للمرأة الكردية تاريخ نضالي عظيم، حيث يمتد التاريخ غير المكتوب للمرأة الكردية الى ما بعد التاريخ المكتوب المحدد من تأسيس جمعية التعالي للمرأة الكردية عام 1919 إلى تأسيس الجمعيات النسائية الديمقراطية الثورية في عام 1970، وتعمل المرأة الكردية التي أصبحت نموذجاً لنساء العالم مع ثورة روج افا على تحويل العالم المظلم الذي تحكمه الذهنية الذكورية الى عالم يسطع فيه النور في يوم 8 آذار، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
خلق التاريخ النضالي للمرأة الكردية العديد من النساء الكرديات اللواتي جعلن من يوم 8 آذار يوماً للنضال والفداء والشهادة لجميع نساء العالم....
مقاومة بطولية من مينا وصولا الى فاطمة
تتصف مينا قاضي، بمكانة مهمة في تاريخ السياسة الكردية، وهي إحدى مؤسسات الجمهورية الكردية، حيث أسست الاتحاد النسائي الكردي عام 1945 وترأسته. نسير بدرخان، المرأة البدرخانية المنفية، دافعت عن اللغة الكردية حتى وفاتها في المنفى؛ كما كانت ظريفة من قبيلة كوجكري داعية ماهر بين النساء الكرديات من أجل الصحوة الوطنية؛ وايضاً فاطمة، التي لا يُعرف عنها سوى القليل، أسست جمعية تعالي للمرأة الكردية، وروشن بدرخان، التي كانت عضوة في المؤتمر المناهض للاستعمار في اليونان عام 1957، حيث رفعت علم كردستان في المؤتمر، وكانت هذه المرة الأولى التي يرفع فيها علم كوردستان في لقاء دولي، لديها العديد من المؤلفات، وكانت تدعو فيها جميع النساء الكرد لمحاربة الجهل؛ ومن النساء الكرديات اللواتي تركن بصمة تاريخية في النضال، بسي التي انضمت لنهضة آكري عام 1927والتي انهت حياتها في معركة بالقفز في الوادي حتى لا تقع أسيرة بيد العدو؛ كما تعد فاتا رش واحدة من أشهر النساء الكرديات، وكانت شجاعتها وموقفها موضوع مقالات في العديد من المجلات والصحف وقد أشاد بها الجميع.
ليلى قاسم
كما تظهر تصريحات النساء الكرديات في الأحداث التاريخية كيف وصلت مقاومة الكرد والشعب الكردي إلى يومنا هذا، وإحدى هؤلاء النساء هي كلناز، حيث تلقي السلطات القبض عليها خلال مشاركتها في نهضة آكري عام 1927 وارسلت بعدها الى سجن موش، تتعرض حينها للتعذيب الجسدي والنفسي حيث يتم وضع رأس ولدها وزوجها بعد قطعهما امام عينيها، الا انها ترفع رأس ابنها المقطوع وتقول: "هذا هو ولدي، لقد أرضعته من اجل هذا اليوم، ولم أكن اسامحه إذا لم يضحي بحياته يوما من اجل كردستان والقضية الكردية".
تعد ليلى قاسم رمز للمرأة الكردية الحرة، المرأة التي اتصفت بالبطولة والشجاعة، المرأة الكردية الأولى التي تم اعدامها، حيث قالت قبيل اعدامها في 13 أيار 1974 "انا فخورة بشعبي وحزبي ونضالي، فقط لدي طلب وهو ان يسامحني اهلي وشعبي لأني لم أكمل وظيفتي ومهمتي، انا مستعدة للموت، ولن اطلب العفو والرحمة من جلادي".
نضال المرأة ضمن حركة حزب العمال الكردستاني
يعرف حزب العمال الكردستاني (PKK)، باسم "الانتفاضة الكردية التاسعة والعشرون"، حيث يقول القائد عبد الله اوجلان إنه حزب لإحياء شعب تعرض للقمع والتعسف وإعادته الى جوهره؛ لقد خلق القائد اوجلان في شخصه الثورة الذهنية من خلال انهاء الذهنية الذكورية وقاد الكفاح الصحيح في كردستان؛ كما قادت المرأة التي اتخذت من نموذج وفلسفة القائد اوجلان أساس لها، ثورة روج افا واصبحت نموذجاً للعالم اجمع، فمع تطور النضال من أجل حرية المرأة، تتم إعادة كتابة تاريخ المرأة في الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم.
من بداية التنظيم وصولاً الى التجييش
خلال المؤتمر الثالث لحزب العمال الكردستاني، الذي عقد في عام 1986، التابع للجبهة الشعبية لتحرير كردستان (ERNK) والتي تعد الجبهة التنظيمية لحزب العمال الكردستاني، تأسس اتحاد المرأة الكردستانية(YJWK)، في تشرين الثاني 1987، وفي عام 1993 تم البدء بتشكيل جيش المرأة ضمن صفوف قوات الكريلا من خلال وحدات حقيقية للمرأة، وعلى هذا الأساس، تأسس اتحاد حرية المرأة الكردستانية (YAJK) في عام 1995 في مؤتمر حرية المرأة في كردستان، وفي 8 آذار 1998 تحدد أيديولوجية تحرير المرأة المبادئ الأساسية للثورة الاجتماعية التي تقودها المرأة، وفي 8 آذار عام 1999 تأسس حزب المرأة مع ممارسة إيديولوجية تحرير المرأة مع تأسيس حزب المرأة الكردية العاملة PJKK))، حيث غيّر هذا الحزب لاحقاً اسمه، ووسّع منظوره التنظيمي والنضالي؛ وتحملت حركة تحرير المرأة، في عام 2000 مع منظمة حزب المرأة الحرة (PJA)، المسؤولية العالمية، مؤكدة على الحاجة إلى مشاركة تجارب النساء الكرديات مع نساء الشعوب الأخرى؛ تأسس حزب حرية المرأة الكردستانية (PAJK) في عام 2004، ومعه وسع تنظيمه وأصبح الحزب الشامل لحركة المرأة الكردية في مختلف المجالات التنظيمية.
ساحات الدفاع المشروع
كانت هناك حاجة إلى منظمة كونفدرالية أكثر مرونة وشمولية في كردستان مع نمو النضال وتوسع التنظيم في كردستان حيث حدث التنوير والنهضة للمرأة، لذلك تم تأسيس منظمة كونفدرالية للمرأة في الأجزاء الأربعة من كردستان وخارجها مع تأسيس مجموعة المرأة المناضلة (KJB)، واتخذت المنظمة الكونفدرالية، التي أعيدت تسميتها فيما بعد باسم منظومة المرأة الكردستانية (KJK)، شكل منظمة كونفدرالية ديمقراطية، كما ينظم النظام الكونفدرالي الديمقراطي للمرأة، حسب الاكتفاء الذاتي، الإدارة الجوهرية، الإدارة الذاتية، وهذا التنظيم يعتمد على الكومينات والمجالس والأكاديميات والجمعيات التعاونية.
القيادية الأولى للمرأة: خانم ياور كايا
وتلخص حياة المناضلة خانم ياور كايا في كتاب "جيش المرأة" حيث جاء فيه: "شاركت بشكل فاعل في مقاومة حلوان، حيث أُجبرت على مغادرة البلاد عندما قُبض على معارفها؛ تلقت خانم ياور كايا تعليمها في بيروت -دمشق. وتتعلم القراءة والكتابة في صفوف الحزب وتطور نفسها أيديولوجياً، تستشهد في احدى المعارك مع العدو، حيث تركت المقاومة التي خاضتها بصمة وتأثيرا على الشعب، هي امرأة كردية لديها شعور قوي بالحرب والمبادرة، كما لديها صفات قيادية وكانت تمتلك روح فدائية شجاعة، لذلك كانت ترفض الخضوع للذهنية الذكورية، كانت تقود الرجال في المرحلة التي كانت تسود فيها فكرة أن المرأة لا يمكن أن تقاتل، وهذا أظهر شرعيتها وأثبت مدى سوء التفكير بالمرأة".
ساكينة جانسيز
تعد ساكينة جانسيز (سارة) احدى المؤسسات لحزب العمال الكردستاني (PKK) الاوائل، كان لها تاريخ نضالي في الحركة وفي تنفيذ واجباتها ومسؤولياتها؛ تنحدر المناضلة الشهيدة ساكينة جانسيز من ولاية ديرسم الكردستانية، قضت حياتها في لنضال من اجل خلاص الشعوب المضطهدة، حرية المرأة، حقيقة الإنسانية، الجبال والحرب، هي امرأة مرنة وقادرة على الصمود؛ تعتبر هذه الشهيدة البطلة رمزا للقوة والجسارة، حيث أقدمت على البصق بوجه الجلاد اسعد أوكتاي في سجن آمد، وهي أول امرأة تدافع عن السياسة، لقد كافحت ساكينة التي وهبت حياتها للنضال، حتى الرمق الأخير في سبيل فكرها ومقاومة شعبها.
كولناز كاراتاش
لكلناز كاراتاش (بيريتان هيفي) دور تاريخي في خلق تاريخ حرية المرأة الكردية، حيث ناضلت ضد قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني في 25 تشرين الأول 1992، في خاكورك حتى آخر طلقة، في عام 1992، ازدادت هجمات الجهات الكردية الخائنة ضد الشعب الكردي، حينها أصبحت قوة عظيمة وغضب هائل ضد الخيانة والتواطؤ مع العدو ولم تستسلم بالرغم من ان قوات البيشمركة طلبوا منها الاستسلام وانها لن تلحق بها الأذى، لكنها واصلت نضالها الى ان انضمت لقوافل الشهداء، كانت امرأة مخلصة لقضيتها شجاعة وتأبى الرضوخ والاستسلام.
زينب كيناجي
تعد زينب كيناجي (زيلان) أيضاً قنبلة فيتلون في التاريخ الكردي، استشهدت إثر عملية فدائية نفذتها خلال معركة في وسط ديرسم قبل 26 عاماً، لقد تركت رسالة قبل تنفيذها للعملية جاء فيها: "لدي آمال كبيرة في هذه الحياة، أريد أن أحظى بحياة رائعة فعالة عظيمة، اريد ان اصبح رمزاً للمرأة الكردية"، خلفت العملية الفدائية التي نفذتها الشهيدة زيلان ضغوط نفسية كبيرة على الجيش التركي والشرطة، وقال القائد عبدالله اوجلان عن فعاليتها "لقد تخطت الشهيدة زيلان مقاومتي ونضالي بالعملية الفدائية التي نفذتها، ومن الآن وصاعدا سأصبح جندي ومقاتل اقاتل في ظل روحها الفدائية".
سما يوجا
كانت سما يوجا تتويجا للمقاومة، حيث سارت على خطى زكية، رهشان، بيرين وروناهي وزيلان، جعلت من قلبها وجسدها وعقلها جسراً من النار لتنوير الحياة؛ أصيبت بجروح خطيرة جراء العملية الفدائية التي اضرمت من خلالها النار بجسدها في سجن جاناكالي في 21 آذار 1998 ونقلت إلى المستشفى؛ استشهدت يوجا في 17 حزيران 1998 وتحولت الى نجمة في السماء.
تركت يوجا رسالة تشرح فيها سبب اضرام النار بجسدها حيث جاءت فيه:
"بناءً على هذه المبادئ، أريد أن اجعل من عقلي وقلبي وجسدي جسراً من نار المقاومة بين 8 و21 من آذار، اريد أن أصبح تلميذةً مثابرةً لكاوا العصر مظلوم دوغان وجميع الشهداء، وأحترق مثل زكية وأكون مثل نوروز مثل رهشان. أريد أن أسير على درب الرفاق بيريفان وروناهي وميرزا محمد واسير بتصميم كبير.
فكرت كثيراً في العمليات الفدائية التي نفذها رفاقي الشهداء الذي سعيت بأن أكون من تلامذتهم، وأردت أن أحرق نفسي بنار الثورة كل يوم ودائماً وأصل إلى الروح الفدائية التي خلدوها؛ بعد اتخاذ قرار بشأن هذه العملية، كنت اخضع لحرب داخلية بيني وبين نفسي، الا انني تمكنت من التغلب عليها واستجمعت قواي، رغبتي في حياة حرة وامرأة حرة دفعتني أن أفعل ذلك".
فيان صوران
اضرمت ليلى والي حسيني (فيان صوران) التي كانت قيادية في صفوف وحدات المرأة الحرة – ستار في مناطق حفتانين، النار بجسدها عام 2006 تنديداً بالمؤامرة الدولية التي نفذت بحق القائد عبد الله اوجلان والعزلة التي فرضت عليه فيما بعد؛ وبعد تنفيذها للعملية الفدائية تركت رسالة للقائد اوجلان جاء فيها "لن نتمكن من تحقيق الحرية بلا تضحيات"، انضمت فيان صوران لحركة حزب العمال الكردستاني عام 1997 ، في النضال من أجل حرية كردستان، تم التركيز على واقع المجتمع والمرأة والتاريخ، كانت معروفة بأخلاقها وموقفها المدروس في النضال.
وهناك العديد من المناضلات الكرديات الاخريات اللواتي جعلن من اجسادهن جسراً لتحقيق الحياة الحرة......