نوجيان أرهان.. المناضلة التي نقش النضال ندوبه على حياتها 

دوّنت الشهيدة الصحفية نوجيان التي كانت تنقل صوت الشعب الإيزيدي بقلمها وعدستها، مئات قصص الشعب الإيزيدي، إذ حاولت بنضالها ونشاطها الإعلامي أن تخفّف من معاناتهم، لذلك لا تزال حاضرة في ذاكرة شنكال بكل المعاني.

بتاريخ الثالث من شهر آذار من عام 2017 أصيبت الصحفية الكردية الثورية نوجيان أرهان بإصابات خطيرة في هجومٍ شنّه مرتزقة روج التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني على الطريق الواصل بين سنون وخانصور في قضاء شنكال بالعراق، وبعد 19يوماً من تلقي العلاج داخل المستشفى استشهدت نوجيان تاركةً وراءها تاريخاً حافلاً بالنضال. 

لذا في الذكرى السنوية السابعة لاستشهادها على يد الغدر والخيانة، لا بدّ من تسليط الضوء على محطّاتٍ رئيسية من مسيرتها النضالية لإظهار الحقيقة، وجهودها الجبارة في نقل الصورة المشرقة عن النضال الذي يخوضه الشعب الكردي، منذ سنوات طوال في وجه سياسات الظلم والاستبداد والاضطهاد المطبقة ضده في أنحاء الجغرافية التي يعيش فيها منذ آلاف السنين، والتضحيات الجسام التي بذلها من أجل نيل حريته وحقوقه العادلة والمشروعة، وكذلك التطرّق إلى مساعيها المبذولة للبحث في قضايا المرأة الإيزيدية والإبادة الجماعية التي تعرّضت لها على يد مرتزقة داعش الإرهابيين والمتواطئين معهم للقضاء على الشعب الإيزيدي، بعد أن انسحبوا من الموطن الأصلي لهم وتركهم عرضة للمجازر، وجهاً لوجه أمام آلة الموت والنهب والسلب التي لم يشهد لها مثيل في القرن الحادي والعشرين والكشف عن مجرياتها، وكيف ساهمت نوجيان في إنهاء التكتيم الإعلامي إزاء السياسات والفظائع الوحشية التي ارتكبت بحق الكرد هناك. 

توجّهت نوجيان أرهان إلى قضاء سنجار بعد أن تعرض سكانه الأصليون لهجمات مرتزقة داعش الإرهابي، وبذلت كل ما بوسعها من أجل نقل حقيقة ما يجري بحق الإيزيديين وعلى وجه الخصوص النساء والأطفال وعملت بكامل إمكاناتها وطاقاتها لإيصال صوت الشعب إلى العالم، وتسليط الضوء على معاناتهم وآلامهم ومآسيهم وإسدال الستار على الخيانة التي تعرّضوا لها على يد أبناء جلدتهم هناك. بعدسة كاميرتها وصرير قلمها الحر سطّرت بين صفحات التاريخ كيف تعرّضت النساء الإيزيديات لأبشع الممارسات اللاإنسانية ولم تقف عند ذلك، بل واظبت على لعب دورها حتى آخر لحظة في حياتها، لذا كانت دائماً محلّ تقديرٍ واحترامٍ من الجميع.

دوّنت نوجيان مئات قصص النساء الإيزيديات اللواتي لجأن إلى الجبال آنذاك خوفاً من هجمات مرتزقة داعش ورصدت عدسة كاميرتها صرخاتهن وآهاتهن، وحاولت بنضالها ونشاطها الإعلامي أن تخفّف من معاناتهن فلم تبخل عليهن بشيء؛ كانت في خنادق القتال مع المقاتلين والمقاتلات لمتابعة مقاومتهن ضد هجمات داعش ومواكبة نضالهن في وجه الإرهاب العالمي الذي حاول إبادة الكرد. وبذلك مثّلت نوجيان بتضحياتٍ جسام النضال الحقيقي الذي نقش ندوبه على حياتها؛ إذ كان بحاجةٍ إلى من هم مثلها، بحاجة إلى شجاعتها وعزيمتها التي لا تلين، وإرادتها وقدرتها على الصمود وتحديها جميع الصعوبات ومشقات الحياة بقوةٍ وثقةٍ وثبات.

ولأن حياة الصحفية الكردية المخلصة لأبناء شعبها نوجيان كانت مزيجاً من الفرح وعنواناً يضفي على الحياة طيبتها وصفاء قلبها وجمال ابتسامتها طالتها يدر الغدر لتفارقنا باكرا... لكنها لا تزال حاضرة في ذاكرة شنكال بكل معاني الطيبة والنقاء وروح المقاومة. فقد كانت الوجه الجميل للفكر والفلسفة التي تبنّتها وخاضت النضال من أجلها في مسيرتها الثورية. 

نعم أقدم عناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني، على استهداف نوجيان عمداً في أثناء قيامها بتغطية إعلامية لهجومٍ شنه الأخير في شنكال، لإسكاتها عن نقل الحقائق، بعد أن شاركت أفعالهم القذرة للرأي العام واطلعت الجميع كيف أنهم يقفون إلى جانب الأعداء ضد أبناء جلدتهم، عندها ارتقت نوجيان لتنضم إلى قافلة الشهداء الخالدين بتاريخ 22 آذار من عام 2017، ولم يستطع أحد إسكات صوتها بل بات يصدح في قلب ووجدان كل كردي يناضل من أجل الحرية والعيش بكرامة على هذه الأرض.