قال اللواء الشهاوي مستشار كلية القادة والأركان بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن التدخلات التركية يلزمها موقف عربي موحد لمواجهتها، داعياً إلى تفعيل مقترح انشاء قوة عربية مشتركة للوقوف بوجه التدخلات الاقليمية، وقال الشهاوي في حوار خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، أن الاجتماع الاخير في الرياض لإنشاء كيان للتعاون في البحر الأحمر سيواجه الأطماع التركية والإيرانية في تلك المنطقة، كاشفا عن نتائج هامة للعملية العسكرية الشاملة لمكافحة الارهاب "سيناء 2018" التي تمكنت من القضاء على الارهابيين وتدمير بنيتهم الاساسية.. فإلى نص الحوار:
-أطلعنا على نتائج العملية العسكرية الشاملة سيناء 2018 لمحاربة الإرهاب في مصر؟
العملية الشاملة سيناء 2018 حققت نجاح كبير حتى الآن، وهي تسمى عملية شاملة لأنها تشمل كل الاتجاهات الإستراتيجية، وشاملة أيضا لأنها تشمل مشاركة القوات المسلحة والشرطة، وأيضا لأن أغلب أسلحة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة مشاركة في هذه العملية الشاملة، وحققت نجاح كبير على الجماعات الإرهابية واستطاعت أن تقضي على الكتلة الصلبة للإرهابيين وتدمر بنيتهم الأساسية.
والعملية الشاملة سيناء 2018 بدأت في 9 شباط/ فبراير من هذا العام، وحققت نجاح كبير في القضاء على الجماعات الإرهابية، من خلال عملية منظومة قتالية بين القوات الجوية والبرية والقوات الخاصة، وحتى الآن استطاعت القوات المسلحة أن تنجح في القضاء على الكثير من الإرهابيين وتلقي القبض على مئات منهم كانوا يساعدونهم، إضافة إلى تدميرها للكثير من الملاجئ والأوكار وسط ضربات القوات الجوية والمدفعية وقوات التمشيط والمداهمة، وفي نفس الوقت استطاعت أيضا أن تدمر أكثر من 1500 عبوة ناسفة كانت تضعها الجماعات الإرهابية لإلحاق الأذى بأبطالنا أثناء قيامهم بالتمشيط والمداهمة، والقوات البحرية لها دور كبير جداً، فالقوات البحرية المصرية تقوم بثلاث مهام في وقت واحد، فهي تقوم بحماية المصالح القومية الممثلة في حقل ظهر في البحر المتوسط الذي يبعد 200 كم عن بورسعيد، إضافة أيضا إلى قيامها بتدريبات مشتركة مع الدول الصديقة والشقيقة، وكان آخرها التدريب البحري المشترك ميدوزا 7 مع اليونان وقبرص، إضافة إلى أنها تقوم بحراسة شاطئ شمال سيناء ومنع الإرهابيين من التسلل من أو إلى شمال سيناء.
وهناك تعاون وتنسيق كبير بين مصر وأوروبا في هذا الصدد، حيث تقوم القوات البحرية المصرية بدور كبير بالتعاون مع بحرية الدول الأوروبية في مكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية ويكفي أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي حالياً إلى النمسا وحضور منتدى إفريقيا أوروبا لهذا العام يعني أن الدول الأوروبية تستثمر في تعزيز القدرات العسكرية المصرية لأنها تستطيع أن تقضي على الإرهاب والهجرة غير الشرعية وهي قضية مهمة للدول الأوروبية.
هناك دور كبير تقوم به مصر في التعاون مع الدول الأوروبية في العديد من القضايا الرئيسية، وصدر منذ أيام تقرير المفوضية الأوروبية يقول أن السلام في الدول العربية وإفريقيا لن يتحقق إلا بمصر، وهناك شراكة واسعة بين مصر والاتحاد الأوروبي، واجتماع هام لمجلس المشاركة المصري الأوروبي برئاسة وزير الخارجية سامح شكري وممثلة السياسة الخارجية الأوروبية موغريني اليوم الخميس، وهناك اتفاق هام ومتجدد للشراكة ومجالات التعاون حتى عام 2020 وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة وأمن الطاقة ومكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية.
-كما ذكرت القوات البحرية تقوم بحماية المصالح الاقتصادية الحيوية.. كيف تقيم مجهودات مصر في تحقيق تحالفات قوية في مجال الطاقة في شرق المتوسط؟
القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة تقوم بدراسة التحديات والتهديدات التي تجابه مصر قبل التعاقد على أي قطعة سلاح، ومصر تعاقدت على حاملتي طائرات ميسترال، واحدة منهم لحماية مصالحنا الاقتصادية في البحر المتوسط، وحاملة أخرى لحماية أهدافنا الإستراتيجية في البحر الأحمر الممثلة في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وهو مضيق باب المندب وقناة السويس، التي تدر ثلث الدخل القومي من العملة الصعبة، إضافة إلى أن البحر الأحمر وقناة السويس يعبر بها 20% من حركة التجارة الدولية و30% من سلعة مهمة جداً وهي النفط، ويكفي أن 3 مليون و300 ألف برميل نفط يومياً يمرون من خلال البحر الاحمر وقناة السويس إلى أوروبا، والقوات المسلحة والقوات البحرية تقوم بتأمين تلك الأهداف، أما بالنسبة لقواتنا البحرية أيضا فهي تقوم بتدريبات مشتركة مع الدول الأوروبية مثل اليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا وذلك لتعزيز الأمن في البحر المتوسط ومكافحة الإرهاب العابر للحدود، وتقوم بتدريبات مشتركة مع فرنسا مثل تدريب كليوباترا، وتدريبات هامة مع السعودية في البحر الأحمر، وهذه الجهود تهدف إلى تأمين حركة الملاحة البحرية الدولية وتأمين مصالحنا وحماية أمننا القومي، والقوات البحرية تحتل المركز السادس على العالم طبقاً لتصنيف جلوبال فاير باور.
البحرية المصرية قوة رادعة لكل من تسول له نفسه المساس بالمصالح الاقتصادية أو الأمن القومي
-أعتقد أن مكافحة التهديدات الأمنية والعسكرية تبدأ من تحديد مصادر التهديد.. فما هي أبرز ما يهدد الأمن البحري المصري؟
أبرز التهديدات هو الإرهاب العابر للحدود إضافة إلى تهديد الحوثيين المدعومين من إيران للتأثير على أمن مضيق باب المندب.
- ماذا عن الاستفزازات التركية في شرق المتوسط.. هل القوات البحرية المصرية أصبحت قوة ضاربة أمام كافة هذه التحديات؟
القوة البحرية المصرية هي قوة كبيرة تردع كل من تسول له نفسه المساس بالمصالح الاقتصادية أو الأمن القومي المصري بل أيضا من تسول له نفسه المساس بالأمن القومي العربي.
وتركيا "تبلطج" في المنطقة وخاصة مع قبرص واليونان، وحتى في شمال سوريا، وفي منطقة منبج، ودائما ما تحاول ان تضع يدها في البحر الاحمر بأخذ قاعدة سواكن في جزيرة سواكن في السودان، ونجد أن هناك تدريبات مشتركة مع اليونان وقبرص وكان آخرها الشهر الماضي، وفي البحر الأحمر هناك كيان ينشأ الآن من 7 دول عربية مشاطئة للبحر الأحمر.
- الاجتماع الخاص بالبحر الأحمر في الرياض، الذي سبقه الاجتماع الأول لكبار المسؤولين في ديسمبر 2017 في القاهرة، هل يمكن أن يخرج عنه كيان يواجه الأطماع الإيرانية والتركية في البحر الأحمر؟
هذا الكيان المؤسسي للدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن سيقف أمام التحديات الموجهة من الدول غير العربية، والقوى الإقليمية، التي لها قواعد في البحر الأحمر، وسيقف أمام التهديدات التركية والإيرانية في المنطقة، والتي تريد أن تتدخل في حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ولهذا يجب على الدول أن تدعم جامعة الدول العربية كمركز رئيسي للتعاون والتفاعل السياسي والعسكري، لمركز أساسي ومظلة للعمل المشترك والتعاون بين الدول العربية المطلة على البحر الاحمر، وذلك تحت مظلة الجامعة العربية، وكان هناك اجتماع للملك سلمان بن عبدالعزيز العاهل السعودي مع وزراء خارجية 7 دول عربية وهي مصر والسعودية والأردن واليمن وجيبوتي والصومال والسودان، بهدف تعزيز الامن والاستقرار والتجارية والاستثمار في المنطقة لأن خليج عدن والبحر الاحمر من أهم الممرات البحرية في العالم والذي تمر من خلاله 20% من حركة التجارة العالمية و30% من نقل البترول إلى الدول الأوروبية، ولذلك يجب أن يكون هناك هذا الكيان المؤسسي للتعاون ومجابهة التحديات، ويمكن أن يستغل الجزر الموجودة في البحر الأحمر مثل جزيرة بريم وسقطري وإنشاء مشروعات صناعية للثروات السمكية والمعدنية الموجودة في تلك المنطقة وحتى على المستوى السياحي.
- هناك تعقيدات في الأزمتين السورية والليبية نتيجة للتدخلات التركية وتهديدات مستمرة بتوسيع التدخل في الشمال السوري.. فكيف ترى السياسة التركية كعنصر تعقيد للأزمات العربية؟
تركيا تريد أن يكون لها موطئ قدم وموقف في سوريا وليبيا والعراق، ولذلك يجب أن يكون للدول العربية موقف موحد إزاء هذا التدخل، وأن يكون هناك إدراك مشترك لأهمية التعاون لمواجهة تلك التدخلات، وأعتقد أن المناورات العسكرية المشتركة مثل تدريب درع العرب 1 الذي استضافته مصر يعكس هذه الرسالة، وبالتالي تشكيل قوة عربية مشتركة سيردع أي دولة يمكن أن تتدخل أو تؤثر على الأمن القومي للدول العربية أو في الشؤون الداخلية للدول العربية مثل تركيا وإيران، ويمكن أن يتوسع التعاون من خلال تطبيق مقترح إنشاء قوة عربية مشتركة وهيئة عربية للتصنيع العسكري، وعندما يكون هناك قوة مشتركة وسلاح سيكون ذلك حجر زاوية في مواجهة التدخلات في الشؤون العربية.