لا يمكن لأحد أن ينسى صوت المسحراتي الذي يشق سكون الليل، ولا ننسى طبلة وجلباب المسحراتي، ينادي على الأطفال الصغار، إلا أن ما يشق سكون الليل تلك المرة هو صوت أنثوي رائع، تعلق به أهالي حي المعادي وينتظره كل عام وهي الست دلال عبد الحميد المسحراتية، وهي أول مسحراتية أنثى في القاهرة، ولذلك قامت وكالة فرات بإجراء حوار مع الست دلال وأولاد، ورغم ذلك تقوم وتسحر الناس بكل حب وود، وترى أنها ليست مهنة أو مهمة، ولكن المسحراتي لها دور كبير، لا يعرفه الكثيرين.
كيف بدأت رحلتك مع التسحير؟
تعلقت بالمسحراتي منذ الصغر كان يصطحبني شقيقي المسحراتي خلال جولاته في رمضان، حتى لقي ربه في 2011 قبل رمضان بشهر واحد، لأجد نفسي أمسك طبلة أخي وأدور حيث كان يدور في شوارع المعادي، أردت أن يبقى التقليد حياً، وناديت كما كان ينادي ووجدت تشجيع من الأهالي..
ما هو الشيء الجديد الذي تقدميه هذا العام؟
قمت بتغيير هذا العام عبارة عن تجديد في الملابس، بلمسات بسيطة تفرح الاولاد، وتميزني، حيث أضفت أشياء على ملابس، ووجدت الناس فرحانة، مثل خيامية رمضان على الجلبابة.
كيف تسير علاقتك بالأطفال أثناء عملية التسحير؟
أنا من ١٥ سنة أقوم بعملية التسحير، عندي أطفال من ٢٥ سنة أحفظ اسماءهم، والأطفال الجدد يبلغوني أسماءهم، وهم أكثر من يصاحبني أثناء جولاتي في شوارع الحي.
هل يقتصر دور المسحراتي على الطواف في الشارع ونداء أسماء الأطفال؟
المسحراتي ليس عمله الطرق على الطبلة والتجول في الشوارع فقط، ولكن أنا بنزل أسحر الناس لأني مولودة مع الناس، وكنت أذهب مع أخي أحمد وأنا صغيرة، ولكن هناك جانب خفي في عمل المسحراتي لأن الآن أكثر التبرعات تذهب للمدارس والمستشفيات، كما تروج لها إعلانات التليفزيون ولكن مصر ليست كلها مدارس ومستشفيات فقط، ولكن توجد عائلات فقيرة جداً، لا يعلم عنها أحد، وعندها عزة نفس وكرامة، ولا يعلم بها إلا الله، منتظرين أحد يربط على كتفهم، عبر كيس بلح أو برتقال، ورمضان ليس كرتونة لأنها لن تغنيك طوال الشهر الكريم، لكي ادخل شهر رمضان ويكفيني الشهر كله، يحتاج على الأقل ٤ كراتين مما يتم توزيعها، ٢٠٠ جنيه يومياً للخبز والسحور بدون لحوم، وتوجد ناس كثيرة لا تستطيع الذهاب للجمعيات الخيرية، وأنا بحكم وجودي في الشارع أرى هؤلاء الناس، وأشعر بهم، وأساعد الناس كلما أتيحت لي الفرصة، وبقدر استطاعتي، لكن لا أستطيع مساعدة كل الناس، وعندما يسألني شخص عن مساعدة يحتاج إلى أدلة، لأن الدال على الخير كفاعله، وهنا يأتي دور المسحراتي لأنه ليس شخص يمشي في الشارع فقط، وينادي على الناس، ولكنه يبلغ للناس التي تحتاج للمساعدة لمن يستطيع مساعدتهم.
كيف ترين دورك كـ أول مسحراتية أنثى في القاهرة؟
لا شيء يقيد عمل المرأة إلا ما يغضب الله سبحانه وتعالى، وطالما لا توجد أشياء تغضب الله وبتحبب التسحير، وطالما أنك تريد توصيل رسالة لا يوجد شيء يقف أمامك ستعمل ما تحبه وتريده، وربنا يوفق الجميع.
هل يقدر الناس دور المسحراتي؟
لا أحد يعرف معنى كلمة مسحراتي، المسحراتي هو الذي يثور على الأوضاع الخطأ، كان هناك والي أيام العصر الإسلامي قال للحارس ونادى عليه وقال أريد النزول في رمضان كي أعرف أحوال الناس واطمئن عليهم، وبالفعل تنكر ونزل هو والحارس، وسأل الناس، الطفل لماذا يبكي، فقالت الناس أن أمه لا تجد الحليب لكي ترضعه، فقال للحارس ابحث عن أشخاص أخرى محتاجين، والوالي أصبح ينزل يومياً يسحر الناس لكي يطمئن على الناس وأنه لا أحد يحتاج إلى شيء، كل هذه المعاني الجميلة اختفت حالياً، نادراً ما تجد أحد يشعر بالفقير والجوعان، نادراً ما تجد أحد يدلك على الأسر المحتاجة.
ما هي رسالتك للنساء الأخريات؟
رسالتي للسيدات كل ست طيبة أصيلة، تتحمل أعباء الحياة، وتنظر حولها في البلاد الأخرى، كيف تعيش الناس في الدول الأخرى، وتحمد ربنا على ما هي فيه، وأقول لكل ست تتحمل أعباء الحياة، لأننا واجهة بلدنا، لا نريد أحد أن يشمت فينا، أو يقولوا أنظروا ستات مصر كذا أو كذا، لكي يسترنا ربنا في الدنيا والآخرة، خاصة مع غلاء الأسعار، أن يسعين على أرزاقهن، ويكسبن المال بالعرق والتعب وبالمجهود الخاص وعدم الاعتماد على أحد.
كيف نجحتِ بالتوفيق بين حياتك الخاصة وعملك كمسحراتية، خاصة أن وقت رمضان قصير؟
الشهر الكريم يأتي في السنة مرة واحدة، وأحاول في هذا الشهر أن أبذل مجهودي وصحتي، واستغل كل وقت فيه لكي أفعل شيئاً طيباً يرضى عنه الله، وفي نفس الوقت أحاول أن أسعد من حولي، لأوفق في حياتي، في الصباح أجهز بيتي، وأمور البيت، وتجهيز الأكل، وبعد ذلك أجهز وجبات لأتصدق بها، لأن كل هذه الأشياء لا توجد إلا في الشهر الفضيل، لأن شهر رمضان يجدد النفوس ويبعث الطمأنينة.
كيف تعدين وجبة السحور لأسرتك وتقومين بمهام التسحير؟
عندي بنت جميلة تدرس فنون المسرحية تقوم بتجهيز وجبة الإفطار لأخواتها، وتقوم بتجهيز البيت، وأترك لها أكل جاهز، وتقوم بإعداده.
ما هو أصعب موقف مر عليك؟
عندما ذهبت لتسجيل حلقة معي في مبنى الإذاعة والتلفزيون تنمروا بشخصيتي، وعندما رفضت التنمر أهنت، وحرروا ضدي محضر بتهمة أني هاجمتهم، وتم حجزي، رغم أن المفترض في التلفزيون يوجد كاميرات يعرفون خلاله من تهجم على من، وعلى الرغم من ذلك لا حياة لمن تنادي، حاولت الاتصال بمعدي البرنامج للاستنجاد بهم، لكي يقولوا لهم أننا ضيوف في البرنامج، لكن لم يهتم أحد بهذا الأمر.