيين والمعارضين الكرد من قياديي وأعضاء وأنصار حزب الشعوب الديمقراطي HDP والمنظمات الكردية الأخرى موجودون في السجون التركية، بالإضافة إلى اعتقال الأتراك المعارضين أيضاً من إعلاميين وصحافيين وكتّاب وسياسيين.

ونظراً لتردي الأوضاع الإنسانية والصحية في السجون التركية، وحرمان المعتقلين عموماً والمعتقلين السياسيين خصوصاً من أغلب حقوقهم الطبيعية، فإن السجون التركية تشهد عمليات الإضراب المفتوح عن الطعام منذ أكثر من ثلاثة أشهر، في ظاهرة هي ليست الأولى من نوعها.

هذا وهناك مئات الآلاف من الكرد المهجَّرين قسراً من قراهم بعد حرقها وتدميرها في بدايات التسعينيات، بالإضافة إلى مئات الآلاف ممّن اضطروا للنزوح إلى المتروبولات التركية أو للهجرة إلى خارج تركيا، أكان بسبب الفقر المدقع المفروض عليهم، أم بسبب سياسة القمع والقهر والعنف النفسي والجسدي الممارس عليهم.

واللافت أنه بدأت مؤخراً "دعوى كوباني"، إذ تتم محاكمة المئات من أعضاء وأنصار حزب الشعوب الديمقراطي HDP ومنظمة المرأة الحرة TJA، وذلك بتهمة وقوفهم إلى جانب مقاومة أبناء الشعب الكردي في كوباني ضد تنظيم داعش الظلامي!

التدخلات التركية في المنطقة:

وفيما عدا سوريا والعراق وفلسطين، لم تسلم أغلب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من التدخلات التركية. حيث دعمَت تركيا جماعة الإخوان المسلمين في مصر وليبيا وتونس، آملةً في أن ينجحوا في التربع على عرش السلطة، لتكريس "التيار الإسلامي الأصولي المتطرف والسلطوي" عن طريقهم. هذا عدا عن تدخلاتها في اليمن ولبنان والسودان وغيرها من البلدان الأخرى.

ويبدو أن الحكومة التركية الحالية تتطلع إلى توسيع الرقعة الجغرافية لدولتها الحالية، قبل حلول العام 2023، بناءً على سياستها الاستعمارية التوسعية والفاشية الخطيرة، ووفق إطار الميثاق المللي الذي يشمل أجزاءً ليست بالقليلة في سوريا والعراق؛ بالإضافة إلى نهج "العثمانية الجديدة" الذي يؤمن بأن المكان الذي وطأَته قدَم الجندي العثماني هو أرض تركية، وينبغي استردادها وبسط النفوذ التركي عليها!

ما هو "الإرهاب"؟:

بناءً على كل ما تَقَدَّمَ ذكره، ينبغي طرح سؤال مهم هنا: ما هو الإرهاب؟ ومَن هو الإرهابي؟ فكِلا الاحتلالين الإسرائيلي والتركي يتحججان في حروبهما الطائشة بذريعة "مكافحة الإرهاب"، في الوقت الذي تكون فيه الضحايا من المدنيين العزّل، وأغلبيتهم من النساء والأطفال. والأماكن التي يتم تدميرها، لا تعود إلى أية قوةٍ مسلحةٍ متطرفة، إنما تعود ملكيتها إلى السكان والأهالي المدنيين.

فهل الإرهاب هنا يدل على التمسك بالأرض والعرض وبالهوية القومية والوطنية؟ وهل الإرهابي هنا هو ذاك الذي يدافع عن حقوقه وحرياته ويرفض الاستعمار والاحتلال؟

من هنا، لا بد من إعادة النظر مجدداً في تعريف مصطلح الإرهاب والإرهابي، وتحديد صياغته بنحو أدق وأكثر شفافية، كي لا تتستر وراءه أية قوة احتلالية أو استعمارية أو توسعية أو شوفينية أو فاشية. فلا المواطنون الفلسطينيون إرهابيون، ولا الشعب الكردي إرهابي، ولا حركة التحرر الكردستانية تستحق أن تبقى مندرجة في "لائحة الإرهاب" الدولية ظلماً وبهتاناً.

ثم إن الحكومة التركية الحالية أثبتت عداءها لكل شعوب المنطقة عموماً، وعداءها السافر للشعب الكردي خصوصاً، من خلال اتّباعها سياسة الإبادة والإنكار، وتسخيرها لكل طاقاتها وجهودها في سبيل القضاء على وجوده وهويته، وبأساليب لا تمتُّ للإنسانية بأيةِ صلة.

بل إن ما تقوم به تركيا وإسرائيل على السواء، يرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. أكان من خلال المجازر وحملات الاعتقال التعسفي والعشوائي، أم من خلال القتل العمد والعشوائي، أم من خلال التغيير الديموغرافي والدمار والخراب الذي يتسببان به.

نتيجة:

نستخلص من كل ما سبق أن الخطر الأساسي المسلَّط على شعوب المنطقة عموماً، وعلى الشعبَين الكردي والفلسطيني خصوصاً، هو الخطر المتمثل في الاحتلالَين التركي والإسرائيلي. وأنه، طالما بقي هذان الاحتلالان، فإن شعوب المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار والرفاه. بل ستبقى الصراعات والنزاعات والتجاذبات قائمة.

وتنبع خطورة هذَين الاحتلالَين أيضاً من كونهما يستهدفان النساء بالدرجة الأولى. ونخص بالذكر الدولة التركية، التي بلغت قمة الفاشية في استهدافها للنساء الكرديات، وفي تفننها في أساليب تعذيبهنّ وإقصائهنّ وتهميشهنّ. ويكفي التذكير مجدداً بالتحالف التركي – الداعشي والتحالف التركي – الإخواني الأصولي، لمعرفة مدى خطورة الفاشية التركية على النساء أينما كنّ.

وعليه، لا بد من تشكيل جبهة مناهضة للفاشية التركية وللصهيونية الإسرائيلية، من أجل التصدي لهما وإفشال سياساتهما العدوانية والتوسعية الخطيرة. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مناسب جداً لتشكيل مثل هذه الجبهة، سيما على الصعيد النسائي.

مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء، من أجل الأمن والسلام

27 أيار/مايو 2021