الخبر العاجل: جيش الاحتلال التركي يستهدف ريف منبج

"كهوف الملح" .. أبرز المقاصد السياحية في مصر للاستشفاء بالطبيعة ومساعدة الاقتصاد على التعافي

بدأت بعض الشركات السياحية المصرية في التوسع التدريجي فيما يعرف بـ"كهوف الملح"، كوسيلة للعلاج الطبيعي الذي يُقبل عليه آلاف السائحين حول العالم، كعامل مهم في تسريع وتيرة حركة السياحة المصرية.

 

في الوقت الذي أثنت فيه صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، على التعافي التدريجي الذي يمر به قطاع السياحة في مصر، نتيجة تحسن الوضع الأمني في البلاد، والذي شهد اضطرابًا لعدة أعوام، وهو ما عكسته الظروف السياسية والأمنية التي مرت بها في أعقاب أحداث الـ25 من يناير عام 2011 وما تلاها حتى الفترة التي أعقبت 30 يونيو لعام 2013، تتجه مصر إلى تنوع مصادرها السياحية لاجتذاب أكبر قدر ممكن من السائحين حول العالم.

وتشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، إلى ارتفاع عدد السائحين خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 30 % مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وهو ما انعكس على معدلات تشغيل الفنادق في المناطق السياحية لا سيما في الغردقة وشرم الشيخ.  

ويعد قطاع السياحة في مصر، أحد مصادر الدخل الرئيسة للاقتصاد المصري بجانب تحويلات المصريين في الخارج، وعوائد قناة السويس، وقطاع العقارات، لكن الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد منذ نحو 7 أعوام كانت عاملًا رئيسًا في مروره بوعكة كادت تطيح به، لولا الإجراءات التي اتخذتها مصر وقدرتها على مواجهة الإرهاب خلال الأعوام الأربعة الماضية.

وتتميز مصر بوفرة الأماكن السياحية الشاطئية والآثار الفرعونية والإسلامية، حيث أنها تمتلك ما يزيد على ثلث آثار العالم، وكان يزورها نحو 15 مليون سائحًا سنويًا قبيل عام 2011، إلا أن الأزمات الداخلية أطاحت بهذه النسبة التي تهاوت في بعض الأحايين لتصل إلى نحو 5 ملايين، لكنه ومع التحسن التدريجي زار مصر ما يزيد على 8 ملايين سائحًا بعائد مالي يقترب من حاجز 8 مليارات دولار خلال العام المالي المنصرم.

وفيما وصف بأحدث برنامج علاجي سياحي في مصر، بدأت بعض الشركات السياحية المصرية التوسع التدريجي فيما يعرف بـ"كهوف الملح"، ذلك العلاج الطبيعي الذي يُقبل عليه آلاف السائحين حول العالم، كأحد الوسائل الحديثة التي تجتذب السائح الأجنبي، وعاملًا مهمًا في التسريع بوتيرة حركة السياحة المصرية.

وتعتمد تلك الكهوف الملحية في بنيتها الأساسية على الملح الصخري المتوافر بكثرة في الكثير من صحاري مصري، وتستغله تلك الشركات في تأسيس الكهوف الملحية التي بدأ إنشاؤها قبيل 9 أعوام وتحديدًا في العام 2009، لكن ارتباطها في البداية كان قاصرًا على المناطق السياحية الشاطئية، حيث مرتفعات مدينة طابا السياحية القابعة في محافظة جنوب سيناء (جنوب شرق مصر)، وتتابع بناؤها في مدن شرم الشيخ والغردقة، وبعض المنتجعات السياحية.

"ما يميز الملح الصخري خلوه من كافة الملوثات البيئية والمكونات الكيميائية، ما يعزز قدرته على علاج الكثير من الأمراض مثل الحساسية والربو"، بهذه الكلمات يصف خبير العلاج بالطاقة الحيوية محمد حسنين، أهمية الملح الصخري، الذي نجح في علاج مئات الحالات التي تعاني مثل تلك الأمراض بل وتتسع لتعالج أمراض أخرى بينها الصدفية والأكزما.

كانت السياحة المصرية على موعد أليم، حينما دب حادث سقوط الطائرة الروسية على أراضيها في منطقة وسط سيناء (شرق مصر) في أكتوبر 2015، وهو ما أثر سلبًا بعد قيام بروسيا بتعليق رحلاتها الجوية إلى مصر، لاسيما وأن السياحة الروسية يتم تصنيفها أولًا من بين عدد الجنسيات الأخرى.

ويلفت الخبير بالعلاج بالطاقة، لـ"وكالة أنباء فرات"، الانتباه إلى ضرورة إلى أن البلاد لا تزال لديها قصور كبير فيما يتعلق بتسويق السياحة، فمصر تتمتع بالكثير من المناطق السياحة وغنية بالآثار الفرعونية والإسلامية مالم تتمتع به دول كثيرة، وهو ما يؤثر بالضرورة على مزارات الكهوف الملحية التي يقصدها عشرات الآلاف من الزائرين، مشيرًا إلى أن دولًا كثير بدأت تنتهج مبدأ التوسع في الكهوف لتزايد الطلب عليها.

ويرى حسنين، أن دول الكتلة الشرقية من بولندا وروسيا وبيلا روسيا وعدد من الدول الأوروبية، تُقبل كثيرًا على تلك الكهوف، نظرًا لعدم وجودها في بلادهم، بينما توافرها في بعض الدول العربية لاسيما الإمارات والكويت يجعل الإقبال العربي عليها ضئيلًا للغاية.

"العيون الكبريتية" و "وينابيع المياه الساخنة" و"الرمال الغنية بالعناصر المشعة"، أنماطًا متعددة للسياحة العلاجية في مصر، وأضحت من أهم المقاصد السياحية التي يرغب روادها في الاستشفاء من العديد من الأمراض لاسيما الروماتيزم والعظام والجلدية وكذلك أمراض الجهاز الهضمي والتنفسي.

وبينما كان الأمر قاصرًا للكهوف الملحية على المدن السياحية والمناطق الشاطئية، انتقل الأمر تدريجيًا إلى وسط العاصمة المصرية القاهرة، التي بدأت تحتضن أول كهف يوفر لرواده علاجًا تكميليًا للشفاء من الأمراض، ويقبع ذاك المشفى الطبيعي في منطقة قريبة من منطقة الأهرامات الشهيرة بمحافظة الجيزة.

بينما تحاول الدخول ينتابك شعور أنك تستنشق ملحًا خالصًا، فالمكان مصمم بالكامل على هيئة كهوف جبلية، هكذا يتضح لك من أول وهلة، حيث تصميم الكهف الملحي، وبينما تريد الدخول تستقبلك سيدة روسية تجيد العربية بطلاقة، وتبدأ في تعريفك بعض المفاهيم حول أهمية الملح الصخري   وقدرته علي تفتيت الطاقة السلبية في الجسم، وهو ما يحقق نسبة كبيرة من الهدوء النفسي، بجانب أنه غني بحوالي 85 عنصرًا غنيًا بالكالسيوم.

من الداخل، يبدو الكهف الملحي عبارة عن جدران وأسقف ملحية خالصة، يتخللها إضاءة خفيفة بألوان متعددة، تتيح للجالسين داخلها نوعًا من الارتياح البدني والنفسي، ويتيح القائمون على على هذه الكهوف الفرصة للجلوس على الأرض الملأى بأجزاء الملح المتناثرة حتى يتسنى لك ومن معك الاستفادة من استنشاق الملح الصخري ويقدمون لك النصائح في كيفية استنشاقه حتى يكون قادرًا على التخلص من أعباء الحياة ومشاقها وبعض الأمراض التي من الممكن أن تعاني منها.

جمعة العقوري، زوج السيدة الروسية، وشريكها في تدشين أول كهف للملح الصخري بالعاصمة المصرية، يقول إن الكهوف الملحية تساعد على تنظيف المسالك التنفسية،  ومن الضروري أن يستفيد منه كل الناس حتى غير المرضى بما فيهم الأطفال فهو مفيد لكل الأعمار، ومضاد طبيعي للبكتيريا، وضروري لتنشيط الدورة الدموية وتفتيت الدهون، والتخلص من السموم المنتشرة بالجسم.

لكن في اختيار الألوان الهادئة التي تملأ جنبات المكان، طريقة علمية ولا يتم اختيارها بشكل عشوائي كما يظن البعض، حيث يتم اقتناء بعض اللمبات الكهربائية التي تسهم في تسخين جزيئات الملح الصخري والتي بدورها تعمل على تطاير البخار الملحي، ليسهل استنشاقها والاستفادة بأكبر قدر ممكن منها، وهو ما يوضحه "العقوري" في حديثه لوكالة فرات .

مجرد دخولك بهذه الكهوف، ترى كل الجالسين داخله يتخذون وضعية مختلفة في طريقة التعامل مع تلك الجزيئات الملحية وطريقة التعامل معها، لكنهم في النهاية يتفقون في شيئين الأول وهو أنك طيلة الجلسة عليك أن تظل ممسكًا بحفنة من الملح الصخري قابضًا عليها بيديك، والثانية أن تأخذ نفسًا عميقًا من وقت لآخر حتى تتسلل تلك الجزيئات داخل جسمك.

لكن البعض قد يبالغ في قدرة الملح الصخري في علاج أمراض لا تزال تعاني أزمة ندرة الدواء الذي يقضي عليها، وفي المبالغة هنا تبدو بعض الدراسات العربية التي أجراها أحد الباحثين العرب وتشير إلى أن الملح الصخري قادر على علاج مرض السرطان في أقل من شهر تقريبًا لأنه غني بالكثير من مواد الكالسيوم والصوديوم التي تساعد على اجتثاث ذلك المرض.

ويحذر "زهران"، خلال حديثه لفرات للأنباء، من مغبة الخلط بين العلاج بالملح الصخري وأنواع أخري من الملح تحديدا الملح المستخدم في الطعام، الغني بمواد سامة نتيجة لجوء الشركات المصنعة لوضعه في درجات حرارة تصل 560 درجة مئوية، ما تسهم في فقدانه لليود الطبيعي واستبداله باليود الكيماوي الذي يفقد الإنسان مناعته، ومن ثم فالملح الصخري هو البديل الصحي والآمن ويمكن استخدامه في الأكل أيضا بجانب دوره في العلاج.  

ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور سامي زين العابدين، أن الكهوف الملحية في مصر لا تزال قابعة على نفسها ولم تأخذ حظها التسويقي بما تصبح ثقافتها لدى المصريين أنفسهم نسبتها ضئيلة للغاية، رغم أهميتها العلاجية، لافتًا إلى أنها تعد أحد أبرز المقاصد السياحية في كثير من بلدان العالم، لذا أضحى الارتباط الوثيق بينها وبين معدلات التدفقات السياحية، واقعا يمثل عقبة كبيرة لدي أصحاب "كهوف الملح" والشركات العاملة في هذا النشاط.

ويشير زين العابدين في حديثه لـ"وكالة أنباء فرات" إلى أن بعض شركات الأدوية تحارب هذا النوع من النشاطات لتغض الطرف عنها لأنه قد تمثل عائقًا أمام بعض الأدوية التي تنتجها، وهو أمر لابد أن يؤخذ على عاتق المسوقين لهذا النشاط.

واختتم الخبير الاقتصادي حديثه، مؤكدًا أن مصر تعتبر أبرز دول العالم الغنية بهذا النوع النادر من الملح فهي تمتلك جبلًا يدعى "الجبل الملحي" في محافظة مرسي مطروح (غرب مصر)، ويتوافر كذلك بمثلث حلايب وشلاتين على الحدود بين مصر والسودان، بجانب عدد من البحيرات الملحية، فإنه أضحى ضروريًا التوسع في هذا النشاط.