نيويورك تايمز نقلا عن"سي آي إيه": الكرد قدموا أهم المعلومات عن البغدادي.. وانسحاب ترامب كاد يفشل عملية تصفيته

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الكرد قدموا المعلومات الأكثر أهمية في عملية قتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي، مشددة على أنهم ظلوا متعاونين رغم قرار الانسحاب الذي منح الفرصة للعدوان التركي.

أفاد مسؤولون بوكالات الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، وكذلك الجيش الأمريكي، بأن الرئيس دونالد ترامب كان على علم بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، وقوات الكوماندوز التابعة للعمليات الخاصة، كانت تركز على موقع وجود أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي، عندما أمر القوات الأمريكية بالانسحاب من شمال سوريا، في وقت سابق من هذا الشهر.
وظل مسؤولو الاستخبارات يطلعون ترامب على ما حدده كأولوية قصوى، وهو البحث عن البغدادي، الإرهابي المطلوب الأول في العالم. لكن المسؤولين أفادوا بأن قرار ترامب المفاجئ بالانسحاب منذ 3 أسابيع عرقل التخطيط الدقيق الجاري، وأجبر مسؤولي البنتاغون على الإسراع في خطة الغارة الليلية الخطرة، قبل أن تتلاشى قدرتهم على السيطرة على القوات والجواسيس وطائرة الاستطلاع.
وقالوا إن مقتل البغدادي في الغارة، السبت الماضي، قد تم رغم أوامر ترامب، وليس بسببها. ومن غير الواضح ما إذا كان ترمب قد استوعب أهمية المعلومات الاستخباراتية عن موقع البغدادي، عندما اتخذ قراراً مفاجئاً بسحب القوات الأمريكية، خلال مكالمة هاتفية في 6 تشرين الأول/ أكتوبر مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وقال المسؤولون العسكريون إن الأمر الواضح هو أن قرار الانسحاب قد وضع القادة على الأرض تحت ضغط أكبر لتنفيذ العملية المعقدة.
وقدم عدة أشخاص، من مسؤولي البنتاغون والجيش والمخابرات ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى ترمب، تسلسلاً زمنياً للغارة، خلال مؤتمر صحفي عقد بالبيت الأبيض أول من أمس.
وبدأ التخطيط للغارة الصيف الماضي، عندما حصلت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" فجأة على معلومات عن الموقع العام الذي كان يختبئ به البغدادي، في قرية في عمق شمال غربي سوريا، ويخضع لسيطرة مجموعات متنافسة من تنظيم القاعدة. وقال المسؤولان الأمريكيين إن المعلومات جاءت بعد اعتقال واستجواب إحدى زوجات البغدادي، ومرسال اعتقل في الطريق خارج القرية.

 

الكرد تعاونوا لتحديد موقع البغدادي رغم قرار ترامب والهجوم التركي


وعمل "سي آي إيه" بتلك النصيحة عن كثب مع مسؤولي الاستخبارات العراقيين والكرد في العراق وسوريا، لتحديد مكان البغدادي بدقة أكبر، ونشر الجواسيس في الأماكن المناسبة لمراقبة تحركاته. وقال مسؤولون أمريكيين إن الكرد واصلوا تقديم المعلومات إلى "سي آي إيه" بشأن موقع البغدادي، حتى بعد أن تسبب قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية في جعل الكرد السوريين يتصدون للهجوم التركي وحدهم.
وقال أحد المسؤولين إن الكرد السوريين والعراقيين قدموا معلومات استخباراتية أكثر أهمية ودقة بخصوص الغارة المرتقبة من أي دولة واحدة.
ووفقاً لمهندس سوري تحدث مع القرويين الذين يعيشون بالقرب من موقع الغارة، فقد لجأ البغدادي إلى منزل أبي محمد سلامة، قائد جماعة متطرفة أخرى تطلق على نفسها "حراس الدين"، لكن مصير زعيم تلك الجماعة في الغارة، وطبيعة علاقته بالبغدادي، لا تزال غير واضحة.
وعندما بدأت وحدة كوماندوز تابعة لقوة "دلتا فورس" الأمريكية في وضع خطط وتدريبات للقيام بمهمة قتل أو اعتقال زعيم "داعش"، أدركوا حينها أنهم يواجهون عقبات هائلة، فقد كان الموقع في عمق الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة، فيما كانت سوريا وروسيا تسيطران على سماء تلك المنطقة بسلاحهما الجوي.
وألغى الجيش المهام، مرتين على الأقل، في اللحظات الأخيرة. واستغرق التخطيط النهائي للغارة يومين إلى 3 أيام، الأسبوع الماضي، وأفاد مسؤول كبير في الإدارة بأن البغدادي كان "على وشك التحرك".
وقرر المسؤولون العسكريون أنه يتعين عليهم التحرك بسرعة لأنه إذا تحرك البغدادي مرة أخرى سيكون من الصعب تعقبه، مع قيام الجيش الأميركي بسحب قواته ومعدات المراقبة على الأرض في سوريا.
وبحلول الخميس والجمعة، قال وزير الدفاع مارك إسبر في قناة "إيه بي سي"، إن ما فعله ترمب (بقراره سحب القوات الأميركية) "أعطانا الضوء الأخضر للمضي قدماً".


وعند منتصف ليلة العملية أقلعت 8 طائرات هليكوبتر أميركية من طراز شينوك من قاعدة عسكرية بالقرب من هولير/ أربيل بالعراق.
وحلقت المروحيات بسرعة لتجنب اكتشافها، وعبرت الحدود السورية بسرعة، ثم حلقت على طول الطريق في سوريا، في رحلة خطرة استغرقت 70 دقيقة، تعرضت خلالها المروحيات لنيران أرضية متقطعة، وانتقلت إلى منطقة "باريشا"، بشمال مدينة إدلب، في غرب سوريا. وقبل الهبوط مباشرة، بدأت المروحيات والطائرات الحربية الأخرى في إطلاق النيران على مجمع من المباني، لتوفير غطاء للقوات الخاصة ولقوة "دلتا فورس" ولكلابهم العسكرية، تمهيداً للهبوط.
وقال ترمب إنه مع إطلاق طائرات الهليكوبتر الحربية النيران من الجو، تجاوز الكوماندوز الباب الأمامي، خوفاً من الوقوع في فخ خداعي، قبل تدمير أحد جدران المجمع، مما سمح لهم بالاندفاع ومواجهة مجموعة من مقاتلي "داعش" الارهابيين.
وشاهد ترامب، وإسبر، ونائب الرئيس مايك بينس، والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة، مقطعاً مصوراً عن الغارة التي جرى نقلها إلى "غرفة المراقبة" بالبيت الأبيض من طائرة مراقبة تدور حول ساحة المعركة.
واقتحمت قوات الكوماندوز التابعة لقوة "دلتا فورس" التي تعرضت للنيران المجمع، حيث أطلقوا النار، وقتلوا عدداً من الأشخاص. وبينما قام فريق "دلتا فورس" باختراق الجدار بالمتفجرات، أرشد أحد الجنود ممن يتحدثون العربية الأطفال وغيرهم من غير المقاتلين عن طريقة الفرار، وهو القرار الذي أثنى عليه القادة لأنه كان سبباً في إنقاذ أرواح 11 طفلاً كانوا موجودين في مجمع البغدادي.
وركض البغدادي في نفق تحت الأرض، في ظل ملاحقة القوات الخاصة الأميركية. وقال ترمب إن زعيم "داعش" اصطحب معه 3 أطفال، من المفترض أن يستخدمهم دروعاً بشرية لتفادي النيران الأمريكية. وخوفاً من أن يكون البغدادي يرتدي سترة ناسفة، وفقاً لترمب، أرسل الكوماندوز كلباً عسكرياً للإمساك به، واتضح أن زعيم "داعش" كان بالفعل يرتدي سترة ناسفة، حيث قام بتفجير نفسه ومعه الأطفال الثلاثة.