عانت المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا من ويلات الحرب جاءت على خلفية تواجد التنظيمات الإرهابية التي قمعت حرية المرأة في جميع مجالات الحياة.
حيث مارس تنظيم داعش الإرهابي خلال فترة سيطرته على أجزاء شاسعة في سوريا والعراق، أبشع الجرائم ضد النساء والفتيات، من حالات الاختطاف والاستعباد الجنسي والزواج القسري، في إطار إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
وبعد تحرير مدينة الرقة على يد قوات سوريا الديمقراطية عام 2018 الماضي، بدأت الحياة تعود للمدينة تدريجياً بسواعد الأهالي والمؤسسات التابعة للإدارة الذاتية.
وبعد زوال التنظيم الإرهابي في عام 2018 من مدينة الرقة، انخرطت المرأة في العديد من مجالات الحياة، ومن أهمها العمل الكومينالي حيث برز دور المرأة بصورة فعالة في الحياة التشاركية لتضع بصمتها في العديد من المجالات من أهمها العمل بالكومين.
ولضبط المجتمع في العديد من المجالات الحياة الأساسية، تم تشكيل كومينات في كافة أحياء المدينة، والتي تشكل أحد الأعمدة الأساسية في الإدارة الذاتية.
وبدأت مكونات شرق الفرات بتأسيس إدارتهم الذاتية كبديل عن النظام السلطوي، وتشكيل الإدارة الذاتية ممزوجة بكافة مكونات المنطقة لإدارة أنفسهم.
ويعد الكومين النواة الأساسية للإدارة الذاتية، حيث تخلق الإرادة الحرة والعيش المشترك والمساواة وتدعو إلى محاربة الذهنية الاستغلالية الهدامة والعبودية التي تقسم المجتمعات.
وفي الوقت الذي يشهد الشرق الأوسط أزمات وصراعات حادة، تأسست في روج آفا الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تعتبر الكومينات الركيزة الأساسية في نظامها.
ويعتبر الكومين أصغر وحدة تقسيم إداري بين فئات المجتمع المتنوعة، بغية تلبية الاحتياجات الأساسية التي تضمن حماية المجتمع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والدفاعية والصحية والثقافية والفكرية، ومواصلة تنمية قدرات الكومونة في النواحي السابقة الذكر بهدف تطويرها، كما أنها تُعتبر التنظيم الأساسي للإدارة السياسية من حيث أنها تشارك بتأسيس جميع المؤسسات الضرورية الفاعلة في قيادة المجتمع والتي بمقدورها الاستغناء عن مؤسسات الدولة من جميع النواحي، سواءً من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصحية أو الدفاعية أو الأمنية، كما أنها خير وسيلة للمشاركة بفاعلية في إدارة المجتمع وأداة للتربية المدنية والأخلاقية للمجتمع بذهنية الأمة الديمقراطية. فالمرأة في الكومين لها أهمية لا تقل عن أهمية الرجل، والكومين هو الركيزة الأساسية التي تستند إليها المرأة لإثبات دورها في المجتمع .
وعن اللجان التي يتضمنها كل كومين تتحدث لنا الرئاسة المشتركة للمجلس العام في الرقة آسيا محمد قائلة: "يتضمن كومين كل حي الرئاسة المشتركة المشرفة على كافة اللجان وتوجيهها والتي تعمل على تسيير أمور الحي الورقية؛ منها لجنة الخدمات التي وظيفتها تأمين احتياجات الشعب من محروقات ومساعدات إنسانية وتوفير المياه والكهرباء للحي.
لجنة الصلح
وتحدث آسيا محمد باختصار عن لجان الكومين ودور كل لجن، حيث قالت: "لجنة الصلح تهتم بحل المشاكل الاجتماعية والأسرية، ولجنة الشبيبة تهدف إلى توعية شبيبة الحي وتوجيههم للانخراط الفاعل الإيجابي ضمن المجتمع وحمايتهم من مخاطر الانجرار وراء المخدرات والأمراض الاجتماعية الخطيرة التي تتهدد شبيبة المجتمع؛ ولجنة حماية المجتمع التي تسهر على حماية الحي وأمنه، إضافة إلى لجنة المرأة التي ترعى شؤون المرأة في المجتمع وتدافع عن حقوقها وتهتم بحل مشاكلها وقضاياها".
وقالت العضوة في المجلس العام أمل العيسى حول أهم المشاريع التي يقدمها الكومين " نعمل وبشكل دوري على توعية النساء على أهمية دورها في المجتمع الديمقراطي وحل قضاياها من طلاق و غيرها بإحالتها للجنة الصلح توظيفها في المجالس والمؤسسات وفتح ورشات خياطة لدعم المرِأة مادياً وخاصة الأرامل والمطلقات في الأحياء.
ونوهت أمل العيسى " بعد ويلات الحرب التي عاشتها مدينة الرقة، أصبح هناك الكثير من النساء الأرامل والمطلقات، ويجب ألا تقبع هذه الفئة من النساء في المنازل وتهمش دورها في المجتمع، عليها الاعتماد على نفسها من أجل الخروج عن الهيمنة الذكورية السلطوية".
وأكملت العيسى في حديثها على " أنه بعد تحرر مدينة الرقة من تنظيم داعش الإرهابي وفي ظل الإدارة الذاتية، تمكنت المرأة في محافظة الرقة من تحدي العادات والتقاليد البالية، وانطلقت بالتساوي مع الرجل في جميع مجالات الحياة، ومن أبرز هذه المجالات هو العمل الكومينالي، فقد لاقى الكثير من التشجيع للمرأة كونها لها دور واقعي في المجتمع ونهضته".
واختتمت أمل العيسى حديثها "أن المرأة من خلال تطبيق نظام الرئاسة المشتركة أثبتت نفسها وأخرجت طاقتها لتثبت وجودها في العديد من المجالات أهمها العمل بالكومين، فمن خلال عمل الكومين استطعنا تقديم الكثير من الخدمات للحي كالماء والكهرباء والمساعدات الإنسانية".
والجدير بالذكر أن يوجد في الرقة 74 كومين بنظام الرئاسة المشتركة تابعين لأربع مجالس شعب في مدينة الرقة.