بدأت اليوم الثلاثاء أعمال المؤتمر الدولي الهادف لوضع خارطة طريق تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا قبل نهاية العام الجاري، بمشاركة مصرية تسعى من خلالها لتحقيق الأمن والاستقرار للبلد المجاور لحدودها في الوقت الذي يتطلع فيه، قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر لإسدال الستار على التدخل التركي الداعم للإرهاب في بلاده.
وافتتح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، المؤتمر الذي يعقد في باريس تحت رعاية الأمم المتحدة وبمشاركة 20 دولة و4 منظمات دولية منها الجامعة العربية، بهدف وضع خارطة طريق مشتركة ترمى إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام، والذي من المقرر أن يختتم بالتوقيع على اتفاق من قبل أربعة مسئولين بارزين في المشهد الليبي بنظر المجتمع الدولي وهم "المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبى، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري."
علاج الإرهابيين في تركيا
وهاجم قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، تركيا في أكثر من تصريح صحفي صادر عنه، متهماً أردوغان، بدعم الإرهاب والتدخل في شؤون بلاده، مؤكداً أن التدخل التركي أدخل ليبيا في مأزق وجعلها في موقف ضعيف جدا أمام الإرهاب والإرهابيين، لافتًا إلي أن ما وصفهم بالإرهابيين، الذين أصيبوا في معارك مع الجيش الليبي خلال "حملة الكرامة"، عولجوا في تركيا "حاضنة وداعمة الإرهاب في ليبيا".
تهريب الأسلحة إلي ليبيا
في السياق نفسه، اتهم حفتر تركيا بالوقوف خلف محاولة تهريب أسلحة إلى ليبيا، ودعم الإرهاب ليس في ليبيا، مطالباً بتحقيق دولي في الواقعة، وأعلنت قوات حفتر، متابعة مجريات التحقيق بشأن السفينة التركية (أندروميدا) التي كان على متنها 29 حاوية من مواد تستخدم في القنابل والمتفجرات، وأبحرت من تركيا إلى ميناء مصراتة غرب ليبيا.
تحرير آخر معقل للإرهاب في ليبيا
وقال خليفة حفتر قائد القوات الليبية في خطاب متلفز له قبل أيام قليلة من انطلاق مؤتمر باريس الدولي ، إن قواته "على وشك إعلان تحرير" مدينة درنة (شرق)، حيث تجري مواجهات مسلحة، مضيفًا:" اقتربنا من إعلان تحرير درنة، وبالتالي تحرير بلادنا من آخر معقل للإرهاب في أرض ليبيا، استكمالا وتتويجا لنضال القوات المسلحة، وتضحياتها على مدى 4 أعوام متتالية من الكفاح المقدس"، بحسب قوله.
وأشار إلى أن المواجهات العسكرية في درنة جاءت "بعد رفض الجماعات المسلحة فيها الحلول السلمية كافة"، لافتا إلى أنه تم إعطاء تعليمات للقوات بتجنيب إلحاق أي ضرر بأهالي درنة أو ممتلكاتهم، ليدخل حفتر المؤتمر وهو يتطلع لإسدال الستار على التدخل التركي في شؤون بلادها ودعمها للإرهاب، بوضع خارطة طريق تستهدف إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام الجاري.
دول الجوار ترفض التدخل الخارجي
واختتم في الثاني والعشرين من شهر مايو الجاري، أعمال اجتماع ثلاثي ضم كل من مصر والجزائر وتونس في العاصمة الجزائرية، أكد خلاله، وزراء دول الجوار لليبيا، رفضهم كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا والذي يؤدي إلى تصعيد داخلي من شأنه أن يقوض العملية السياسية وإطالة الأزمة واستهداف ليس فقط الأمن والاستقرار في ليبيا بل وأيضا دول الجوار، جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الثلاثي الهادف لدعم التسوية السياسية في ليبيا، بمشاركة وزراء الخارجية المصري سامح شكري والجزائري عبدالقادر مساهل والتونسي خميس الجيهناوي.
واستعرض الوزراء تطورات الوضع في ليبيا خاصة فيما يتعلق بمسار التسوية السياسية ومستجدات الوضع الأمني والتحديات التي تواجه إنهاء الأزمة وعودة الأمن والإستقرار في ربوع البلاد، مجددين موقفهم الداعم للحل السياسي طبقا لما توصلوا اليه خلال مشاوراتهم السابقة.
كما بحثوا الجهود التكاملية لبلدانهم الثلاثة في مساعدة الأشقاء الليبيين على تجاوز حالة الإنسداد السياسي بما يحفظ ليبيا وسيادتها وسلامة ترابها ولحمة شعبها.
وجددوا دعمهم لخطة العمل التي قدمها المبعوث الأممي الى ليبيا الدكتور غسان سلامة والتي إعتمدها مجلس الأمن الدولي في 10 أكتوبر 2017.وأكد الوزراء على مركزية الدور الأممي في تنفيذ بنود الإتفاق السياسي الليبي المبرم في ديسمبر 2015 بهدف وضع حد للأزمة الليبية وبناء مؤسسات وطنية قوية لا سيما جيش موحد وأجهزة أمنية تضطلع بمهمة حفظ الأمن العام ومكافحة الإرهاب، وبناء مؤسسات اقتصادية موحدة وفاعلة.
وشدد وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر، في بيانهم الختامي، على أهمية وضع خطة العمل الأممية حيز التنفيذ، منوهين بالخطوات المحرزة في هذا الشأن.ودعوا مجددا الأطراف الليبية بمختلف توجهاتها وعلى كل المستويات وخاصة المؤثرة منها الى بذل مزيد من التنازلات لإعلاء المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وتحقيق التوافق الضروري لإنهاء المرحلة الانتقالية.
وأكد الوزراء الثلاثة ضرورة توفير الظروف الملائمة الكفيلة بتسريع تنفيذ خطة العمل الأممية، داعين الأطراف الليبية الى تحمل مسئولياتها ومواصلة إنخراطها بحسن نية في تحقيق هذا المسار عبر إرساء توافقات موسعة تمهد لمصالحة وطنية شاملة.ونوهوا بالمصالحات المحلية بين مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية، وثمنوا أهمية المساهمة في تسريع هذا المسار وكل مكونات خطة العمل من أجل ليبيا.
وحذر وزراء الخارجية من أن التأخير في التوصل الى حل للأزمة من شأنه أن يفسح المجال أمام مزيد من التصعيد وإنتشار العنف والإرهاب واتساع الصراعات، مؤكدين أهمية الأخذ بعين الإعتبار مساهمة الليبيين في كافة المشاورات والجهود الإقليمية والدولية الرامية الى تنفيذ مسار التسوية، وأن الحل السياسي يجب أن يكون ليبياً - ليبيا ونابعا من إرادة الشعب الليبي.
وحذروا مجددا من تردي الأوضاع المعيشية للشعب الليبي بسبب حالة عدم الإستقرار واستمرار الإنسداد السياسي، مؤكدين على أولوية توفير الخدمات العامة للمواطن الليبي وتحسين ظروف حياته اليومية.
واتفق الوزراء على مواصلة التنسيق الأمني بين الدول الثلاث لتقييم التهديدات التي تمثلها التنظيمات الإرهابية على أمن واستقرار ليبيا والدول الثلاث، وكذلك بقية دول الجوار وتعزيز تبادل المعلومات ورصد أي انتقال لعناصر ارهابية الى المنطقة من بؤر الصراعات الإقليمية الدولية.
وأيضا اتفق الوزراء على عقد اجتماعهم القادم بالقاهرة في موعد يحدد بالتشاور فيما بينهم.
وفد مصري في مؤتمر باريس
ويرأس وفد مصر في مؤتمر باريس مساعد رئاسة الجمهورية المصرية للمشروعات القومية والإستراتيجية، إبراهيم محلب ويرافقه نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية السفير حمدي لوزا، بينما يمثل الجامعة العربية الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط.
كما يحضر الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى ورئيس وزراء الجزائر أحمد أويحيى ورئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نجيسو الذى يرأس اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى عن ليبيا بالإضافة إلى رئيسى النيجر محمدو إيسوفو وتشاد إدريس ديبي.
ويشارك فى المؤتمر ممثلو 19 دولة معنية بالملف وهى دول الجوار (مصر وتونس والجزائر وتشاد) وإيطاليا (القوة الاستعمارية سابقا) والدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن (روسيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة) إضافة إلى ألمانيا.
كما تشارك أربع منظمات هى الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبى والاتحاد الأفريقي.
الجامعة العربية: الإرهاب يعرقل مسار الديمقراطية
من جانبه، أكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، مساندة الجامعة لأي جهد يرمي إلي حلحلة الأزمة في ليبيا ويساهم في التوصل إلي تسوية سياسية شاملة للوضع هناك؛ مؤكداً على ضرورة أن تكون التسوية السياسية المنشودة ليبية خالصة، وعلى أساس الإطار العام للاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات، وعبر أكبر قاعدة ممكنة من التوافق الليبي – الليبي.
وطالب أبو الغيط، المجتمع الدولي ببذل جهوده بشكل تكاملي ومتناسق، بعيداً عن التنافس والازدواجية، لتشجيع الأطراف الليبية على الانخراط، وبحسن نية في هذه العملية السياسية الشاملة برعاية غسان سلامة.
وأعلن أبو الغيط في كلمته أمام مؤتمر باريس، اليوم الثلاثاء، استعداد الجامعة العربية، لمساندة الأطراف الليبية في تنفيذ كل الاستحقاقات القانونية والدستورية والانتخابية التي يتوافقون عليها، بما في ذلك عبر تقديم الدعم السياسي لها، وتوفير المشورة الفنية للتحضير لها، وإيفاد بعثات المراقبة والمتابعة عند إتمامها، معرباً عن تقدير الجامعة، لتطلعات الغالبية العظمى من الليبيين إلي إجراء الانتخابات المنتظرة في البلاد دون إهدار مزيد من الوقت أو إراقة مزيد من الدماء؛ في مناخ أمني يسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم بكل حرية ودون أي ترهيب داخلي أو تدخل خارجي.
وأكد أبو الغيط، أن الجامعة ستكون جاهزة للمساهمة في دعم ومراقبة هذه الانتخابات إذا ما توافقت الأطراف الليبية على عقدها قبل نهاية العام الجاري وتوافرت لها الشروط السياسية والقانونية والأمنية الأساسية التي تفضي إلي إتمامها بنجاح؛ لافتاً إلي أن الجامعة العربية لا ترى ما يمنع من إطالة الإطار الزمني المطروح لهذه العملية، ليمتد إلي مطلع عام 2019.
واختتم أبو الغيط كلمته، بتأكيده على أن الأحداث الدامية الأخيرة التي وقعت ضد مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في طرابلس وضد المدنيين الأبرياء في بنغازي، أظهرت أن التنظيمات الإرهابية والقوى التخريبية سوف تبذل قصارى جهدها لإعاقة وإفشال المسار الديمقراطي في ليبيا، وهو ما يعزز من الحاجة الملحة إلي وجود قوات أمنية وعسكرية موحدة قادرة على الحفاظ على الأمن في كافة أرجاء البلاد والدفاع عن سيادة الدولة وسلامة أراضيها، ويتطلب أيضاً حلاً جذرياً لمشكلة الميليشيات المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة وتظل تمثل تهديداً لسلامة الكيان الوطني الليبي.
الانتخابات 10 ديسمبر
في السياق نفسه، أكدت المسودة الختامية للبيان الصادر عن مؤتمر باريس على تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية الليبية يوم 10 ديسمبر المقبل، والتزام الأطراف كافة بنتائج الانتخابات ومحاسبة كل من يحاول عرقلة العملية الانتخابية، وإصدار واعتماد قانون الانتخابات من قبل البرلمان بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة، وتعاون قوى الأمنية على ضمان سلامة العملية الانتخابية و محاسبة اي مجموعة تحاول عرقلة عملية الاقتراع
وأكدت المسودة على ضرورة العمل على إنهاء الانقسام ونقل مقر البرلمان وإلغاء الحكومات الموازية تدريجيا وتعاون البرلمان ومجلس الدولة على توحيد مؤسسات الدولة السيادية وعلى رأسها المصرف الليبي المركزي، وبناء مؤسسات عسكرية وأمنية محترفة وموحدة، خاضعة للمحاسبة وتشجيع محادثات القاهرة الهادفة إلى توحيد المؤسسة العسكرية
ويشار إلى أن مؤتمر باريس حول ليبيا يأتي بعد نحو عام من الاجتماع الذي استضافته فرنسا في يوليو 2017 بمشاركة حفتر والسراج بهدف إنهاء حالة الفوضى التي تشهدها ليبيا وتهدد أمن أوروبا و دول الساحل الأفريقي وكذلك دول الجوار وذلك منذ الإطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافى في مارس 2011.