انشغل الرأي العام المصري، خلال الأيام الماضية بحادثة أسفرت عن مقتل 5 أشخاص من عائلة واحدة داخل فيلا بمدينة الرحاب في مدينة القاهرة الجديدة، وسط حالة جدل حول طبيعة الحادثة هل هي انتحار أم جريمة قتل؟، دون أن يتم حسم الأمر حتى الآن، حيث تواصل النيابة العامة المصرية التحقيقات لكشف لغز الحادثة.
جريمة الحي الهادئ دفعتنا لفتح ملف الأمن في المدن الجديدة بكل أبعاده لمعرفة هل إذا كانت تلك الجرائم تسير في معدلها الطبيعي أم أنها تنتشر بكثافة، وغيرها من أسئلة نرصدها في سياق التقرير التالي.
المدن الجديدة
بدأت قصة المدن الجديدة في منتصف التسعينات وعرفت باسم "الكومباوند" أو المنتجعات وذلك هربًا من زحام العاصمة إلي أطراف المدينة، ولاقت رواجاً حتى أصبحت نمط سكني مفضل للأثرياء والشرائح العليا من الطبقة الوسطى، بما تقدمه من مميزات تتمثل في الهدوء ونظافة الشوارع وتوفير الخدمات الأساسية والترفيهية والبعد عن زحام القاهرة.
كما تم بناء الأسوار حول تلك المنتجعات بهدف توفير الحماية والأمن لسكانها، إلا أن تلك الأسوار لم تحول دون وقوع جرائم شغلت الرأي العام المصري كان أخرها جريمة مدينة الرحاب.
الجرائم أقل من المعدل الطبيعي
قال اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية المصري السابق، في تصريح لوكالة فرات للأنباء ANF، إن معدلات الجرائم في المدن الجديدة في معدلها الطبيعي وإن لم تكن أقل، نظرًا لطبيعة سكانها، ولكن تلك المدن بحاجة إلي بناء منشآت شرطية بداخلها بما تستلزمه من دوريات شرطة ورجال أمن، لتوفير الحماية والأمن لسكانها.
شركات الأمن ليست بديلًا للشرطة وأضاف اللواء نور الدين، أن شركات الأمن الخاصة العاملة في تلك المدن لن تكون بديلًا عن الشرطة المصرية، لافتاً إلي أن التوسع العمراني في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي شهد إنشاء 14 مدينة جديدة، ما يستدعي توفير منشآت أمنية لهم، مطالباً الجهات المعنية بالتخطيط لإنشاء تلك المدن برصد ميزانية خاصة للأمن، لحماية سكانها من جرائم القتل والاغتصاب والسرقة وغيرها.
الأسرة النووية
بدورها قالت أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس، الدكتورة سامية خضر صالح، في تصريح لوكالة فرات للأنباء ANF، إن طبيعة الحياة في المدن الجديدة، ينطبق عليها مصطلح "الأسرة النووية" حيث جعلت كل أسرة منعزلة عن جيرانها فالأمر يختلف تماماً عن الحياة في الريف على سبيل المثال الذي تسوده علاقات إنسانية قائمة على الود والاهتمام بالجار.
وأضافت الدكتورة سامية، إن سرعة إيقاع الحياة والعمل زاد من فكرة "الأسرة النووية" فالجميع منشغل بعمله وحياته الخاصة بل ووضع سدود أمام الأخر بهدف انجاز المهام الملقاة على عاتقة خوفًا من أن يتسبب الآخرين في تعطيل أداءه للمهام. وأوضحت أنه "على سبيل المثال صعب أن تبقى الجثث داخل الفيلا في حادثة الرحاب لمدة أربعة أيام دون سؤال من الجيران في المناطق الشعبية حيث يقطن الجار أمام جاره وتربطهم علاقات اجتماعية وطيدة عكس الأمر في المدن الجديدة.
الإيجار الجديد
من جانبه، قال محمد إبراهيم أحد سكان مدينة الرحاب، لوكالتنا، إن قانون الإيجار الجديد جعل من الصعب تكوين علاقات إنسانية بين قاطني البناية الواحدة ففي بعض الأحيان نفاجئ بوجوه جديدة بمجرد أن يتم التعارف عليهم يتركون السكن، لافتًا إلي وجود إيجارات لمدة أسبوع وحتى ثلاثة أيام داخل المدن الجديدة، والبعض يستغلها في أفعال منافية للآداب وسبق أن تم ضبط أكثر من واقعة في هذا السياق.