حلقة نقاشية بالقاهرة: القوات التركية تمارس كل أشكال العنف ضد المرأة الكردية في شمال وشرق سوريا

تحت عنوان "العنف ضد المرأة.. حلقة نقاشية" عقد مركز آتون للدراسات مائدة مستديرة تطرقت إلى العنف الذي تعانيه المرأة وذلك تزامناً مع إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة قبل أيام.

عقدت الندوة بمشاركة الكاتب الصحفي فتحي محمود رئيس مركز أتون للدراسات وبمشاركة الخبيرة الدولية الدكتورة عندليب وحنان حجاج مدير تحرير جريدة الأهرام والباحثة السياسية الدكتورة فرناز عطية والكاتبة الصحفية ولاء أبوستيت وعبر الفيديو من العراق الدكتورة ندى عمران وهي أستاذة جامعية عراقية.

وأجمع المشاركون في الندوة على أن المرأة تتعرض لأشكال مختلفة ومتنوعة من العنف وفي صور مختلفة سواء نفسية أو جسدية أو جنسية، وسط إجماع على أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في كثير من التشريعات، وكذلك تجديد الخطاب الديني، والبحث عن دور أكبر للمجتمع المدني من أجل لعب دور أكبر في دعم تنشئة مجتمعية تحترم المرأة.

الأوضاع السياسية وممارسة العنف ضد المرأة

Open photo

وخلال كلمتها ربطت الدكتورة فرناز عطية الباحثة السياسية بين الأوضاع السياسية والعنف الممارس ضد المرأة، مؤكدة أن الاضطرابات السياسية وضعت مزيداً من العنف والأعباء على المرأة، مدللة على ذلك ما تعرضت له النساء في السودان من عنف واعتقال ونزوح وتهجير، مؤكدة أن المرأة تتحمل تبعات تلك الصراعات بنسبة 100%.

وتحدثت كذلك عن العنف الذي يطال المرأة على أساس العرق مثل الكرد الذين عاشوا فترات بها عنف واضطهاد ولا يزالون يعانون من العنف في الدول التي يوجدون بها، وبالأخص دولة مثل تركيا التي للأسف تضطهد الكرد سواء في الداخل التركي أو في دول الجوار بالمناطق الحدودية أو المناطق التي تحاول اقتطاعها من القطر السوري التي يقطنها الكرد مثل عفرين وغيرها، ففيها تمارس القوات الخاصة بتركيا كل أشكال العنف ضد النساء والاعتقال والاغتصاب والاختطاف والتهجير.

وأكدت الباحثة السياسية أن العنف ضد المرأة ليس مقترناً فقط بحالات الاضطراب السياسي، بل وكذلك في حالة الاستقرار السياسي، من خلال أمور تعتمد على التنشئة بالحديث لا سيما العنف من قبل المرأة ضد المرأة حال ترشحت لانتخابات على سبيل المثال لدرجة أنه يمكن القول إن المرأة عدوة المرأة، وفي ظل قناعة البعض أن المرأة لا تصلح لاتخاذ قرار وليست هناك ثقة في قدرتها على اتخاذ قرارات، مع أن هناك كثير من الأماكن التي حققت فيها المرأة مكاسب تفوق الرجل.

Open photo

بدورها، تحدثت الدكتورة عندليب فهمي المتخصصة في الأعلام والسيكولوجي عن أن العنف ضد المرأة له كثير من المظاهر السياسية والاجتماعية والاقتصادية، موضحة أنها واحدة من النساء اللواتي تعرضن لكل أنواع العنف ضد المرأة، مشيرة إلى اختطاف نجلها خارج مصر من قبل زوجها السابق الذي اكتشفت أنه يعاني مرضاً نفسياً عبارة عن اضطراب شخصية نرجسية يصل إلى السيكوباتية ومارس ضدها أنواع عنف مختلفة، بل وعلى نجلها الذي قام باختطافه.

ولفتت كذلك في حديثها إلى إشكالية تتعلق بقانون الرؤية، إذ أنها بعد استعادة طفلها والذي خطفه والده ونقله إلى ألمانيا كانت هناك مشكلة تتعلق برؤية الأب للابن، والأخير يعاني من صدمة نفسية نتيجة الطريقة التي خطف بها من أوتوبيس المدرسة، مشيرة إلى أنه في هذه الحالة نرى عواراً دستورياً يتمثل في أن القانون يمنح حق الرؤية حتى للمجرمين.

وقالت إنها حتى الآن يمارس عليها كل نوع الإرهاب لدرجة أنها لا تستطيع التوجه إلى منزلها الأساسي وكذلك عملها الأساسي، مؤكدة أنها ليست هي الوحيدة التي تتعرض لمثل هذا النوع من العنف، بل هناك أناس كثيرين لديهم نفس المشكلات، مؤكدة أنها كانت محظوظة أنها أعادت نجلها، في المقابل هناك أمهات أو نساء لا يستطعن الحديث عن العنف الذي يمارس ضدهن، كما انتقدت طريقة تعامل من حولها بسبب رغبتها في استعادة نجلها المختطف من ألمانيا، لدرجة أن بعضهم قال لها إن تتركه خارج مصر.

العنف ضد المرأة له أطر متعددة

Open photo

الكاتبة الصحفية ولاء أبوستيت كانت بدورها لديها تصوراتها بشأن إشكالية العنف ضد المرأة إذ قالت إن له كثير من الأطر السياسية والثقافية والقانونية، لكنها في الوقت ذاته ترى أن المرأة من حيث الناحية القانونية في مصر تعيش عصرها الذهبي، فالقوانين إلى حد ما مقارنة بالماضي أفضل، لكنها تشير إلى أن الأزمة في تطبيق القانون.

وقالت الكاتبة الصحفية إن هناك إشارات إلى تحسين وضع المرأة سياسياً وأن تكون هناك كوتا، لكن في النهاية تبقى هذه الأمور مجرد محاولات، منتقدة طبيعة العلاقة بين المرأة والمرأة، قائلة إن المرأة هي المحارب الأول للمرأة وهذا من الأمور المستغربة في المجتمع المصري، وحتى في إطار النخبة فنجد أنها لا تختلف عن الطبقات الدنيا فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة.

ثلث نساء العالم يتعرضن للعنف

Open photo

وبدورها تحدثت الكاتبة الصحفية حنان حجاج مديرة تحرير جريدة الأهرام عن تعريف مفهوم العنف وقالت إن الأمم المتحدة وضعت لها تعريفاً له وهو أنه أي فعل عنيف تجاه أي شخص على أساس الجنس يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسدية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد أو القهر أو الحرمان، معتبرة أن الكثير في مجتمعاتنا الشرقية يعتبرون مثل هذه الأمور رفاهية.

واستشهدت الكاتبة الصحفية بدراسة لمنظمة الصحة العالمية أعدتها على مدار 8 سنوات من 2010 إلى 2018 على عينات من 161 دولة من النساء من 15 منطقة رئيسية وكانت النتائج أن منطقة غرب المحيط الهادي بها 20% من النساء تعرضن لنوع من أنواع العنف مرة واحدة أو اثنين، وفي أوروبا 22% وفي الأمريكتين 25% وفي منطقة الشرق الأوسط 31%، وفي أفريقيا 33% وفي جنوب شرق آسيا 33%، أي أن ثلث سكان العالم من النساء يتعرضن لنوع من أنواع العنف.

وعن الأبعاد الدينية في مسألة العنف ضد المرأة، قالت حنان حجاج إنه انطلاقاً من فكرة مثل القوامة، أصبح من حق الرجل أن يهذب المرأة، وهذا الحق يترتب عليه العنف كأنه شيء مشرعن في الدين وهو غير مشرعن بالمناسبة، مشيرة إلى حديث شريف يقول "من ضرب سوطاً ظلماً اقتص منه يوم القيامة"، والإمام محمد عبده عندما تحدث عن هذه المسألة قال إن هناك تدرج في العقوبة.

أوضاع المرأة في العراق

Open photo

وعبر خاصية الفيديو وجهت الدكتورة ندى عمران وهي أستاذ جامعية عراقية انتقادات واسعة لأوضاع المرأة في بلادها، والتي عانت من عقود من الحروب وبينهما حصار قاس، وكانت المرأة طوال تلك العقود هي الأكثر تحملاً في الأسرة والمجتمع لوطأة تلك الحروب، وواجهت ظروف الحصار الاقتصادي، بحسب ما أوضحت.

ولفتت إلى أن الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد الغزو بدورها لم تسمح بتبوأ المرأة مراكزاً قيادية، وهكذا أصبح النظام ذكورياً، وكل الحكومات المتعاقبة كذلك منذ عام 2003 ربما لن نجد فيها سوى امرأة واحدة، وفي الحكومة الحالية لا توجد إلا امرأة واحدة وهي من المكون المسيحي، وأتت في إطار المحاصصة الطائفية التي أفرزها الاحتلال.

إعادة النظر في الأطر التشريعية وتجديد الخطاب الديني

Open photo

من جهته، قدم الكاتب الصحفي فتحي محمود رئيس مركز آتون للدراسات مجموعة من الملاحظات العامة حول مسألة العنف ضد المرأة، إذ أعرب عن اعتقاده بأن المرأة نفسها بحاجة إلى تكثيف نشاطها في المجتمع المصري وفي إطار حركة التطور الاجتماعي للتأثير على المجتمع والخروج من الدائرة الحالية التي توجد بها.

ولفت إلى أنه رغم زيادة عدد النائبات وتمكين المرأة في مواقع مختلفة، لكن كل ذلك لم يؤثر على حركة تطور المرأة بشكل كبير، معتبراً أنه واقع مصنوع وليس نتاجاً لتطور طبيعي، ولذلك في ظل وجود هذا العدد من النساء لم تخرج القوانين المناهضة للعنف ضد المرأة، مشيراً إلى ضرورة إعادة النظر في بعض التشريعات وتجديد الخطاب الديني.