"خطت النساء خطوات نحو الحرية مع ظهور القائد آبو"

تعرضت المرأة لقدر كبير من القمع، لكن مع ظهور القائد آبو وثورة روج آفا، سارت المرأة نحو حريتها، وأخذت مكانها في كافة مجالات الحياة، وأصبحت نساء روج آفا مثالاً رائعاً للعالم أجمع.

تقاوم المرأة والمجتمع ككل من أجل الحرية والمساواة بطريقة فريدة، وفي الوقت ذاته تخوض نضالاً لا مثيل له في التاريخ، أي أنها تقود نضالاً كبيراً، وفي هذا السبيل، تدفع ثمناً كبيراً كل يوم، وهكذا تترك بصمة لا تمحى على انتصاراتها العظيمة وعلى الحياة بأسرها، وعلى حد تعبير القائد آبو، مثل حفر بئر بإبرة، محاولة إعادة بنائها للحياة لحظة بلحظة هي موضوع الحديث، وفي صدد هذه الجهود تكون المرأة هي القائدة وتدفع الثمن في كل مجال من مجالات الحياة، ولذلك فإن واقع اليوم الذي نعيشه في كردستان يخلق تاريخاً جديداً وحياة جديدة وواقعاً جديداً في نفس الوقت، وعلى وجه الخصوص، فإنه يضع الأساس لتاريخ حرية المرأة ويعمل على النقاط الأساسية للتنشئة الاجتماعية.

"لقد مُحيَ تاريخ عبودية المرأة، وتاريخ حريتها سيُخلد في السطور"

ومما لا شك فيه أن القائد آبو أكد منذ وقت طويل على أنه: " لقد مُحيَ تاريخ عبودية المرأة، وتاريخ حريتها سيُخلد في السطور"، نحن نعلم من تاريخ البشرية الطويل أن المرأة لعبت دائماً دور البناء والإبداع والتطوير في المجتمع، حيث قادت بعملها الجاد ووعيها، وعملت على إثراء وبناء حياة الإنسان، وجعلها غنية وجميلة،  لذلك، في مواجهة هذه الجهود وإبداعها، حاول نظام حكم الرجال دائماً انتهاك حق المرأة هذا وطمس المرأة، وعدم السماح للمرأة بأن تكون العنصر الأساسي في المجتمع في تاريخ البشرية، فغالباً تكون المرأة ـ الأم عرّابة المجتمع البشري، ولهذا السبب، وبطريقة وضيعة وظالمة وضعوا النساء في قفص العبودية، ومن حينها لم ترَ النساء الاحترام والتقدير الذي من شأنه أن يكون رداً على عملها وجهدها المشرف، لقد تم تقديمهن ككائن عديم القيمة ومتاح، وتعرضت للهد والتقليل، وتم إبعادها عن جوهرها، لقد تم تنفيذ هذا الوعي بظلم وخداع عظيمين وعميقين ودقيقين، حتى أن المرأة نفسها تعتقد الآن أن هذه هي طبيعتها ومصيرها، ولا يوجد سبيل آخر، وتم تصويرها على أنها كائن عديم القيمة، ضعيف، متاح للرجال!... كان هذا في الأساس تشويهاً لحقيقة الحياة، وتحويراً لحقيقة المجتمع البشري، وصُور التاريخ الذي كتب على أنه كان ملاحم أسطورية وذبحاً وفتوحات ونجاحاً لحكم الرجل، ولم يكن هناك مكان للنساء بين أسطر التاريخ، وفي مواجهة هذا التاريخ المشوه، فإن محاولة تصحيح كل هذه الأخطاء وتشوهات الحياة التي فرضها وعي الرجل المهيمن، هي أن يكون للمرأة إرث الإبداع والمقاومة، وهو حق الأم الإلهة، لذلك علينا أن نوضح هذه المسألة في أقرب عملية ونقول إن الرجل استطاع أن يعرّف نفسه بأنه بنّاء الحياة نتيجة قوته الجسدية.

لا يمكن تحقيق الحرية إذا لم يتم التغلب على عبودية النساء

وعلى هذا الأساس، يمكن النظر إلى المرأة كجنس، كإنسان من المجتمع الطبيعي، لكنها تفقد مع مرور الوقت قوتها الأساسية وتصبح الشخص الأدنى في المجتمع المحكوم عليها بأوسع أشكال العبودية، ومما لا شك فيه أن جميع أشكال العبودية الأخرى مرتبطة بعبودية المرأة، ولذلك، إذا لم تنته العبودية على شخص المرأة، فلن تنتهي أشكال العبودية الأخرى أيضاً، ومما لا شك فيه أن انجذاب النساء خطوة بخطوة نحو المجتمع الهرمي، بعد أن فقدن كل الخصائص الاجتماعية القوية، هو أهم ثورة مناهضة أساسية في المجتمع، وبدأ الرجال الذين أصبحوا أقوياء من خلال الصيد ولديهم مجموعة منظمة حولهم، بعد ملاحظة هذه القوة وقبولها، يضعون تدريجياً الحياة المنظمة للمرأة الأم العاملة تحت سيطرتهم.

وفي هذا الصدد، كلما تقدم المجتمع، كلما تركزت السلطة في الرجل، وكلما تراكمت القوة في الرجل، وكان لفقدان قوة المرأة أثر كبير، إذا نظرنا إلى تاريخ أديان الشرق الأوسط بطريقة صحيحة، في عصر العشائر والقبائل، يمكن أن نرى أن للمرأة الأم مكانة مؤثرة للغاية باعتبارها الشخص الرئيسي في تشكيل الوعي من المجتمع، أي أن المرأة الأم هي التي تتولى دور بناء ذاكرة اجتماعية عظيمة وتجمع القيم حولها.

لقد تحررت المرأة مع ظهور القائد آبو

وبالطبع، كحركة حرية المرأة الكردستانية، مع ظهور القائد آبو، يمكننا الآن أن نتحدث بفخر عن تاريخ المرأة وقيم المجتمع المتعدد، ونفتخر بأنوثتنا، وبهذا التشريف والقوة، استطعنا أن ننهض في وجه كل قيود العبودية، وبعلم المرأة الحرة، والسير نحو المستقبل.

لقد أنار القائد آبو للمرأة طريق الحياة من بين سبل العبودية والموت الشائكة، فلكي تعيش المرأة بشرف وحرية، عليها أن تختار الطريق الضيق بين الموت والعبودية، وظل القائد آبو يحارب العقلية الفاسدة منذ 68 عاماً، وفي بداية السبعينيات، انضمت النساء إلى الحزب، وانفصلن عن الأسرة وأخذن مكانهن في الفعاليات التنظيمية، وكان انفصال المرأة عن الأسرة أكبر ثورة وبداية لنضال المرأة، وفي الثمانينات، كان الجيش النسائي هو الخطوة الثانية في النضال والآن أصبح أكثر انتشاراً، لقد وجه القائد آبو النساء نحو الحقائق الواحدة تلو الأخرى.

وأعطى القائد آبو للمرأة دوراً كبيراً في حل القضايا الاجتماعية، لقد أجرى دراسات مهمة جداً لتاريخ المرأة وأخرج معلومات مهمة تتعلق بالمرأة من خلال الوثائق، وتم الكشف عن ثقافة الآلهة التي لم يسمح بها الرجال أبداً للعالم أجمع على يد القائد آبو، فقد قدم المؤرخون بعض المعلومات عن المرأة في عام 1960 لكنها كانت محدودة للغاية، كما ان جميع دول العالم لا تدرج تاريخ المرأة في مدارسها أو لا تستخدم مثل هذا المفهوم، بالنسبة لهم هناك شيء اسمه "لا يوجد تاريخ للمرأة" ويتفاجؤون عندما يسمعونه.

كما وفُرضت كل المعايير المفروضة على المرأة تحت مسمى الأخلاق والدين في الشرق الأوسط، وحرم على المرأة كل شيء، أو اعتبر عاراً، لقد كسر القائد آبو هذا القالب، وتغيرت الآن معايير المرأة الصالحة والقوية، ففي السابق كانت المرأة الهادئة مقبولة في المجتمع، والآن يُنظر إلى المرأة الهادئة على أنها ضعيفة، وبحسب المجتمع فإن تقليد المرأة للرجل كان قوة، أما الآن فلم تعد تلك المرأة مقبولة بين النساء، بل أصبح الآن يُنظر إلى المرأة المقاتلة والمقاومة التي لها منصب كمثال.

تم تأسيس وحدات حماية المرأة في الفترة من 2 إلى 4 نيسان 2013

في تاريخ كل أمة، هناك نساء مقاتلات قادت الجيش، وقادت العشيرة، حملن سيوفهن وقاتلن في ساحة المعركة، ويستمر نضال هؤلاء النساء اليوم في روج آفا كردستان بقيادة وحدات حماية المرأة ((YPJ ، ففي بداية عام 2011، ومع انطلاق ثورة روج آفا ، انضمت النساء إلى اتحاد طلبة كردستان، وفي عام 2013، ومع إنشاء وحدات حماية الشعب (YPG)، زاد عدد النساء في الجيش، لذلك تم إنشاء جيش خاص بالنساء، وتم الإعلان عن أول كتيبة نسائية في مقاطعة عفرين تحت اسم الشهيدة روكن بتاريخ 13 شباط 2013، وتم الإعلان عن الكتيبة الثانية تحت اسم الشهيدة عدالة في مقاطعة قامشلو بتاريخ 9 آذار 2013، وتم الإعلان عن الكتيبة الثالثة باسم الشهيدة دجلة في مقاطعة كوباني في 24 آذار 2013، وبتاريخ 2-4 نيسان 2013 عقدت المقاتلات مؤتمرهن الأول في مدينة ديرك، وتم الإعلان عن وحدات حماية المرأة  (YPJ)  خلال المؤتمر.

وخلال هذه السنوات أظهرت وحدات حماية المرأة مقاومة كبيرة وشجاعة ضد هجمات مرتزقة داعش وجيش الاحتلال التركي ومجموعات العصابات الأخرى التي حاولت احتلال شمال وشرق سوريا، ونظمت وحدات حماية المرأة نفسها في كافة المدن بقيادة النساء الكرديات، ثم انضمت العديد من المكونات الأخرى، وخاصة المرأة العربية، إلى صفوف وحدات حماية المرأة، لقد أحيت قوات وحدات حماية المرأة تاريخ المرأة لآلاف السنين، ويمكنها مرة أخرى انتشال وجود المرأة من الظلام، واليوم، تركت وحدات حماية المرأة بصماتها على تاريخ المرأة وأصبحت مصدر إلهام لجميع النساء في الشرق الأوسط والعالم.

وجدت المرأة حريتها مع ثورة روج آفا

لقد أحيت ثورة 19 تموز في روج آفا تاريخ مقاومة المرأة من جديد وأعادت حقيقتها التاريخية التي لم تسجل منذ آلاف السنين وحاول الجميع محو هويتها دائماً، فالهوية التي اشتهرت بها ثورة روج آفا كردستان هي مقاومة المرأة، ومع الثورة عادت المرأة إلى الحياة واعترفت بدورها ومهاراتها، ولذلك فإن المرأة الآن لها الدور الرئيسي في كافة المجالات ولديها القدرة على اتخاذ القرار في كافة المجالات.

وكانت مقاتلات وحدات حماية المرأة قوة فاعلة في المقاومة ضد مرتزقة داعش والتي صدمت العالم بمقاومتها، ولهذا السبب تم إنتاج العديد من الكتب والأفلام الوثائقية عن مقاومة ونضال المرأة المقاتلة، وضمن نظام الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تشغل المرأة 50 بالمئة من المهام الإدارية وتشارك في رئاسة الجهاز الإداري، وتم إنشاء العشرات من المنظمات والمجالس النسائية الخاصة.

وتفاجأ العالم بمقاومة المرأة الكردية وسقط قناع الجهل الذي كان قد استقر في المجتمع واعتبر المرأة ضعيفة، لذلك مثلت المقاتلات إرادة المرأة الحرة وضربن مثالاً لقوة المرأة الكردية وأصبحن قادة في العالم أجمع، ويحتل دور المرأة ومهارتها مكانة مهمة، ومثلما تركت بصماتها على الثورة، أصبحت أيضاً رمزاً لنساء العالم.

وفي النهاية يمكن القول أنه حدث تغيير جدي للذهنية المصورة عن المرأة، وتطلب الأمر نضالاً متعدد الأوجه للتصالح مع جنس الرجال، وكما نعلم فإن أول انتهاك تم ارتكابه في شخص المرأة التي كانت عرّابة المجتمع الطبيعي منذ آلاف السنين دخل في حالة من الزوال والاضمحلال، ولذلك نرى أن المرأة اليوم قد تزينت بنموذج القائد آبو وأصبحت مثالاً حياً لنضال المرأة في جميع أنحاء العالم.