قلق أوروبي حول خروج إيران من الاتفاق النووي ومآلات حرب محتملة

يسعى الثلاثي الأوروبي "بريطانيا, فرنسا وألمانيا" لإقناع إيران بالبقاء في الاتفاق النووي بالرغم من انسحاب واشنطن منه وفرضها عقوبات "حازمة" على بعض المسؤوليين والشركات الإيرانية, حيث ترى الدول الثلاث في الاتفاق ضمانةً لاستقرار المنطقة وعدم نشوب نزاعٍ مسلّح.

في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأوربية إلى الحفاظ على الاتفاق النووي الموقّع مع إيران في العام 2015, وحماية مصالحها التجارية مع طهران, عقب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق, لا تخفي كلّ من بريطانيا, فرنسا وألمانيا الخشية من انسحابٍ إيراني قد يجرّ المنطقة إلى حربٍ تبدأ شرارتها بين إسرائيل وإيران ولن تنتهي بدخول لبنان ساحةً لها.

ويبني الأوروبيون قلقهم حول انسحاب طهران من الاتفاق النووي بالنظر للأوضاع الاقتصادية في إيران, التي تسبّبت بها العقوبات التي فرضتها واشنطن مؤخّراً وضيّقت الخناق على إيران, مما حذا بمسؤولين أوروبيين إلى وضع احتمالية اتخاذ المرشد الأعلى, علي خامنئي قراراً يقضي بالانسحاب من الاتفاق ومواصلة برنامج تطوير الأسلحة النووية.

وعلى الرغم من تصريحات لمسؤولين إيرانيين تؤكّد التزام طهران بالاتفاق النووي "طالما يسير في الطريق المناسب", إلّا أنّ خشية الترويكا الأوروبية (بريطانيا, فرنسا وألمانيا) تزداد مع ازدياد التوتر بين إيران وإسرائيل, خاصة بعد أن استهدفت الأخيرة مواقع تابعة للقوّات الإيرانية في سوريا عدّة مرات, حيث عبّر البعض من القادة الأوروبيين عن قلقهم من نشوب نزاع عسكري بين الطرفين يتمدّد ليس إلى لبنان فقط, بل تشمل المنطقة بالعموم, وسط أجندات إيرانية في عدّة دول, منها سوريا, اليمن والعراق.

ورأى عددٌ من المسؤولين الإيرانيين أنّ أوروبا ليست "جادة بالشكل المطلوب" فيما يتعلّق بالاتفاق النووي, بعد انسحاب واشنطن منه. حيث صرّح نائب وزير الخارجية, عبّاس عراقجي أنّ طهران "لم تقرّر بعد البقاء في الاتفاق النووي" مشيراً إلى أنّذلك متوقّف على سير المفاوضات مع الدول الخمس (الثلاثي الأوروبي إلى جانب روسيا والصين), موضحاً أنّ بلاده لن تستمرّ في ظلّ أيّ "مماطلة أو إطالة" تقوم بها الدول الأوروبية.

وتشكّل تصريحات عراقجي هذه مصدر قلقٍ لدى بريطانيا, فرنسا وألمانيا, التي قرأوا فيها تلميحات بالانسحاب من الاتفاق النووي, الأمر الذي يعقّد الوضع في الشرق الأوسط ويزيد من احتمالية نشوب حرب, في رأي الدول الثلاث, ما يشكّل خطراً على مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.

ويسعى القادة الأوروبيون إلى اقناع إيران بالبقاء في الاتفاق, إذ قدّموا مقترحات, هي في الواقع تجنّب تعرّض شركاتها للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران, الأمر الذي تراه طهران "مماطلة" أوروبية وليست التزاماً صريحاً بالاتفاق.

إلى ذلك, ما زالت واشنطن ماضية في فرض المزيد العقوبات على الشخصيات والمؤسّسات الإيرانية,خاصة تلك التي تدعم "الحرس الثوري" و"فيلق القدس" التابع له, كما فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على طائرة الرئيس حسن روحاني, ما يظهر أنّ تصريحات وزير الخارجية الأمريكي, مايك بومبيو كانت جادة, وأنّ الاستراتيجية التي تحدّث عنها الرئيس دونالد ترامب تجاه نفوذ إيران في الشرق الأوسط دخلت حيّزالتنفيذ.