منذ بدء ثورة روج آفا مع بداية الحراك الشعبي في عموم سوريا, اتّخذت المرأة مكانة لها لم تقلّ أهمّية عن مكانة الرجل في تلك الثورة, وعلى كافة الصعد. حيث شاركت المرأة في مجالات العمل التنظيمي, السياسي, العسكري, الاجتماعي وغيرها, كما بدأت بتنظيم نفسها في أطرٍ نضالية, اكسبتها سمة التميّز والمثابرة لتغدو نشطة بالشكل الأمثل الذي يمكّنها من نيل كافة حقوقها, بعد سنين طويلة من صراعها داخل المجتمع الذكوري.
ولا يخفى الدور الذي قام به حزب الاتحاد الديمقراطي في إيلاء مشاركة المرأة في الحياة السياسية في روج آفا وشمال سوريا أولويةً جعلت منها شخصية قيادية في المجتمع. حيث بدأ الحزب بنظام الرئاسة المشتركة منذ العام 2012, ، إضافة إلى وجود نسبة نسائية تبلغ 40% في قيادة الحزب, وفي كل المؤسسات الحزبية واللجان والأفرع, وهو وجود فعلي وفاعل بخلاف ما كانت عليه الحالة الموجودة في روج آفا وسوريا.
وفي أواخر شهر شباط من العام 2014, انعقد في مدينة قامشلو مؤتمر المرأة لحزب الاتحاد الديمقراطي في مقاطعة الجزيرة, حيث شارك نحو 250 عضواً وضيفاً ممثلين عن كافة مدن الجزيرة. وتقرّر خلال المؤتمر تشكيل لجنة لإدارة المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي في مقاطعة الجزيرة. وتألفت اللجنة من 21 عضو من النساء, موزعات على تسع مناطق في المقاطعة.
أهمّ التنظيمات النسائية في مقاطعات روج آفا وشمال سوريا
- مؤتمر ستار: تأسّس في 15-01-2005 تحت اسم "اتحاد ستار النسائي", ويهدف إلى "بناء المجتمع الديمقراطي الأيكولوجي التحرري الجنسوي في روج آفا وسوريا، ويسعى لإزالة كافة أشكال اللامساواة النابعة من العلاقة المبنية على أساس الملكية بين الجنسين ومناهضة ثقافة الاغتصاب المطبقة بحق المرأة والمجتمع. كما يهدف إلى توعية وتنظيم النساء من النواحي الاجتماعية، السياسية، الثقافية، الحقوقية والاقتصادية وذلك لإعادة بناء مجتمع سياسي وأخلاقي حُر،وأيضاً يهدف إلى حلّ القضية الكردية بالسبل الديمقراطية ضمن إطار مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية وتنظيم المرأة لذاتها بشكل مستقل ضمن هذا المشروع وبالتالي الوصول إلى بناء النظام الكونفيدرالي للمرأة وترسيخ أيديولوجية حرية المرأة في المجتمع".
- وحدات حماية المرأة (YPJ): قوّة مسلّحة تتألّف حصراً من نساء كافة مكونات الشمال السوري من كرد, عرب, سريان, أرمن, تركمان وغيرهم، ومهمتها الدفاع عن المرأة وقيم الديمقراطية والحرية في روج آفا في وجه كل الاعتداءات.
كما شاركت هذه الوحدات في معارك شرسة ضدّ التنظيمات الإرهابية, وفي مقدّمتها تنظيم داعش, حيث نالت صيتاً عالمياً في محاربة القوى الظلامية, وتعدّت شهرتها حدود سوريا, وذلك بعد معارك تحرير كوباني, وما تلتها من معارك لتحرير تل أبيض, الرقة, دير الزور وصولاً إلى الحدود السورية-العراقية.
- أسايش المرأة: وهي "قوات شرطة" مهمتها الحفاظ على الأمن في المجتمع وترتيب شؤون الحياة من مرور ووصول المواد التموينية والإشراف على توزيع المساعدات وترتيب شؤون الحياة والمجتمع.
كما انتشرت العديد من التنظيمات التابعة للمؤسسات الرسمية العاملة في مجال شؤون المرأة والدفاع عن قضاياها في عموم مدن روج آفا وشمال سوريا.
الإدارة الذاتية الديمقراطية ومكانة المرأة
منذ اعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية في شباط من العام 2014, احتلّت المرأة مكانة متقدّمة في كافة الهيئات التي تمّ تشكيلها بعد الاعلان. تمّ إقرار نسبة تمثيل المرأة في كافة اللجان المناطقية بمقاطعات الجزيرة, كوباني وعفرين ب40%, وضمّت الهيئة التنفيذية للإدارة الذاتية شخصيات نسائية حازت على مناصب رفيعة. هذا وتشارك المرأة في الحاكمية المشتركة لكافة المقاطعات التابعى للإدارة.
قانون حماية المرأة
فيما يتعلّق بالقوانين والتشريعات التي أقرّتها الإدارة الذاتية الخاصة بالمرأة, صدر قانون "حماية المرأة" والذي نصّ على "محاربة الذهنية السلطوية الرجعية في المجتمع" وجعلها واجب على كلّ فرد في مناطق الإدارة.
كما أقرّ القانون "المساواة بين الرجل والمرأة" ومنحها حقّ الترشّح والترشيح وتولي كافة المناصب, إلى جانب ترسيخ "الرئاسات المشتركة" لكافة مؤسسات الإدارة الذاتية بالإضافة إلى تواجد ممثلات عنها في المجلس التشريعي لدى مناقشة سنّ أيّ تشريعٍ أو قانون سواء كان سياسياً أو اجتماعياً.
واهتم القانون ذاته بتفاصيل متعلّقة بتنظيم الحياة الاجتماعية للمرأة, حيث أكّد على المساواة بين الرجل والمرأة في الرواتب والشهادات الدراسية, كما منع "زواج القاصرات" بالإضافة إلى الغاء المهر لدى الزواج كونه "قيمـة ماديـة هدفـه استملاك المـرأة", وحلّ محله "مشاركـة الطـرفين في تـأمين الحيـاة التشـاركيـة".
مما لا شكّ فيه بأنّ المرأة تمتّعت بكافة حقوقها في ظلّ الإدارة الذاتية الديمقراطية, تلك الحقوق التي لطالما كانت حلماً سعت لتحقيقه من خلال نضالٍ وعملٍ دؤوب, وأثببت المرأة في روج آفا أنّها قادرة على اثبات وجودها في كافة مجالات الحياة, وهذا ما منحها شخصيةً مثالية لتغدو نموذجاً لعموم نساء الشرق الأوسط والعالم.