ليلى كوفن المناضلة التي لم تمنعها ضغوطات وظلم الدولة التركية من مواصلة النضال من أجل الحرية

كانت ليلى كوفن هدفاً لضغوطات الدولة التركية لسنوات، اعتقلت عدة مرات وسجنت، تم الغاء عضويتها في البرلمان، ولكن كل ذلك لم يمنعها من مواصلة نضالها من أجل الحرية.

مهما تعرضت النساء للاضطهاد من قبل النظام الأبوي وابعدت من واقعها إلا أنها ما زالت تقاوم الظلم والقمع في جميع الظروف، عندما تكون تلك المرأة منظمة بشعور من الحرية وتكون كردية بشكل خاص، فإن هذا النضال يتحول إلى نضال اجتماعي، ليلى كوفن هي إحدى هؤلاء النساء المقاومات والمنتفضات، أينما وجد الظلم والقمع، تقوم ليلى كوفن بالنضال ضدهما، تارة تكون ضمن المقاومة وتارة تصبح قائدة للمقاومة، لم تكن دولة الاحتلال قادرة على إبعاد ليلى عن النضال، في بعض الأحيان سجنتها، وفي بعض الأحيان استولت على عضويتها البرلمانية، ورغم ذلك لم تستطع أن تبعدها عن قضيتها ونضالها، ليلى كوفن شعرت قبل الجميع بالتهديد على حياة القائد عبد الله أوجلان ودخلت في الإضراب عن الطعام، والآن قامت الدولة التركية بسجنها كآلاف من السياسيين، ومع ذلك ايضاً لم تستطع أن تكتم صوتها، وإبعادها عن النضال من أجل الحرية.

التعرف على حركة الحرية كان حظي الأكبر

كانت ليلى كوفن ابنة أصغر عائلة زراعية وكردية وسط الأناضول، ولدت عام 1964 في بلدة يابالي في قونيا جيهان بيلي، تزوجت ليلى من ابن خالتها في سن السادسة عشرة واستقرت لاحقاً في ألمانيا وعاشت فيها لمدة 5 سنوات، هناك ولدت ابنتها وابنها، انهت ليلى زواجها في سن الثلاثين وتعود إلى وطنها، تربي أطفالها وحدها، بدلاً من البقاء في المنزل عملت من اجل معيشتها ومعيشة اطفالها ومارست السياسة ايضاً، تقول ليلى عن ذلك: "لقد كنت محظوظة جدًا وسعيدة للتعرف على حركة الحرية والتي من خلالها عرفت ذاتي".

تم انتخابها من قبل الشعب

بدأت ليلى العمل كعضوة في إدارة حزب الشعوب الديمقراطي في قونيا في عام 1994 وأصبحت أيضًا رئيسة الجناح النسائي في الحزب في نفس المدينة، استمرت في القيام بذلك حتى عام 1999 وتولت المسؤولية رسميًا في ذلك العام، كانت ليلى مرشحة برلمانية في انتخابات 1999 في قونيا، في عام 2001انتقلت الى انقرة وأصبحت مديرة الجناح النسائي في مركز الحزب، وفيما بعد أصبحت عضوة في مجلس الحزب، خدمت حتى عام 2004، وفي عام 2004، تم انتخابها رئيسة لبلدية بلدة ديكيلي التابعة لناحية سيهان في أضنه، لمدة 5 سنوات، في انتخابات 29 آذار 2009 أصبحت  رئيسة بلدية ويران شهر، ومن ثم تم اعتقالها في إطار قضية منظومة المجتمع الكردستاني وسجنت مدة خمس سنوات في سجن آمد نموذج  (E).

على المرأة النزول الى الساحات

كانت ليلى المرشحة البرلمانية لحزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 حزيران 2015. ولكن بعد إدخال مفهوم الانتخابات تم إلغاء نتائج الانتخابات، آخر مرة كانت ليلى مرشحة حزب الشعوب الديمقراطي لانتخابات 7 حزيران 2015 في رها، وانتُخبت وأصبحت عضوة في البرلمان، صرحت ليلى في العملية الانتخابية أنه يجب على المرأة أن تنزل الى الساحات لوقف الحرب، وهذا هو السبب في أن المرأة قد احتلت مكانها في انتخابات عام 2015.

أصبحت الرئيسة المشتركة لمؤتمر المجتمع الديمقراطي

سلطة حزب العدالة والتنمية الحاكم، التي لم تستند الى قوة الشعب ولم تشكل تحالفاً مع أي حزب معارض، قاد البلاد إلى انتخابات مبكرة، حيث تم إجراء الانتخابات مرة أخرى في الأول من تشرين الثاني، ولكن لم يتم انتخابها هذه المرة، وفي 26 آذار 2015 تم انتخابها في مؤتمر المجتمع الديمقراطي كرئيسة للمؤتمر.

يمكن تغيير هذا النظام على يد المرأة

ليلى التي أمضت حياتها في النضال والمقاومة، لا تتذكر كيف مضت سنوات عمرها، قالت في مقابلة: "إذا أمكن تغيير النظام يوماً ما، فذلك سيكون من خلال نضال المرأة".

حملة الاضراب عن الطعام

تم انتخاب ليلى كبرلمانية لجولمرك في انتخابات 24 حزيران 2018، في ذلك الوقت كانت معتقلة في سجن آمد نموذج (E) وبالرغم من أنه كان يجب إطلاق سراحها من السجن، إلا أن السلطات لم تفرج عنها، في 7 تشرين الثاني، عقد جلسة محاكمة ليلى في المحكمة الجزائية العليا التاسعة في آمد، ولأن ليلى رفضت تقييد يديها، لم يتم احضارها الى جلسة المحاكمة وشاركت في الجلسة عبر نظام الصوت والصورة (SEGBÎS) وفي دفاعها، قالت ليلى كوفن:" أنا برلمانية ولهذا ارفض فرض تقييد يدي، وسأبدأ بالاضراب عن الطعام احتجاجاً على العزلة المفروضة على القائد عبد الله اوجلان".

لقد ألهمتني اطروحات القائد عبد الله أوجلان

وتعليقاً على القرار، قالت كوفن: "لقد ألهمتني اطروحات القائد عبد الله أوجلان وقمت بدور نشط في السياسة، يتم اليوم تطبيق العزلة على السيد أوجلان، هذه العزلة لا تستهدف شخص فقط، بل تستهدف الشعب الكردي في الوقت ذاته، العزلة جريمة ضد الإنسانية، أنا جزء من هذا الشعب، أدين العزلة على السيد أوجلان، من أجل إدانة العزلة، أبدأ بالإضراب المفتوح عن الطعام لا رجعة فيه، من الآن فصاعداً لن أدافع عن نفسي في المحكمة، إلى أن تنهي المحكمة هذا الظلم، سأستمر في حملتي هذه، إذا تطلب الأمر، فسأحول حملتي الى الاضراب عن الطعام حتى الموت ".

نتيجة مقاومة المضربين عن الطعام، التقى القائد عبد الله أوجلان أولاً مع شقيقه محمد أوجلان ثم بمحاميه مرتين، عقد محامو القائد عبد الله أوجلان مؤتمراً صحفياً بشأن لقاء 22 أيار في إمرالي، حيث قال المحامون إن موكلهم أوجلان يأمل أن ينهي المضربون عن الطعام حملتهم، بعد أن شارك محامو أوجلان هذه الرسالة مع الرأي العام، بعثت الرئيسة المشتركة لمؤتمر المجتمع الديمقراطي (KCD) ليلى كوفن بعد 200 يوم من الاضراب عن الطعام احتجاجاً على عزلة القائد عبد الله اوجلان برسالة تفيد فيها بأنها تنهي اضرابها عن الطعام.

وهذا نص رسالتها:

" من ضمنها كردستان، أصبحت جغرافية الشرق الأوسط اليوم ساحة حرب، هذه الحرب تفرض الانكار السياسي والثقافي وسياسة الاستسلام، وتزيل الحياة الحرة من أساسها، ومن أجل حل قضايا هذه المنطقة يجب اتخاذ اطروحات القائد عبد اوجلان في نموذج الأمة الديمقراطية كأساس، كما يتضح من مثال ثورة روج آفا التي هزت العالم، فإن حل السيد أوجلان لـ "شرق أوسط ديمقراطي" يشمل جميع شعوب هذه المنطقة، في جميع أنحاء الشرق الأوسط، السيد أوجلان هو أهم لاعب في حل القضية الكردية.

 العزلة التي تمارس ضد عموم المجتمع في شخص القائد أوجلان، قبل كل شيء هي عار على الإنسانية جمعاء، ولذلك أستطيع القول بأن حظي الأكبر هو ثوريتي، لأن الثورية وحدها تستطيع القضاء على هذا العار، والوقوف في وجه هذا الذل.

انا كامرأة كردية، منذ عام 1994 امارس دون كلل او ملل العمل والنضال على كافة الصعد وفي جميع الميادين، على الرغم من كل الظلم، ولكن في المرحلة التي وصلنا اليها اليوم، أقولها بكل صراحة بأنني لم أتبع سياسة صحيحة ومؤثرة ومستقبلية وشاملة.

 لقد بدأت بالإضراب المفتوح عن الطعام ولا رجعة فيه بقناعة" العزلة ضد القائد أوجلان هو عزلة الشعب الكردي عامةً" وبإرادتي الحرة، وقلت مالم تنتهي هذه العزلة سأستمر في حملتي هذه، لأنه في السنوات العشرون الماضية بالرغم من العزلة الشديدة على السيد أوجلان، فإنه لم يتخلى عن فكره ومحاولاته السلمية، ولهذا فإن خروج هذه الأفكار والآراء من ذلك السجن مهم للغاية".

بعد حملة الاضراب عن الطعام ومعالجتها وشفائها، بدأت بممارسة عملها البرلماني في 10/7/2019.

اسقاط عضويتها واعتقالها

في 4 حزيران 2020 تم اسقاط عضوية ليلى كوفن من البرلمان واعتقلت واودعت في سجن آمد نموذج (D)، بعد خمسة أيام تم سجنها لمدة شهر نتيجة عقوبتها المتبقية في ملف ادعاء آخر ومن ثم أطلق سراحها.

نتيجة عملها وتصريحاتها السياسية باسم مؤتمر المجتمع الديمقراطي، تم اعتقال ليلى كوفن في مساء 22 كانون الأول 2020 وحكم عليها مدة 22 عام و3 أشهر، حيث أمضت ليلى كوفن ليلتها الأولى في مديرية الشرطة في آمد وفي 23 كانون الأول وبعد قراءة القرار أمامها في العدلية، اقتادتها الشرطة الى سجن النساء في آمد، وبعد مضي يوم تم ارسالها الى سجن خاربيت.

لا يستطيعون كتم الصوت الحر لليلى كوفن

أينما وجد الظلم والقمع، تقوم ليلى كوفن بالنضال ضدهما، تارة تكون ضمن المقاومة وتارة تصبح قائدة للمقاومة، لم تكن ‏دولة الاحتلال قادرة على إبعاد ليلى عن النضال، في بعض الأحيان سجنتها، وفي بعض الأحيان استولت على ‏عضويتها البرلمانية، ورغم ذلك لم تستطع أن تبعدها عن قضيتها ونضالها، ليلى كوفن شعرت قبل الجميع بالتهديد على ‏حياة القائد عبد الله أوجلان ودخلت في الإضراب عن الطعام، والآن قامت الدولة التركية بسجنها كآلالاف من السياسيين، ‏ومع ذلك لم تستطع أن تكتم صوتها، وإبعادها عن النضال من أجل الحرية. ‏