قوات حكومة الوفاق تشن هجوما مضادا على جيش حفتر.. والجيش الوطني يواصل معركة السيطرة على العاصمة بضوء أخضر أمريكي

اشتدت حدة المعارك في محيط العاصمة الليبية طرابلس بعد أن شنت قوات حكومة الوفاق الوطني هجوم مضاد على قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر التي كانت شنت هجوما للسيطرة على العاصمة وصعدته بعد اتصال هاتفي بين ترامب وحفتر.

أعلن مكتب الاعلام في الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، اليوم السبت، أن قواته "تبسط سيطرتها على عدة مواقع جديدة في محاور القتال بالعاصمة طرابلس.. والقوات تتقدم .. فيما تنسحب ميليشيات الوفاق وتتقهقر في جميع المحاور"، مشيرا الى وصول تعزيزات عسكرية لمختلف محاور القتال "لحسم المعركة في أقرب وقت".

وفي المقابل، أعلنت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج عن بدء هجوم مضاد في جنوب العاصمة، واشتدت المعارك في طرابلس حيث سمع إطلاق كثيف للقذائف في عدة أحياء بعد أيام من المعارك الخفيفة لم تتح لأي من المعسكرين تغيير المعطيات على الأرض، وقال محمد قنونو المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق أنه سيتم تقديم عرض مفصل آخر النهار، ولكنه أشار الى شن سبع غارات جوية على مواقع للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر خصوصا في جنوب غريان التي تبعد 100كلم جنوب طرابلس وضد قاعدة الوطية الجوية على بعد 50كلم.

وجاء هذا الهجوم المضاد غداة تأكيد الادارة الاميركية لمباحثات هاتفية الاسبوع الماضي بين الرئيس دونالد ترامب والمشير خليفة حفتر، واعتبر المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، أن مكالمة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع حفتر تؤكد قناعة واشنطن بدور قواته في محاربة الإرهاب بليبيا. وقال المسماري، في حديث لقناة "سكاي نيوز عربية"، مساء الجمعة، إن "كلام ترامب يدل على قناعة الولايات المتحدة بالدور المحوري للجيش الليبي في الحرب ضد الإرهاب".

وذكر الناطق باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري اليوم أن هناك محاولات يائسة من ميليشيات طرابلس لاختراق صفوف الجيش، موضحا أن المجموعات الإرهابية تحاول تجنيد ليبيين مرتزقة للقتال في معركة طرابلس، مؤكدا على مواصلة المعركة لحسم السيطرة على العاصمة الليبية.

وكان "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر شن في الرابع من نيسان/ابريل هجوما على القوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وهي الحكومة المعترف بها دوليا.

وكان مبعوث الامم المتحدة لليبيا غسان سلامة حذر أمس الأول من "اشتعال شامل" للوضع في البلاد معتبرا ان "الانقسامات الدولية" شجعت المشير حفتر على تنفيذ حملته. ونفى مبعوث الأمم المتحدة رئيس بعثتها للدعم في ليبيا غسان سلامة، اليوم السبت، تعرضه لمحاولة اغتيال من دون أن يوضح مصدر الخبر، وفق ما نشره عبر حسابه الشخصي على موقع "تويتر".

وقال سلامة في تغريدته: "للمحبين أقول، ولغيرهم أيضًا: لا! لم أتعرض لمحاولة اغتيال: الخبر مفبرك والصور المتداولة مزورة. متى سيفهم الدجالون القابعون في جحورهم أن الحقيقة التي يغتالون كل يوم هي وحدها التي تحررهم؟".

ودعا رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج قوات الوفاق إلى التجهيز ليوم الحسم ومراعاة السكان العالقين في مناطق الاشتباكات والعمل على حماية ممتلكاتهم. وطالب السراج في بيان له قواته بعدم الرد على خطاب قوات الجيش مؤكدا أن معركة الوفاق "من أجل الوطن الواحد وبناء الدولة المدنية المنشودة" داعيا قواته إلى "مراعاة الحرمات والالتزام بالقانون الدولي الإنساني وما تفرضه مبادئ حقوق الإنسان" والتي يتوجب احترامها في معاملة الأسرى.

ماذا يجري على الأرض؟

وقال حسين عبد الراضي الباحث ببرنامج الامن والدفاع بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية لوكالة فرات للأنباء ANF أن المليشيات المسلحة - المدعومة من حكومة الوفاق- تحاول استخدام تكتيكات جديدة من الحرب ضد الجيش الوطني الليبي، حيث تستهدف خلال الهجوم الأخير على محاور عمل الجيش في جنوب العاصمة طرابلس، بل والهجوم على قاعدة "تمنهنت" بالجنوب عبر مسلحين من المعارضة التشادية؛ بغرض دفع الجيش الليبي للتراجع عن محور العمل الثامن الذي بدأ في التحرك إليه نحو "سرت" و"مصراته". حيث تدرك المليشيات وحكومة الوفاق أن هذا المحور الجديد سيعني وقوع "سرت" ثم دخوله إلى "طرابلس" و"مصراته" تباعاً وقُرب حسم الصراع في ليبيا. 

وسعت المليشيات عبر الهجوم الأخير على قاعدة “تمنهنت" إظهار انها قادرة على الهجوم على الجيش والظهور بمظهر قوة، بالإضافة الى فتح جبهة قتال جديدة تخفف من ضغط الجيش الوطني على المدن الثلاث الباقية تحت سيطرتها، ولكن صد قوات الجيش للهجوم بكفاءة قد أسقط هذا التكتيك، وسيضعها أمام رد أقوى يُمكن أن يحسم الصراع في غضون أيام قليلة، بحسب عبدالراضي.

واعتبر الباحث أن الجيش الوطني نجح في حشد تأييد المواقف الإقليمية والدولية المُثمنة لدورة في القضاء على الإرهاب، كإشادة الرئيس الأمريكي بذلك خلال اتصاله بالمشير خليفة حفتر، وفشل الدعوات التي سعت اليها لندن وبرلين لدفع مجلس الامن لإصدار قرار بوقف فوري للعمليات، ووصول موسكو وواشنطن لما يشبه الاتفاق الضمني على أهمية إتاحة الفرصة للجيش الليبي للقضاء على تلك التنظيمات، وهو ما انعكس في رفض القوتين لـ “تأييد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار في ليبيا في الوقت الحالي". 

وشدد على أن تحرك الجيش الليبي على المحور الثامن لتحرير طرابلس -محور "سرت ومصراته"-  سيدفع المليشيات للانسحاب من "سرت" للتركيز على محاور القتال حول طرابلس، ومن ثم نجاح الجيش الوطني الليبي في دخولها واتجاه الميليشيات إلى أحد بديلين: إما التركيز على حماية مصراتة أو التمسك بالعاصمة طرابلس وهو ما سيكون أولوية لحكومة الوفاق. وقد يترتب على ذلك حدوث انقسام بين حكومة الوفاق وكتائب مصراتة، وتحول كل منهما للتركيز على أولوياته، ما قد يؤدي إلى انهيار إحدى الجبهتين: طرابلس أو مصراتة.